خمسة عقود وعامان مرت على انتصار أكتوبر المجيد، وما زال النصر العظيم يلهم الأجيال ويجسد وحدة المصريين في مواجهة التحديات. ففي السادس من أكتوبر عام 1973، لم يكن العبور مجرد معركة عسكرية لعبور قناة السويس فحسب، بل كان عبورًا وطنيًا نحو استعادة الكرامة والسيادة، شارك فيه كل أبناء الوطن من جنود وعمال وفلاحون ومهندسون. ومن بين القصص الخالدة في سجل النصر، برزت فكرة "المضخات" لتدمير الساتر الترابي لخط بارليف. في هذا الحوار، يتحدث المهندس عيد مرسال، الأمين العام لاتحاد نقابات عمال مصر ورئيس النقابة العامة للعاملين بالزراعة والري والصيد واستصلاح الأراضي، عن دور العمال والفلاحين في دعم معركة العبور، وكواليس "خدعة المضخات"، واستعداد الاتحاد لاحتفالات ذكرى أكتوبر، مؤكدًا أن عمال مصر اليوم يواصلون الملحمة ذاتها في معركة البناء والتنمية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي. فإلى نص الحوار: ما دلالات نصر أكتوبر بعد مرور أكثر من خمسة عقود عليه؟ نصر أكتوبر لم يكن انتصارًا عسكريًا فحسب، بل كان ملحمة وطنية شارك فيها الشعب كله، من الجندي في ميدان القتال إلى العامل في مصنعه والفلاح في حقله. لقد تجسدت في تلك المعركة أسمى معاني الوحدة الوطنية والتكاتف الشعبي، إذ التحم الجيش مع الشعب في هدف واحد هو استعادة الأرض والكرامة. وسيظل أكتوبر درسًا خالدًا في الوطنية يثبت أن قوة مصر في وحدتها وتماسك أبنائها وقت الشدائد. ما الدور الذي لعبه العمال في دعم معركة أكتوبر؟ كان عمال مصر الجنود المجهولين خلف خطوط الإنتاج، عملوا ليلًا ونهارًا في مصانع الحديد والصلب والمصانع الحربية والغزل والنسيج لتوفير السلاح والذخيرة والملابس اللازمة للقوات المسلحة. لقد جسّدوا بالفعل روح الجندي المقاتل في موقعه، وكانوا لا يقلون أهمية عمن حمل السلاح على الجبهة. إصرارهم على الإنتاج في تلك الفترة العصيبة كان رسالة واضحة بأن الوطن كله يقاتل، وأن كل يد تعمل من أجل النصر. قيادات عمالية صنعت المجد حدثنا عن أبرز القيادات العمالية التي عاصرت حرب أكتوبر وأسهمت في دعم الجبهة الداخلية؟ من أبرز القيادات النقابية التي عاصرت حرب أكتوبر وكان لها دور محوري في دعم الجبهة الداخلية عبد اللطيف بلطية وصلاح غريب. الأول، عبد اللطيف بلطية، كان وزير القوى العاملة الأسبق ورئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ورئيس اتحاد العمال العرب، واهتم بتعبئة العمال وتطوير التدريب المهني لخدمة خطط الدولة في الإنتاج والتعمير. وماذا عن صلاح غريب؟ صلاح غريب، أيضا شغل منصب وزير القوى العاملة من عام 1972 حتى 1975، ورئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وكان له دور بارز في تنظيم صفوف العمال وضمان استمرار عجلة الإنتاج لدعم الجبهة بالاحتياجات والمعدات. لقد كان وعي العمال وقتها أن "كل دقيقة عمل تساوي رصاصة على الجبهة". وأنت رئيس لنقابة العاملين بالزراعة والري، كيف ساهم هذا القطاع في دعم معركة العبور؟ الفلاحون والعاملون بالزراعة كانوا الركيزة الأساسية للجبهة الداخلية، إذ لعبوا دورًا حيويًا في تأمين احتياجات القوات المسلحة من الغذاء والتموين، ولم يتوقفوا عن العمل رغم أجواء الحرب. تحولت القرى المصرية إلى مراكز دعم وإمداد، وساهم الفلاحون بوسائلهم البسيطة في نقل الإمدادات واستضافة الجنود وتقديم الدعم بكل صوره. لقد أثبت الفلاح المصري أنه جندي آخر في معركة العبور، يزرع ليطعم الجندي والمواطن، ويعمل بإيمان راسخ أن النصر قادم لا محالة. ما حقيقة مشاركة العاملين بالزراعة في "خدعة المضخات" التي ساعدت على عبور قناة السويس؟ هذه واحدة من أعظم صور التكامل بين الجيش والمدنيين. كانت فكرة اللواء باقي زكي يوسف استخدام مضخات مياه عالية الضغط لفتح ثغرات في الساتر الترابي "خط بارليف". ولكي لا تثير عملية استيراد تلك المضخات شكوك العدو أو أجهزة الاستخبارات، تم تنفيذها بغطاء مدني كامل من خلال وزارة الزراعة. وقامت القوات المسلحة حينها بإستيراد مضخات مياه من ألمانيا تحت ساتر حاجة وزارة الزراعة إليها، واختبرت الفكرة، وتأكدت من كفاءتها، ثم نفذتها. حيث قُدمت وزارة الزراعة، طلبات الشراء رسميًا باعتبارها معدات تُستخدم في مشروعات الري واستصلاح الأراضي، وسافر مهندسون من الزراعة والري إلى الخارج مع وفود مدنية ظاهريًا لإتمام التعاقدات، وشاركوا في إنهاء الإجراءات الجمركية لاستيرادها ضمن معدات زراعية عادية. بهذا الأسلوب الذكي، دخلت المعدات إلى البلاد دون أن يلاحظ أحد، لتُستخدم لاحقًا في تحطيم خط بارليف خلال ساعات. لقد كانت الزراعة المصرية أداة خداع ناجحة في واحدة من أذكى العمليات التي شهدها التاريخ العسكري. وكيف يستعد الاتحاد العام لنقابات عمال مصر للاحتفال بذكرى أكتوبر هذا العام؟ الاتحاد برئاسة عبد المنعم الجمل سيقيم احتفالًا كبيرًا في 13 أكتوبر الجاري بمقر الاتحاد لتكريم الشهداء الأبطال الذين سطروا بدمائهم الزكية صفحات مضيئة في تاريخ الوطن. وتأتي الاحتفالية تقديرًا لعطاء الشهداء وبطولات القوات المسلحة، وغرسًا لقيم الانتماء والوفاء في نفوس الأجيال الجديدة من العمال. ومن المقرر أن يحضرها قيادات عمالية وشخصيات حزبية ووطنية وفكرية، في مشهد يعكس وحدة الصف الوطني وتلاحم قوى المجتمع خلف راية الوطن. وما الذي يميز احتفالات العمال هذا العام؟ تأتي الاحتفالات هذا العام متزامنة مع ما تشهده الدولة من إنجازات غير مسبوقة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يقود الوطن بخطى ثابتة نحو بناء الجمهورية الجديدة، بعد أن عبر بمصر إلى بر الأمان رغم التحديات العالمية. ولهذا، فإن احتفالات أكتوبر ليست فقط استذكارًا للماضي، بل تجديدًا للعهد على مواصلة العمل والإنتاج لتحقيق نهضة الحاضر. و أخيرا ما رسالتك للعمال والشباب في ذكرى النصر؟ رسالتي أن نصر أكتوبر تحقق بالإيمان والعمل والانتماء، واليوم علينا أن نحافظ على هذه الروح في معركة التنمية. أدعو الشباب والعمال إلى أن يجعلوا من أكتوبر مصدر إلهام في حياتهم اليومية، فالإنتاج والانضباط هما سلاحنا الآن. وأوجه التحية لكل من ساهم في النصر، من جندي على الجبهة إلى عامل في المصنع وفلاح في الحقل، فهم جميعًا كتبوا بعرقهم ودمائهم صفحات المجد لمصر. اقرأ أيضًا | احتفالية باتحاد نقابات عمال مصر لتكريم شهداء نصر أكتوبر المجيد