رئيس الوزراء يُهنئ وزير الدفاع بذكرى نصر أكتوبر    إعلان الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب| اليوم    اليوم.. فصل التيار الكهربائي 3 ساعات عن 25 منطقة بالعريش للصيانة الدورية    قنا ترفع درجة الاستعداد القصوى لمتابعة مناسيب مياه النيل    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    جامعة القاهرة: لجنة الإسكان تسعى لتنفيذ مشروع إسكان هيئة التدريس والعاملين    منتدى عائلات الأسرى يؤكد «ضرورة» الوقف الفوري للحرب في غزة    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    ريال مدريد يواجه فياريال لمطاردة برشلونة على الصدارة    محاكمة زعيم تنظيم الجبهة الإرهابي وآخرين أمام محكمة بدر| اليوم    الأرصاد تحذر: تقلبات خريفية وشبورة وأمطار خفيفة    قبل ثاني الجلسات.. ماذا قالت سارة خليفة أثناء محاكمتها في قضية المخدرات؟    التضامن: فرق التدخل السريع تعاملت مع 662 بلاغا واستغاثة وشكوى خلال سبتمبر    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    مهرجان الإسكندرية يحتفي بفردوس عبد الحميد في ندوة تكريمية اليوم    نور إيهاب ل"فيتو": اعترافي بجريمة الاغتصاب في «نور مكسور» هزّني نفسيًا!    نجاح أول عملية زراعة قوقعة بمستشفيات هيئة الرعاية الصحية في أسوان والسويس    جراحة قلب دقيقة تنطلق بالتكنولوجيا في بورسعيد    ارتفاع الصادرات الزراعية المصرية إلى 7.5 مليون طن منذ بداية 2025    بسم فئران.. التحقيق مع متهمين بتسميم كلاب في حدائق الأهرام    رئيس الوزراء الكندي يلتقي مع ترامب في البيت الأبيض الثلاثاء المقبل    بداية العمل بالتوقيت الشتوي في مصر 2025.. الموعد والفرق بين مواعيد المحال التجارية    مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025.. الأهلي والزمالك في صدارة الاهتمام وظهور محمد صلاح أمام تشيلسي    الزمالك في اختبار صعب أمام غزل المحلة لاستعادة صدارة الدوري    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    تعرف على أسعار الأسمنت اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    انطلاق أولى اجتماعات مناقشة اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    وزير الري يتابع الاستعدادات النهائية لانطلاق أسبوع القاهرة الثامن للمياه    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    مراسلات بدم الشهداء في حرب 1973.. حكاية المقاتل أحمد محمد جعفر.. الدم الطاهر على "الخطابات" يوثق البطولة ويؤكد التضحية .. الرسالة الأخيرة لم تصل إلى الشهيد لكنها وصلت إلى ضمير الوطن    رئيس الاتحاد يتكفل بإيواء وتعويض المتضررين من سقوط عقار غيط العنب بالإسكندرية    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالطريق الدائري بالفيوم    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    تعطيل الدراسة في عدد من محافظات مصر بسبب الفيضانات| ما الحقيقة؟    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    اليوم.. محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في بولاق الدكرور    سوما تكشف كواليس التعاون مع زوجها المايسترو مصطفى حلمي في ختام مهرجان الموسيقى العربية    هل إجازة 6 أكتوبر 2025 الإثنين أم الخميس؟ قرار الحكومة يحسم الجدل    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    ثبتها حالا.. تردد قناة وناسة بيبي 2025 علي النايل سات وعرب سات لمتابعة برامج الأطفال    عبد الرحيم علي ينعى خالة الدكتور محمد سامي رئيس جامعة القاهرة    فلسطين.. طائرات الاحتلال المسيّرة تطلق النار على شرق مدينة غزة    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    محافظ المنيا يوجه برفع درجة الاستعداد لمتابعة فيضان النيل واتخاذ الإجراءات الوقائية بأراضي طرح النهر    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    رابط منصة الشهادات العامة 2025-2026 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسئول تأمين اتصالات الرئيس السادات: نجحت في مهمتي الوطنية بتقنيات بدائية

ليس مجرد خبير تولى مهمة وطنية في وقت حساس من تاريخ مصر، بل يمكن اعتباره صندوق أسرار ظل مغلقًا لأكثر من نصف قرن، وهو أبلغ وصف لمهندس الإلكترونيات علاء سيد، الذى كان ضمن فريق تولى مسئولية تأمين اتصالات الرئيس أنور السادات خلال الفترة من عام 1973 السنة التى شهدت حرب أكتوبر المجيدة وحتى انتهاء مهمته فى عام 1978.
