الحريق كشف ضعف إجراءات حماية المنشآت الحيوية وكان جرس إنذار لإعادة تصميم شبكة الاتصالات. الحريق الذى شب فى سنترال رمسيس بعد ظهر الاثنين الماضى وتداعياته التى تمثلت فى شلل كبير أصاب الحياة مؤقتا فى مصر كان الشغل الشاغل لجميع المصريين طوال الأيام الماضية بعدما أدى إلى تعطل خدمات الاتصالات والإنترنت وما يتعلق بهما فى العديد من المحافظات.. كما تأثرت حركة الطيران وتعطلت الخدمات المصرفية والبورصة. الحريق اندلع أولا فى إحدى غرف الأجهزة فى الطابق السابع ثم امتد لعدة طوابق فى السنترال المكون من 11 طابقا واستمر لعدة ساعات وخلف 4 ضحايا مهندسين لقوا حتفهم خنقا بالدخان الناتج عن الحريق وأصيب 27 آخرون من العاملين بالسنترال ورجال الحماية المدنية.. وقد تجددت مساء الخميس الماضى ألسنة اللهب داخل السنترال لكن تمت السيطرة على الحريق بسرعة بعد محاصرة النيران ومنع امتدادها للأدوار العليا. سنترال رمسيس هو أهم المراكز الرئيسية للاتصالات فى مصر إذ يتحكم فى جزء كبير من الحركة الدولية للاتصالات بين مصر والعالم وهو نقطة التقاء المحاور الثلاثة للحركة الرئيسية للشبكات التى تمثل حركة الاتصالات داخل مصر ومع اندلاع الحريق سادت حالة من الجدل بين المواطنين سواء فى الشارع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. البعض اتهم الحكومة بالتقصير فى تجهيز البنية التحتية بما يتناسب مع التعاطى مع الأزمات وانتقدوا الجهات المعنية بالتقاعس والبطء فى الاستجابة للحادث والتعامل مع الحريق والسيطرة عليه مما أدى لاستمراره لساعات وتجدده ووقوع العديد من الضحايا وطالبوا بمحاسبة المتسببين. من ناحية أخرى اعتبر عدد من المواطنين أن هذا الحادث «قدري» وأن الحكومة فعلت ما فى وسعها وحاولت قدر الإمكان السيطرة على الحريق.. فى توضيحه لموقف الحكومة من الحادث أكد د.مصطفى مدبولى رئيس الوزراء فى مؤتمر صحفى أن الدولة لا تعتمد على سنترال رمسيس كمصدر وحيد للخدمات الاتصالية مشددا على أن سرعة تعافى الخدمات عقب الحريق تدل على كفاءة وجاهزية البنية التحتية للاتصالات.. وأكد أن الدولة اتخذت إجراءات فورية لضمان استمرارية الخدمات من بينها تحويل خدمات الإنترنت الثابت إلى سنترال الروضة وتأمين خط الطوارئ الخاص برحلات الطيران بالإضافة لحماية منظومة الخبز المدعم. واعترف رئيس الوزراء بأن هناك تأثرا نسبيا فى بعض خدمات الاتصالات شمل شبكات المحمول والتطبيقات المصرفية والبورصة التى علقت عملها مؤقتا كإجراء احترازى بسبب اعتمادها على شبكة الاتصالات. ونفى د.مدبولى اعتماد الدولة الكامل على سنترال رمسيس مؤكدا أن هناك عدة سنترالات بديلة دخلت الخدمة ونجحت فى استعادة جزء كبير من الشبكة خلال الساعات الأولى بعد الحادث وأضاف «السنترال مازال خارج الخدمة ومع ذلك تعافت الخدمات بشكل كبير وستعود للعمل بكامل الكفاءة خلال الساعات القادمة». مجلس النواب لم يسكت استدعى وزير الاتصالات لاجتماع عاجل فى لجنة الاتصالات لشرح ملابسات الحادث فيما تعهد المجلس بكشف الحقائق للرأى العام. الحقائق موضع تحقيق فنى دقيق بواسطة النيابة العامة من خلال لجان متخصصة من أساتذة كلية الهندسة والخبراء المختصين والتفاصيل ستعلن خلال أيام.. على أية حال.. انتهى الحريق وستعلن نتائج التحقيقات فى أسبابه خلال أيام.. لكن هناك آراء لخبراء أدلوا بها من خلال تصريحات إعلامية لابد أن نتوقف عندها. رحاب الرحمانى الخبيرة فى الأمن السيبرانى قالت لقناة «سكاى نيوز عربية» إن الحريق كشف ضعف إجراءات حماية المنشآت الحيوية.. وأثار تساؤلات حول جهوزية البنية التحتية الحساسة للحماية المدنية والتصدى السريع للكوارث وأعاد النقاش حول ضرورة إنشاء سنترالات احتياطية وتحسين تأمين موقع البيانات الحيوية.. وأكدت أن هذا الحادث أبرز أهمية الحاجة لتغذية الأمان الوقائى ولتكرارية الجغرافية للمنشآت الحيوية واعتماد خطة طوارئ فعالة والاستعداد للدخول الرقمى المتزايد فى الاقتصاد. المهندس أحمد العطيفى خبير الاتصالات والمستشار السابق فى البرنامج الإنمائى بالأمم المتحدة تحدث أيضا إلى قناة «bbc» فأكد أن الحريق الذى شب فى سنترال رمسيس هو بمثابة جرس إنذار مهم جداً لإعادة النظر فى النقاط الحرجة القريبة من شبكة الاتصالات الرئيسية فى مصر وإعادة تصميمها ولابد من تقليل عدد هذه النقاط الحرجة ووضع استراتيجية متكاملة ومراجعة الاستراتيجية الحالية. وأوضح أن البنية التحتية لشبكة الاتصالات فى مصر تحتاج إلى إعادة بنائها لتكون قادرة على مواجهة الأزمات ما يضمن استمرارية تقديم الخدمات فى أى ظروف طارئة.