رئيس جامعة جنوب الوادي يتابع معدلات الإنجاز لعدد من التطبيقات الإلكترونية    "زراعة الشرقية": مرور ميداني لمتابعة مواقع تجميع وحصاد محصول الأرز    أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    وزير الصناعة: ننسق مع الوزارات المعنية لحل مشكلات مصانع السيراميك والبورسلين وجدولة الديون    أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025.. اعرف طن الحديد بكام    14 أكتوبر 2025.. ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة فى بداية تعاملات اليوم    فنزويلا تغلق سفارتها في النرويج بعد أيام من منح نوبل للسلام لزعيمة المعارضة    قمة شرم الشيخ.. الإعلام الأمريكي يبرز كلمة الرئيس السيسي وإشادة ترامب بدور مصر في السلام    أستراليا تشيد بخطة ترامب لإرساء السلام في غزة    هل وافقت حماس على نزع سلاحها لوقف الحرب؟.. مختار غباشي يرد    أستاذ علوم سياسية توضح سبب سعي "ترامب" لتوسيع الاتفاقيات الإبراهيمية بالمنطقة (فيديو)    النحاس: كنت أتمنى قيادة الأهلي في كأس العالم للأندية    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    عاجل|الصحة تغلق مركزًا غير مرخص للتجميل في مدينة نصر تديره منتحلة صفة طبيب    وزير الصحة يبحث مع نظيرته الألمانية تعزيز التعاون خلال فعاليات قمة برلين    التضامن تطلق حزمة أنشطة تنموية لطلاب الابتدائية بمشروعات السكن البديل    إبراهيم حسن: هناك من يكره وجودنا في منتخب مصر    المصرى يثمن جهود الرئيس عبد الفتاح السيسى لإنهاء معاناة الشعب الفلسطينى    المكسب هو الحل.. ماذا يحتاج المنتخب السعودي والعراقي من أجل حسم التأهل إلى كأس العالم؟    تصفيات المونديال في 3 قارات.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    حملات تفتيش على المنشآت السياحية بالأقصر للتحقق من تطبيق قانون العمل الجديد    مصر تدعم التنمية الزراعية في موريتانيا بإنشاء فرع مركز بحوث بنواكشوط    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    مصرع شاب إثر سقوطه من الطابق الرابع في الغردقة    الأمن يفحص فيديو لشاب يستعرض بدراجة نارية بطريقة خطرة في أحد الطرق العامة    ذات يوم 14 أكتوبر 1994.. محاولة فاشلة لاغتيال نجيب محفوظ تنفيذا لفتوى ضالة من مفتى الإرهاب عمر عبدالرحمن بسبب رواية «أولاد حارتنا» ومرتكب الجريمة يعترف بأنه لم يقرأها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    الأمم المتحدة تخصص 11 مليون دولار إضافية لدعم العمليات الإنسانية في غزة    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    موعد الإجازة الرسمية المقبلة في مصر للقطاع العام والخاص (5 أيام بأكتوبر عطلة أسبوعية)    بحضور وزير الزراعة السوري.. «سويلم» يفتتح الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    مدير منظمة الصحة العالمية يعلن دخول 8 شاحنات إمدادات طبية إلى غزة    بسبب اللقاء المرتقب بين ترامب وشي جين بينج.. أسعار النفط تغلق على ارتفاع    توفير أكثر من 16 ألف يومية عمل ضمن اتفاقية تحسين مستوى المعيشة بالإسكندرية    توتر داخلي وعدم رضا.. حظ برج الدلو اليوم 14 أكتوبر    ارتياح بعد فترة من التوتر.. حظ برج القوس اليوم 14 أكتوبر    إسعاد يونس: خايفة من الذكاء الاصطناعي.. والعنصر