وخلال تلك السنوات الخمس كان المهندس الشاب الذي تخرج فى جامعة القاهرة أقرب شخص إلى صوت رئيس الجمهورية العابر للأثير، يتولى مع فريق من زملائه المهندسين تأمين اتصالات الرئيس مع قادة العالم فى الداخل والخارج لمنع التنصت عليها أو فك شفراتها.
العالم المصري علاء السيد يعيش منذ أوائل التسعينيات في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة وهو كبير خبراء الاستشعار عن بُعد بشركة "ريثيون" الأمريكية لأبحاث الفضاء وأنظمة الدفاع الصاروخي.. أجرت معه "آخرساعة" هذا الحوار الذى فتح فيه صندوق أسراره وحكاياته.
◄ أشرف مروان وقّع أمر تكليفي كأول مهندس مدني للعناية باتصالات رئيس الجمهورية
◄ توليت الخط الساخن للبيت الأبيض من داخل غرفة بقصر عابدين
◄ غرفة الأجهزة كانت مؤمنة تماما داخل قصر الرئاسة.. وكنت من بين المسموح لهم بدخولها
◄ السادت كان على دراية بتقنيات تضمن سرية الرسائل المشفرة لخبرته فى سلاح الإشارة
◄ كنا نتجنب استخدام ديباجات معروفة أو متوقعة مثل «بسم الله» لتفادى فك الشفرة
◄ «نور النجفة» فى الفندق قادنى لاكتشاف ثغرة للتنصت أثناء زيارة السادات لبريطانيا
◄ الحصول على نص الرسالة يتم من خلال جاسوس أو التنصت على الغرفة أو خطوط الكهرباء
◄ السادات وبخ مرافقيه حين أخبره مبارك ب«تحميل بضائع» على طائرة الرئاسة
■ الرئيس السادات يجري اتصالًا هاتفيًا
◄ كيف جرى اختيارك لتولى مهمة تأمين اتصالات الرئيس أنور السادات، ما المؤهلات العلمية والعملية التي أهلتك لهذه المهمة فى ذلك التوقيت الحرج من تاريخ مصر؟
في صيف 1973 وبعد تخرجى فى كلية هندسة الإلكترونيات بجامعة القاهرة وخلال أسبوعين وصلنى خطابان من مجلس الدفاع الوطنى (المخابرات) لمقابلتين فى مقر الجهاز بالقبة، في هاتين المقابلتين وجدت مجموعة كبيرة من زملائى فى الدفعة وآخرين لا أعرفهم، وكانت كل مقابلة عبارة عن الالتقاء مع ضبّاط ومهندسين من جهاز المخابرات فى سلسلة من اختبارات فنية وشخصية للبت فى صلاحية التعيين بالجهاز، والغريب أن اللقاءين كانا كأن لا علاقة بينهما.
