لعل ترامب يعتمد على صهره فيما يتعلق بصياغة أفكاره ورؤاها فيما يتعلق بالشرق الأوسط بدرجة كبيرة رغم أن ترامب لم يعين صهره كوشنر مستشارا له كما فعل فى فترته الرئاسية الأولى إلا أنه لم يتوقف عن استشارته حتى الآن، خاصة فيما يتعلق بأمور وقضايا ومشاكل الشرق الأوسط وفى القلب منها القضية الفلسطينية.. بل لعل ترامب يعتمد على صهره فيما يتعلق بصياغة أفكاره ورؤاها فيما يتعلق بالشرق الأوسط بدرجة كبيرة حتى أضحى كوشنر هو الذى يقود ترامب فيما يتعلق بأمور ومستقبل منطقتنا لأن الرئيس الأمريكى يستمع وينصت إليه ويسلم بأفكاره ورؤاه وخططه التى يعدها لنا منذ سنوات عدة مضت! .. وقد بدا ذلك جليا فى الاجتماع الذى عقده ترامب مؤخرا فى مكتبه البيضاوى بالبيت الأبيض. والذى حضره كوشنر مع بلير لمناقشة خطة لمستقبل قطاع غزة أعدها كوشنر بالاشتراك مع مركز أبحاث بلير، كما كشفت ذلك صحيفة الواشنطن بوست، وتقضى بفرض الوصاية الأمريكية على القطاع لنحو عشر سنوات يتم خلالها بناء ريفيرا الشرق التى سبق أن تحدث عنها ترامب قبل أشهر مضت بعد تهجير أكبر عدد من أهل غزة خارجها بإغرائهم بالمال، بينما تتولى قوات الاحتلال الإسرائيلى مهام الأمن فى القطاع خلال هذه السنوات.. وبذلك تستولى أمريكا على قطاع غزة مجانا.. فإن إعادة بناء القطاع لتحويله كما يقول كوشنر إلى لاس فيجاس الشرق سيتم تمويله من خلال صندوق خاص، الدول الخليجية هى المساهم الأساسى فيه، وإسرائيل سوف تتولى فرض الأمن وبذلك تتحقق رغبة نتانياهو ببقاء قوات الاحتلال الإسرائيلى فى القطاع ولا تنسحب منه لفترة طويلة، بينما تحسب أمريكا العائد من ريفيرا الشرق التى يستهدف مشروع كوشنر بلير تحويلها إلى مركز للتجارة بين الشرق والغرب بديلا لطريق الحرير الصينى والذى تقاومه أمريكا بقوة! وهذا لا يعد أمرا غريبا وجديدا الآن .. فإن كوشنر هو صاحب مشروع القرن الذى طرحه ترامب لتصفية القضية الفلسطينية وإجهاض إقامة دولة فلسطينية .. وقد قام الرجل بزيارات وجولات عربية وإسرائيلية للترويج لهذا المشروع والدعوة له وإغراء الدول العربية الخليجية به، وقد أثمرت جولاته الترويجية فى تطبيع علاقات عدد من دول الخليج مع إسرائيل. وها هو هو كوشنر يستغل حرب الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج فًى غزة للمضى قدما فى تنفيذ مشروعه الذى أقنع به حماه ترامب لدرجة أنه صار متحمسا له. وهذا يفسر لنا الكثير من الأمور مثل الدعم اللامحدود من إدارة ترامب لإسرائيل فى حربها الوحشية ضد أهل غزة، والرفض والمذلة فى وقف هذه الحرب، والسعى الأمريكى لإقناع عدد من الدول العربية والإفريقية لاستقبال أهل غزة وتوطينهم لديها، وأخيرا موافقة ترامب على خطة نتنياهو للسيطرة على مدينة غزة واحتلال باقى القطاع والدفع بأهلها إلى الجنوب بالقرب من الحدود المصرية. وبهذا المعنى فإن المخطط والمنظر للسياسة الأمريكية فى منطقتنا الآن هو كوشنر زوج ابنة ترامب .. أما إشراك بلير فى خطة الوصاية الأمريكية على قطاع غزة فهو أمر فرضته التحولات فى مواقف العديد من الدول الأوربية تجاه الفلسطينيين وحقهم المشروع فى دولة مستقلة ذات سيادة، وخاصة موقف الدول الوازنة فى أوربا، فرنسا وألمانيا وإسبانيا وهذا أمر مفهوم وإن كان غريبا على دولة عظمى لها مؤسساتها العميقة ومراكز أبحاثها لتوجه وترشد الرؤساء وتقدم لهم المشورة وتضع أمامهم البدائل المختلفة .. مفهوم لأن كوشنر قريب من ترامب ويملك أذنه ويبدو أنه بات يملك عقله أيضا .. وغريب لأن الرؤساء الذين توالوا على أمريكا كانوا لا يعتمدون فى قراراتهم على أسرهم وغنما على مستشاريهم ومساعديهم .. ولكن يبدو أن هذا قدرنا مع سيد البيت الأبيض الآن وحتى يحين موعد رحيله عن البيت الأبيض!