ورحل الكاتب الكبير «هانئ مباشر» هكذا كان يحب أن يكتب اسمه على التحقيقات الصحفية التي حققها طوال مسيرته الصحفية لمجلة «آخرساعة» وعلى مقالاته التي أبدعها بأنامله تحت عنوان كلام مباشر، ظل حتى لحظات عمره الأخيرة يصارع آلامه ممسكا بالقلم وكأنه يرفض أن يترجل عن حصان الكلمات إلا بعد آخر قطرة من مداد قلمه الذى كان يشعر من خلاله بقرب النهاية، حيث كتب يقول: تأتى لحظة ما من عمرك.. تنظف من خلالها كل الشوائب والمصائب التى علقت بروحك تولد من جديد؛ تخر أمام هذه اللحظة لأن قدرك بدأ يتغير.. إفتح الباب؛ هذه نعمة تأتيك فى آخر العمر، فلا تنطفئ. وأخيرا أرسل الله لك من عالم الغيب مجهولا جاء على قدر نقاء قلبك، ليزيح الهموم عن صدرك، أنت تشعر بهذا أليس كذلك؟!.. رحل الأستاذ الكبير هانئ مباشر وكما تتوهج الشهب الساقطة فى إضاءتها الأخيرة، كتب فى توهجه الأخير كلمات ومعانى يبدو أنه أراد من خلالها أن يترك حكمة ونصيحة لتكون نبراسا لمن بعده، الحكمة تلخص تجربته فى الحياة حيث كتب يقول: «هذه الحياة» بكل ما فيها لا تُساوى شيئا أمام «العافية»، «الاستقرار النفسى»، «طمأنينة القلب»، «سكينة الروح»، «النوم بعمق».....إن سألت الله شيئا فاسألهُ هذه الرحمة أولا.. وكانت نصيحته الأخيرة: لا تثقوا أبدا فى أى شخص قد مل منكم وأدار وجهه عنكم. رحم الله الأستاذ هانئ مباشر. ■ عصام عطية يكتب: وجع الرحيل أكثر من خمسة وعشرين عاما من الشغف والانتماء، كتب هانئ مباشر سطورا لا تُنسى فى ذاكرة الصحافة المصرية، تحت سقف مبنى «أخبار اليوم» التى كانت دوما بيتنا الكبير. كنا صغارا يوم بدأنا، وكبرنا معا بين جدران المبنى العتيق، اختلفنا أحيانا، تقاطعنا، تصالحنا، لكن ظلت «آخرساعة» حبنا المشترك الذى من أجله نسينا الزعل، وتنافسنا على الانفرادات، وركضنا خلف الحكايات من أجل أن تبقى المجلة فى القمة. دوارة كانت عجلة الطباعة، ودوارة معها الأيام، حتى أثقلتك يا هانئ هموم الدنيا، فحملتها بصمت، دون أن تبوح. كبرنا يا هانئ .. كبرنا كما يكبر التعب، وكما تتراكم الأحمال فوق القلب، لكنك كنت دائما الصامت الحزين، الذى يبتلع أوجاعه بابتسامة لا تشبه أحدًا. وفجأة... سقطت. وفجأة... رحلت. ■ منى سراج تكتب: أتارينا بنحبك وإحنا مش عارفين ياهانئ أتارينا كنا بنحبك واحنا مش عارفين.. لما رئيس التحرير كتب على الجروب «أتمنى أن يكون الخبر غير صحيح»، ومنذ هذه اللحظة وأنا أعيش داخل هذه الأمنية.. كلما تذكرتك أو مررت أمام «غرفة مكتبك» وأنا أدعو الله وأتمنى أن يكون الخبر غير صحيح.. لم تبدُ أمامى للحظة إنك «ابن موت» وأتاريك طلعت «ابن موت» واحنا منعرفش، لما مشيت «أمى» منذ شهور، جلست معى طويلا لتقنعنى أن هذا صحيح وأن كلنا سنرحل، واليوم بعد أن فارقتنا من سيقنعنا أن الخبر صحيح.. جعلك الله فى مرتبة الصديقين والشهداء ورحمك الله وغفر لك، وأسكنك فسيح جناته يا هانئ ■ ياسين صبري يكتب: شخص استثنائي في دروب الحياة يضع الله فى طريقك أشخاصا استثنائيين حباهم الله بنور البصيرة، فهم يرون فيك ما لا يراه الآخرون، يؤمنون بقدراتك ويدفعونك دائما إلى الأمام، تشعر أنهم منحة ربانية تساعدك على تخطى آلامك