تكاد أن تكون تلك هى المرة الأولى التى تعترف فيها إسرائيل بوجود اختراق معلوماتى إيرانى خطير جاء الاختراق الإسرائيلى للعمق الإيرانى صادمًا أكثر من كل مرة، ولاسيما بعد استهداف عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين مما حدا بأحد المسئولين الإسرائيليين أن يصرح مزهوًا: «لقد قمنا بجمعهم وتصفيتهم». كذلك ما كشفته قناة «المخابرات» الإسرائيلية على تليجرام عن إنشاء الموساد قاعدةً لطائرات مسيرة متفجرة تم تسللها إلى قلب إيران قبل وقت طويل من هجوم عملاء الموساد. خلال الهجوم الإسرائيلى، تم تفعيل الطائرات المسيرة المتفجرة وإطلاقها على منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض (SGM) الموجودة فى قاعدة أشفق آباد قرب طهران. يعنى الهجوم الإسرائيلى جاء من داخل إيران بدلًا من خارجها. لكن الأخطر من كل هذا على الإطلاق هو الكشف عن عدد مهول من عملاء إيرانيين للموساد، اتضح أن بعضهم من اليهود ذوى الأصل الإيرانى استطاعوا التخفى والاندماج فى المجتمع نظرًا لطلاقة لسانهم الفارسى، وألفة ملامحهم التى لا تثير الشك. واستطاع بعضهم بفضل طول الإقامة الحصول على مراكز عليا فى مؤسسات الدولة. هم خلطة سرية تجسسية تجمع بين أساليب تجنيد المستعربين فى فلسطينالمحتلة، والجاسوس إيلى كوهين الذى تم زرعه فى القيادة السورية تحت اسم كامل أمين ثابت فى أوائل الستينات من القرن الماضى. وسط هذه الجلبة التى أحدثها «الموساد» بالكشف عن ثقوب المنظومة الأمنية والعلمية الإيرانية، جاء خافتًا، الإعلان عن الكنز الاستخباراتى الإيرانى الذى حازته طهران بالوقوع على معلومات غاية فى السرية والحساسية تتعلق بمواقع المنشآت النووية الإسرائيلية. فى الواقع لم يكن الإعلان أكذوبة كما يبدو أو إيهامًا لرفع معنويات الشعب بعد سلسلة من الاختراقات الخطيرة التى قام بها الموساد الإسرائيلى فى العمق الإيرانى. بل إنها تكاد أن تكون تلك هى المرة الأولى التى تعترف فيها إسرائيل بوجود اختراق معلوماتى إيرانى خطير، بالإعلان فى مطلع الأسبوع الجارى عن اعتقال مواطنين إسرائيليين يهوديين للاشتباه فى قيامهما بالتجسس لصالح إيران وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية (لاحظ ديانتهما فهما ليسا من فلسطينيى 48 ولا من أى جنسية عربية ولا ديانة إسلامية كما كان يُزعم من قبل). ويمثل هذان المتهمان اليهوديان أحدث حلقة فى سلسلة من حوادث التجسس الإيرانية التى أرقت السلطات الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية وسط الحروب المتعددة التى خاضتها إسرائيل على جبهات مختلفة فى غزة ولبنان والآن إيران. ففى أوائل الشهر الجارى أعلنت سلطات الاحتلال عن الكشف عن ثانى خلية للتجسس لصالح إيران بين فلسطينيىالقدسالشرقية حينها قدم جهاز الأمن العام (الشاباك) أدلة متهافتة مثيرة للسخرية كتحريز أدوات من قبيل مسدس هواء ومادة يشتبه أنها مخدرة ورشاش طلاء، وذلك فى محاولة لإثبات تهمة التجسس لصالح إيران على فلسطينيين. لكن هذه المرة يبدو أن الموقف مع المتهمين اليهود أخطر مما تحتمله السلطات الإسرائيلية لدرجة أن تم حظر نشر تفاصيل هوية المشتبه بهما بعد فرض أمر حظر على التحقيق. المعطيات تشير إلى أن توازن الردع أو توازن الرعب (سمه ما شئت) بين إيران وإسرائيل بات مائلًا. وأن ثقوب الثوب الإيرانى رغم محاولات تحسين الوضع أتاحت هذه العربدة الإسرائيلية وسمحت لتل أبيب بتجاوز الخطوط الحمراء، إلى حد التهديد بتصفية المرشد الأعلى على خامنئى شخصيًا الذى يبدو أن مصيره مرهون بموافقة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على التصفية، فحسب مواقع إخبارية إسرائيلية استخدم ترامب حق النقض لمنع إسرائيل من تصفية خامنئى طالما لم يتعرض أحد المواطنين الأمريكيين للقتل، وإن كان لم يستبعد الفكرة تمامًا.