أكد عدد من الخبراء والمحللين ل «الأخبار» أن الضربة الإسرائيلية تعد المرة الأولى التى يعلن فيها الاحتلال الاسرائيلى استهداف إيران صراحةً، ولم تستهدف تلك الضربة الإسرائيلية أية منشآت نفطية أو نووية، واقتصر الهجوم على أهداف عسكرية ولم تحقق خسائر كبيرة أو مؤثرة لدى طهران، خاصة أن إيران كانت على علم بالضربة قبل وقوعها، ومع ذلك حرصت إسرائيل على تأكيد تفوقها العسكرى عبر استخدام صواريخ بعيدة المدى وذات دقة عالية، كما حرصت على الترويج الإعلامى الكبير لعمليتها العسكرية رغم محدودية الضربة. فى البداية يتساءل اللواء أ.ح وائل ربيع، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، لماذا أذعنت إسرائيل لرأى أمريكا؟ والإجابة التحليلية للمشهد هنا وفقاً للمعلومات المتاحة بأن إسرائيل كان لديها مشكلة فى الذخائر ومنظومة الصواريخ المضادة لطائرات الدرون أو الصواريخ الباليستية، وعليه تم تزويدها بمنظومة الصواريخ الأمريكية «ثاد»، كما أن هناك منظومة أخرى فى الطريق لتل أبيب.. موضحاً أن من تصدى لصواريخ إيران الباليستية كانت الولاياتالمتحدة وإنجلترا.. كما أنه تم الإعلان إعلامياً عن أن إيران كانت تعلم بالرد الإسرائيلى وعلى مواقع محددة بالتنسيق مع طرف ثالث. ولكن إسرائيل قد استفادت بما فعلته من إرسال طائراتها لإيران، حيث كان هناك تصريح مهم لنتنياهو قال فيه إن السماء الإيرانية أصبحت مستباحة أمام الطيران الإسرائيلى.. وهذا يجب أن نتوقف عنده، فالضربة التى تمت كانت كاشفة لإسرائيل وقامت بعمليات استطلاع لوسائل الدفاع الجوى الإيرانى.. وأرى أنها ما هى إلا مقدمة لضربة إسرائيلية لإيران فى المستقبل لتدمير البرنامج النووى.. حيث إن البرنامج النووى الإيرانى مخالف لاستراتيجية إسرائيل بأن تكون هى الدولة الوحيدة فى المنطقة التى تمتلك برنامجاً نووياً.. وسيتم إرجاء الأمر بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية وقدوم رئيس جديد للبيت الأبيض.. حيث إن إسرائيل لن تصمد وحدها أمام إيران ولكنها من ورائها الغرب والولاياتالمتحدة. أما الدكتور محمد محسن أبو النور، الخبير فى الشئون الإيرانية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، فقال إن إسرائيل نفذت ثلاث هجمات جوية على إيران فى الساعات الأولى من صباح السبت وأطلقت على العملية اسم «أيام التوبة»، موضحًا أن الطائرات الإسرائيلية لم تخترق المجال الجوى الإيرانى، بل اكتفت بإطلاق صواريخها من خارجه باستخدام طائرات إف-15، إف-16، وإف-35، إلى جانب طائرات مسيّرة أخرى، واعتمدت إسرائيل على تكتيك «الحرب الهجينة»، حيث استخدمت الإعلام المضلل لتعزيز صورتها وتضخيم العملية رغم محدوديتها وعدم تحقيقها لأى هدف استراتيجى على مدى 26 يومًا.وأوضح «أبو النور» أن المميز فى هذه العملية هو أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل وروسيا أبلغت إيران بتفاصيل العملية قبل ساعات، ما أتاح للدفاعات الجوية الإيرانية الاستعداد، إذ نجحت فى التصدى لمعظم الصواريخ، بينما أصابت بعض الصواريخ منشآت عسكرية مرتبطة بالصواريخ الباليستية وألحقت أضرارًا محدودة، وأكد أن هذه العملية أسقطت رواية «الصراع المسرحى» بين إيران وإسرائيل، إذ بدا الصراع واضحًا ومباشرًا فى قلب طهران وتل أبيب، وهى المرة الأولى التى تُستهدف فيها العاصمة الإيرانية منذ الحرب مع العراق فى الثمانينيات.