البشري لا غنى عنه    بعد استبعاد أسماء جلال، هنا الزاهد مفاجأة "شمس الزناتي 2"    أحمد التايب للتليفزيون المصرى: مصر تحشد العالم لدعم القضية الفلسطينية    «شرم الشيخ» تتصدر مواقع التواصل ب«2 مليار و800 ألف» مشاهدة عبر 18 ألف منشور    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    التفاح والقرنبيط.. أطعمة فعالة في دعم صحة الكلى    4 طرق لتعزيز قوة العقل والوقاية من الزهايمر    علماء يحذرون: عمر الأب يحدد صحة الجنين وهذا ما يحدث للطفرات الجينية في سن 75 عاما    قرار جديد للشيخ سمير مصطفى وتجديد حبس صفاء الكوربيجي.. ونيجيريا تُخفي علي ونيس للشهر الثاني    ضبط 10 آلاف قطعة باتيه بتاريخ صلاحية مزيف داخل مخزن ببني سويف    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    أردوغان لميلوني في قمة شرم الشيخ: تبدين رائعة (فيديو)    محافظ قنا يشهد احتفالية قصور الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر    قرار من النيابة ضد رجل أعمال نصب على راغبي السفر بشركات سياحة وهمية    قلادة النيل لترامب.. تكريم رئاسي يعكس متانة العلاقات المصرية الأمريكية    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من كذبة نفوق الدواجن إلى التسرب الإشعاعى| حرب الشائعات ما زالت مستمرة

فيديوهات وصور مفبركة تستهدف الوطن.. و«المزارع الإلكترونية» و«البوتات» جيوش رقمية على مواقع التواصل
فى عصر تتسارع فيه وتيرة تدفق المعلومات، أصبحت الشائعات والأخبار الكاذبة سلاحًا فتاكًا يُستخدم لزعزعة الاستقرار وبث الفتنة فى المجتمعات، تستهدف هذه الحملات الممنهجة الدول والمؤسسات، وتسعى إلى تشويه الحقائق وتضليل الرأى العام..
اقرأ أيضًا| أبرز قرارات النيابة تجاه ناشري الأخبار الكاذبة في قضية سارة خليفة
مصر، كدولة محورية بالمنطقة، ليست بمنأى عن هذه الهجمات، حيث تتعرض باستمرار لحملات شرسة من الشائعات التى تستهدف النيل من صمودها ووحدتها.
اقرأ أيضًا| إجراءات قانونية رادعة حيال القائمين على نشر أخبار كاذبة في قضية سارة خليفة
اللواء محمود الرشيدى: التحلى بأقصى درجات الوعى لإفشال مخططات جماعات الشر
خالد البرماوى: الرد السريع والمكاشفة وتوفير المعلومة الدقيقة أفضل وسيلة لدحض الأكاذيب
د. هالة منصور: المشاركة فى نشرها نوع من أنواع الإيذاء المجتمعى
د.محمود عبد اللطيف: أخطر سلاح لتفكيك الدول.. ومصر تتصدى بالمبادرات والمشروعات القومية
د. وليد هندى: الشائعة يؤلفها حاقد وينشرها أحمق ويصدقها الغبى
إسلام غانم: الذكاء الاصطناعى.. سلاح فَعَّال لرصد الحسابات الوهمية
البداية عندما شهدت الفترة الأخيرة انتشارًا لعدد من الشائعات التى استهدفت قطاعات حيوية بمصر، بهدف إثارة القلق والبلبلة بين المواطنين..
من أبرز هذه الشائعات، شائعة نفوق 30% من الثروة الداجنة بمصر، تداولت هذه الشائعة بشكل واسع، مدعية نفوق نسبة كبيرة من الثروة الداجنة فى مصر بسبب انتشار فيروس وبائي، وقد أثارت هذه الشائعة قلقًا كبيرًا لدى المستهلكين والمنتجين على حدٍ سواء باستخدام فيديوهات مفبركة وصور منتجة بالذكاء الاصطناعي، إلا أن الجهات الرسمية والنقابية سارعت إلى نفى هذه المزاعم وتوضيح الحقائق، فقد نفى الاتحاد بشكل قاطع وجود أى أمراض وبائية منتشرة بين الطيور داخل المزارع المصرية.
