أعترف أنه نص روائى جميل مكتوب بعناية غير عادية، وبلُغة تأخذك من دُنياك إلى عالم الرواية، ولا تستطيع العودة بسهولة منه أهدتنى الناشرة الجادة وصاحبة الرسالة الدكتورة فاطمة البودى أحدث إصداراتها وهى رواية: رَبع الرُّز، للروائية شيماء غُنيم. فرِحتُ عندما قرأت على غلاف الكتاب أنه يُشكِّل الطبعة الثالثة فذلك يؤكد أن القُرَّاء أقبلوا على النص وقرأوه بعناية. ودار العين أسستها الدكتورة فاطمة البودى عام 2000، أى أن عمرها الآن رُبع قرن توقفت أمام ما تنشره من كتُب لأنه يعنى أن الناشرة صاحبة رسالة. أكثر من هذا فهى تستكتب روائيًا آخر كلمة عن الرواية ومن كتب الكلمة الروائى محمد إسماعيل: - أعلنت مصر الحِداد أربعين يومًا لوفاة سعد زغلول، وعلى الجانب الآخر من الشمال أدركنا مراسم التأبين. وتأخذنا الكاتبة فى رحلة إلى رَبع الرُّز فى منطقة بولاق على هامش القاهرة. وتحت خط الفقر، حيث يسكن أكثر من ألفى شخص. تدخل مع أبطالها صندوق حكاياتها لأعماق المجتمع القاهرى وجه باطنى من وجوه المدينة يحكمه الفتوات وتُسيطر عليه الخُرافات فنُلقى نظرة على شكل الشارع القاهرى وندخل سِرًا فى قلب المقاهى والحمّامات النسائية الشعبية. ونسمع ما يدور من تناقل الأخبار، ونُشاهد مواكب العائقات تطُل، فإنها رواية رَبع الرُّز، التى تدور أحداثها على زاوية جديدة لماضى القاهرة الغنى بالتفاصيل السحرية. فنغوص فى الزمان والمكان، حيث المُهمشون على الجانب الآخر من مُجتمع الباشوات، ستجرى الصفحات بين يديك، لكنها لن تخرج أبدًا من عالم هذا العمل الفذ والجميل. والكاتبة تُهدى روايتها لبيتها الثانى، مُبادرة سيرة القاهرة، من رأيت القاهرة بعيونها فجعلتنى أجوب الشوارع، أستمع لهمسات الحكايات الدفينة خلف الجُدران، لأحبائى ممن أصابتهم لوثة المدينة الألفية، إليكم هذه الرواية. وتبدأ فصلها الأول بعبارة دالة: - لم يكن صراخها الوحيد المسموع، فالمدينة تصرخ، لذا أتى صياحها عاديًا لا يُلقى له بال وحدها زهرة من انتبهت لصوتها الذى تعرفه جيدًا. لملمت أطراف جلبابها وخرجت من غُرفتها العطنة، وهرعت لتقف أمام المشهد ثوانى كالتمثال قبل أن تهبط على رأسها، ثم تفرد ذراعها يمينًا ويسارًا، وتولول بأعلى صوت: الحقونى يا خلق هو. الحقونى يا ناس، حريقة.. الولية حتموت يا ناس، ذهبت استغاثاتها بين نحيب آلاف البشر. والروائية تشكُر من أعانوها على كتابة الرواية بالرأى والمراجعة والدعم تخص الصديق العزيز والروائى الكاتب محمد إسماعيل على الرأى والنقاش والاطلاع. والصديق العزيز عبد العظيم فهمى، والصديقة العزيزة الدكتورة هالة فودة بسبب قراءتهم ورأيهم الدقيق ومراجعتهم التاريخية. كما تشكر العزيزات إيمان مصطفى، وأميمة صُبحى على القراءة والتحرير والدعم والأصدقاء الأستاذ عادل سيف، والدكتور حامد محمد حامد على ترشيحاتهم للكُتب ومراجعتهم الدقيقة وأخيرًا تشكر والدها وأمها وعائلتها الكبيرة. وتكتُب لهم جميعًا جزيل الشكر على الدعم والاطلاع والثقة والمحبة الصادقة. ثم تكتُب عن نفسها أنها من مواليد الجيزة عام 1993، كاتبة حصلت على ليسانس آداب جامعة حلوان قسم إعلام. عملت كمُعِّدة ومُراسِلة فى العديد من المواقع والبرامج التليفزيونية. كما تعمل ككاتبة محتوى عن تاريخ السينما المصرية وتاريخ المجتمع المصرى وعاداته. وأنها شاركت فى إعداد فيلمين وثائقيين عن منطقتى: سوق السِلاح والحطَّابة، وأن روايتها الأولى غير المنشورة وعنوانها: أبواب نجية وصلت للقائمة الكبيرة لجائزة المرحوم خيرى شلبى عام 2022. أعترف أنه نص روائى جميل مكتوب بعناية غير عادية، وبلُغة تأخذك من دُنياك إلى عالم الرواية، ولا تستطيع العودة بسهولة منه. تختم روايتها الجميلة التى أمتعتنى قراءتها جدًا فتكتُب: - الآن فقط أغلقت سراديب الماضى أبوابها وشهدت الأرض الدماء حتى ارتوى ساكنوها. وأخذ الوزير ما يريد من رَبع الرُّز تختلط الحكايات إلا اللعنة التى يشاهدوها بأعينهم، فتوارثتها الأجيال. أقدار كل من فى الرَّبع تترابط كالشبكة التى يُعلِّقون عليها جلابيبهم أعلى سماء غُرفِهم. ومن يكسر تلك الحلقة المُفرَّغة التى يدورون فيها؟. جيلٌ بعد جيل ستظل الساقية تدور، وإن تبدَّلت الأحوال واختلفت الألقاب. متاهة تدور فى عقولهم كتلك التى يعيشون فيها. من يقطنون بالرَّبع يبقون فيه، حتى لو انتشروا فى الأنحاء فمكانتهم لم تتغير. لا يهم فى أى مكانٍ يذهبون ستلحق بهم اللعنة وسيأخذ الوزير ما يُريد. وفى الصباح عُلِّقت الرايات، فالعيد الملكى حل ميعاده، وإن كانت البلدة كلها فى حِداد.