في غزة، لا يقاس الدمار بعدد البيوت التي هدمت فقط، بل بعدد الأحلام والذكريات التي دفنها الركام، ومع فجر كل يوم جديد، ينبش الأهالي في الأنقاض، ويخرجون منها حاملين ما تبقى من صور وذكريات، تعينهم على استكمال الحياة، وتبعث في قلوبهم الأمل. ورغم ما تركته الحرب من دمار على الأرض وإحباط في القلوب، إلا أن خطة الإعمار التي تسعى الدولة المصرية لتنفيذها، من خلال المؤتمر الدولي، التي أعلنت مصر عن التحضير له خلال الفترة المقبلة، أصبحت وعدا بالحياة، لتعيد لغزة وجهها الذي اعتاد الإشراق والنور لا الغبار والركام. ◄ وجع البيوت بداية من بيوت فقدت جدرانها، وشوارع صارت رمادا، يعيش آلاف الفلسطينيين اليوم في مساكن مؤقتة، أو على أنقاضها، ورغم قسوة المشهد، إلا أن الطين لا يفقد دفئه، وكل زاوية في غزة تروي حكاية صمود لا تنتهي. ◄ مصر تعيد حلم الإعمار منذ إعلان مصر خطتها الشاملة لإعادة إعمار غزة، أصبحت الأحاديث في المخيمات عن الأمل، تخفي وجع الحرب. ولم تقتصر جهود مصر على الوساطة السياسية فقط، بل وضعت خطة إعمار بالتنسيق مع الجهات الدولية، لضمان أن يبقى الإعمار لصالح أهالي غزة بعيدا عن التهجير القسري. وتشير التقارير إلى أن نحو 1.6 مليون فلسطيني سيستفيدون من مشاريع الإعمار وإعادة البناء. ◄ طريق الألف ميل يبدأ بابتسامة ورغم طول طريق الإعمار، فإن الأهالي في غزة يستقبلون فرق الترميم والإغاثة بابتسامة أمل، تخرج من حلمهم بحياة أجمل. وفي غزة لا ينتظر الأهالي وعود الإعمار، بل يصنعونه بأيديهم، بعد أن تحولت آلاف البيوت إلى أنقاض، حيث لجأوا إلى الطين، وبقايا الأسمنت، والخشب المحترق لبناء مساكن مؤقتة تقيهم حر الصيف وبرد الشتاء. ◄ هدمتهم الجدران وبقي القلب عامرا في قلب الركام يولد الأمل، تماما كما قال أحد المواطنين الفلسطينيين، وهو يقف أما بيته المهدوم بعد وقف إطلاق النار. وكتب يوسف شرف قائلا «ابتسمت، لأنني أعلم أنكم خسرتم المعركة التي لا ترى «معركة الروح»، هدمتم الجدران وبقي القلب عامرا، قتلتم أحبابي وبقي الإيمان حيا، كل حجر سقط من بيتي، سيعود عليكم نارا بإذن الله، أما أنا فلي دار أجمل عند رب لا يخلف وعده». اقرأ أيضا| خطة لإحياء غزة.. كيف تقود مصر جهود إعادة الإعمار؟ كلمات «يوسف» لم تكن مجرد منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ولكنها شهادة حية لأن البيوت ليست فقط جدرانا وسقف، بل ذاكرة وصمود، وعقيدة في أن ما يهدم اليوم سيبنى غدا، ربما من طين، ولكن الأكيد بيد تمسك الأمل، وقلب عامر بالإيمان. ◄ أمل فوق الركام وقف شادي جمعة أبو شيحة – من مخيم النصر- وسط أطلال بيته الذي احتضن ضحكات أطفاله، يتأمل الركام الذي غطى الذكريات، ويقول «توقف نزيف الدم شعور لا يمكن وصفه، أحمد الله أنني خرجت من هذه الحرب حيا، عندما عدنا إلى منازلنا لم نجد سوى الخراب والدمار، لا أستطيع وصف المشهد بالكمات، بنيت هذا البيت حجرا فوق