العلاقة السعودية المصرية ليست وليدة اللحظة في ظل عالمٍ تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية، وتتعاظم فيه التحديات الإقليمية والدولية، تبرز العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية كنموذجٍ راسخ للتحالف العربي القائم على الاحترام المتبادل، والرؤية الموحدة، والمصالح المشتركة. وفي هذا الإطار، استقبل وزير الخارجية المصري، السفير بدر عبد العاطي، نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، يوم الخميس الماضي بمدينة العلمين، وتأتي هذه الزيارة الرسمية في لحظة إقليمية حساسة، بما تعكسه من إرادة سياسية واضحة لدى القيادتين لتعزيز التعاون الثنائي والتنسيق المستمر في القضايا ذات الأولوية. ركز اللقاء الوزاري على الملفات الإقليمية الساخنة، وفي مقدمتها الأوضاع في غزة، وسوريا، والسودان، وليبيا، إضافة إلى القضية الفلسطينية، التي لا تزال تتصدر أولويات القاهرة والرياض على حد سواء. وقد شدد الوزيران على أهمية الحلول السياسية، ورفض التدخلات الأجنبية التي تُقوض فرص الاستقرار في العالم العربي. وفي الشأن السوداني، دعا الجانبان إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين، كما أكدا على رفض الهجمات الإسرائيلية في سوريا، وطالبا بضرورة انسحاب إسرائيل من الجولان المحتل، التزامًا بالشرعية الدولية. وعلى صعيد العلاقات الثنائية، ناقش الجانبان تفعيل مجلس التنسيق المصري–السعودي الأعلى، كإطار عملي لتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري، بما ينسجم مع رؤية السعودية 2030 ورؤية مصر 2030. وهو ما يعكس حرصًا متبادلًا على تحقيق تنمية متوازنة وشراكة استراتيجية تتجاوز النطاق السياسي. لم تكن الزيارة مجرد تأكيد على العلاقات الثنائية، بل حملت في طياتها رسالة عالمية : أن القاهرة والرياض تتحركان من موقع الفاعل المؤثر في محيطهما العربي، في ظل قناعة مشتركة بأن أمن الخليج امتداد لأمن مصر، واستقرار البحر الأحمر مرتبط بأمن شبه الجزيرة العربية. هذا التفاهم العميق بين البلدين لا يُبنى على المصالح وحدها، بل على مسيرة ممتدة من الدعم المتبادل والمواقف التاريخية. فقد أثبتت الوقائع أن التحالف المصري–السعودي هو دعامة محورية للاستقرار في المنطقة العربية، وقوة توازن في مواجهة التدخلات والأطماع الخارجية. كما أكد اللقاء الوزاري كذلك على ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك، وتوحيد المواقف تجاه الأزمات المتفاقمة، بما في ذلك جهود دعم الشعب الفلسطيني في ظل العدوان المستمر على غزة، والمخاطر الإنسانية التي تزداد تعقيدًا. إن العلاقات المصرية–السعودية لم تعد تُقاس فقط بحجم الزيارات أو الاتفاقيات، بل أصبحت أحد أعمدة النظام الإقليمي العربي، وهي بذلك تمثل نموذجًا عمليًا لتحالف يقوم على الثقة والرؤية المشتركة، ويعمل بوعي ومسؤولية في لحظة عربية حرجة. العلاقات الطيبة والأخوية هي أساس بناء المجتمعات القوية والمتماسكة، عندما نتعامل مع الآخرين باحترام وتقدير، نخلق بيئة إيجابية ومشجعة للنمو والتطور. والاخترام المتبادل. كاتب المقال : كاتب ومفكر مسيحي