احتفلت مصر بأكاليل الفخر والكرامة بالذكرى 52 لانتصارات حرب أكتوبر 1973المجيدة، وتمتد احتفالاتنا طول شهر أكتوبر بالانتصارات العزيزة على من عاش أحداثها ورفع رأسه عالياً بعد أن مسح أبطالنا آلام النكسة فى حرب أكتوبر الخالدة بخلود الشهداء الذين ارتوت بدمائهم أرض الفيروز لتبقى رايات النصر خفاقة فى سماء مصر على مر الأجيال. اقرأ أيضًا| الفرعون الشاب يبدأ رحلته الأبدية.. «توت» نجم الافتتاح الأسطوري للمتحف الكبير وفى ذكرى هذا اليوم العظيم ننحنى إجلالاً وتقديراً لبطل الحرب والسلام الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذى دفع حياته حباً فى مصر، لكن يد الخسة والخيانة طالته فى يوم عرس النصر، وسوف يحفظ له التاريخ أنه بطل «الحرب والسلام» الذى خطى نحو المستقبل بقراراتٍ شجاعة، وفى هذا اليوم ننحنى إجلالاً وتقديراً للشهداء الذين أعادوا لنا الحياة بعد مواتٍ، ومنحونا الأمل بمستقبل مصر التى حررت أرضها بالدم الغالى، وفى هذا اليوم نتذكر قادة حرب أكتوبر الأجلاء الذين أبهروا العالم بالتخطيط والخداع الإستراتيجى، وشهد لهم العدو قبل الصديق، وأثبتت انتصارات أكتوبر بسالة المقاتل المصرى الصبور الذى قهر إسرائيل التى تشيع عن نفسها أنها لا تُقهر، وحطم بإيمانه أخطر عائق مائى فى التاريخ، وأخطر ساتر ترابى مُزود بأنابيب النابالم التى تم إيقاف عملها على يد الأبطال قبل العبور. فى هذا اليوم العظيم نستلهم بعض ما جاء فى خطاب النصر الذى ألقاه القائد البطل محمد أنور السادات أمام أعضاء مجلس الشعب يوم الثلاثاء 16 أكتوبر 1973 وقال فيه ضمن ما قال : - «عاهدت الله وعاهدتكم على أن قضية تحرير التراب الوطنى هى التكليف الأوّل الذى حملته ولاءً لشعبنا وللأمّة، وعاهدت الله على أننى لن أدّخر جهدًا، دون تضحية مهما كلّفتنى، عاهدت الله وعاهدتكم أن نثبت للعالم أن نكسة 67 كانت استثناءً وليست قاعدة، وأقول بغير ادعاء، إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأُمّة أن نكستها لم تكن سقوطًا، وإنّما كانت كبوة عارضة. كنت أعرف جوهر قوّاتنا المسلّحة، ولم يكن حديثى عنها رجمًا بالغيب، ولا تكهّنًا، لقد خرجت من صفوف القوّات المسلّحة، وعشت بنفسى تقاليدها، وتشرّفت بالخدمة فى صفوفها، وتحت ألويتها، وسجل هذه القوات كان باهرًا، ولكن أعداءنا؛ الاستعمار القديم والجديد.. والصهيونية العالمية، ركّزت ضد هذا السجل تركيزًا مخيفًا، لأنها أرادت أن تشكك الأُمّة فى درعها، وفى سيفها، ولم يكن يخامرنى شك فى أن هذه القوّات المُسلّحة كانت من ضحايا نكسة 67، ولم تكن أبداً من أسبابها، وكان فى استطاعة هذه القوّات سنة 67 أن تحارب بنفس البسالة والصلابة التى تحارب بها اليوم لو أن قيادتها العسكرية فى ذلك الوقت لم تفقد أعصابها بعد ضربة الطيران التى حذّر منها عبد الناصر، أو لو أن تلك القيادة لم تُصدر بعد ذلك قرارًا بالانسحاب العام من سيناء بدون عِلم عبد الناصر أيضًا ! اقرأ أيضًا| كنوز| مأساة الساخر إبراهيم عبد القادر المازنى مع قطط الجيران ! وقال الرئيس السادات رحمه الله : إن هذه القوّات لم تُعطَ الفرصة لتحارب دفاعًا عن الوطن، وعن شرفه، وعن ترابه، لم يهزمها عدوّها، ولكن أرهقتها الظروف التى لم تُعطها الفرصة لتقاتل، ولقد شاركت مع جمال عبد الناصر فى عملية إعادة بناء القوّت المُسلّحة، ثم شاءت لى الأقدار أن أتحمّل مسئولية استكمال البناء، ومسئولية القيادة العُليا لها. وأضاف: القوّات المُسلّحة المصريّة قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى، لقد أعطت نفسها بالكامل لواجبها، استوعبت العصر كلّه؛ تدريبًا، وسلاحًا، بل وعِلمًا، واقتدارًا، وحين أصدرت لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو، وأن تكبح جماح غروره، فإنها أثبتت نفسها، إن هذه القوّات أخذت فى يدها، بعد صدور الأمر لها، زمام المبادرة، وحققت مفاجأة للعدو، وأفقدته توازنه بحركتها السريعة، ولست أتجاوز إذا قُلت إن التاريخ العسكرى سوف يتوقّف طويلًا؛ بالفحص، والدرس، أمام عملية يوم السادس من أكتوبر سنة 1973 حين تمكّنت القوّات المُسلّحة المصريّة من اقتحام مانع قناة السويس الصعب، واجتياح خط «بارليڤ» المنيع، وإقامة رءوس جسور لها على الضفة الشرقيّة من القناة، بعد أن أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات، وكانت المخاطرة كبيرة، والتضحيات عظيمة. ويستطرد بطل الحرب والسلام قائلاً: النتائج المُحققة لمعركة هذه الساعات الست الأولى من حربنا كانت هائلة، فقد العدو المتغطرس توازنه، واستعادت الأُمّة الجريحة شرفها، وتغيّرت الخريطة السياسيّة للشرق الأوسط، وإذا كنّا نقول ذلك اعتزازًا، وبعض الاعتزاز إيمان، فإن الواجب يقتضينا أن نسجّل من هنا، وباسم هذا الشعب، وباسم هذه الأُمّة، ثقتنا المُطلقة فى قوّاتنا المُسلّحة، وثقتنا فى قيادتها التى خططت، وضُبّاطها وجنودها الّذين نفذوا بالنار، والدم، ثقتنا فى إيمان هذه القوّات المُسلّحة، وثقتنا فى عِلمها، وثقتنا فى سلاح هذه القوّات المُسلّحة، وثقتنا فى قدرتها على استيعاب هذا السلاح، وأقول باختصار، إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن، ويأمن بعد خوف، أنه قد أصبح له درع وسيف». أنور السادات 16 أكتوبر 1973