فى الوقت الذى يتركز فيه انتباه العالم على حرب التجويع والإبادة فى غزة، تنحصر الأضواء عن مأساة مماثلة يعيشها أشقاؤنا السودانيون فى مدينة «الفاشر» شمال دارفور والتى تشهد مزيجًا من العمليات العسكرية والجوع والأوبئة.. والفاشر هى المدينة الوحيدة فى دارفور-غرب السودان التى لا تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع»، وتشهد منذ أسابيع مواجهات واشتباكات -أرضاً وجواً- بين الجيش السودانى و»قوات الدعم السريع» تسببت فى سقوط مئات الضحايا وتدمير البنى التحتية أبرزها تعرض 35 مستشفى للقصف. بالإضافة لذلك تعانى «الفاشر»، التى يقطنها حوالى 750 ألف شخص، من حصار تفرضه ميليشيا الدعم السريع منذ 500 يوم تسبب فى قطع كامل لخطوط الإمداد، اضطرت معه المرافق الصحية ومنظمات الإغاثة لتعليق خدماتها لنفاد الإمدادات وترك حوالى 6000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد دون علاج مع انتشار الجوع الذى يهدد حياة مئات الآلاف. ووفقاً للأمم المتحدة هناك 130 ألف طفل محاصرون فى ظروف مأساوية، ومحرومون من المساعدات لأكثر من 16 شهرًا. ويتزامن الحصار مع أسوأ تفشٍّ للكوليرا فى السودان منذ عقود، حيث سُجِّل منذ يوليو 2024، أكثر من 96 ألف حالة و2٫400 وفاة، ويتركز الانتشار غرب الفاشر، حيث العدد الأكبر من النازحين، ووصل عدد الوفيات هناك 235 حالة فى أقل من شهرين، مع 6000 إصابة يومية.. ورغم ثالوث «الحرب والمجاعة والوباء» لا تحظى مأساة الفاشر بالزخم الإعلامى الكافى، شأنها شأن الحرب فى السودان بشكل عام، والتى سبقت حرب غزة «أبريل 2023» وفاقتها مأساوية بلغة الأرقام، حيث تشير التقديرات لمقتل وإصابة 150 ألف شخص ونزوح 15 مليونًا فيما يعانى 25 مليون شخص «نصف السكان تقريباً» من فقدان الأمن الغذائى الحاد.. ولمن قد يجادل بأن الزخم الإعلامى لم يفد غزة بشىء، أقول له إن الصراع فى السودان أبسط لأن لا إسرائيل ولا أمريكا أطراف فيه، وبالتالى فإن أى تحرك دولى جاد نحو الحل لن يصطدم بفيتو أمريكى أو تعرقله أذرع الصهيونية العالمية.