كجماعة برجماتية نفعية لم يجد «الإخوان» أية غضاضة فى التحول من جماعة دينية إلى شبكة دولية متعددة الوجوه، تتقن ارتداء أقنعة الليبرالية، الحقوقية، وحتى الرأسمالية، لتخترق المؤسسات وتعيد إنتاج خطابها بما يخدم أهدافها النفعية والسياسية. اقرأ أيضًا | من الفيديوهات المزيفة إلى البوتات| الإرهاب الرقمى الوجه القبيح للإخوان والكاتب الصحفى «محمود بسيونى» مؤلف كتاب «شفرة المرشد.. أسرار شبكات الإخوان وحقوق الإنسان» يرصد ذلك التحول فى أنها لم تعد تعتمد على الشعارات الدينية فقط، بل باتت تستخدم مفاهيم مثل حقوق الإنسان والديمقراطية كأدوات تكتيكية وصولية لا كمبادئ، هذه المفاهيم تُوظّف لتبرير التحركات، وكسب التعاطف الدولى، وخلق شرعية موازية للشرعية الوطنية، ويحلل «بسيونى» كيف أن هذه الشبكات الإخوانية تتداخل مع منظمات دولية، ومراكز أبحاث، ووسائل إعلام، وحتى حكومات، لتشكيل منظومة ضغط ناعمة، هدفها تقويض الدول من الداخل تحت شعار «الحرية والعدالة»، بينما تخفى فى جوهرها مشروعًا سلطويًا شموليًا، والحقيقة ليست ما يُقال، بل ما يُخفى خلف ما يُقال، والكتاب يدعو القارئ إلى تفكيك الخطاب الحقوقى والسياسى الذى تتبناه الجماعة منذ فترة، والبحث عن البنية الأيديولوجية التى تحركه، محذرًا من أن المعركة لم تعد بين دولة وتنظيم، بل بين وعى نقدى وشبكة رمادية تتقن فن التخفى والتمويه، الكتاب يعد دراسة تحليلية تكشف الأسرار التنظيمية والفكرية لجماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها وحتى حاضرها، مع التركيز على ارتباطاتها الخارجية، وتحولاتها التكتيكية، ودورها فى زعزعة استقرار الدول، خاصة فى مصر والمنطقة العربية يشير «بسيونى» فى بداية كتابه إلى أننا على أعتاب بداية جديدة لأخطر «جماعة» عرفها العالم فى المائة عام الأخيرة، تدور التوقعات حول تغيير الجماعة لجلدها دون المساس بهدفها وسبب وجودها، قد نقترب وفق متغيرات المشهد داخل الجماعة من مرشد ينتمى للجيل الجديد المولود فى الغرب وتحديدا الولاياتالمتحدة، ولديه جنسية أجنبية تحميه من ملاحقة الأمن، المسألة جديرة بالتأمل والدراسة خاصة أن السياق داخل الجماعة يتجه فى حال غياب إبراهيم منير المرشد الحالى وغياب قواعد الاختيار التقليدية فى ظل عدم وجود مكتب الإرشاد، نحو اختيار مرشد من الجيل الجديد وهو ما يضعنا أمام عدة أسماء على رأسهم محمد سلطان الأمريكى الجنسية ونجل القيادى صلاح سلطان فهو أقوى رجال التنظيم الدولى وأكثرهم شعبية لدى الأجيال الجديدة، ويجيد التعامل مع مراكز الأبحاث والتفكير والمشاركة فى صناعة القرار ومنظمات المجتمع المدنى، ويملك شفرة الدخول لتلك الأوساط من أجل مهاجمة أهداف الجماعة والدفاع عنها، والحفاظ على بقائها حية، وهى حقوق الإنسان، وينضم إليه فى ذات السياق العراقى الأصل البريطانى الجنسية أنس التكريتى مدير مركز قرطبة، ورجل إعلام الجماعة البارز فى لندن. مما يعنى أننا فى زمنٍ لم تعد فيه الرموز تُولد من رحم العقيدة، بل تُصاغ فى غرف التفاوض ومراكز الأبحاث، يطلّ علينا سؤالٌ كاشف: هل يكون مرشد الإخوان القادم أمريكياً؟ ليس بوصفه مواطنًا يحمل جوازًا أجنبيًا، بل ككودٍ أيديولوجى يُعاد برمجته وفق مصالح القوى الكبرى. فلم يعد «المرشد» تجسيدًا لروح الجماعة، بل صار واجهة قابلة للتعديل، تُعاد صياغتها لتناسب لغة الديمقراطية حينًا، وخطاب الحقوق حينًا آخر، بينما تظل الشفرة الأصلية مخفية خلف ستار من المصطلحات الناعمة، وهنا لا يفضح الكتاب فقط احتمالات الاختراق، بل يكشف كيف تحوّلت الجماعة من تنظيم عقائدى إلى شبكة رمادية، تتقن فن التمويه، وتعيد إنتاج نفسها فى مختبرات السياسة الدولية، حيث تُكتب الأدوار وتُوزّع الأقنعة. الطبيعة الخفية ويسلط الكتاب الضوء على الطبيعة الخفية لاستراتيجيات جماعة الإخوان، مبيّنًا كيف عملت على اختراق وإعادة صياغة المنظمات الحقوقية لخدمة مصالحها، وكيف شرعت فى بناء شبكات نفوذ مؤسساتية، بما فى ذلك تجنيد نفوذ فى الغرب لدفع أجندتها السياسية داخلياً وخارجياً، ويطرح سؤالا استفزازيا يهدف إلى تفكيك العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وبعض الدوائر الغربية، خاصة الأمريكية، التى يُلمّح إلى أنها قد تلعب دورًا فى إعادة تشكيل قيادة الجماعة أو التأثير على توجهاتها الفكرية والتنظيمية، وأن بعض مراكز الفكر الغربية، ومنظمات حقوق الإنسان قد أسهمت فى إعادة إنتاج خطاب الجماعة بما يتماشى مع مصالحها، مما يثير تساؤلات حول استقلالية القرار داخل الجماعة التى انتقلت من كونها تنظيمًا محليًا إلى شبكة دولية، تتقن التفاوض مع القوى الكبرى وتعيد تشكيل خطابها لتناسب السياقات الغربية، فمثلا خطاب الجماعة يهاجم العولمة والرأسمالية فى العلن، لكنه فى الواقع يستثمر فى أدواتها: البنوك، الشركات العابرة، المنظمات الدولية، حتى أن الجماعة بنت إمبراطوريات مالية فى الخليج وأوروبا، واستخدمت المال كوسيلة للسيطرة على القرار السياسى والدينى داخل المجتمعات فى الوقت الذى تتقن لعب دور الضحية فى الخطاب الحقوقي، بينما تمارس نفوذًا اقتصاديًا شرسًا خلف الكواليس، مما يجعلها أقرب إلى «ذئب يرتدى جلد الحمل»، فهم ليسوا خصومًا للرأسمالية، بل شركاء فى صمت، يبيعون الوهم الحقوقى ويشترون النفوذ المالي. كما يطرح الكتاب فكرة أن «المرشد» لم يعد مجرد قائد روحى، بل بات رمزًا قابلًا للتدوير والتوظيف، وقد يُعاد تشكيله وفقًا لمصالح خارجية، مما يهدد جوهر التنظيم نفسه، ويمهد الطريق إلى احتمالية أن يكون المرشد القادم أمريكيًا بالهوية، بل وتحول الجماعة إلى كيان قابل للبرمجة السياسية، حيث تُكتب «شفرتها» فى مراكز القرار العالمية، لا فى مقارها التنظيمية. وتتخفى الجماعة وراء العديد من المنظمات التابعة لتنظيمها الدولى مثل: - مؤسسة الكرامة - سويسرا (تمول من إمارة قطر وأسسها عبد الرحمن النعيمى المدرج على قوائم الإرهاب العالمى وتعمل فى جنيف)، كوميتى فور جيستس - سويسرا (وهى منظمة سويسرية يديرها الإخوانى أحمد مفرح وتعمل على الدفاع عن عناصر جماعة الإخوان الإرهابية فى السجون) - المنبر المصرى لحقوق الإنسان منظمة إخوانية أسست فى أوروبا وتعمل ما بين أوروبا والولاياتالمتحدة. - مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان – إسطنبول يديرها المحامى الإخوانى محمود جابر وتعمل من إسطنبول وتحظى بحماية من النظام التركى، - منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان- لندن يديرها الإخوانى علاء عبد المنصف، وتعمل على