تفقد الحكومة الإسرائيلية دعم الرأي العام الداخلي الأمريكي يوما بعد يوم، وهو ما اتضح بشكل لافت خلال تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على مقترح عضوه البارز السنتاتور بيرتي ساندرز بوقف بإرسال أسلحة إلى الحليف الإسرائيلي. استشهاد 21 فلسطينيا بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة وصوت 28 عضوا ديمقراطي من أصل 50 عضوا بالموافقة على المقترح وهو ما يمثل أغلبية ديمقراطية غير مسبوقة تقف في مواجهة الأصوات الجمهورية التي تصوت دائما لصالح الحليف التاريخي. إلا أن نتائج التصويت التي تعد الأولى من نوعها، تعكس تحولا في التوجه العام نحو اسرائيل حيث يتخد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي مواقف تعكس توجهات ناخبيهم وتهدف لإرضائهم. ويأتي ذلك في الوقت الذي حذر فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أنه سيكون من الصعب للغاية التوصل إلى صفقة تجارية مع كندا، بعد أعلان رئيس وزرائها مارك كارني، إعتزامه الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وكان كارني أعلن أن كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025. وأوضح أنّ هذا التحول في موقف أوتاوا مدفوع بقناعة مزمنة بحلّ الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المستمر منذ عقود. وهي خطوة لاقت ترحيباً عربياً وأوروبياً. وحذر رئيس الوزراء الكندي من أنّ هذه الإمكانية للتوصل إلى حلّ على أساس دولتين تتلاشى أمام أعيننا. وشدد على أن قرار كندا يستند إلى رغبة السلطة الفلسطينية في إجراء إصلاحات جوهرية، مشيراً إلى التزام الرئيس محمود عباس بإجراء انتخابات عامة في 2026 وعدم عسكرة الدولة الفلسطينية. وبالفعل أعلن عبّاس أنه تعهد لكارني خلال اتصال تليفوني بالذهاب لإنتخابات عامة، مع التأكيد على أن القوى الفلسطينية التي ستشارك بها عليها الاعتراف بالبرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها الدولية، والالتزام بمبادئ الدولة الواحدة والقانون الواحد والسلاح الشرعي الواحد. وبذلك تحذو كندا ومالطا حذو كل من فرنسا وبريطانيا اللتين أعلنتا مؤخراً نيّتهما الاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ورحبت مصر والأردن وقطر والسعودية بقرار كندا ومالطا وقبلها فرنسا. كما رحبت فرنسا بقرار كارني، مؤكدة أنها ستواصل جهودها لكي تنضمّ دول أخرى إلى هذا الزخم، في إطار التحضيرات للجمعية العامة للأمم المتحدة. وجاء تهديد ترامب لكندا قبل يوم واحد من انتهاء الموعد النهائي الذي حدده ترامب لفرض رسوم جمركية بنسبة 35 % على كل السلع الكندية. وكتب ترامب على منصته "تروث سوشيال": «"يا للعجب! أعلنت كندا للتو دعمها لقيام دولة فلسطينية". وأضاف أن "هذا سيجعل من الصعب للغاية علينا توقيع صفقة تجارية معهم". وتعد كندا هي ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة بعد المكسيك وأكبر مشترٍ للصادرات الأميركية. حيث استوردت بضائع أميركية بقيمة 349.4 مليار دولار العام الماضي وصدرت إلى الولاياتالمتحدة بقيمة 412.7 مليار دولار. كما يأتي ذلك في الوقت الذي يزور فيه ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس ترامب إسرائيل، لمناقشة الوضع الإنساني المتردي في قطاع غزة. ويبحث ويتكوف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوضع الإنساني في غزة، ووقف إطلاق النار المحتمل. ويعد هذا أول اجتماع بين ويتكوف ونتنياهو منذ أن استدعت إسرائيل والولاياتالمتحدة فريقيهما التفاوضيين من قطر قبل أسبوع. وقال ويتكوف آنذاك إن رد حركة حماس الأخير يُظهر عدم رغبتها في التوصل إلى هدنة. كتب ترامب على منصته «تروث سوشيال» بعد وصول ويتكوف إلى إسرائيل: "أسرع سبيل لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة هو استسلام (حماس) وإطلاق سراح الرهائن". وتواجه اسرائيل انتقادات في غزة من حلفاء أقوياء. حيث يزورها حاليا وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول في رحلة تستغرق يومين يزور فيها الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وخلال الفترة الأخيرة ازدادت انتقادات ألمانيا، الحليف التقليدي القوي لإسرائيل، لممارسات إسرائيل في غزة. وأصرّت على أن إسرائيل يجب أن تبذل مزيداً من الجهد لزيادة إمدادات المساعدات، ودعت إلى وقف إطلاق النار. ولم تنضم برلين إلى حلفاء رئيسيين، مثل فرنسا وبريطانيا وكندا، في إعلانهم أنهم سيعترفون بدولة فلسطينية في سبتمبر. لكن فادفول أكد في بيان موقف ألمانيا بأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل يسوده السلام والأمن للشعبين. وقال فادفول: "بالنسبة لألمانيا، يُعد الاعتراف بدولة فلسطينية نهاية العملية. لكن هذه العملية يجب أن تبدأ الآن. لن تحيد ألمانيا عن هذا الهدف. كما ستُجبر ألمانيا على الرد على أي خطوات أحادية الجانب".