وأكد أن ما تَرَدَّد مؤخرًا بشأن نفوق 30% من الثروة الداجنة لا أساس له من الصحة، وأن القطاع يتمتع بصحة جيدة ويخضع لرقابة بيطرية صارمة لضمان سلامة الإنتاج.. أما وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى فأكدت على لسان مسئوليها عدم صحة هذه الشائعة، مشددة على أن قطاع الثروة الداجنة بمصر يشهد استثمارات ضخمة ونموًا مستمرًا، وأن مثل هذه الشائعات تهدف إلى الإضرار بالاقتصاد الوطنى وزعزعة ثقة المستهلكين..
كما نفت الحكومة المصرية بشكل عام انتشار أى فيروسات أو متحورات وبائية بين الدواجن، مؤكدة أن جميع الإجراءات الوقائية والاحترازية مُطبقة بفاعلية للحفاظ على سلامة الثروة الحيوانية والداجنة بالبلاد.
ولكن تجدر الإشارة إلى أن بعض التقارير الإعلامية، مثل تلك التى نشرتها شبكة CNN العربية، أشارت إلى أن بعض كبار المنتجين قد أكدوا تجاوز معدلات الفاقد نسبة ال 30% نتيجة لظروف معينة، مما قد يشير إلى وجود تباين فى المعلومات أو تفسيرات مختلفة للوضع على أرض الواقع، ومع ذلك، فإن النفى الرسمى من الجهات المعنية يؤكد أن الشائعة بمجملها كانت مبالغًا فيها وتهدف إلى التضليل.
شائعة التسرب الإشعاعى
وإلى شائعة التسرب الإشعاعى فى مصر بعد ضرب إسرائيل لإيران عقب الضربات الإسرائيلية على منشأة نطنز النووية بإيران، انتشرت شائعات بشكل سريع حول حدوث تسرب إشعاعى قد يؤثر على مصر والمنطقة، هذه الشائعات أثارت حالة من الهلع والخوف بين المواطنين، خاصة مع حساسية الموضوع المتعلق بالإشعاع النووي، ولكن سرعان ما صدرت تطمينات رسمية من الجهات المختصة.
حيث أصدرت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر، بيانًا رسميًا أكدت فيه أن الوضع الإشعاعى فى منشأة نطنز بإيران لايزال تحت السيطرة التامة، وأنه لا توجد أى مؤشرات على حدوث أى تسرب إشعاعى قد يهدد سلامة مصر أو المنطقة، وأكدت الهيئة أنها تتابع الوضع عن كثب وتتخذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان الأمن الإشعاعى.
وتؤكد هذه الاستجابات السريعة والواضحة من الجهات الرسمية والخبراء، أن شائعة التسرب الإشعاعى كانت جزءًا من حملة تضليل تهدف إلى إثارة الفوضى والقلق بالمنطقة، مستغلة حساسية الأوضاع الجيوسياسية.
الأخبار تناقش الخبراء والمتخصصين.. حول سُبل كشف الشائعات ودحضها.. وكيف يعرف المصريون عدوهم الذى يُروِّج الأكاذيب والشائعات؟وما أبرز أساليب ترويج الشائعات عبر الإنترنت فى مصر حاليًا، وكيف يمكن للأفراد والمؤسسات التصدى لها تقنيًا ووقائيًا فى ظل تطور تقنيات التزييف والذكاء الاصطناعي؟
مَن يطلق الشائعات ؟
تُعد الكتائب الإلكترونية، خاصة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أبرز الجهات المسئولة عن صناعة ونشر الشائعات ضد مصر، مستغلة التطور التكنولوجى لبث الفتنة وزعزعة الاستقرار، وتعمل هذه الكتائب بشكل منظم على مدار الساعة عبر لجان مُدربة تستخدم حسابات وهمية وشبكات متعددة «مزارع إلكترونية»..
تعتمد على منصات التواصل الاجتماعى كأداة رئيسية لتضليل الجمهور وتشويه صورة الدولة داخليًا وخارجيًا، تصنع هاشتاجات وهمية لإيهام الرأى العام بوجود غضب شعبى مفتعل، تسخر من المشروعات القومية بهدف إحباط المواطنين وتقويض الثقة فى الدولة، تستغل تقنيات الذكاء الاصطناعى فى إنتاج صور وفيديوهات مفبركة تبدو حقيقية، تسعى لإثارة الفوضى والتحريض على الاضطرابات لتحقيق أهدافها، لذا فإن فهم هذه الأساليب ضرورة لمواجهة الحرب النفسية التى تستهدف وعى المواطن المصري.