تدويل القضايا المتهم فيها الإخوان وتحويلها إلى قضايا حقوقية. - مركز الشهاب لحقوق الإنسان – لندن هو مركز حقوقى أسسته جماعة الإخوان المسلمين فى مصر عام 2006 بالتزامن مع منظمة حقوقية أخرى وهى مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز، تولى رئاسته القيادى خلف بيومى محامى إخوان الإسكندرية. - «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» بلندن يديرها الإخوانى محمد جميل، وهى منظمة انفصلت تماما عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان التى أخلت مسئوليتها عن كل ما تصدره تلك المؤسسة من بيانات داعمه الإخوان، كما خاطبت السلطات البريطانية من أجل إخلاء أى مسئولية عن تصرفات ملاكها الجدد المدعومين من قطر. - منظمة لبرتى بلندن منظمة يديرها عزام التميمي، عضو التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وهى المسئولة عن عمليات تقديم الإخوان وأفكارهم للمجتمع البريطانى منذ التسعينيات. - هيومان رايتس مونيتور – لندن تديرها الإخوانية سلمى أشرف عبد الغفار وهى نجلة القيادى الإخوانى المدان فى قضية التنظيم الدولى والاستعراض القتالى لشباب الجماعة الإرهابية بجامعة الأزهر أشرف عبد الغفار . - منظمة افدى الدولية – بروكسل تأسست فى سنة 2006 وتنشط فى دعم جماعة الإخوان ومؤسساتها فى أوروبا . – الائتلاف الأوروبى لحقوق الإنسان – باريس تديره الإخوانية داليا لطفى الهاربة خارج مصر، وينشط الائتلاف بتمويل قطرى فى دعم الإخوان فى فرنسا لدى مؤسسات حقوق الإنسان الدولية العاملة هناك، منظمات متحالفة مع الإخوان . - المنظمة العربية للإصلاح الجنائى -سويسرا يديرها محمد زارع، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان فى عهد الإخوان، ويعقد ندوات فى مقر الأممالمتحدةبجنيف لعرض قضايا الإخوان - مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان – تونس يديره بهى الدين حسن وهو داعم للإخوان بشكل كامل، وكان شريكا فى وفد الإخوان الذى حاول لقاء أعضاء فى الكونجرس الأمريكى، وهو أحد محرضى الاتحاد الأوروبى على معاقبة مصر بمنع تصدير الأسلحة لها، وهو داعم رئيسى لكل انشطة الاخوان فى أوروبا . - منظمة DAWN – الولاياتالمتحدة وهى المنظمة التى أسسها الإخوانى السعودى جمال خاشقجى فى الولاياتالمتحدة قبل مصرعه، وهى منظمة تدعى الدفاع عن حقوق الإنسان، والديمقراطية بالعالم العربى وشمال إفريقيا، وتديرها سارة ليا واتسون المسئولة السابقة فى مؤسسة هيومان رايتس ووتش، فى إشارة لاستكمال سياسة الباب الدوار فى توظيف الموظفين السابقين فى هيومان رايتس ووتش فى مؤسسات على علاقة بالإخوان. من الماسونيين للفيس وفى محاولة لفهم التطورات السياسية وللقراءة الصحيحة والفهم لما يحدث فى الحاضر والمستقبل يجب العودة إلى الماضى، فهو أصل أى ترابط منطقى تسير فيه الأحداث، فعرض «بسيونى» للمؤرخ البريطانى نيل فرجسون الأشهر كتابه المهم «الساحة والبرج .. الشبكات والسلطة من الماسونيين الأحرار إلى فيسبوك « الصادر عن دار التنوير، الذى توصل إلى أن الحكومات ستُفاجَأ حين تُشَارِكُ أعدادًا كبيرة من مواطنيها، لا يتسلَّحون بأى شىء سوى الهواتف المحمولة، فى تمرُّدات مُصَغَّرة تتحدَّى سلطة هذه الحكومات»، ثم أشار بوضوح إلى أن «الفعل الحقيقى» فيما أسمياه «حالة التواصل» أو «الحَوْزَة المترابطة»، يوجد فى «المكاتب المكتظة فى القاهرة» تحديدا ، وكذلك «فى شوارع طهران»، فمِن هذه الأماكن وغيرها، يحشد النُّشَطاءُ والمهووسون بالتكنولوجيا الناسَ فى «احتجاجات خاطفة» سياسية تهزُّ الحكوماتِ، ويبنون أدواتٍ جديدةً تفلت من جدران الحماية والرقابة، فينقلون وينشرون عبر تويتر صحافةَ أونلاين جديدة، ويكتبون مشروع قانون حقوق الإنسان فى عصر الإنترنت». وعن التقارب الكبير بين إدارة «باراك أوباما» الديمقراطية فى أمريكا والإخوان المسلمين يذكر المؤلف أنه لم يكن وليد الصدفة، فالإخوان كانوا جزءا من حملات الدعم التى قادها «أوباما» ذو الأصول الإسلامية إلى مقعد الرئاسة فى البيت الابيض، ثم قاد مرة أخرى الإخوانية الصومالية إلهان عمر، والفلسطينية رشيدة طليب إلى مقعد الكونجرس لتصبحا ذراع الإخوان فى المؤسسة التشريعية الأمريكية ، كما لا يمكن أن نتجاهل أن التنظيم الدولى للإخوان جند كل إمكانياته وحشد كل قواه مع تيار رأسمالية العولمة لإزاحة «دونالد ترامب» عن مقعد الرئاسة ووضع الديمقراطى «جو بايدن» ونائبته «كامالا هاريس» بدلا منه فى البيت الأبيض . وكان من الواضح أن الجماعة لديها علاقة عميقة بتيار العولمة الرأسمالية، وتتلقى دعما قويا من شركات التقنية والمعلومات والتواصل الاجتماعى والتى يعبر عنها سياسيا الحزب الديمقراطى فى نسخته اليسارية المتطرفة الحالية فى مواجهة تيار رأسمالية «المجمع العسكرى-الصناعى» الذى تحدث عنه الرئيس الأمريكى «دوايت إيزنهاور» فى خطابه الشهير ويعبر عنه الرئيس «دونالد ترامب» ويسعى لاستعادة الزخم الصناعى إلى الولاياتالمتحدة مرة أخرى بعدما تسبب حكم الديمقراطيين فى توطين هذه الصناعات فى الصين . وقد تبنت إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق «أوباما» استراتيجية لدعم الإخوان تتركز على العديد من التحركات منها الدعم مكثف للإسلام السياسى وفقآ للتوجيه الرئاسى رقم 11 الصادر من إدارة الرئيس أوباما فى أغسطس 2010، وفى إطار الاستراتيجية الجديدة، أعلنت الوزيرة هيلارى كلينتون استعداد بلادها للتعامل مع الإخوان المسلمين خلال تصريحات فى بودابست (30 يونيو 2011 )،- كما تضمنت الاستراتيجية الأمريكية تقديم مساعدات أيضا من خلال المنظمات غير الحكومية الأمريكية لاختيار الأطراف التى يمكن أن تخدم المصالح الأمريكية إلا أن السفيرة الأمريكية فى ذلك الوقت قامت بإعداد دراسة تحليلية تكشف الأسرار التنظيمية والفكرية لجماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها وحتى حاضرها، مع التركيز على ارتباطاتها الخارجية، وتحولاتها التكتيكية، ودورها فى زعزعة استقرار الدول، خاصة فى مصر والمنطقة العربية بتوجيه المنظمات غير الحكومية الأمريكية العاملة فى مصر بتركيز تدريباتها ومساعدتها على الإخوان وحلفائهم السياسيين فقط دون القوى السياسية الأخرى وذلك وفقا لما أكدته مسئولة سابقة كبيرة فى إحدى هذه المنظمات، كيمونكس الدولية، وببساطة فإن احتضان الحكومة الأمريكية للإخوان فى مصر ما بعد مبارك من هذا المنطق يعتبر قرارا استراتيجيا وواعيا يهدف إلى تعزيز المصالح الأمريكية فى المنطقة، وبالرغم من معرفة الحكومة الأمريكية بعقيدة الإخوان المتطرفة وتاريخهم الطويل فى العنف والذى يتعارض مع القيم الأمريكية الأساسية إلا أن المصالح تغلبت على القيم. ونكتشف أن الإخوان لا يتحركون فى الشرق الأوسط أو العالم بشكل عبثى فهناك علامات على انتمائهم لتيار العولمة الرأسمالي، ومؤشرات على اهتمام التيار بهم، فلم يكن استشهاد المرشح الديمقراطى «جو بايدن» فى خطابه للمسلمين بأحد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم صدفه بل كان فى حقيقته خطاباً للإخوان المسلمين، يكفى أن اللجان الإخوانية المنتشرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى هى التى تولت تسويقه سياسياً ودعائياً فى الأوساط العربية فضلا عن احتفاء قنوات الجزيرة القطرية، وقنوات الإخوان بذلك الخطاب الذى يتطابق مع أسلوب المستعمرين فى استخدام الدين للتقرب من الشعوب المستعمرة . كل ذلك يؤكد أن الإخوان جماعة وظيفية غير وطنية تعانى من انفصام فى الشخصية ولها دائما وجهان وخطابان الأول للداخل وهو شعبوى قائم على سرديات دينية تلقى قبولا لدى العامة خاصة ما يتعلق بالعمل على تطبيق الشريعة، والعودة للخلافة، وخطاب آخر يخاطب الغرب وتحديدا تيار العولمة الرأسمالي، ويقبل بكل ما يطرحه من أفكار ورؤى حتى لو تصادمت مع خطابها الداخلى الشعوبى، ولم تنشأ العلاقة بين الإخوان، وتيار العولمة الرأسمالى الأمريكى فجأة، بل سبقتها علاقات وطيدة ربطت الجماعة بأجهزة استخبارات غربية كانت مسئولة عن إدارة كثير من الملفات حول العالم مثل المخابرات البريطانية MI6 الذى يرتبط بعلاقات قديمة مع الجماعة، بدأت منذ التأسيس وتطورت حتى وصلت إلى حد استخدامها فى صراع بريطانيا مع الرئيس جمال عبد الناصر، وكان الإخوان جزءا من الحرب النفسية والدعائية ضد الجيش المصرى. مأسسة الكذب ويدلل «بسيونى» على اعتياد الجماعة الكذب والتخفى بنشر شائعات كاذبة أو أخبار زائفة بهدف تغيير الحقيقة أو طمسها لصالح الجماعة، والكذب فى الجماعة مبنى على مبدأ التقية، وأن الكذب مباح من أجل الدعوة، كما اعتاد الهاكرز الإخوانى اختراق حسابات أو مواقع من مواقع الدولة بحثا عن صناعة شائعة جديدة يعطيها النشر بتلك المواقع أو الحسابات مصداقية عالية تربد بها المشهد السياسى والاقتصادى والاجتماعى داخل مصر فقد سبقها اختراق موقع حركة تمرد ومواقع إعلامية والاستيلاء على صفحات حكومية بهدف وضع شائعاتهم. وقد تطور استخدام الجماعة لأساليب التخفى، سواء إخفاء مخططاتها، أو إخفاء انتماء عناصرها، فقليل من تجدهم يعترفون بانتمائهم للجماعة صراحة حتى فى وقت وجودهم فى السلطة، حتى إنهم اخترعوا لفظ «أنا مش إخوان بس بحترمهم»، لإخفاء عناصرها ومساعدتهم فى الذوبان داخل التكوينات الاجتماعية البسيطة، حتى يستطيعوا الدفاع عن الجماعة بسهولة باعتبارهم محايدين وليسوا أصحاب مصلحة مع الإخوان. نفس الأمر نلمسه فى أساليب الإقناع، وكانوا أول من استخدم مواقع التواصل الاجتماعى فى الترويج للجماعة، والدفاع عنها، وسمحت لعناصرها بالمشاركة بكثافة على مواقع التواصل لمواجهة أى هجوم أو نقد للجماعة، ثم تطور الأمر عقب ثورة 30 يونيو لنصبح أمام لجان إلكترونية منظمة تنشر الشائعات بكثافة وتسعى بكل الطرق لإحداث تأثير على الرأى العام المحلى والدولى. وقد عملت جماعة الإخوان على امتلاك القدرة على مخاطبة الرأى العام المصرى والعربى والإسلامى واستخدمت تقنيات الحرب النفسية فى استثارة تعاطف الناس وتصدير القلق إلى المجتمعات المستهدفة عبر بث شائعات مستمرة ومتواصلة موجهة إلى قطاعات وشرائح متعددة، فتجد الشائعة السياسية مرتبطة بالاقتصادية والاجتماعية فضلا عن شائعات هدفها تنميط الواقع المعاش فى الدول المستهدفة بأنه معادٍ للدين الإسلامى، مع دعوة مستمرة بالتحرك لإزالة الأنظمة السياسية الموجودة وإحلال النظام الإخوانى محلها. وتحولت لجان الإخوان إلى جيش خفى يدعم الجماعة، ويحافظ على أفكارها حتى تتواصل مع أجيال جديدة لم تقرأ أدبيات الإخوان وخاصة رسائل البنا، وتحديدا رسالته لأعضاء التنظيم تحت عنوان «الغاية أصل والأعمال فروع لها» يقول فيها: «مهمتنا سيادة الدنيا وإرشاد الإنسانية كلها إلى نظم الإسلام وترجمتها خطط التمكين الإخوانية، حديث البنا المؤسس أمر مقدس لدى الفرد الإخوانى – ولذلك يرى الإخوان أنهم فئة مميزة، وأن من حقهم إدارة العالم منفردين وهو أمر ينطوى على مخالفة جسيمة لاتفاقيات حقوق الإنسان، وللاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى التى نصت فى مادتها الرابعة على شجب جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أى عرق أو أية جماعة من لون، أو أصل إثنى واحد، أو التى تحاول تبرير أو تعزيز أى شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصرى .كما أسست الجماعة لمنهج استخدام العنف عبر كتابات سيد قطب أحد منظريها والذى فتح كتابه «معالم فى الطريق» الطريق أمام استخدام الإخوان، والجماعات المتطرفة التى خرجت من عباءتها بشرعنة ذلك العنف دينيا بحديثه عن جاهلية المجتمع وحاكمية الله والجهاد الهجومى (الغزو) الهادف لتحرير البشر والتغيير العنيف ودار الإسلام ودار الكفر. واستغلت الجماعة مبكرا الفجوة المعرفية بين الغرب والشرق وصنعت لنفسها وجها غربيا يتحدث بأكثر من لسان عبر رجالها المنتشرين فى العواصم الكبرى والمؤثرة، مع التركيز على وجود قنوات اتصال مع مراكز التفكير، والمعاهد البحثية التابعة للاستخبارات الغربية، فيما يمكن اعتباره اتصالا غير مباشر بين الجماعة وتلك الأجهزة، وفوق ذلك تستغل الجماعة تلك المؤسسات فى تشويه الوضع الداخلى لأى دولة مستهدفة دون أن تتحدث الجماعة علانية، ومن خلال حملات التشويه يمكن مطالبة الدول الكبيرة بوقف المساعدات الاقتصادية والعسكرية وحصار تلك الدول اقتصاديا حتى تضعف وتسقط. الأناركية سلاح الإخوان الأناركية (اللاسلطوية) تحالف تكتيكى استخدمه الإخوان لاختراق اليسار والتيارات الثورية، وعن «الإخوانى الليبرالى» يشير إلى أنه تم استخدم الإخوان الليبراليين كغطاء سياسى وشريك مرحلى بعد سقوط مبارك، وبعض النخب الليبرالية تعاونت مع الجماعة لأسباب برجماتية أو عداء للمجلس العسكرى، رغم إدراكهم لاختلاف الأيديولوجيات شاركوا فى تأسيس تحالفات سياسية ضد الخصوم المشتركين، خاصة فى الانتخابات والرئاسة (2012)، لكن سرعان ما انقلب الإخوان عليهم بعد الوصول للسلطة. وبدعم من العولمة الرأسمالية، ظهرت الأناركية فى ميدان التحرير 2011 من خلال شعارات وجرافيتى مثل «تحيا الثورة الأناركية»، وبعض نشطاء منظمات حقوق الإنسان تبنوا الفكر الأناركي، وكان هدفهم إسقاط الدولة وتفكيك الجيش، والاشتراكيون الثوريون، بقيادة شخصيات مثل سامح نجيب، أعلنوا بوضوح نيتهم إسقاط الدولة، وكثير من الحقوقيين تحالفوا مع الإخوان ضد المجلس العسكرى، ثم دعموا محمد مرسى فى انتخابات 2012 (حتى ظهر مصطلح «عاصرى الليمون» لإقناع الثوريين بدعمه)، والفكر الأناركى ساهم فى تصعيد العنف، مثل إحراق المجمع العلمى، ورفض أى تسوية مع الجيش، واستمر فى دعم الإخوان حتى بعد 30 يونيو عبر التشكيك فى الدولة والشامتين فى شهداء الجيش والشرطة. الإخوانى الإسرائيلى فى يونيو 2021، شارك منصور عباس (زعيم الفرع الجنوبى للحركة الإسلامية – الإخوان فى إسرائيل) فى حكومة بينت/لابيد، مرجحًا كفتهم ضد نتنياهو، والعلاقة بين الإخوان وإسرائيل قديمة، وكلاهما نشأ بدعم استعماري، وفى حكم مرسي، حاولت الجماعة طمأنة إسرائيل عبر رسائل ودية ولقاءات مع اللوبى الإسرائيلى فى واشنطن، والحركة فى إسرائيل تأسست عام 1972 على يد عبد الله نمر درويش، وانقسمت لاحقًا إلى: الفرع الجنوبى: معتدل، يشارك فى السياسة (منصور عباس)، الفرع الشمالى: رافض للمشاركة، يقوده رائد صلاح، وحُظر عام 2015، الفرع الجنوبى يبرر تحالفه بأنه يخدم مصالح العرب، لكن الكاتب يراه تطبيقًا لسياسة «التقية» الإخوانية، هناك تقديرات إسرائيلية تتوقع إمكانية توحد الفروع إذا اقتضت المصلحة.. الإخوان يستغلون قضية الأقصى سياسيًا ضد مصر، وفى النهاية يؤكد الكاتب أن الإخوان جماعة براجماتية بامتياز، تتحالف مع أى طرف – حتى لو كان نقيضها أيديولوجيًا أو عدوًا تاريخيًا – مادام يحقق مصالحها، وهذه التحالفات الأربعة (ليبرالى، أناركى، يسارى، إسرائيلى) ليست تناقضات فى فكرهم، بل أدوات مرحلية لخدمة هدفهم النهائى: السيطرة على الحكم وإقامة مشروعهم الأممى. إضعاف الدولة ويكشف الكتاب كيف استخدمت جماعة الإخوان المسلمين، بدعم من قوى خارجية، ملف حقوق الإنسان كأداة سياسية وإعلامية لإضعاف الدولة المصرية، مستغلة السياسات الأمريكيةوالغربية فى الشرق الأوسط، وخاصة فى إطار ما يعرف ب«حروب الجيل الرابع»، استغلت ملف حقوق الإنسان كستار لأجنداتها الحقيقية، مستخدمةً منه أدوات تهدف فى جوهرها إلى تدمير الدولة ونشر مشروعهم السياسى، فمنذ الثمانينيات، عزّزت الجماعة من عملية تصوير نفسها كمظلومة ضد اضطهاد الاحتلال أو الأنظمة الحاكمة، لتبرير وجودها السياسى، وخصوصاً أمام المنظمات الحقوقية الدولية والحكومات الغربية. وقد تمكنت الجماعة من اختراق مؤسسات حقوقية كبرى مثل منظمة العفو الدولية، من خلال تسلّل أفرادّ إلى مواقع قيادية، مما أتاح تحريك الرؤية الحقوقية لصالح أهدافهم.. ويشرح «بسيونى» أن الجماعة ليست مجرد تنظيم سياسى أو دينى، بل شبكة تضم أدوات متعددة (اقتصادية، سياسية، دعوية، عسكرية)، تتّسم بأساليب إرهابية رغم تغطيتها الحقوقى. وفى النهاية يكشف الكتاب البنية الفكرية، والتنظيمية والسياسية لجماعة الإخوان المسلمين، ويفضح أساليبها فى التغلغل داخل الدول، والمجتمعات، مع التركيز على علاقاتها السرية مع القوى الأجنبية وأجهزة المخابرات، وكيفية استغلالها للشعارات الدينية وحقوق الإنسان لتحقيق أهداف سياسية تخدم مشروعها العالمى.