يقول المحللون السياسيون إن صناعة القرار تتم فى بريطانيا وتنفذ فى أمريكا.. فترى ما الذى أسفرت عنه الزيارة التى قام بها مؤخرًا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإنجلترا والتى أتت فى أجواء مشحونة وسباق دولى متقلب لتتحول من حدث بروتوكولى إلى محطة استراتيجية تكشف عن التفاعلات الغربية- الغربية ورسائلها المبطنة للشرق الأوسط والعالم!.. شهدنا جميعًا مراسم استقبال غير مسبوقة.. واحتفى البريطانيون بالرئيس ترامب فى قلعة وندسور باستقبال وصف بأنه الأضخم منذ عقود.. بمشاركة 1300 عسكرى وعربة ذهبية بما عكس الدور الرمزى لأمريكا فى توازنات القوى الدولية وأهمية تثبيت الحليف الأطلسى وأيضًا رغبة الملك تشارلز فى إعادة تعريف الحلف الأنجلو- أمريكى فى حقبة جديدة.. وذلك رغم كل الخلافات والانتقادات الداخلية والخارجية للنهج الترامبى!.. إذن هذه الزيارة جاءت ضمن رهانات المملكة المتحدة على استعادة دورها المركزى فى ظل متغيرات سياسية أوروبية وعالمية.. حيث تم الإعلان عن اتفاقيات تعاون تكنولوجى كبرى مع التركيز على الذكاء الاصطناعى والطاقة النووية وتسهيل التبادل التجارى.. وهو ما يعد رسالة قوة اقتصادية فى مواجهة أزمات الأسواق العالمية. باختصار.. إن رمزية بروتوكولية وجسور نفوذ زيارة ترامب إلى بريطانيا.. لم تكن مجرد مناسبة بروتوكولية ولكنها عبرت عن وعى متبادل بحجم الأزمة العالمية وتشابك المصالح والأطماع.. فالكلمات التى ألقيت والمراسم التى أعدت بروية وإتقان كانت مسرحًا مفتوحًا لمعركة هادئة على النفوذ والرمزية بين حلفاء أمس واليوم وغدًا.. مع أعين متربصة من الشرق الأوسط.. ودوائره السياسية.. تراقب عن كثب سير الغزل والإطراء الأطلسى، فربما تخرج منه إشارات ومواقف ترسم مصائر وشعوب المنطقة للأعوام المقبلة. ربنا يستر!.