أول أمس رفضت المحكمة الجنائية الدولية الاستئناف الأخير، الذى قدمته إسرائيل لإلغاء أمر الاعتقال والتوقيف الصادر بحق مجرم الحرب نتنياهو ووزير دفاعه السابق جالانت، وهو ما يعنى استمرار مطاردة العدالة الدولية لمجرمى الحرب ومطالبة كل الدول الموقّعة على الاتفاقية الخاصة بالجنائية الدولية باعتقالهما للمحاكمة بأبشع التُّهم، وهى الإبادة الجماعية. القرار مهم لأنه يجىء بعد حملة هجوم صهيونية على المحكمة غير مسبوقة، وبعد ضغوط هائلة تعرض لها القضاة، وصلت إلى حد توقيع الولاياتالمتحدة لعقوبات ضد القضاة وعائلاتهم (!!) والقرار يأتى فى توقيت بالغ الأهمية ليُذكِّر العالم بأن العدالة الدولية ماضية فى طريقها، وأن ما ارتكبته إسرائيل من جرائم ضد شعب فلسطين وضد الإنسانية، لا يسقط بالتقادم ولا بالضغوط ولا بالادعاءات التى أصبحت تُثير ازدراء العالم كله حين تقول إسرائيل إن محاسبة قتلة الأطفال ومُرتكبى الإبادة الجماعية هى عداء للسامية!! والقرار الجديد للجنائية الدولية يأتى فى مرحلة مهمة فى الصراع الدائر من أجل إيقاف جرائم إسرائيل والتصدى لعدوانها، وإنهاء احتلالها للأرض العربية. يأتى القرار ليؤكد أن العدالة هى القيمة الحاكمة لكل جهد من أجل سلام حقيقى، وليقول لنا وللعالم كله إن مطاردة مُجرمى الحرب وتسليمهم للعدالة، هو التزام أخلاقى وسياسى وإنسانى على كل الدول، وإن استمرار الضغوط على الكيان الصهيونى ضرورية حتى يخضع للقانون ويتوقف عن جرائمه، وإن العزلة التى تعيشها إسرائيل، لا بد أن تستمر حتى تخضع تماماً للشرعية الدولية، وتستكمل طريقاً يبدأ بإيقاف حرب الإبادة والانسحاب الكامل من غزة، ولا ينتهى إلا بدولة فلسطينية مستقلة على حدودها القانونية، وسلام حقيقى ستكون إحدى دعائمه الأساسية ألا يفلت مُجرمو الحرب ومُرتكبو الإبادة الجماعية من المحاكمة العادلة على جرائمهم!! إسرائيل من جانبها مازالت مستمرة على نهجها فى وضع العراقيل أمام أى محاولة لإيقاف حرب الإبادة، التى أوصلتها للمحاكمة أمام العدل الدولية، والتى حوَّلت نتنياهو رسمياً إلى مجرم حرب هارب من مطاردة الجنائية الدولية له (!!) بالأمس فقط كانت أمامنا جريمة حرب جديدة تُضاف إلى جرائم إسرائيل فرغم وقف إطلاق النار فى غزة، تستهدف إسرائيل عائلة فلسطينية من سبعة أطفال وثلاث نساء ورجل واحد فى طريق العودة من نزوح داخلى لا أظن أن إسرائيل كانت ترد على قرار الجنائية الدولية، لكنها بالتأكيد كانت تؤكد للعالم كله أن الجريمة الإسرائيلية مستمرة حتى تردعها العدالة بإنهاء الاحتلال، وفرض الشرعية الدولية، والقصاص العادل من كل مُجرمى الحرب!!