رغم الطفرات التكنولوجية والعروض التمويلية المغرية التى يشهدها سوق السيارات الجديدة في مصر، يظل الجدل محتدمًا بين المستهلكين حول الأفضلية بين شراء سيارة "زيرو" أو الاتجاه إلى المستعمل. اعتبارات اقتصادية واجتماعية ونفسية متشابكة تفرض نفسها على قرار الشراء، وسط تقلبات سعرية أربكت حركة السوق وأدخلت التجار والمستهلكين في دوامة. ◄ القاضي: «القديم» خيار اقتصادي والحذر واجب.. ماهر: تغيرات السوق عامل أساسي في البداية يرى رشاد القاضي رئيس مجلس إدارة القاضي موتورز أنه رغم الطفرات التكنولوجية والعروض التمويلية التي تشهدها سوق السيارات الجديدة، لا يزال قطاع كبير من المصريين يفضل التوجه نحو سوق السيارات المستعملة، وأضاف أن هذا التوجه لا يأتى من فراغ، بل تدفعه اعتبارات اقتصادية واجتماعية ونفسية متشابكة. ◄ أسعار السيارات وقال: فى مقدمة هذه الأسباب الارتفاع الكبير في أسعار السيارات الجديدة، والذى يمثل عبئًا ثقيلاً على المستهلك المصري. هذا الارتفاع، مقرونًا بتراجع القدرة الشرائية، يجعل من المستعمل خيارا أقل تكلفة، حتى وإن كان على حساب الجودة أو الحداثة. كما تلعب العوامل النفسية والاجتماعية دورا فى هذا التفضيل، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وارتفاع الأسعار المتتالى الذى لم تشهده البلاد منذ عقود. فالمستهلك يبحث عن وسيلة نقل تحقق له الحد الأدنى من الكفاءة دون أن ترهق ميزانيته. وأضاف أنه مع ذلك بدأت ملامح تغير في سلوك المستهلك تظهر بوضوح مؤخرا، حيث ارتفعت نسب الإقبال على شراء السيارات الجديدة، خاصة مع تقارب أسعارها نسبيا من أسعار المستعمل، ووجود عروض تقسيط مريحة وسهلة السداد. كما أن السيارات الجديدة باتت توفر ميزات أكثر جذبًا، مثل كفاءة استهلاك الوقود، وانخفاض تكاليف الصيانة، إلى جانب جودة الهيكل والكماليات الحديثة. ويرى "القاضى" أنه يظل قرار الشراء مرهونا بقدرة المستهلك على المفاضلة بين التكاليف والفوائد، فى سوق تتسم بالتقلب، لكنها لا تزال تفتح أبوابا جديدة أمام من يحسن الاختيار. وأوضح من أبرز النقاط التي يجب الانتباه إليها قبل شراء سيارة مستعملة أنه فى حال اللجوء إلى شراء سيارة مستعملة من معرض أو تاجر، يجب التأكد من وجود ضمان للفحص، لأن بعض السيارات قد تكون تعرضت لحوادث جسيمة أو أضرار جسدية غير واضحة للعين المجردة، ولا تعتمد على تجربة السيارة فقط؛ فالمظهر قد يكون خادعا، فلا بد من فحصها على جهاز كمبيوتر مختص، والتأكد من حالة المحرك والناقل والتكييف وكل التجهيزات الأخرى، كما أنه يجب أن تكون السيارة مسجلة باسم المالك الحالي، ولا يتم الاعتماد على تفويضات أو توكيلات غير مباشرة، حتى لا يتعرض المشترى لمشاكل قانونية مستقبلية، كما أنه لا يوجد حتى الآن جهة مختصة أوإلزام قانونى بفحص السيارات المستعملة قبل بيعها، وهذا ما يزيد من احتمالية الغش أو التلاعب فى بيانات السيارة لذلك، نقترح ضرورة تأسيس كيان رسمى أو جهة مختصة تكون مهمتها فحص واعتماد السيارات المستعملة، لحماية المستهلك وتنظيم هذا السوق واسع الانتشار. ◄ تفضيل المستعمل بينما قال هاني ماهر عضو مجلس إدارة رابطة تجار السيارات ومدير شركة تراست موتور، إنه رغم التغيرات التى