عبد الجواد العوفير نبتة سيئة نبتة سيئة تنمو فى رصيف الحى، لا تجرح الرقة التى يتمشى بها هذا الصباح، ولا تنظر إلى عاشقين فى الظلام. هى فقط نبتة وحيدة فى رصيف الحى، حالمة كإله، وخفية كلعنة. وجوه فى الظلمة ها هى الوجوه تتكاثر أمسكها فى الظلام كفقاعات وجوه أنبياء وجوه نساء وجوه سقاة وجوه أزقة وجوه أتسلى بها قبل النوم وجوه تتنفس فى وجهى أحس لهاث الساقى فى الغرفة أنام على اللهاث أنام أنام أنام.. أطفال يركضون فى الذاكرة أذكر شجرة السرو ذاتها، امرأة بقفطان لا يوجد، وأطفالا كثرا يركضون، أسمع فقط ركضهم ركضهم السام الذى يزلزل الأذن أذكر السروة والمرأة، من دون أى علاقة تذكر وأذكر الركض، ركضا عاليا كصيحة لا تنتهى هى الريبة لا تشبه أرجوحة فى الظلام؛ الظلام بحد ذاته أرجوحة تتأرجح فى الذاكرة. ممشى طويل فى الممشى توجد أميرات لا نرى الممشى؛ نرى الأميرات. فى الحديقة الخلفية بتلات أزهار يجلس حولها عجوز لكنه يشير بعصاه لمكان آخر. الصباح الذى يطلع من عينين ساهرتين أجمل من الصباح الذى تقوده الجميلة. من الغرفة نرى العالم نرى الضحكات تتساقط خفيفة على رؤوسنا. نصدق الرائى عندما يرى الرائى هواء على شكل امرأة، هو فعلا يرى امرأة على شكل هواء. نشعل مصابيحنا بقوة فلا نرى شيئا. ليحيا الرائى، راعى خراف الوحدة. مع عروة بن الورد ماذا لو هربنا من كل هذا، من الحب، ومن الشعر المتراكم كرمال لا تنتهى. لنركض بقوة يا عروة بن الورد، يا بن ورد ذابل. أعرف لن نصل، لكن لنركض بقوة حصان خاسر. رجل الوحدة دائما فى العتمة أحس رجلا غريبا فى بهو الدار، يدير وجهه للحائط. أسمع نحيبه المتواصل، لا أستطيع غرس سكين فى ظهره، ولا أن أسأله من أنت؟ كنت أسمعه خائفا فى الطفولة، تسميه أمى رجل الوحدة الهائل، رجل الوحدة الطيب الذى لا ينتهى. الحقيقة أتذكُر حين وجدنا الحقيقة؟ لم نعرف أين نخفيها، قلتَ: سنخفيها فى ضحكاتنا؛ لكننا من فرط القلق تركناها تفر كطائر فزع أتذكُر يا سهروردى كيف لفنا الحزن كمطر لا ينقطع؟ وردة الفزع أحب فزع النوافذ بالبرد، فزع الأشجار بالريح، فزع خطواتى الصغيرة فى الزقاق الفارغ، فزع الظلمة حين نلمسها بخفة. أتأمل زهرة الفزع، التى تنمو ببطء فى باحة البيت.