حروب معلوماتية
وفى هذا الصدد، أكد اللواء محمود الرشيدي، مساعد وزير الداخلية الأسبق لأمن المعلومات، ضرورة التحلى بأقصى درجات الوعى والحذر لحماية أمن الوطن واستقراره، وإفشال محاولات أعداء الداخل والخارج مِمَن يستغلون شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى لشن حروب معلوماتية حديثة، وأوضح أن هؤلاء يستخدمون أدوات متطورة مثل الذكاء الاصطناعى وتقنيات «التزييف العميق» (Deepfake) لفبركة مقاطع فيديو ونشر شائعات هدفها بث الفتنة، وزعزعة الثقة بين المواطنين، والتأثير على الروح المعنوية.
وشدد اللواء الرشيدي، على أهمية نشر الوعى التكنولوجى بين المواطنين، خاصة فى ظل تصاعد تلك الهجمات الإلكترونية خلال الفترات التى تشهد أحداثًا سياسية أو إنسانية حساسة، مثل العدوان غير المبرر على قطاع غزة، وأشار إلى أن هذه الحروب الإلكترونية تستغل أيضًا التحديات الاقتصادية والاجتماعية فى العالم العربى لإرباك المجتمعات وترويج الأكاذيب..
ولفت إلى أن الفئات الأكثر استهدافًا من هذه الحملات، هى فئة الشباب والأطفال، حيث يسعى المخططون لبث الإحباط واليأس فى نفوسهم، وزعزعة ثقتهم بقيادتهم، رغم ما تحظى به هذه القيادة من دعم شعبى واسع.
وفى ختام حديثه، أكد أن نشر الوعى بالاستخدام الآمن والمسئول لشبكة الإنترنت مسئولية مشتركة، ومحو الأمية الرقمية تتطلب تضافر جهود الدولة، والأسرة، والمجتمع، وكل فرد فى موقعه، لحماية الأمن القومى والمجتمعى من هذه التهديدات الرقمية المتصاعدة.
ترديد الشائعة
والتقط منه طرف الحديث، د.وليد هندى استشارى الصحة النفسية، والذى أكد أن الشائعات تُسبِّب نوعًا من أنواع الهلع والبلبلة، والسوشيال ميديا هى المحرك الرئيسى، وأضاف أن هناك حملة ممنهجة لاستهداف مصر وتوجيه ضربات موجعة للسياحة..
وأضاف استشارى الطب النفسي، أن حروب الجيل الخامس تعتمد على نوعين من الشائعات الغائصة والفجائية، ونحن الآن فى موسم الشائعات الفجائية والتى من أهدافها تدمير الاقتصاد وزعزعة الثقة فى النظام، ووَجَّه هندى نصيحة للمصريين بأنه على المواطن أن يتأكد من المصادر الرسمية والمعلومة ولا يأخذوا الأخبار من السوشيال ميديا، فمَن يصدق الشائعة يكون ضعيفًا نفسيًا ولديه متلازمة القلق وسلبيًا واعتماديًا ويميل للتجريب..
كما طالب أجهزة الدولة بتغليظ العقوبة على مُروجى الشائعات والأكاذيب، مضيفًا أنه على مر العصور استخدمت الشائعات فى الحروب القديمة، أما الان تُستخدم بفعل الترصد وهدفها ضرب الاقتصاد والسياحة، مشددًا على أن عدم استقرار مصر يؤدى الى عدم استقرار المنطقة بالكامل، مطالبًا المصريين بعدم الالتفات لمثل هذه الأكاذيب والمؤامرات، وعن الظاهرة الموجودة الآن وهى ترديد الشائعة، أكد هندى أن يجب علينا عدم ترديد الأكاذيب على السوشيال ميديا، والتأكد من الأخبار قبل مشاركتها على صفحات التواصل الاجتماعى من المصادر الرسمية، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية تعى مثل هذه الأمور جيدًا، والدولة فَنَدَّذت هذه الشائعات ودَحَضَّت الكثير منها قبل انتشارها.
