«جنون العظمة».. كيف تناولت وسائل الإعلام العالمية خطة «ريفييرا غزة»؟

«ريفييرا غزة»، عنوان مسرب زلزل القارئ والمتابع معًا، وأشعل موجة من التغطيات الإعلامية في العالم، بعد الكشف عن وثيقة تقترح تحويل قطاع غزة إلى سلسلة من المدن الضخمة عالية التقنية، وفق رؤية أمريكية قد تكون وضعت أوزارها خلف أبواب المكتب البيضاوي بدفعة من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، وصهر ترامب، جرايد كوشنر.
في السياق ذاته، يستعرض «المصري اليوم» أبرز ما جاء في وسائل الإعلام العالمية حول الفكرة القابعة في مخيلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحويل قطاع غزة إلى منتجع سياحي ضخم دون غزيين.
الجارديان: محاولة «مجنونة».. وسلاح النار والجوع هو السر
البداية مع صحيفة «الجارديان» التي أكدت أن خطة «ريفييرا الشرق الأوسط» قوبلت برفض واسع ووُصفت بأنها محاولة «مجنونة» لتبرير تطهير عرقي واسع للسكان الفلسطينيين البالغ عددهم نحو مليوني، حيث تضغط إسرائيل بالنار والجوع فلم يصبح أمام الفلسطينيين سوى مغادرة القطاع طوعيًا، هنا تكمن الفكرة الأمريكية.
«سي إن إن» تضع يدها على «بلير» و«جرايد»
وننطلق من «الجارديان» إلى «سي إن إن» الأمريكية، التي ذهبت إلى أبعد من ذلك، قائلة: أن طرح فكرة تحويل غزة إلى ريفييرا لم يكن بجديد، حيث طرح دونالد ترامب في السابق خطة استيلاء الولايات المتحدة على غزة وهو ما قد يشمل إزالة سكانها وإعادة تطوير الشريط الضيق من الأرض المدمر بالكامل وتحويله إلى ما وصف بأنه «ريفييرا الشرق الأوسط».
وتابعت: سي إن إن «أنه في وقت سابق من هذا العام، ذهب الرئيس دونالد ترامب إلى حد مشاركة مقطع فيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يروج لتحويل غزة إلى منتجع يشبه دولة خليجية ويضم تمثالًا ذهبيًا لنفسه، وهو ما قوبل برفض عربي واسع.
ووضعت «سي إن إن» يدها على اللغز الذي أعاد فكرة «ريفييرا» مرة أخرى إلى البيت الأبيض، حيث إنها أوضحت أن من أبرز المؤيدين لخطة ترامب توني بلير، وزوج أيفانكا ترامب، جرايد كوشنر، اللذان حضرا اجتماع الأربعاء الماضي مع الرئيس الأمريكي حول إعداد خطة لما بعد الحرب على غزة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية على لسان أحد مصادرها إلى أن حضور«بلير» للاجتماع قد يعطي ثقلًا لخطة ترامب، مشيرًا إلى أن خطة ترامب لإعادة الإعمار- إذا تحققت- ستتطلب «مبالغ هائلة» وأن العلاقات المالية والسياسية الوثيقة بين بلير ودول الخليج الغنية قد تكون مفيدة لترامب.
وذكرت أنه بالرغم من أن الخطة كانت في البداية بمثابة ملاحظة مرتجلة من جانب ترامب، إلا أنه تم وضع«العجلات في الحركة».
واشنطن بوست: تحويل الأمل لحقيقة
أما صحيفة «واشنطن بوست» التي سربت الوثيقة، قالت لها مصادر وصفتها ب«المجهولة» مطلعة على العملية:«إن الجوانب الرئيسية للاقتراح صُممت «لتحويل» الأمل الذي أعرب عنه الرئيس دونالد ترامب في تحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط إلى حقيقة».
تفاصيل الوثيقة المسربة
كانت «واشنطن بوست»، نشرت الأحد، تقريرًا يتضمن مسودة خطة تتضمن تهجيرًا قسريا لسكان غزة إلى خارج القطاع، وتحويل غزة إلى وصاية أمريكية لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
وتسمى الخطة رسميًا «صندوق إعادة بناء غزة والتسريع الاقتصادي»، وقد طوّرها بعض الإسرائيليين المرتبطين بمؤسسة غزة الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل، مع مساهمة تخطيط مالي من مجموعة بوسطن للاستشارات، التي أشارت «فايننشيال تايمز» إلى أن موظفو بلير شاركوا في مشروع «ريفييرا غزة».
وبحسب «واشنطن بوست» فإن الخطة، التي تتضمن 38 صفحة، تقترح «نقلًا مؤقتا» لكل سكان غزة، وهو ما اعتبره خبراء حقوقيون تطهيرًا عرقيًا ومخاطرًا ترتقي إلى جريمة إبادة.
وتشير الوثيقة إلى تشجيع الفلسطينيين على «المغادرة الطوعية» إلى دول أخرى أو العيش في مناطق آمنة ومقيدة خلال فترة إعادة البناء.
وتُعرض على أصحاب الأراضي «رموز رقمية» تُستخدم لاستثمار حقوق ملكيتهم في مشاريع جديدة، مقابل تمويل حياة جديدة خارج غزة.
أما الذين يبقون، فسيتم إسكانهم في وحدات صغيرة للغاية بمساحة 30 مترًا مربعًا فقط، وهو حجم ضيق جدًا حتى بمعايير القطاع.
البيت الأبيض يلتزم الصمت
وحتى كتابة هذه السطور، لم يصدر أي تعليق رسمي من البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الخطة، لكن الوثيقة تتماشى مع تصريحات سابقة للرئيس ترامب حول نيته «تطهير» غزة وإعادة تطويرها.
ووصف فيليب جرانت، المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الإنسان «ترايل إنترناشونال» في سويسرا، الخطة بأنها «مخطط للترحيل الجماعي يُسوّق كبرنامج تنموي»، محذرًا من أن القائمين على تنفيذها قد يواجهون مساءلات قانونية دولية تتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
هآرتس: نوع من الإطراء وجنون العظمة
فيما يتعلق بالإعلام العبري، تلقى المقترح رفضًا وسخرية؛ إذ وصفته صحيفة «هآرتس» بأنه «مخطط ترامب السريع للثراء القائم على جرائم حرب والذكاء الاصطناعي والسياحة»، موضحة أنه «نوع من الإطراء وجنون العظمة».
ترامب - صورة أرشيفية
كما أن الوثيقة وصفت غزة كأنها منطقة تجارية وصناعية جديدة، من دون أي اعتبار للواقع السياسي أو الحقوق الفلسطينية، فيما تمنح إسرائيل «حقوقًا شاملة» غير محددة لضمان أمنها، مع إلغاء فكرة الدولة الفلسطينية واستبدالها بما يسمى «الكيان الفلسطيني».