صورة وفيديو على فيسبوك.. فتحة تحت كوبرى فى الجيزة، يدخل فيها أطفال ونساء وشباب. مشهد غريب ومؤلم، وكأنه خارج من فيلم «العفاريت» والمتعة تنتظرهم بالداخل لتحصد نتاج تسولهم أو سرقاتهم، حيث يُستغل الأطفال فى التسول والبيع بالإجبار. الصور انتشرت بسرعة، والناس بدأت تتكلم: «فين الأمن؟»، «لازم حد يتدخل». وجاء الرد أسرع من التوقع. الشرطة تحركت على وجه السرعة، وحددت المكان بدقة، ونفذت حملة قوية. وكانت النتيجة: ضبط عشرين شخصًا، منهم أصحاب سوابق، ومعهم أسلحة بيضاء. الأخطر أنهم كانوا يستخدمون خمسة أطفال فى التسول بطريقة منظمة، يجبرونهم على استجداء الناس وبيع سلع بسيطة فى إشارات المرور. الفتحة التى تحت الكوبرى لم تكن مجرد مكان للاختباء، بل وكر للهروب وارتكاب الجرائم. الشرطة قامت بالقبض على المتهمين، وأغلقت الفتحة حتى لا تتكرر القصة، وأودعت الأطفال فى دور رعاية، ليبدأوا حياة أكرم وأفضل. هذا التحرك السريع أعطى الناس ثقة كبيرة، وأكد أن الشرطة موجودة وقادرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بسلامة الأطفال. لكن الحقيقة أن المشهد لا يقتصر على هذه الواقعة فقط. كلنا نرى يوميًا أطفالًا صغارًا ينتشرون بكثرة فى الشوارع وإشارات المرور، ونساء يحملن أطفالًا على أذرعهن ويستجدين المارة بشتى الطرق مشاهد مؤلمة تُذكّرنا بأن الاستغلال ما زال قائمًا، وأن هناك المزيد من الأوكار التى لا نعلم عنها شيئا وهناك جريمة منظمة. وهنا يبقى السؤال: كم ثقبًا آخر لم يُكتشف بعد؟ كم طفلًا آخر ينام فى الشارع ويُستغل؟ كم مكانا مجهولا لم نره بعد؟ وكم فرصة ضاعت لإنقاذهم قبل أن يصلوا إلى هذا المصير؟ القصة أكبر من ضبط عصابة. هى مسئولية مجتمع كامل: البيت، المدرسة، الإعلام، والجمعيات. الشرطة قامت بواجبها، لكن واجبنا أن نمنع أصل المشكلة، أن نحمى الطفل من قبل أن يقع فى يد من يستغله. اليوم أُغلق ثقب واحد.. لكن أمامنا ثقوب أخرى علينا أن نغلقها جميعًا، حتى لا نسأل غدًا نفس السؤال: كم ثقبًا لم يُكتشف بعد؟