أطلقت الصين «خط دفاع غير مرئي» لحماية أحد أخطر أسرارها الصناعية، التي تتمثل في «صناعة المعادن النادرة». مع تزايد الضغط الغربي لفك الارتباط مع الهيمنة الصينية، اختارت بكين أن تبدأ من الداخل الصيني بمنع السفر، وسحب الجوازات، ورقابة صارمة على العقول الخبيرة، لتتزايد التساؤلات، بشأن ما الذي يحدث داخل أكبر مصنع لمعادن المستقبل؟؟ اقرأ أيضًا| الصين تؤكد التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولاياتالمتحدة الصين تعزز قبضتها على أسرار المعادن النادرة كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن السلطات الصينية بدأت مُؤخرًا في فرض رقابة مُشددة على العاملين في قطاع المعادن الأرضية النادرة، في إطار جهودها لحماية التكنولوجيا المحلية ومنع تسرب الخبرات إلى الخارج. ووفقًا لمصادر مطلعة، طلبت وزارة التجارة الصينية، من الشركات العاملة في هذا القطاع الاستراتيجي تقديم قوائم تفصيلية بأسماء الموظفين ذوي المهارات الفنية المُتقدمة، بما يشمل مُؤهلاتهم العلمية، وخلفياتهم البحثية، وتجاربهم المهنية الدقيقة. الصين تُقفل أبواب المعرفة.. ملاحقة خبراء المعادن النادرة وسحب جوازات سفرهم#محفظتي pic.twitter.com/UIVEpITzEQ — My wallet - محفظتي (@MyWalletAA) June 27, 2025 منع السفر وسحب الجوازات لم تكتف الصين بجمع البيانات، بل اتجهت لفرض إجراءات ميدانية أكثر تشددًا، فقد طُلب من بعض الخبراء تسليم جوازات سفرهم إلى إداراتهم أو إلى السلطات المحلية الصينية، بهدف منعهم من السفر إلى الخارج دون إذن رسمي. وهذذا الإجراء الذي كان معمولًا به بالفعل، سابقًا مع المسؤولين الحكوميين وموظفي الشركات المملوكة للدولة، أصبح يُطبّق الآن على الخبراء الفنيين العاملين في القطاع الصناعي الخاص. وبحسب الصحيفة الأمريكية ذاتها، تعكس هذه الخطوة إدراكًا صينيًا مُتزايدًا لحجم المخاطر المرتبطة بتسرب أسرار هذه الصناعة الحساسة، والتي ترتبط مُباشرة بإنتاج مغناطيسات تدخل في صناعات استراتيجية مثل السيارات الكهربائية، وتوربينات الرياح، والطائرات بدون طيار، وحتى المقاتلات العسكرية. وتُعد الصين اليوم، المنتج الأكبر عالميًا ل المعادن الأرضية النادرة، إذ تتحكم بنحو 90% من عمليات تصنيع المغناطيسات المرتبطة بهذه المعادن. وقد حافظت على هذه الهيمنة لعقود بفضل الإنتاج الرخيص والتقنيات الفعّالة التي طورتها محليًا، مما جعل المنافسة معها شبه مستحيلة، وفقًا ل «وول ستريت جورنال». لكن مع اشتداد الحرب التجارية مع الولاياتالمتحدة، أقدمت بكين في أبريل 2024 على تقييد صادرات هذه المعادن عبر نظام تراخيص جديد، ما أدى إلى تعطّل سلاسل الإمداد في الغرب، وتوقف مؤقت في عدد من مصانع السيارات والإلكترونيات. التكنولوجيا السرية وتتجاوز المنافسة الحالية، مُجرد توريد المواد الخام، لتصل إلى مستوى أعمق، يتمثل في المعرفة الفنية الدقيقة. وتتطلب مُعالجة المعادن الأرضية النادرة فصلًا كيميائيًا شديد التعقيد، وهي تقنية أتقنتها الصين على مدار سنوات، مُستفيدة من استثمارات ضخمة، وتجارب علمية مُتراكمة. ولتعزيز هذا التفوق، فرضت الصين منذ ديسمبر 2023 قيودًا على تصدير المعدات والخبرات التقنية المستخدمة في هذه المعالجة، ما يصعّب على الدول الغربية نسخ أو تقليد النماذج الصينية. وبحسب خبراء، فإن نقص الكوادر البشرية المدربة خارج الصين يُعد أحد أكبر العوائق التي تواجه الدول التي تسعى لبناء صناعة معادن نادرة محلية، سواء في الولاياتالمتحدة أو أوروبا. اقرأ أيضًا| ترامب: الاتفاق النووي الإيراني غير ضروري بعد الضربات الأمريكية مخاوف أمنية وتجسس صناعي كشفت الصحيفة الأمريكية ذاتها، عن أنه جهود الصين لا تقتصر على الإجراءات التنظيمية فقط، بل تتعامل مع الملف باعتباره جزءًا من أمنها القومي. ففي سبتمبر الماضي، أعلنت وزارة الأمن الصينية أن مواطنًا صينيًا صدر بحقه حكم بالسجن 11 عامًا، بعد إدانته ببيع معلومات حساسة حول مخزون البلاد من المعادن النادرة لجهات أجنبية غير محددة. وقالت الوزارة إن هناك محاولات "ممنهجة من كيانات خارجية للحصول على البيانات الداخلية بأي وسيلة ممكنة"، وإن أي تسريب من هذا النوع قد يضع الصين في موقف استراتيجي ضعيف على الساحة العالمية. المعادن الأرضية النادرة ورقة قوة غير مسبوقة في مفاوضات أميركا والصين التجارية.. فالصين تسيطر على معالجة نحو 90٪ من هذه المعادن#العربية_Business pic.twitter.com/ASusNIf3rS — العربية Business (@AlArabiya_Bn) June 21, 2025