المشروع الذى تعرضه إسرائيل لإقامة «معازل» يحتجز فيها الفلسطينيون تحت حراسة إسرائيلية ونقل سكان غزة إلى ما سمى «بالمدينة الانسانية» أثار موجة غضب لأنه يعنى بالضبط تحويل غزة إلى سجن كبير لا يسمح فيه لأحد بالدخول أو الخروج إلا بعد تفتيش أمنى إسرائيلى ويعيش فيه الفلسطينيون على المساعدات وهو ما يحولهم فعليا إلى مستعمرة من مستعمرات الهنود الحمر التى أقامتها السلطات الأمريكية فى القرن ال 19 لاحتجاز الهنود الحمر مع فارق وهو أن الهنود الحمر أقوام بدائية لا تعرف التعليم ولا تعرف التنظيم الحديث للمجتمع وقد اعتبرت هذه المستعمرات مراكز لإعادة تأهيل الهنود الحمر ونقلهم من حياة البداوة إلى العصر الحديث بعدها يصبحون مواطنين أمريكيين بكامل حقوق المواطنة. ولكن إسرائيل تقترح هذه السجون على شعب متحضر كان ولا يزال ينجب العلماء والمثقفين، ثم إن إسرائيل لا تقدم لهم سوى الطعام والشراب الذى تقدمه لأى مسجون فى السجون الإسرائيلية دون أى وعد بالمساواة فى الحقوق والواجبات ويتم التطهير العرقى وهو محكوم عليه بالفشل، حتى إن قطاعات من القوى السياسية فى إسرائيل ترفضه علنا باعتباره مشروعاً غير واقعى من شأنه أن يشعل صراعا عسكرياً ومواجهة مسلحة بين الفلسطينيين وإسرائيل فى ظل تأييد من الرأى العام العالمى لحق الفلسطينيين فى الحصول على دولة مستقلة ذات سيادة مكتملة. إن هذا المشروع ليس أكثر من دعوة مفتوحة للصراع ولتسخين المنطقة حتى تظل مشتعلة وهذا وضع خطر لأن إسرائيل تلعب بالنار ولأن العالم فى الألفية الثالثة لم يعد هو العالم فى الألفية الثانية. لقد جرت مياه كثيرة فى الأنهار الفلسطينية وعلى إسرائيل أن تدرك هذه التحولات المحلية والدولية.