تغامر الولاياتالمتحدةالأمريكية بما تبقى لها من مكانة دولية حين تضع كل إمكانياتها فى خدمة حرب الإبادة ضد شعب فلسطين، وحين تقف وحدها ضد كل العالم إلى جانب الكيان الصهيونى فى محاولة يائسة وبائسة لحرمان شعب فلسطين من حقه الطبيعى فى تحرير أرضه وتقرير مصيره وبناء دولته المستقلة. الآن يصل عداء واشنطن للحق العربى الفلسطينى إلى درجة الفضيحة السياسية حين تمنع أمريكا الرئيس الفلسطينى محمود عباس و80 مسئولا فلسطينيا كبيرا من حضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أسابيع قليلة، برفض منحهم التأشيرات اللازمة للحضور إلى نيويورك فى انتهاك صارخ للقوانين الدولية ولاتفاقية المقر، وفى محاولة يائسة لإفشال مؤتمر حل الدولتين الذى سيعقد فى بداية الدورة القادمة للأمم المتحدة التى ستشهد - وفق ما هو مقرر - اعتراف العديد من الدول وفى مقدمتها فرنسا بدولة فلسطين وربما بإعلان حاسم من الرئيس أبومازن لاعلان الاستقلال الفلسطيني. فعلتها واشنطن قبل ذلك مع أبوعمار، وكانت النتيجة أن ذهب العالم إلى جنيف وعقدت الأممالمتحدة جلسة تاريخية هناك استمعت فيها إلى أبوعمار فى عام 1988 واتخذت قرارات لصالح فلسطين لم تعارضها - كالعادة - إلا واشنطن وتل أبيب!! لم تتعلم واشنطن الدرس، ولم تدرك أن العالم قد تغير، وأن انحيازها ودعمها الأعمى لدولة منبوذة ترتكب أبشع الجرائم قد أصبح - عند العالم كله - عارا لا يمكن استمراره. المثير للشفقة حقا هو بؤس الأسباب التى أوردتها الخارجية الأمريكية لهذا القرار الشاذ وغير القانونى والتى تنحصر فى أن السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير قادتا الحراك الفلسطينى من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية واللجوء لمحكمة العدل الدولية والجنائية الدولية طلبا للعدالة وتطبيق القانون ضد جرائم إسرائيل التى أصبحت محل إدانة العالم كله!! تغرق واشنطن فى المستنقع الإسرائيلي. تقف وحدها ضد العالم كله لدعم نتنياهو فى حرب الإبادة ومخطط التهجير فى غزة. وتعاقب الفلسطينيين لأنهم يطلبون حقوقهم العادلة ودولتهم الشرعية، تدرك واشنطن أنها تنتهك القوانين وهى تحاول التصدى الفاشل لإعصار الاعتراف الدولى بفلسطين والإدانة الجماعية للنازية الإسرائيلية، لكنها غطرسة القوة التى لا تتعلم من معاركها الخاسرة - وما أكثرها- ولا تفهم أن هذا الدعم لجرائم نتنياهو وحكومته قد أصبح عبئا لا تريده الغالبية العظمى من شعب إسرائيل نفسه. قد تتراجع واشنطن، وقد تنعقد الدورة القادمة للأمم المتحدة فى جنيف بدلا من نيويورك بحضور القيادة الفلسطينية مع قيادات العالم. فى كل الأحوال ستخسر أمريكا هذه المعركة البائسة، وسيبدأ العالم فى البحث عن مقر جديد لأكبر وأهم منظماته الدولية لا يخضع إلا لأحكام القانون ولا يلتزم إلا بالعدالة والإنسانية. ستخسر أمريكا الحرب التى أصبحت تقودها من أجل إسرائيل أو -بالأصح- من أجل مجرم حرب يقود إسرائيل نفسها إلى كارثة محققة.