وأحزانك، من بين هؤلاء أستاذى هانئ مباشر، رحمه الله، كان مخلصاً، عرفتك فارسا نبيلا من فرسان الأخلاق والكلمة، وكنت سندى فى أصعب الأوقات، أدعو الله أن يكتبك من أهل الفردوس الأعلى وأن يرزقك نعيما وسعادة لا تنتهى. ■ شريف عبدالفهيم يكتب: لم تسعده الحياة لم أستوعب الخبر في البداية تعلقت بكلمة قالها الأستاذ عصام السباعي، رئيس التحرير، وهو ينعى لنا رحيل هانئ مباشر (أتمنى أن يكون الخبر غير حقيقي) سألت أول ما سألت هل تأكدتم من الخبر؟، وعندما جاءني التأكيد مر أمامي شريط طويل مدته 28 عاماً منذ دخلت «آخر ساعة» وتعرفت عليه.. وجوده في المكان كان له وضع مختلف، كانت سهرة الأحد عاملاً مشتركًا بين عدد من الجنود المجهولين في «آخر ساعة» كان هانئ مباشر أحدهم.. لم ينل هانئ مباشر حظه من الدنيا كباقي من عاصروه أو زاملوه، لكنه نال حباً في قلوب زملائه أكثر من أي شخص آخر. لم تسعده الحياة كغيره ممن يملكون مواهبه الصحفية، لكني لم أره يوماً يتكبر على العمل. ■ سعيد الخولي يكتب: نم هانئا يا هانئ ورقة جديدة من شجرة العمر وشجرة أخبار اليوم وآخر ساعة تسقط بعد مقاومة بطولية وإرادة شرسة للبقاء في وجه المرض القاسى.. هانئ مباشر عرفته متدربا فى آخر ساعة منذ نهايات الثمانينيات. جاء مشحونا بالأمل يغريه نجاح عمه الصحفى الكبير عبده مباشر وصيته الكبير وقتها على أن يكون نسخة أخرى من العم المراسل الحربي الشهير، ويغذى عمله بأمله ويحرص دوما على التجديد وانتقاء ألفاظ ما يكتبه بعناية. رحم الله هانئ مباشر ورحم معه زمنا لم يعد منه إلا نسائم متقطعة فى حر لاينقطع... نم هانئا ياهانئ رحمة الله عليك ومغفرته ورضوانه.. ■ حسن عبدالله يكتب: الخلوق في سهرة الأحد من كل أسبوع ..تجتمع أسرة «آخر ساعة» في هذا اليوم لإنهاء عدد المجلة .. كان يطل علينا الأخ والصديق العزيز هانئ مباشر بدعاباته الجميلة وأخلاقه الجميلة .. كان محبًا للدعابة مع كل أسرة المجلة. يوم طويل .. الجميع فى عمل دؤوب، ويظل أخى هانئ متابعًا لموضوعاته وموضوعات الزملاء يراجع ويتصل ببعض الزملاء للتأكد من صحة معلومة ما أو مراجعة الزميل في خبر ما. رحمك الله أخي الحبيب هانئ.. وكأنك كنت تستشعر النهاية .. اتصلت بجميع الزملاء للاطمئنان عليهم ... وطلبت من البعض أن ينزل إليك لرؤيتك .. كنت تودع الجميع .. مع السلامة أخي وصديقي. ■ سحر توفيق تكتب: وداع بدون سابق إنذار الساعة الواحدة ظهرا أترجل من السيارة لدخول مؤسسة أخبار اليوم (مجلة آخر ساعة) ، صوت يأتى من بعيد أستاذة سحر يا أستاذة سحر، أتلفت من حولى وأشعة الشمس ساطعة بشدة بعينى لا أرى أحدا.. مرة تلو الأخرى أسمعه ينادينى، وجدته داخل سيارة حمراء، هانئ (حمد الله على سلامتك) أنا فرحان إنى رأيتك ياسحر، وأنا كمان إن شاء الله المرة الجاية أشرب معاك القهوة فى مكتبك. إنت كويس وهتقوم منها معافى بإذن الله.. كان يصارع مرضه بكل طاقاته ولم تفارقه ابتسامته الحزينة الشاكية الباكية شفتاه من تجاهل الآخرين له حتى فى مرضه. جاء مودعا قبل وفاته بساعات قليلة أحبابه وأصدقاءه بدون سابق إنذار. نم يا هانئ مطمئنا وليكن من اسمك هناء وسعادة بمكانك الجديد. ■ أحمد الجمال يكتب: بستان «مباشر» برحيل الأخ والزميل هانئ مباشر، خسرنا روحًا طيبة وقامة إعلامية نادرة. لقد غادرنا إلى دار البقاء، لكن كلماته ستظل بيننا في تدفق مباشر وأبدي، تُقرأ وتُعلم وتُلهم، فإلى رحمة الله يا عزيز، لقد كنت بستان أفكار وسنظل نتذكرك بالزهور التي غرستها بكفيك كلما سرنا في حديقة «آخر ساعة» التي مشي فيها على مدى سنوات طوال عظماء كبار، كنت تحفظ قصصهم عن ظهر قلب، وترويها لنا في أوقات الفراغ، واليوم أنت معهم تحلّق في مكان أجمل وأرحب، وجميعكم مستأنِس ومحفوف بواسع فضل الله وفيض رحمته.. عزاؤنا الوحيد أنك تركت فينا ما لا يموت: الكلمة التي تحرك الضمائر. ■ د. مصطفى الشيمي يكتب: المُخلص المخلص الآن أصبح عملة نادرة فى دنيانا التى نعيشها، فقلما تجد شخصا يحرص على إجادة عمله ويقوم به على خير وجه ابتغاء مرضاة الله وبعيدا عن الإهمال والتقصير. فالقليل - ولا أقول الكثير - يعمل لصالح غرض ما فى نفسه. لم أجد هذه الخصلة أبدا فى شخص هذا الهانئ فى عمله المباشر فى صدقه وتصرفه، يعمل بلا كلل ويفعل المطلوب منه تحت أى ظرف حتى وهو فى قمة مرضه وشدة معاناته. لا أملك له إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة، هذا الذى أحب عمله وأخلص فيه وأتقنه. «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. ■ أشرف السماحي يكتب: ابتسامة لن تغيب عرفتك مبتسمًا بشوش الوجه، صادق المحبة، لبق اللسان، واحدا من أنشط أبناء الأخبار الحبيبة، لم تكل ولم تمل من العمل مهما كانت الأحوال، تجده دائما في قلب «مطبخ الأخبار» في مجلتنا الغراء «آخر ساعة» بيته الثاني. «كلم هانئ..» بهذا النداء تجد حلاً سريعا لأية مشكلة طارئة، سواء كانت صغيرة أو كبيرة فدائما كان قلبك على العمل ومصلحته، لم تجده متكاسلا حتى في أصعب لحظات مرضه، فهو الذي يضحك بالكتابة ويتألم بالكتابة، ويناجي ربه ويصف حاله بالكتابة! كثيرون من تعلموا على يده وتدربوا على أصول المهنة، وستشهد لك أجيال من الطلبة أنك لم تبخل عليهم من علمك ومعرفتك، بل وبعاطفتك الأبوية. سنفتقدك كثيرا يا من حركت بقلمك مشاعر الكثيرين، وأبكيت بموتك قلوب الكثيرين أيضًا. ستظل في القلوب هانئا متربعا مثلما كنت دائما، رحمك الله يا ابتسامة آخر ساعة التي لن تغيب. ■ محمد ياسين يكتب: مستعجل ليه؟ فى لحظة هادئة، غاب عن دنيانا الزميل العزيز والصحفى النبيل، صاحب القلم الرشيق هانئ مباشر، لكن حضوره الإنسانى والمهنى باقٍ فى قلوبنا، وبين صفحات مجلة «آخر ساعة» التى عشقها، فكانت هى بيته الأول قبل بيت عائلته وأسرته، فقد كان بحق أحد أعمدتها المخلصة، حتى أنه حضر قبل وفاته بيوم وكأنه يودع المكان والصحاب.. رحل هانئ مباشر، بعد عناء مع المرض الذى لم نتخيل يوما أن تكون نهايته قريبة، لكنه ترك لنا سيرة عطرة، لا تُنسى... ترك لنا صفحات كتبها بإخلاص، ومواقف محفورة فى الذاكرة، ورفقة مهنية نفتخر بها. وداعا يا هانئ، نم هادئا كما عشت نقيا، ولتبق كلماتك تنبض فينا، وسيرتك نورا فى طريق كل من أحبك وعرف قدرك. ربنا يرحمك يا صاحبى، ويجعل تعبك فى ميزان حسناتك، وهتفضل دايمًا معنا فى الشغل، وفى الذكرى، وفى الدعاء.