ومن جانبه أكد الدكتور محمد الزغول، الباحث فى مركز الإمارات للسياسات، أن الهجوم الإسرائيلى على إيران جاء «تحت السقف» وبتنسيق كامل مع الإدارة الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذا الهجوم يقع ضمن نطاق التفاهمات المتبادلة التى تم التوصل إليها عبر الرسائل غير المباشرة بين إيرانوالولاياتالمتحدة، ورغم حرص إسرائيل على تأكيد تفوقها من خلال استخدام صواريخ بعيدة المدى ذات دقة عالية، وأشار إلى أن هذه الهجمات الإسرائيلية قد لا تستدعى ردًا إيرانيًا، وقد تنتهى الأمور عند هذا الحد، وفى حال قررت إيران الرد، فمن المتوقع أن يكون ردها رمزيًا ومدروسًا بعناية، ووفقًا للمصادر الإسرائيلية، فإن الضربة قد استهدفت قدرات الدفاع الجوى ومواقع الصواريخ الباليستية، وحملت اسم «أيام التوبة»، وهو مصطلح يعود لأحد الاحتفالات الدينية اليهودية، كما نوه إلى أن معظم الصور والفيديوهات المتداولة على مواقع الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعى تتعلق بانفجارات وأبنية تحترق فى مناطق غير مرتبطة بالهجوم، بما فى ذلك صورة لحريق فى أحد المبانى الترفيهية تم نشرها بشكل مضلل. وأوضح «الزغول» أن الولاياتالمتحدة تسعى من خلال المواجهة الحالية فى منطقة الشرق الأوسط إلى معالجة «العقدة الإيرانية» والتغلب على العقبات التى تواجه دمج إسرائيل إقليميًا، فضلاً عن تعزيز العلاقات الاقتصادية الهندية مع الأسواق الأوروبية فى إطار المواجهة الاستراتيجية مع الصين، ورغم رغبة إسرائيل فى القضاء على الخطر الإيرانى «الوجودى»، فإن عدم اتخاذها إجراءات عملية لتحقيق هذه الأهداف يظهر التزامها بقواعد الاشتباك التى وضعتها الولاياتالمتحدة، ورغم نجاح واشنطن فى فرض قواعد الاشتباك بما يتماشى مع رؤيتها الاستراتيجية، إلا أن هناك احتمالية لقيام إسرائيل بخطوات قد تغير «قواعد اللعبة». وفى ظل توجه إيران نحو امتلاك «الردع النووى»، قد تتعرض كل الجهود الرامية إلى ترويضها لمزيد من التعقيد، مما سيجبر الولاياتالمتحدة على إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه طهران. من جانبه أوضح محمد صالح الفتيح، المحلل السياسى والعسكرى السورى، أن الضربة الجوية الإسرائيلية لإيران كانت عبر ثلاث موجات، بحسب المراسلين العسكريين الإسرائيليين، وقد ركزت الضربة على قدرات الدفاع الجوى وعلى مواقع تصنيع الصواريخ الباليستية، مشيرًا إلى أن العملية حملت اسم»يمى تشوڤا» والتى تعنى بالعبرية «أيام التوبة» وهو أحد مراحل الاحتفالات الدينية اليهودية، واستمرت الضربة أقل بقليل من أربع ساعات، فيما ذكرت المصادر الإيرانية أنه كانت هناك موجتان فقط من الضربات على طهران وتم اعتراضها، وخلاصة القول إن حقيقة تلك الضربات لن يتم معرفتها بشكل مؤكد قبل يومين حتى ظهور صور الأقمار الصناعية، ومعرفة ما إذا كانت إسرائيل تكذب أم لا.