يشهدها سوق السيارات فى مصر، لا تزال السيارات المستعملة تحظى باهتمام شريحة واسعة من المستهلكين، إذ يعتقد كثيرون أنهم يستطيعون اقتناء سيارة مستعملة بحالة جيدة وبسعر يقل كثيرًا عن سعر الجديدة، إلا أن هذا التصور، بحسب خبراء السوق، لا يعكس الواقع الحقيقي. وأضاف أن العديد من المشترين يتخيلون أن بإمكانهم امتلاك سيارة جديدة سعرها مليون جنيه، بمجرد أن تستخدم لمسافة بسيطة مثل 10 آلاف كيلومتر، مقابل 900 ألف جنيه فقط، وهو أمر غير منطقى - كما يوضح المتخصصون - لأن هذه الفروقات الضئيلة لا تمثل قاعدة يمكن البناء عليها، بل هى "نوادر" ناتجة غالبًا عن ظروف خاصة لأصحاب السيارات، ولا يمكن الاعتماد عليها كأساس لتسعير سوق المستعمل. وأضاف أن للسوق مفارقات لافتة، مثل عرض سيارة موديل 2021 بسعر 650 ألف جنيه، فى الوقت الذى تُطرح فيه سيارة موديل 2026 زيرو بنفس الفئة بسعر 720 ألف جنيه فقط. هذا الفارق الزمنى الكبير لا يقابله فروق سعرية منطقية، مما يربك المشترين ويُعقّد حركة البيع والشراء. وأوضح أن المشكلة الحقيقية، كما يراها التجار، تكمن فى عدم وعى بعض البائعين بتغيرات السوق، حيث يتمسك البعض بسعر قديم كان متداولًا للسيارة الجديدة، دون معرفة أن سعرها الفعلى انخفض بسبب العروض والخصومات الحالية، ما يدفعهم لتسعير سياراتهم المستعملة بأرقام مبالغ فيها، تفوق فى بعض الأحيان السيارات الجديدة ذاتها. وقال: فى ظل هذا التخبط، أصبحت أنظمة التقسيط والتسهيلات البنكية - بدعم من انخفاض أسعار الفائدة التى وصلت إلى 13.5% - أحد الحلول التى دفعت عددًا من المستهلكين للتوجه نحو السيارات الجديدة بدلا من المستعملة، مستفيدين من برامج تمويل ميسرة، تتيح دفع مقدم بسيط وتقسيط المبلغ المتبقي. وأكد أن التوازن بين العرض والطلب، إلى جانب الالتزام بالأسعار الواقعية، هما العاملان الحاسمان لتحسين حركة السوق. فالمشترى الذى يطلب أسعارا منخفضة بشكل مبالغ فيه لن يجد سيارة، والبائع الذى يغالى لن يتمكن من البيع. وحده "سعر السوق" هو المعيار الحقيقى الذى يفرض نفسه فى النهاية، ومع دخول السوق فى موسم النشاط خلال أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر، يتوقع العاملون بالقطاع تحسنا تدريجيا فى حركة المبيعات، خاصة مع تراجع ظاهرة "الأوفر برايس" وعودة بعض السيارات إلى مستويات سعرية أكثر توازنًا. وأكد أن الآمال معلقة على موسم الصيف لتحقيق انتعاشة حقيقية فى سوق السيارات، وسط تطلعات بأن تستمر الانفراجة فى الأسعار وأن تعود الثقة بين البائع والمشتري. ◄ اقرأ أيضًا | زييكر 9X.. تعريف مختلف للسيارات الكهربائية ◄ الدسوقي: الثقة والرقابة ضمانة رئيسية.. مارادونا: فحص السيارة ضرورة قبل الشراء ◄ الجدل مستمر من جانبه أشار مؤمن الدسوقي خبير السيارات ومسئول المبيعات فى أحدى شركات السيارات، إلى أن سوق السيارات لا يزال يشهد حالة من الجدل بين تفضيل شراء السيارات المستعملة أو التوجه نحو الجديدة، حيث تتحكم اعتبارات اقتصادية وشخصية فى قرار المستهلك النهائي. فالكثيرون يرون أن السيارات المستعملة تمثل خيارًا عمليًا من حيث السعر، إذ يمكن للفارق بين المستعمل والجديد أن يكون كبيرًا، ما يتيح للمستهلك الحصول