واختتم قائلا: «الشائعة يؤلفها حاقد وينشرها الأحمق ويصدقها الغبي».
فراغ الشائعة
وترى د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع، أن تضارب مصادر المعلومات، أحد أبرز العوامل التى تمنح الشائعات تأثيرًا واسعًا وسلبيًا داخل المجتمع، وتشدد على أن غياب المصدر الواضح والدقيق لأى معلومة يفتح الباب أمام التكهنات والتفسيرات الخاطئة، وهو ما يضاعف من حجم الشائعة وسرعة انتشارها.
وتوضح د. منصور، أن الشائعات المتعلقة بالصحة تحديدًا، تحظى بتأثير بالغ على المواطنين، نظرًا لحساسيتها وخطورة ما قد يترتب عليها من قرارات فردية خاطئة، وتستشهد بما حدث خلال جائحة كورونا، قائلة: «كنا شهودًا على كيف تحولت الشائعات إلى فيروس أخطر من كورونا نفسه، من حيث التأثير على سلوك الناس وبث الذعر، بل وتسببها أحيانًا فى عزوف البعض عن العلاج أو تصديق علاجات وهمية».
وتطالب د. منصور، بضرورة أن تتحرك الجهات المعنية نحو الإعلان المستمر والواضح عن مصادر المعلومات الرسمية، لأن غيابها يخلق فراغًا تملؤه الشائعات،علاوة على ضرورة تشديد العقوبات القانونية على الجرائم التى تتعلق بنشر الشائعات وترويجها، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالانتشار السريع للمعلومات على هذه المنصات يتطلب ردعًا قانونيًا قويًا لحماية المجتمع.
وفى ختام حديثها، توجه رسالة إلى المواطنين بقولها: «أرجو من كل مصرى أن يتوقف لحظة قبل أن يشارك خبرًا أو معلومة على السوشيال ميديا.. اسأل نفسك: ما مصدرها؟ هل هى موثوقة؟ هل صدرت عن جهة رسمية؟ لأن كلمة واحدة قد تؤذى الآخرين، والمشاركة فى نشر الشائعات نوع من أنواع الإيذاء المجتمعي».
زعزعة الثقة
ويرى الدكتور فتحى الشرقاوى، أستاذ علم النفس السياسى بجامعة عين شمس، أن المجتمع المصرى يواجه أزمة حقيقية تتجسد فى تكرار الشائعات بشكل مقلق، ويُوضح أن الشائعة فى جوهرها ليست سوى خبر أو رأى يحتوى على قدر من الحقيقة، لكنه يُضاف إليه الكثير من التزييف لتحقيق أهداف محددة، ويؤكد أن الشائعات المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعى باتت تؤثر سلبًا على استقرار المجتمع، إذ يستخدمها البعض مِمَن لديهم أجندات خاصة بهدف زعزعة الثقة فى القيادة السياسية وإرباك الداخل.
ويشدد الدكتور الشرقاوى على ضرورة التعامل السريع مع أى شائعة بمجرد ظهورها، لأن تركها دون رد يسمح بانتشارها على نِطاق واسع. وهنا، لا يكفى النفى فقط، بل يجب تقديم رواية حقيقية مدعومة بالأدلة والشواهد القاطعة.. ويضيف أنه من المهم أيضًا مصارحة الناس بتأثيرات الشائعات السلبية على المجتمع، حتى يدرك الجميع خطورتها.
الشك البَنَّاء
وإلى الكاتب الصحفى خالد البرماوى - خبير إعلامى ومتخصص فى الإعلام الرقمي، والذى أكد أن التعامل مع الشائعات فى العصر الرقمى يتطلب تحييد العاطفة قدر الإمكان، والتحلى بالشك البنّاء، أى عدم التسليم بالمعلومة فورًا، بل إخضاعها للاختبار العقلي.
ويشير إلى أن أهم وسيلة لمواجهة الشائعات، الرجوع إلى المصادر الموثوقة، والابتعاد عن المصادر المجهولة أو التى تفتقر للمصداقية، مؤكدًا أن السياق الزمانى والمكانى للمعلومة يلعب دورًا مهمًا فى فهم حقيقتها.
