في سابقة قد تغير ملامح الشرق الأوسط لعقود قادمة، فجرت إسرائيل قلب إيران، فجر اليوم الجمعة، بضربة عسكرية خاطفة، مزقت صمت الليل في طهران، وأشعلت فتيل مواجهة قد لا تبقي ولا تذر. لم تكن هذه الضربة الإسرائيلية مجرد عملية عسكرية، بل إعلانًا صريحًا أن لعبة التهديدات انتهت، وبدأ زمن الصواريخ والمسيّرات. فهل ترد إيران لتكتب بداية حرب إقليمية واسعة؟، أم تكتفي بالتهديدات؟، وهل كانت إسرائيل توجه رسالتها لطهران فقط.. أم للعالم كله؟ البداية شنت إسرائيل واحدة من أوسع عملياتها العسكرية وأكثرها جرأة، مستهدفة عمق الأراضي الإيرانية، في خطوة وصفتها طهران ب"إعلان الحرب". العملية التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "الأسد الصاعد" جاءت بعد توترات متصاعدة، وشكلت ضربة قاسية لقدرات إيران النووية والعسكرية. فقد أقلعت نحو 200 طائرة إسرائيلية من قواعد متعددة، لتنفيذ هجوم جوي موسّع استهدف أكثر من 100 موقع استراتيجي داخل إيران. طالت الضربات منشآت نووية بارزة، من بينها منشأة ناتانز لتخصيب اليورانيوم، إضافة إلى قواعد صاروخية، ومراكز أبحاث، ومقار تابعة للحرس الثوري. أودت الضربات الإسرائيلية بحياة عدد من الشخصيات البارزة، أبرزهم: الجنرال حسين سليماني "قيادي بارز في الحرس الثوري"، و6 علماء نوويين، من بينهم فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانشي، وعشرات العسكريين والضباط التقنيين. وفي طهران وحدها، أعلنت السلطات عن 78 قتيلاً و329 مصابًا، غالبيتهم من المدنيين، بعد سقوط صواريخ قرب منطقة سكنية ومستشفى خاص. الأضرار والخسائر أصاب الهجوم الإسرائيلي إيران بالشلل على استكمال برنامجها النووي، وقلص من قدراتها في مجال تصنيع الصواريخ الباليستية، حيث تم تدمير: بنيات تحتية نووية في ناتانز وأراك، وقواعد للصواريخ متوسطة وبعيدة المدى، ومراكز أبحاث عسكرية ومخابراتية، وأنظمة رادار وتشويش متقدمة. لم تسفر الضربة فقط عن خسائر بشرية ومادية، بل أحرجت النظام الإيراني أمنيًا واستخباراتيًا، بعد تمكن الطائرات الإسرائيلية من اختراق عمق المجال الجوي الإيراني بهذه الكثافة. رد إيران ردّ إيران لم يتأخر كثيرًا؛ حيث أطلقت عشرات الطائرات المُسيّرة باتجاه إسرائيل بعد ساعات من الغارات، معظمها تم اعتراضه فوق الأردن والجنوب الإسرائيلي، إلا أن البعض الآخر تسبب في أضرار مادية طفيفة في منطقتي بئر السبع ورمات غان. وأكدت وسائل الإعلام الإيرانية أن إيران أطلقت حوالي 800 مسيّرة وصاروخ كروز نحو إسرائيل، مشيرة إلى أن العملية الإيراني أطلق عليها مسمى "عملية الوعد الصادق 3". لن يفلتوا من العقاب وفي الساعات الأخيرة من اليوم، أعلن المرشد الايراني علي خامنئي، أن رد طهران على إسرائيل بدأ، مؤكداً أنهم لن يفلتوا من العقاب على الجريمة التي ارتكبها «العدو الصهيوني». وبدأت إيران ردها بنحو 150 صاروخا باليستيا ونحو 100 مسيرة إيرانية. دوت صفارات الإنذار في أنحاء إسرائيل عقب إطلاق الصواريخ الإيرانية، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية. وأرسل جيش الاحتلال الإسرائيلي تحذيرا أوليا للمدنيين باللجوء إلى الملاجئ مع وصول الصواريخ الإيرانية إلى الأراضي الإسرائيلية. رسالة ردع أم استفزاز مفتوح؟ أكد بعض المحللين أن تلك الضربة تعتبر بمثابة رسالة واضحة من تل أبيب بأنها لن تسمح لإيران بامتلاك قدرات نووية، وأنها مستعدة للتحرك منفردة، حتى دون دعم علني من الولاياتالمتحدة، لكن البعض الآخر حذر من أن هذه الضربة قد تكون الشرارة التي تُشعل نزاعًا واسعًا في الشرق الأوسط. الشرق الأوسط إلى أين؟ يقف اليوم الشرق الأوسط على صفيح ساخن، فقد وجهت إسرائيل رسالة غير قابلة للتأويل، وإيران تجهز لرد تقول إنه سيكون موجعًا، بين لغة النار والدبلوماسية، ويبقى شبح الحرب الإقليمية قائمًا، ومصير المنطقة مرهون بخطوة تالية، قد تكون ضربة، أو مفاوضات.