حجر، وعندما عدت إليه لم أجد منه شيئا، لا أرى بيتي ولكن أرى الدمار». ◄ ذاكرة التراب عادت «أم صابر» إلى بيتها بخطوات مترددة، تحمل بيدها مفتاحا بلا باب، وأمامها كم هائل من الركام، كانت يوما بيت يأوي 6 أطفال. وقالت «أم صابر» في تصريحات إعلامية «انتظرنا هذه اللحظة شهورًا طويلة، عدنا لكن بلا بيت، كل شئ تحت التراب"، هنا كان سرير صابر وضحكته، سنبدأ من جديد، سنبني حتى لو بيدينا». وتحكي أم لثلاث أطفالة «انتظرنا هذه اللحظة 16 شهرًا، فرحتي لا توصف، عدنا أخيرًا إلى بيتنا، لا يوجد بيت في الحقيقة، فقط ركام، لكنه بيتنا رغم كل شيء». وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية. ويقول «فراني» من بيت حانون «لا مكان نعيش فيه في غزة، لكن يجب أن نعود إلى بيوتنا، حتى لو كانت مدمرة تمام، سننصب خيمة فوق الركام، ونعيش فيها إن اضطررنا»، وفقا لوشنطن بوست. مصر.. «بوابة الأمل» من تحت ركام الدمار في غزة، تقود مصر خطة إعمار شاملة، لا تقتصر على إزالة الأنقاض وبناء البيوت، بل تمتد لتأسيس حياة جديدة، تحفظ كرامة الإنسان الفلسطيني وتضمن له مستقبلاً يليق بتضحياته. ومن إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في 2009، مرورًا بدورها البارز عقب حرب 2014، ثم مبادراتها المتكررة لإعادة البناء بعد كل دمار يتعرض له القطاع، وصولاً إلى الدور المحوري الذي تقوم به اليوم في أكبر خطة إعادة إعمار غزة بتكلفة تقديرية تتجاوز 53 مليار دولار، تثبت مصر أن دعمها لغزة ليس استجابة وقتية، بل التزام تاريخي ووطني وقومي. ◄ مراحل الإعمار وفي تصريحات سابقة عن ملامح خطة الإعمار، تعد المرحلة الأولى للإعمار هي «التعافي المبكر»، وتمتد إلى 6 أشهر، وتشمل إزالة ما يقرب من 50 مليون طن من الركام، وإنشاء مساكن مؤقتة، وترميم 60 ألف وحدة سكنية تضررت من الحرب. أما المرحلة الثانية، فهي «إعادة الإعمار الشامل، وتستمر لمدة 5 سنوات، تتضمن بناء 200 ألف وحدة سكنية تستوعب 1.6 مليون شخص، بالإضافة إلى إنشاء مطار وميناء تجاري ومنطقة صناعية ولوجيستية، ومشروعات سياحية وخدمية». ◄ صندوق ائتماني دولي وتشمل خطة مصر لإعمار غزة، ضمان التمويل المستدام لها، حيث سيتم إنشاء صندوق ائتماني دولي، يتولى جمع التعهدات المالية من الدول والمؤسسات المانحة. وتأكيدًا على الدور المصري الفعّال، قال وزير العدل الفلسطيني شرحبيل الزعيم، إننا ننوي إطلاق اسم مصر على أكبر ميادين غزة بعد إعمار القطاع. ورغم كل الدمار ظلت الأرواح صامدة، والقلوب تفيض بالأمل. أطفال يلعبون بين الركام، تتسلل ضحكاتهم إلى الجدران المتصدعة، وكأن البيت نفسه يبتسم لهم. الجيران يعودون ليصافحوا بعضهم، يشيدون جدارا هنا، وينظفون ركاما هناك، ويزرعون بذرة أمل وسط الحطام. وفي هذا المشهد، تظهر جهود مصر واضحة، من خلال خطة إعادة الإعمار التي تعيد للمدن روحها، وتمنح كل عائلة فرصة لتستعيد بيتها، وتبدأ حياة جديدة.