ويضيف أن كثيرًا من المعلومات المتداولة تكون مغلوطة أو مجتزأة من سياقها، ما يتطلب العودة إلى المصدر الأصلى للمعلومة، واستخدام أدوات التحقق والاستدلال المتاحة، مثل محركات البحث المتخصصة وخدمات التحقق من الصور والفيديوهات، خصوصًا مع تطور تقنيات التزييف البصري.
ويشدد البرماوى على أن المؤسسات الرسمية عليها دور كبير فى التصدى للشائعات، من خلال الرد السريع، والمكاشفة، وتوفير المعلومة الدقيقة بوضوح، حتى لا تترك فراغًا يُملأ بالأكاذيب، كما يدعو الجمهور إلى احترام عقولهم، وتدريب أنفسهم على اختبار أى معلومة قبل إعادة نشرها..
وفى ختام حديثه، يرى البرماوى أن مواجهة الشائعات مسئولية جماعية، تبدأ من الفرد وتنتهى بالمؤسسات، عبر نشر ثقافة التفكير النقدى ومهارات التحقق الرقمي.
أداة استراتيجية
وفى نفس السياق يؤكد د.محمود عبد اللطيف، أستاذ الإذاعة والتلفزيون بقسم الإعلام كلية الآداب جامعة الزقازيق، أن الشائعات تمثل واحدة من أخطر أدوات زعزعة الاستقرار بالبلاد، لما لها من قدرة هائلة على التأثير فى الرأى العام ونسف الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ويشير إلى أن الشائعة ليست مجرد معلومة خاطئة عابرة، بل أداة استراتيجية تستخدمها أطراف داخلية وخارجية لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، مستغلة فى ذلك بيئات مشبعة بالقلق.
ويوضح أن هناك الكثير من التطورات حدثت خلال الآونة الأخيرة، مما تسبب فى زيادة خطورة الشائعات، خاصة مع ظهور ما يُعرف ب«المزارع الإلكترونية».
هذه الشبكات الرقمية، التى تُدار بحسابات وهمية، تنشر الشائعات بشكل منظم وعلى نِطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وحذر عبد اللطيف من خطورة هذه المزارع خاصة أن هذه المزارع تُعد جزءًا لا يتجزأ من حروب الجيلين الرابع والخامس، التى تستهدف تفكيك الدول من الداخل دون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية..
ويضيف أن الدولة المصرية تُواجه العديد من الهجمات التى توظف هذه الأدوات الرقمية لنشر أخبار مغلوطة، أو لإثارة الشكوك حول جدوى المشروعات القومية، أو للتشكيك فى القرارات الحكومية، وغالبًا ما يُستخدم خطاب عاطفى أو طائفى لخلق حالة من الاستقطاب المجتمعى والانقسام الداخلي».
نصف الحقيقة
ويكمل أن خطورة هذه الأساليب تزداد عند استخدام ما يُعرف ب«نصف الحقيقة»، حيث تُدمج معلومات صحيحة مع محتوى زائف أو مُحَرَّف، مما يمنح الشائعة مصداقية ظاهرية تُصعِّب من مهمة كشفها أو نفيها، مؤكدًا أن الكثير من الشائعات تنطلق من وقائع حقيقية، لكن يتم اجتزاؤها من سياقها أو تحريف دلالتها أو تضخيم أثرها، ما يؤدى إلى تشويه وعى الجمهور وتوجيهه بصورة غير موضوعية، هذه الاستراتيجية، على حد قوله، تُعد من أخطر أدوات التأثير النفسى والمعرفي، لأنها تستهدف الإدراك لا الحقائق فقط.
وعلى صعيد مواجهة هذا الخطر، فيؤكد عبد اللطيف، أن الدولة المصرية بكافة مؤسساتها تقاوم الشائعات الموجهة بشكل مستمر، مما يستدعى التعامل معها بقدرٍ عالٍ من الجدية والتخطيط العلمي، واستدل على ذلك بالعديد من المبادرات الرئاسية والمشروعات القومية، مثل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الذى يقدم تقارير شهرية وسنوية حول الشائعات وطرق التعامل معها.
