هذا المشهد نراه كثيرا فى معظم الأحياء الشعبية بشكل خاص ويعكس عاملا واحدا هو أن هناك تغييرا فى الشخصية المصرية التى تتصف بالتسامح والطيبة هذا المشهد وقفت أتابعه ولا أصدق ما يحدث أمامى كأنه مشهد سينمائى.. مشهد تقشعر له الأبدان فتغمض عينيك من هول ما ترى من سكاكين يلمع نصلها وهى تنزل على بنى آدم فتنهمر منه الدماء كالمطر ولا أحد يجرؤ على التدخل، فمن ينتظر ويترقب ومن يختفى ليصور ذلك المشهد لينشره على مواقع «التباعد الاجتماعى». لم يتحرك أحد فى هذا الشارع المزدحم بمصر القديمة ليطلب شرطة النجدة أو يحاول مساعدة المصابين.. هذا المشهد الواقعى حدث فى منطقة شعبية.. «كل واحد ياخد تاره بدراعه» يذكرنا بحكايات حرافيش نجيب محفوظ، لكن حتى هؤلاء كانوا يحترمون العهود، لكن هؤلاء البلطجية الجدد لا يحترمون عهدا ولا ميثاقا.. ينتهزون الفرص لتأديب خصومهم ويفرضون سطوتهم بالقوة والسنج والخرطوش! تروسيكل يتوقف فى منتصف الشارع بأحد شوارع هذه المنطقة العشوائية يندفع منه 4 أشخاص يحملون سكاكين طويلة «سنجة» ويهاجمون شخصين يحملان أيضا مثل هذه السكاكين التى يتوهج نصلها تحت الشمس.. المعركة لم تستمر أكثر من نصف ساعة نتيجتها أجسام ممزقة ودماء على الأسفلت وربما حالات وفاة. الذى حدث سببه خلافات مالية بين هؤلاء الناس ورد انتقامى على مشاجرة سابقة. نفس هذا المشهد رأيته فى منطقة شعبية مجاورة.. توكتوك يتوقف وفى لمح البصر يقفز منه 3 أشخاص عرايا فى الجزء العلوى ويحملون سكاكين مسنونة ينزلون بها على شخص وابنه فى مشهد صعب جدا وأيضا بسبب خلافات مالية بين المتخاصمين. والغريب أن كلا منهم كان يستعد للآخر بنفس الأسلحة البيضاء والنارية. هذا المشهد نراه كثيرا فى معظم الأحياء الشعبية بشكل خاص ويعكس عاملا واحدا هو أن هناك تغييرا فى الشخصية المصرية التى تتصف بالتسامح والطيبة.. هى حتى الآن لا تصل لمرحلة الظاهرة فى الشارع المصرى، لكنها تدق جرس إنذار لكى نتخذ موقفا حاسما تجاه مثل هذه المشاهد السيئة الغريبة علينا. العنف فى الشارع مشكلة معقدة تتجلى فى مظاهر متعددة وتتأثر بعوامل مختلفة منها الظروف الاجتماعية والضغوط النفسية. المناطق العشوائية غالبًا ما تشهد مستويات أعلى من العنف بسبب التهميش والظروف المعيشية الصعبة. حتى العنف فى الأسرة أو المدرسة أو المجتمع يمكن أن يؤدى إلى سلوكيات عنيفة فى الشارع. هناك مظاهر للعنف فى الشارع تتمثل فى العنف الجسدى الذى يشمل الاعتداءات الجسدية والضرب واستخدام الأسلحة، والعنف اللفظى الذى يشمل الشتائم والإهانات والتهديدات. وهناك تأثيرات سلبية للعنف أبرزها تدهور العلاقات الاجتماعية وتوتر العلاقات بين الأفراد والجماعات. وأن العنف يعوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويؤثر على الاستثمار، ويسبب صدمات نفسية وآثارا سلبية على الصحة العقلية للأفراد، ويؤدى إلى زيادة معدلات الجريمة فى المجتمع. هناك دراسة أكاديمية للدكتور أيمن مصطفى عبد الخالق القرنفيلى من قسم الاجتماع - كلية الآداب - جامعة بنها بحثت هذه الظاهرة وطبقت الدراسة فى منطقة عزبة الهجانة شرق مدينة نصر بالقاهرة التى تعد من المناطق العشوائية بهذا الحى. وخلصت الدراسة إلى عدة نتائج أهمها: أن ظاهرة عنف الشارع بين الشباب فى المناطق العشوائية تعكس نوعا من المواجهة مع حالة التهميش التى يعيش فى ظلها هؤلاء الشباب. كما انتهت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات تؤكد على ضرورة اهتمام وسائل الإعلام بتوعية الشباب بمخاطر العنف بالإضافة إلى تشجيع الصناعات الصغيرة لجذب الشباب لهذه الصناعات، حتى يمكن مواجهة الجذور الاجتماعية المسببة لممارسة العنف لديهم، مع ضرورة تبنى رؤية جديدة للتنمية الإنسانية تقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية.