محمد جمال الزهيرى أصبحت أوكرانيا محوراً لصراع متعدد الأطراف يسعى كل طرف فيه إلى حصد مكاسب شخصية دون النظر إلى خسائر كييف الفادحة سواء البشرية أو الاقتصادية، فمنذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية فى 24 فبراير 2022، أصبحت أوكرانيا ساحة مفتوحة لموازين القوى العالمية تتصارع فيها الدول الأوروبية والولاياتالمتحدة لتحقيق مكاسبها وأغراضها الشخصية. ومع دخول الحرب عامها الرابع، تزايدت التساؤلات حول ما إذا كانت أوكرانيا قد توافق على قبول أى طرح لإنهاء القتال، فى ظل واقع ميدانى مُعقد، وضغوط اقتصادية متنامية وخسائر لا حصر لها، فضلاً عن فقدانها للدعم الأمريكى الذى حظيت به فى عهد رئيس الولاياتالمتحدة السابق جو بايدن والذى تحول إلى ما يمكن تسميته فتوراً فى العلاقات أو شرط المساعدة مقابل مصلحة واشنطن فى عهد الرئيس الحالى دونالد ترامب. اقرأ أيضًا | أكذوبة إسرائيل الكبرى.. والملك المُخلّص وشهدت العلاقات بين أوكرانياوالولاياتالمتحدة العديد من التوترات عقب تولى ترامب الرئاسة مباشرة .. وهو ما تجلى فى لقاء الرئيسين فى فبراير الماضى والذى شهد توتراً كبيراً بين الطرفين لدى لقائهما فى البيت الأبيض .. وفى مايو، أبرمت أمريكاوأوكرانيا اتفاقًا اقتصاديًا واسع النطاق، ينصّ على إنشاء صندوق مشترك للاستثمار فى إعادة إعمار أوكرانيا، فى اتفاق تاريخى يفتح الباب أمام واشنطن للوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية، بما فى ذلك المعادن الاستراتيجية مثل: الليثيوم والتيتانيوم.. وجاء ذلك الاتفاق بعد أسابيع من التوترات التى طغت على العلاقة بين ترامب وزيلينسكي، فى أعقاب المشادة الكلامية الحادة بين الاثنين والتى عرقلت التوقيع على الاتفاق فى ذلك الوقت. وقبل اجتماع الرئيسين الأمريكى دونالد ترامب والروسى فلاديمير بوتين فى ألاسكا منذ أيام، جدد الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى تأكيده بأنه لن يقبل بأى اقتراح روسى يقضى بسحب القوات الأوكرانية من إقليم دونباس فى شرق أوكرانيا، لأن ذلك من شأنه أن يحرم كييف من خطوط دفاعها ويمهد الطريق أمام موسكو لشن المزيد من الهجمات.. وأضاف زيلينسكي: أنه لا ينبغى مناقشة القضايا المتعلقة بالأراضى إلا بعد موافقة روسيا على وقف إطلاق النار أولاً، مشيراً إلى أن الضمانات الأمنية لأوكرانيا يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من هذه المناقشة، كما أكد زيلينسكى مجدداً على ضرورة إشراك أوكرانيا فى أى محادثاتٍ تتعلق بأراضيها، بعدما أشار ترامب إلى أن أى اتفاق سلام مُحتمل قد يشمل تبادل أراضٍ ، فى ظل سيطرة روسيا على أراضٍ أوكرانية. ويأتى موقف زيلينسكى مدعوماً برؤية الاتحاد الأوروبى الذى يرفض أيضاً بشكل غير مباشر مقترح ترامب حول وقف الحرب بين روسياوأوكرانيا والذى قد يتضمن تخلى كييف عن بعض أراضيها لصالح موسكو، حيث أكد الاتحاد الأوروبى مراراً على ضرورة عودة كافة الأراضى التى تحتلها القوات الروسية إلى كييف. معتبراً أن «الولاياتالمتحدة تملك القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية». كما التقى زيلينسكي، الأسبوع الماضى برئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر ، حيث ناقش الطرفان الضمانات الأمنية «التى يمكن أن تجعل السلام مستدامًا حقًا إذا تمكنت الولاياتالمتحدة من الضغط على روسيا لوقف عمليات القتل والانخراط فى دبلوماسية حقيقية وذات مغزى»، وفقاً لتصريحات الرئيس الأوكرانى فى أعقاب اللقاء. ميدانياً، حقق الجيش الروسى الأسبوع الماضي، أكبر تقدم له خلال 24 ساعة فى الأراضى الأوكرانية منذ أكثر من عام.. وتسيطر روسيا حالياً بشكل كامل أو جزئى على 19٪ من الأراضى الأوكرانية.