وشدد على الدور الأساسى لوسائل الإعلام فى التصدى للشائعات، من خلال سرعة تقديم المعلومات الدقيقة، ومواجهة الأخبار الكاذبة بالتحليل والتفنيد المدعوم بالأدلة، وقال: «الإعلام المهنى لا يكتفى بنفى الشائعة، بل يقدم سردًا بديلًا موثوقًا يعيد ترتيب الحقيقة فى ذهن الجمهور». وأضاف أن أهمية هذا الدور تزداد فى العصر الرقمي، مما يفرض على الإعلام تطوير أدواته التقنية وتفعيل قنوات التواصل المباشر مع الجمهور.
ويرى أن المواجهة لم تكتمل دون إشراك المجتمع نفسه، فالمواطن خط الدفاع الأول فى معركة الوعي، خاصة أن الفرد الواعى بخطورة الشائعات، والذى يمتلك أدوات التحقق الرقمى والتفكير النقدي، يصبح أقل قابلية للتأثر بالمحتوى المضلل. ومن هنا يأتى دور مؤسسات التعليم، ودور العبادة، والمجتمع المدنى فى نشر ثقافة الوعى المعلوماتي، وتدريب الأفراد - خاصة الشباب - على كيفية استخدام الإنترنت بشكل مسئول.
ويختتم حديثه موضحًا أن بناء مجتمع مقاوم للشائعات لا يتحقق فقط من خلال الرقابة أو الإعلام، بل من خلال الاستثمار طويل المدى فى التربية الإعلامية ومحو الأمية الرقمية.
استراتيجية وقائية
أما المهندس إسلام غانم، استشارى تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني، فيؤكد أن الشائعات الرقمية أصبحت واحدة من أخطر أدوات الحرب الحديثة، مشيرًا إلى أن انتشارها لا يعتمد فقط على المحتوى، بل على سرعة النشر وسهولة التفاعل على المنصات الرقمية، ما يجعلها أكثر تأثيرًا من أى وقت مضى، مع تعاظم وجود الكتائب الإلكترونية كالذباب الإلكترونى والبوتات التى تعمل بالذكاء الإصطناعى وتشارك فى تعميق الشائعات ونشرها.
ويضيف أن الذكاء الاصطناعى وتطبيقات التزييف العميق (Deepfake)، جعلت من الصعب على المواطن العادى التفرقة بين الحقيقى والمزيف، خصوصًا فى الصور والفيديوهات، موضحًا أن المحتوى المصنوع بدقة يمكن أن يخدع حتى الأشخاص المتخصصين إذا لم يُحلل بشكل فنى وتقنى عميق.. ويشير غانم إلى أن التعامل مع الشائعات لا يجب أن يكون فقط برد فعل، بل من خلال استراتيجية وقائية تشمل التوعية المستمرة، وتعليم الناس أدوات التحقق الرقمى البسيطة، مثل البحث العكسى عن الصور، أو التأكد من توقيت نشر الفيديوهات ومكان تصويرها.
ويقول: «أى شائعة تنتشر على السوشيال ميديا تمر بثلاث مراحل: الصدمة، التفاعل، ثم التثبيت كحقيقة فى أذهان البعض، وهنا تكمن الخطورة. لأن تصحيح المعلومة بعد انتشارها لا يُلغى أثرها الأولي، بل يتطلب وقتًا وجهدًا مضاعفًا».
ويختتم غانم حديثه بالتأكيد على أن المواجهة تبدأ من المواطن نفسه، من خلال التفكير النقدي، وعدم الوقوع فى فخ العناوين المثيرة أو الرسائل مجهولة المصدر، داعيًا الدولة إلى تعزيز أدوات التحقق الرسمية، وإطلاق حملات مستمرة للتوعية الرقمية فى المدارس والإعلام، لأن المعركة مع الشائعات هى معركة وعى فى الأساس..
فبات يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى فى تحليل البيانات الضخمة وتحديد مصادر الشائعات وأنماط انتشارها. هذا يساعد فى الكشف المبكر عن الشائعات ومكافحتها بفاعلية، من خلال تحديد الحسابات الوهمية والشبكات التى تروج لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.