ستعرضان ألعابهما على المسرح الشرق أوسطى ليتفرج العالم كله على ملاعيب شيحا المشهورة فى التراث الفلكلورى المصرى لعل العالم يشرئب على أطراف قدميه متعجبًا من عودة عدة شخصيات تاريخية فى شخص واحد! ففى عام 1021 ميلادية وبعد ربع قرن من الحكم، اختفى فجأة الخليفة الفاطمى السادس لمصر الحاكم بأمر الله فى أثناء رحلة ليلية إلى جبل المقطم. ولم يُعثر على جثته، وهناك العديد من النظريات حول سبب اختفائه بالاغتيال أو الاختفاء العمدى بالهروب. وكما اختفى دون مقدمات منذ ألف عام وخمسة يبدو أننا نعيش زمن استنساخ حاكم آخر يدّعى الحكم بأمر الله، يرى من حملوه لفترة حكم ثانية لأمريكا أنه جاء تنفيذًا لمشيئة إلهية تكفيرًا لعصيان سلفه «بايدن» الذى كان ترشحه «خطيئة أصلية» مثلما عصى آدم أوامر الله! إنه الحاكم الأمريكى «بأمر الله» كما يراه غلاة المتطرفين فى الإدارة الأمريكية المعجونة أفكارهم بالصهيونية والتوراتية المزيفة والإنجيلية المتصهينة؛ إنه ترامب الذى يخلط فكر رجال الأعمال الانتهازيين برجال المافيا الدمويين بتقمص تصرفات رجال الحكمة المصلحين الساعين بين المتخاصمين المتحاربين بمبادرات السلام، وكأنها دعوة فعلية للسلام! ومن معجزات العصر والأوان أن يجتمع حكيما العصر والأوان بيبى وتابعه أو قائده ترامب، يستعرضان ألعابهما على المسرح الشرق أوسطى ليتفرج العالم كله على ملاعيب شيحا المشهورة فى التراث الفلكلورى المصرى.. التى عاش صاحبها جمال الدين شيحا واشتهر فى العصر المملوكى فى مصر، فى عهد الظاهر بيبرس. ومنها أن «شيحا» كان يمتلك حمارًا، وكان يأخذه كل يوم إلى السوق ليبيع بعض الحاجيات. وفى أحد الأيام، قرر شيحا أن يخدع الناس ويزداد ربحه. فوضع قناعًا على وجهه وادعى أنه حكيم، وبدأ يبيع «العلاج» للناس. وبينما كان شيحا مشغولًا ببيع «العلاج»، أخذ حماره يأكل الخضراوات والفواكه من السوق، وعندما اشتكى أصحاب البضائع من الحمار، أنكر شيحا أى مسئولية عنه، وقال إن الحمار ليس له، وإنه جاء من تلقاء نفسه. وعندما حاول الناس إبعاد الحمار وضربه، قال شيحا إنهم يحاولون سرقة «الحمار السحرى» الذى يأكل البضائع ويجلب الحظ السعيد. فبدأ الناس يصدقون شيحا، واشتروا منه «العلاج» لحميرهم، معتقدين أنها ستصبح مثل حمار شيحا وتجلب لهم الحظ السعيد. وفى النهاية، جمع شيحا الكثير من المال من بيع «العلاج»، وهرب من السوق قبل أن يكتشف الناس خدعته. وما أشبه حكايات وملاعيب شيحا وحماره بما دار فى البيت الأبيض بين ترامب ونتنياهو وكلاهما يقدم الآخر للعالم على أنه وحيد عصره وأوانه، ويحاول كلاهما تسويق صاحبه للعالم ليفوز أحدهما بنوبل للسلام!والآخر بنوبل فى السيطرة واستغفال العالم حوله! وكم كانت مسرحية هزلية من نوعية الكوميديا السوداء حين قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكى، دونالد ترامب خطاب ترشيحا لجائزة نوبل للسلام خلال العشاء الذى جمعهما فى البيت الأبيض مؤخرا، قدمه له وهو يمد يده فوق الطاولة، ومعه كلمات لخداع العالم ولجنة الجائزة: «لقد حقق الرئيس بالفعل فرصة عظيمة. لقد صاغ اتفاقات إبراهام. إنه يرسى السلام، لذا أريد أن أقدم لك، سيدى الرئيس، الخطاب الذى أرسلته إلى لجنة جائزة نوبل؛ لترشيحك لجائزة السلام، إنك تستحقها عن جدارة، ويجب أن تحصل عليها». وبالطبع كان لابد من استكمال المسرحية ذات الفصل الواحد ليرد: «شكرًا جزيلًا لك يا بيبى، أنا أوقف الحروب. أكره رؤية الناس يُقتلون».