وفي يوم 22 أكتوبر 1973 ومع وقف إطلاق النار فى حرب العاشر من رمضان وصلتنى مكالمة من رئاسة الجمهورية للتواجد بعد الإفطار فى ما كان يُعرف بمكتب المعلومات (مكتب السيد سامى شرف) بمنشية البكرى. وهناك تقابلت مع المهندس جلال مصطفى (وكيل بجهاز المخابرات) الذى أبلغنى أننى فى مكتب الرئيس للمعلومات وأن الدكتور أشرف مروان قد وقّع أمر تكليفى فى هذا المكتب كأول مهندس مدنى للعناية باتصالات رئيس الجمهورية، وطلب منى ألا أستجيب لأى استدعاء من الجهاز بعد اليوم، وأننى سوف أعمل تحت قيادته للإدارة الفنية بعد أن تم نقله من الجهاز إلى الرئاسة، ثم صحبنى لمكتب الدكتور أشرف وعرفه بى ورحب بى وأكد علىّ مرة أخرى أن التعيين سيتم فى خلال أسبوع، وطلب منى هو أيضًا تجاهل أى استدعاء من الجهاز لأنهم جهاز مختلف تمامًا، وذلك لأن رئيس الجمهورية قرر أن يكون المكتب الفنى للمعلومات مكتبًا مستقلًا عن المخابرات، وكان هذا ما حدث، وبالفعل تجاهلت خطاب الاستدعاء بعد أن حرصت على إخبار المهندس جلال مصطفى بالاستدعاء.
■ السادات في لقاء مع الرئيس الأمريكي كارتر
◄ وكيف سارت الأمور بعد ذلك؟
استلمت العمل مع مهندس منتدب من الجهاز، وبعد حوالى شهر ناولنى المهندس جلال قائمة من حوالى 15 مهندسًا من دفعتى وطلب منى ترشيح حوالى ثمانية على ما أتذكر، ثم جلس معى يناقش أسباب الترشيح والرفض وفاجأنى بقبول جميع من رشحتهم، وكان المقياس هو التمتع بكفاءة فنية عالية وحسن السلوك والابتعاد عن أى فكر مذهبى أو سياسى، وكانت تلك المواصفات هى ما كنت قد لمسته خلال المقابلات التى تمت فى الجهاز. ثم فى خلال ستة أشهر انضم إلينا حوالى خمسة آخرين من الدفعة لم يكونوا فى القائمة، ولكن تم ترشيحهم من جهات أخرى، والحقيقة أن كل من انضم إلينا كان يتميز بالأخلاق الحميدة والعلم الوفير والالتزام بالعمل الجاد والجماعى، وما زلنا جميعًا على تواصل وتجمعنا صداقة وود.
■ الراحل الرئيس محمد أنور السادات
◄ بماذا تصف العلاقة أثناء العمل تحت قيادة المهندس جلال والدكتور أشرف مروان؟
لقد تم تعيينى أنا وزملائى على الدرجة السابعة تحت قيادة المهندس جلال الذى كان خير ما يتمناه أى خريج حديث، حيث تميّز بالخبرة العالية فى مجال الاتصالات والثبات الانفعالى الذى رفع مستويات الثقة العالية لدينا فى التعامل مع المعدات والمهمات التى كنا نقوم بها. والحقيقة أن قيادة الدكتور أشرف للمكتب كله كانت هى أيضًا تتميز بالثقة العالية وبثت فينا جميعًا روح العمل الجماعى بثقة وحب والتزام شديد.
■ علاء السيد والسادات
◄ ما طبيعة المهمات التي جرى تكليفك بها خلال خدمتك في مؤسسة الرئاسة؟
توليت المهمات الآتية خلال خدمتى فى الرئاسة: اتصالات الرئيس السادات فى رحلاته، وكان العمل مع مجموعة مكونة من حوالى أربعة زملاء، كنا نتناوب الرحلات الداخلية والخارجية، وأذكر منهم المهندس علاء إبراهيم عوض الله. وتوليت أجهزة الخط الساخن مع البيت الأبيض مع زميلى المهندس محمد العفيفى، حيث تولى هو جزء الشفرة فيما توليت أنا صيانة الأجهزة وتوفير وسائل الاتصال والتنسيق مع الجانب الأمريكى، ولا بد أن هنا أذكر أن الوزير نبيل فهمى كان أحد ضباط الشفرة خلال فترة تجنيده. كما أننى توليت الخطوط الساخنة مع السعودية وليبيا والجزائر. وكان خط السعودية أكثرهم نشاطًا، وتميز خط ليبيا بكثرة التظاهرات ومحاولات اقتحام السفارة المصرية، فى حين كان الخط الساخن للبيت الأبيض أحسن مثال للشفرة الآمنة، فقد كانت الأجهزة رغم قدمها مفلترة تمامًا وغرفة الأجهزة كانت مؤمنة طبقًا لمواصفات جهاز الحماية الخاص برئيس الولايات المتحدة، وكان ما يُعرف ب"النص العشوائى" الذى يوفر التشفير يحمله اثنان منهم من واشنطن لتركيبه بأنفسهم على الجهاز فى قصر عابدين، وكان عدد المسموح لهم بدخول تلك الغرفة محدودًا ومعلومًا للطرفين، ومنهم بجانب شخصى الضعيف السيد نبيل فهمى وأربعة من زملائه من ضباط الشفرة والمهندس محمد العفيفى. حتى رئيسى لم يكن له أن يدخل تلك الغرفة إلا بصحبة أحدنا.