على طراز أعلى بسعر أقل، كما أن ظروف التمويل وأعباء الأقساط الشهرية تدفع شريحة واسعة لاختيار المستعمل باعتباره أكثر ملاءمة لميزانياتهم. وأوضح أنه فى المقابل يذهب آخرون إلى أن شراء السيارة الجديدة قد يكون الخيار الأوفر على المدى الطويل، خصوصًا فى ما يتعلق بالصيانة. فبينما قد تتطلب السيارة المستعملة مصاريف مفاجئة لإصلاح أعطال غير متوقعة، تتيح السيارة الجديدة انطلاقة خالية من الأعباء، مع ضمان الجودة والأداء الجيد منذ اليوم الأول، فضلًا عن تجنب فروقات مالية كبيرة عند بيع المستعمل لشراء الجديد. وأكد أنه رغم تزايد الأسعار بشكل ملحوظ سواء للمستعمل أو الجديد، فإن السوق يظل قائمًا على معادلة الثقة، وأشار إلى أن الغش التجارى تراجع بفضل القوانين الصارمة ودور جهاز حماية المستهلك، فضلا عن إمكانية الاستعانة بمراكز معتمدة والتى تقدم تقارير دقيقة عن حالة السيارات، مما يمنح المشترى درجة أكبر من الاطمئنان قبل اتخاذ القرار. وقال تأتي مبادرة الدولة لتفعيل نظام الفحص الإجباري للسيارات المستعملة لتضيف بعدا جديدا من الأمان، حيث يتوقع أن تسهم في ضبط السوق وضمان حقوق جميع الأطراف. فالفحص لا يحمى المستهلك فقط، بل يمتد أثره للتاجر الذى قد يقع بدوره ضحية شراء سيارة معيبة من مالك سابق. ومن ثم، يشكل النظام خطوة ضرورية طال انتظارها من شأنها تعزيز الثقة فى سوق السيارات المستعملة وتوفير قدر أكبر من الشفافية والسلامة للجميع. ◄ قطع الغيار فيما أكد السيد مارادونا المسئول عن سوق مارادونا للسيارات المستعملة ببورسعيد، أن تفضيل شريحة كبيرة من المصريين للسيارات المستعملة يرجع بالدرجة الأولى إلى الأسباب الاقتصادية، بالإضافة إلى مخاوف تتعلق بالسيارات الجديدة من حيث ارتفاع أسعار قطع الغيار أو ندرتها، لكنه شدد على أن شراء السيارات "الزيرو" يعد خيارا أفضل بكثير من المستعملة، موضحًا أن السوق يوفر اليوم عروضا متنوعة للتقسيط بمقدم بسيط وعلى فترات سداد طويلة، فضلًا عن أن السعر النقدى للسيارات الجديدة أصبح فى كثير من الأحيان أقل من المستعمل. وأضاف: "السيارة الجديدة لا تبدأ فى طلب صيانة إلا بعد مرور خمس سنوات تقريبًا، على عكس المستعملة التى كثيرًا ما تحتاج إلى إصلاحات متكررة فى ورش الحرفيين". ونصح"مارادونا" المقبلين على شراء السيارات المستعملة بضرورة فحص السيارة بشكل كامل لدى فنيين متخصصين أو مراكز معتمدة للتأكد من سلامة الشاسيه والمحرك، مشيرًا إلى أن أسعار السيارات باتت مرتفعة للغاية مقارنة بالماضي، وأى خطأ فى الاختيار قد يكلف المشترى خسائر كبيرة بسبب غياب الضمير لدى بعض البائعين. وقال: "وجود عيب فى السيارة أو قطعة تالفة قد يعنى خسارة فادحة للمشتري". وأشار إلى أن الدولة طبقت بالفعل الفحص الإجبارى للسيارات فى وحدات المرور على مستوى الجمهورية باستخدام أجهزة متطورة، خاصة بعد الثورة، حيث تم ضبط عدد كبير من السيارات المسروقة التى جرى تغيير معالمها. وأضاف أن الفحص الفنى ساهم أيضًا فى كشف سيارات تعرضت لتعديلات جوهرية، ما أدى إلى رفض ترخيصها مرة أخرى. واختتم حديثه بالتأكيد على أن الكشف الفنى الدقيق قبل الشراء ضرورة أساسية لتجنب الوقوع فى مشكلات قانونية أو خسائر مالية جسيمة.