لم تكن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مدينة العلمين ولقاؤه الرئيس عبد الفتاح السيسي مجرد لقاء أخوى عابر، بل تجسيدًا لعلاقة استراتيجية متينة تجمع بين بلدين شقيقين تربطهما أواصر راسخة من التاريخ والمصير المشترك، فمنذ عهد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذى غرس في وجدان المصريين محبة خاصة، تعززت الروابط حتى باتت القاهرة وأبوظبى اليوم نموذجًا فى التكامل السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، يشكل ركيزة للاستقرار الإقليمى ودعم القضايا العربية. ◄ السيسي وبن زايد.. شراكة تتخطى الحدود في مواجهة التحديات ◄ رؤية موحدة لمستقبل المنطقة.. وكلمة السر في مواجهة الإرهاب العلاقة بين القاهرةوأبوظبي في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان لم تعد مجرد تعاون ثنائى، بل تحولت إلى شراكة استراتيجية ممتدة، تستند إلى تاريخ طويل من الأخوة وتتشابك فيها السياسة بالاقتصاد، والثقافة بالدين، والدبلوماسية بالمصالح المشتركة، إنها علاقة تمثل نموذجًا عربيًا للتكامل الحقيقى، وتفتح أمام المنطقة آفاقًا أوسع من الاستقرار والتنمية، وتؤكد أن وحدة الصف العربى ليست مجرد شعار، بل واقع يتجسد في التحالف «المصري - الإماراتى». ولم تغب القضايا العربية عن أجندة الشراكة «المصرية - الإماراتية» فقد حظيت مُبادرة مصر لإعادة إعمار غزة بدعم مباشر من الإمارات، فى وقت تسعى فيه الدولتان لتوحيد الصف العربي أمام التحديات التى تفرضها الأزمات الإقليمية، وقد أسهم التنسيق «المصري - الإماراتي» في تعزيز الاستقرار العربي، سواء من خلال المواقف الموحدة تجاه القضية الفلسطينية، أو عبر دعم جهود التسوية في ليبيا والسودان، وهو ما يُعد بمثابة «صمام أمان» للمنطقة. ويؤكد الخبراء والسياسيون أن العلاقات «المصرية - الإماراتية» تتميز بدرجة عالية من التوافق فى الرؤى تجاه التحديات التى تعصف بالمنطقة، مُشددين على أن الزيارات المُتبادلة بين القيادتين تعكس حرصًا متواصلًا على التنسيق في قضايا محورية مثل القضية الفلسطينية، ومُستقبل الأوضاع في ليبيا والسودان واليمن، ويصف الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، الشراكة بأنها «استراتيجية مبنية على الثقة والمصالح المُتبادلة»، مُشيرًا إلى أنّ البلدين يشكلان ثنائيًا عربيًا قادرًا على مواجهة الأزمات المُعقدة فى المنطقة، لافتًا إلى أن العلاقة بين البلدين تقوم على تطابق فى وجهات النظر بشأن ملفات الأمن القومى ومكافحة الإرهاب، وهو ما جعلها أكثر استقرارًا من أي وقت مضى. ◄ اقرأ أيضًا | قانونية مستقبل وطن: زيارة بن زايد تعكس عمق العلاقة بين مصر والإمارات ◄ دلالة رمزية الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، يُعلق على مشهد قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، السيارة رفقة الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال زيارته الأخيرة للعلمين، مؤكدًا أن ذلك يحمل دلالة رمزية مُهمة تعكس طبيعة العلاقات الأخوية الوثيقة بين القاهرةوأبوظبي، موضحًا أن مثل هذه التصرفات ليست مُجرد خروقات بروتوكولية، بل رسائل تؤكد عمق الود والثقة المُتبادلة، مُضيفًا أن هذه الدبلوماسية غير التقليدية تُمثل أسلوبًا للتقارب الشديد بين القادة، وهو أمر شائع لدى بعض الدول الكبرى مثل روسيا مع حلفائها المُقربين، لكنه لا يُمارس فى دول أخرى مثل بريطانيا أو فرنسا التى تتمسك بالقواعد البروتوكولية الصارمة. ويُشدد «فهمى» على أن أهمية الزيارتين الأخيرتين «الرئيس السيسى إلى السعودية وبن زايد إلى العلمين» بما يعكس زخمًا سياسيًا خاصًا، مُشيرًا إلى أن زيارة الرئيس للسعودية تناولت مباحثات قضيتين أساسيتين الأولى الوضع بغزة والجهود المبذولة نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والثانية الترتيبات الأمنية والإدارة العربية المقترحة للقطاع، فى إطار تنسيق عربى مُشترك، بينما تكتسب زيارة بن زايد للعلمين أهمية كبيرة من حيث الدلالات والتوقيت، حيث تعكس الزيارة خصوصية العلاقات «المصرية - الإماراتية»، وهى نموذج لما ينبغى أن تكون عليه إدارة العلاقات العربية البينية فى تعزيز المصالح المُشتركة والتنسيق الدائم بين البلدين، موضحًا أن هذه الخصوصية تنبع من المصير المُشترك والرؤى والتوافق بين البلدين، حيث تنبع من أنها علاقات مُتجذرة على المستوى الرسمى والشعبى، ومُتشابكة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، وغيرها من المستويات، وتعكس تلك العلاقات الثقل الكبير لمصر والإمارات باعتبارهما من الدول المركزية فى المنطقة. ◄ رسالة واضحة النائب على الدسوقى عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب يُشير إلى أن زيارة الشيخ محمد بن زايد تُعد رسالة واضحة على عمق العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين مصر والإمارات، مؤكدًا أن هذه الزيارة تأتى فى توقيت حاسم لتعزيز التعاون الاقتصادى بين البلدين ودفع مشاريع التنمية المشتركة إلى الأمام، مُضيفًا أن التنسيق المُستمر بين الرئيس السيسى والشيخ محمد بن زايد يعكس حرص القيادة على تحقيق التكامل الاقتصادى فى مجالات متعددة مثل الطاقة والاستثمار والبنية التحتية، وهذه الشراكة نموذج فريد للعمل العربى المشترك، يفتح آفاقًا واسعة للنمو ويُعزز من الاستقرار الإقليمى، مُشددًا على أن مصر والإمارات شركاء حقيقيون فى التنمية، وهذه الزيارة ستسهم بلا شك فى توسيع مجالات التعاون ودفع الاقتصادين الوطنيين إلى آفاق جديدة من التقدم والازدهار. ويؤكد الدسوقى أن التشاور المُستمر بين القيادتين يُمثل حجر زاوية فى دعم استقرار المنطقة، فى ظل التحديات الراهنة التى تتطلب تضافر الجهود وتنسيق المواقف بين الدول العربية المؤثرة، موضحًا أن العلاقات بين الجانبين قائمة على الاحترام المُتبادل ووحدة المصير، وهى ليست وليدة اللحظة، بل مُمتدة منذ عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذى رسّخ محبة خاصة لمصر فى قلوب الإماراتيين، وهو ما يواصله اليوم الشيخ محمد بن زايد بروح من الأخوة والدعم المُتبادل، مُشيرًا إلى أن الزيارة تعكس ثقة القيادة الإماراتية بمصر، ودورها المحورى فى حفظ توازنات المنطقة، منوهًا إلى أن هذه العلاقة القوية تمثل نموذجًا مشرفًا للتعاون «العربى - العربي» الذى يجب دعمه وتكراره فى ملفات الأمن والاقتصاد والتنمية. ◄ استثمارات كبرى ولا تنفصل السياسة عن الاقتصاد فى العلاقات «المصرية - الإماراتية»، إذ تُعد الإمارات أكبر مُستثمر عربى فى مصر، وقد بلغت قيمة الاستثمارات الإماراتية أكثر من 65 مليار دولار، أبرزها صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل المتوسط باستثمارات تصل ل35 مليار دولار مع إمكانية بلوغها 150 مليار دولار، وهى من أضخم الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى تاريخ مصر، كما أطلقت القاهرة وأبوظبى منصة استثمارية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار لتمويل مشاريع فى قطاعات الطاقة، والصناعة، والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، والسياحة، وقد عززت المصارف الإماراتية حضورها داخل السوق المصرى مثل «بنك أبوظبى الأول»، إلى جانب توسع الشركات الإماراتية فى مجالات الاتصالات والبنية التحتية والعقارات. وبحسب الخبير الاقتصادى السعيد غنيم فإن هذا الحجم الضخم من الاستثمارات يعكس ثقة إماراتية كبيرة فى الاقتصاد المصرى، ويُسهم فى تعزيز قدرته على مواجهة التحديات العالمية، وقد شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والإمارات نقلة نوعية خلال العام المالى الماضى، وتُعد الاستثمارات الإماراتية الضخمة بمصر دليلًا واضحًا على ثقة الإمارات فى استقرار الاقتصاد المصرى وقدرته على تحقيق عوائد مُستدامة، كما يُشير إلى أن هذه التدفقات المالية ستُسهم فى تعزيز احتياطى النقد الأجنبى ودعم استقرار العملة المصرية خلال المرحلة المُقبلة، بما ينعكس إيجابيًا على مُختلف المؤشرات الاقتصادية، مُشددًا على أن العلاقات بين القاهرة وأبوظبى نموذج للشراكة العربية المُتكاملة، إذ تجمعها روابط سياسية واقتصادية راسخة تقوم على التعاون وتبادل المصالح، هذه الروابط تجعل من الاستثمارات الإماراتية بمصر أكثر من مُجرد أرقام مالية، بل ترجمة عملية لعمق العلاقات وتوافق الرؤى فى دعم مسيرة التنمية الإقليمية. ويُشير غنيم إلى أن مصر تتمتع بمقومات تجعلها سوقًا استثمارية جاذبة، بفضل موقعها الجغرافى المُتميز، وسوقها المحلي الضخم، والمشروعات القومية العملاقة التى تنفذها الدولة، وهذه العوامل مُجتمعة تجعلها وجهة مُفضلة للمُستثمرين الباحثين عن فرص طويلة الأمد ذات عوائد عالية، لافتًا إلى أن زيارة الشيخ محمد بن زايد الأخيرة إلى العلمين تمثل رسالة سياسية واقتصادية قوية، تؤكد حرص القيادة الإماراتية على تعزيز شراكاتها مع مصر، وفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الخليجية، بما يدعم النمو الاقتصادى ويوفر آلاف فرص العمل، وتوضح المؤشرات أن المرحلة المقبلة ستكون واعدة للتعاون «المصرى - الإماراتي»، ليس فقط عبر الاستثمارات المباشرة، بل أيضًا من خلال شراكات استراتيجية طويلة الأجل، وهذا التوجه يُعزز من مكانة مصر كوجهة استثمارية إقليمية، ويؤكد دور الإمارات كشريك رئيسى فى دعم الاستقرار والتنمية فى المنطقة.