■ سيلفي مع صاروح سبارو بمتحف الطيران والفضاء بولاية أريزونا - أمريكا
◄ ومتى انتهت مهمتك وتركت مكتب المعلومات؟
تركت العمل فى مكتب المعلومات بعد حوالى خمس سنوات أى فى عام 1978، بعد أن كبر الجهاز الفنى وأصبح يضم أكثر من 30 مهندسًا، وكبرت معه شبكة اتصالات الرئيس لتصبح مؤسسة اتصالات مستقلة تمامًا وما زالت تكبر وتقوم بمهمتها حتى الآن.
◄ بالتأكيد جمعتك مواقف مع الرئيس السادات أو كبار معاونيه.. ما الموقف الذي لا تنساه حتى الآن؟
لم يكن هناك اتصال مباشر بينى وبين الرئيس، حيث كان الضابط الراحل فوزى عبدالحافظ (مدير مكتب الرئيس السادات منذ عام 1970 حتى 1981)، والحراسة الخاصة هم الخط الأخير لنا مع الرئيس. ولكن هناك واقعتين أتذكرهما له: الأولى هى زيارته لمزارع "نموذجية" فى الفيوم وكنت مهندس الاتصالات المنوب في هذه المأمورية وطبعًا لم يبلع السادات الفلاح الذكي الطُعم فى هذه المزارع وهى قصة معروفة ولكنها مثال للدولة العميقة ولرئيس ذكى و"داهية".
المرة الثانية ولا أريد أن أخوض فيها فهى فى رحلة له إلى الخليج وكيف وبخ مرافقيه عندما علم من نائبه وقتذاك الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بالبضائع التي حُمِّلت في طائرة الرئاسة.
■ رافعاً علم مصر على شاطئ سانتا مونيكا
◄ ما طبيعة أنظمة الاتصالات والتشفير التي كانت متاحة في منتصف السبعينيات لتأمين المكالمات مع قادة العالم؟
بعد هذا العمر المديد والعمل في مختلف التقنيات المتقدمة وعندما أتذكر المعدات التى بدأنا العمل بها فإننى أندهش من مدى بدائية الأجهزة التى كنا نعتمد عليها، ورغم كم التحديثات التى أدخلها الدكتور أشرف مروان فإن التكنولوجيا استمرّت في التقدم سريعًا لدرجة أن المعدات كانت تعتبر منتهية الصلاحية بعد كل أربع سنوات تقريبًا وهى الآن ما زالت تتسارع ربما كل عامين أو أقل.
أما عن طبيعة أجهزة الاتصالات والتشفير في السبعينيات فقد كانت بدائية للغاية، ولو أننا كنا نستخدم ربما أحدث ما توافر لنا من تكنولوجيا لدى الغرب.
وكانت تلك الأجهزة تمر بعملية تقييم فنى عالي الدقة من الجهاز الفنى للمخابرات قبل أن يتم شراؤها، وكنا نشترك مع الجهاز فى عملية التقييم، خصوصًا فى التفتيش على الصلاحية قبل الاستلام، لكن لا بد أن أؤكد أن الجهاز حينذاك كان يتمتع ببنية تحتية وكم من الخبرات التى تفوق جهاز الرئاسة الحديث الولادة. وتميزت الفترة التي عملت فيها تحت قيادة الدكتور أشرف بكثرة وكثافة التدريبات الفنية التي حصلت عليها من اليابان حتى بريطانيا.
◄ حدثني عن عملية التشفير التى كان يتم الاعتماد عليها لتجنب حدوث أي تنصت على الاتصالات مع قادة الدول؟
- عميلة التشفير عبارة عن نص عشوائى يُسمى "النص العام"، ولا بُد أن تتوافر فيه مواصفات كثيرة من بينها أن يكون طويلًا وتكون عشوائيته معتمدة من المكتب الفنى لجهاز المخابرات، ثم جملة سرية يستخدمها الطرفان لتحديد الأجزاء التى سيستخدمانها من النص العشوائى فى عملية التشفير، ويتم خلط النص المفتوح مع النص العشوائى بعدة طرق، ثم يستخدم الطرف الآخر نفس الطريقة مع الشفرة العشوائية لعكس طريقة التشفير والحصول على النص المكشوف.
لا توجد شفرة لايمكن كسرها وتقنيات الشفرة تختلف فى مدى الزمن الذى تحتاجه قدرات الخصم لكسر شفرة الرسالة. وبناءً عليه يختار صاحب القرار التقنية اللازمة لضمان سرية الرسالة للمدة اللازمة لضمان تنفيذها قبل معرفتها. ومما سهل مهمتنا أن الرئيس السادات كان متجاوبًا فى هذا الموضوع لخبرته فى سلاح الإشارة. وعمومًا أفضل وسيلة اتصال من ناحية السرية هى المباحثات المباشرة فى غرف مؤمنة، ويلى ذلك فى التأمين الرسالة الشفوية التى يحملها مبعوث خاص موضع ثقة من رئيس الجمهورية.
◄ اقرأ أيضًا | من أرشيف صاحبة الجلالة تاريخ الصورة الصحفية
◄ بحكم خبرتك ما هى أضعف نقطة في سرية الرسائل المشفرة؟
- أضعف نقطة فى سرية الرسالة هى فى وقت تناول أو تكوين النص المكشوف. وهنا يحاول الخصم الحصول عليه باستماتة، ويكون ذلك عن طريق جاسوس داخلى أو التنصت على أجهزة منبع الرسالة. وإحدى الطرق مثلًا تكون بالتنصت على زجاج الغرفة التى تتم فيها المناقشات أو الحديث ويمكن التنصت على النص المكشوف من خلال خطوط الكهرباء المغذية للأجهزة التى تمتد للشارع وربما للبنايات المحيطة أو عن طريق زرع ميكروفونات أو كاميرات فى أماكن صياغة النص المكشوف. إذن النص المكشوف للرسالة هو أضعف نقطة.
والنقطة الضعيفة التالية تكون فى تداول رسائل تحمل ديباجة معروفة مثل "بسم الله الرحمن الرحيم" أو "مكتب فلان فى رئاسة الجمهورية" وهكذا. كذلك يحاول من يكسر شفرتك أن يستخدم إحصائيات تخضع لها كل لغة تتناول احتمالات الحروف وكود السطر الجديد. وبناءً عليه يُنصح بالابتعاد عن الديباجات المعهودة ولا مانع من خلط الحروف العربية بلغة أخرى فى النص المكشوف فمثلا تتناول استعمال حرف الواو مع حرف "O" وبالتالى تكسر إحصائية حرف الواو.
◄ وهل اختلفت عمليات التشفير في عصرنا الحالي؟
- عمليات التشفير حاليًا لا تزال تدور حول نفس الخوارزمية السابقة، لكن بسبب التقدم فى التقنيات المختلفة فإنها تتميز الآن بطول النص العام ومدى عشوائىته وبالتالى صعوبة كشفها فى الزمن اللازم، لذا تجد هناك نزاعات سياسية وقضائية مع شركات التقنيات المختلفة مع الأجهزة السيادية مثل ما حدث بين مكتب التحقيقات الفيدرالى (FBI) وشركة "أبل"، وبين روسيا وصاحب تطبيق "تليجرام"، بسبب رغبة هذه السلطات فى معرفة خوارزمية التشفير التى يستخدمونها، وهنا لا بد أن نؤكد أنه مهما وفرنا من أحدث الأجهزة فهناك دائمًا من يستطيع أن يتنصت ويكشف الرسالة خاصة أن عملية التصنيع والبث نفسها تحت سيطرة جهات وشركات متعددة تستطيع أن تصل للنص المكشوف بسهولة، خاصة أن هناك هيئات كثيرة تستطيع أن تدس جواسيسًا لها فى مختلف مراكز الأبحاث الفنية.
◄ بما أنك خبير في الاستشعار عن بُعد هل ما زلت تعتمد في عملك الحالي على نظام الشفرة؟
بالطبع، فالأنظمة الرادارية مثلا تعتمد اعتمادا كليا على الشفرة وكذلك الكثير من الصوريخ الموجهة بالليزر ولذلك فأنا أستخدم وسائل شفرة متعددة ولكنى ابتعدت عن أبحاثها أو تقييمها تقريبًا منذ أن دخلت فى مجال تكنولوجيا الاستشعار عن بُعد أى منذ نحو 40 عامًا، لكننى أتابعها عن بُعد وأستعملها دون الخوض فى تطويرها أو تعديلها.
◄ ما الصعوبات التي واجهتها في استخدام الشفرة؟
تمثلت الصعوبات فى توعية المستخدم لها، فكثيرًا ما كنا نجد الفنى الذى يختبر معدة جديدة يطلب من الطرف الآخر إرسال حروف معينة بمفتاح شفرة جديد، وهذا يكشف كل شىء لأى طرف آخر. وبالطبع كنا دائمًا حريصين على أن يكون النص المكشوف بعيدًا تمامًا عن الديباجات المعروفة ولم يكن هذا أمرًا سهلًا.
◄ حين نتحدث عن الاستراتيجيات والتكتيكات التقنية التى كنتم تتبعونها لضمان سريّة محادثات الرئيس هل كانت مؤمنة بالدرجة الكافية؟
عندما أتذكر ما كنا نقوم به لتأمين اتصالات رئيس الجمهورية حينذاك أعتقد أننا قمنا بأفضل ما يمكن أن نقوم به خاصة مع فهم الرئيس الكامل للقدرات التى لدينا. وعندما أقارنها بما هو متوافر اليوم لا يسعنى إلا أن أتعجب كيف كنا وأين أصبحنا. لقد كنا نستخدم تقنيات بدائية للغاية ولكنى أعتقد أنها كانت بمقاييس ذلك الزمان ربما أعلى التقنيات التى كانت مسموحة لنا على الأقل للتغلب على ما كان لدى الاتحاد السوفييتى من تقنيات.
◄ ما الموقف الذى لا تنساه أثناء عملك في تأمين اتصالات الرئيس السادات؟
أتذكر واقعة فى رحلة للرئيس إلى لندن وكان ذلك قبل مغادرتى الرئاسة. بعد تركيب الأجهزة فى الفندق الذى كنا ننزل فيه قررت أن أهبط إلى اللوبى لأستريح قليلًا وإذا بى ألاحظ أن نور النجفة باللوبى كانت قوته تتغير قليلًا ولاحظت أن تلك التغيرات تشبه كود الرسائل التى يبعثها فنيو اللاسلكى المصاحبون لنا. فركضت إلى غرفة اللاسلكى وإذا بى أفاجأ أن هناك بالفعل اتصالا وأن الكود هو تقريبًا ما لاحظته فى النجفة. بعد عودتى إلى القاهرة طلبت من رئيسى أن يوفر لنا جهازًا لفلترة أجهزة الاتصال مع التيار المغذى لها. وكانت تلك الأجهزة متوافرة فى الخارج. تم التعامل مع الموضوع بشكل جدى وأعتقد أنه تم توفير تلك الأجهزة بالفعل، ولكن كان ذلك بعد أن غادرت المكتب الفنى. كان ذلك مثالًا واضحًا لثغرة فى المنظومة التى تُمكِّن أى متنصت من الحصول على النص المكشوف ومعرفة محتوى رسالتك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.