كتبت :أسماء ياسر فى خطوة طال انتظارها لإنعاش سوق المال المصرية وتخفيف العبء عن كاهل المستثمرين وافق مجلس الوزراء على استبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية بضريبة الدمغة على تعاملات الأوراق المالية المقيدة فى البورصة المصرية سواء للمقيمين وغير المقيمين، القرار لاقى ترحيبًا واسعًا بين خبراء الضرائب وأسواق المال، واعتبروه بمثابة عودة للعدالة الضريبية واستجابة حاسمة لمطالب المستثمرين، الذين طالما اشتكوا من الآثار السلبية للضريبة السابقة على حركة التداول وثقة السوق، ليؤكد الخبراء أن ضريبة الدمغة ستعيد التوازن للبورصة وتفتح آفاقًا جديدة لجذب الاستثمارات، دون إثقال كاهل المتعاملين أو تعقيد الإجراءات الضريبية. أكدت جمعية خبراء الضرائب المصرية أن مجتمع الأعمال و خاصة مستثمرى البورصة فى انتظار اعلان حزمة التعديلات على ضرائب أنواع الصناديق المختلفة، ومنها صناديق الاستثمار المباشر والصناديق العقارية وصناديق الذهب، بهدف جذب مستثمرين جددا و تنشيط الاستثمار وتحفيز الشركات على القيد فى البورصة المصرية. وقال المحاسب الضريبى أشرف عبدالغنى مؤسس الجمعية أنه من المقرر إعلان الحزمة الكاملة للتعديلات المقترحة على قانون الضرائب وقانون سوق رأس المال خلال شهر يوليو القادم، بعد أن وافق مجلس الوزراء على إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات فى الأوراق المقيدة فى البورصة المصرية، واستبدالها بضريبة الدمغة التى يطلق عليها المستثمرون لقب الضريبة العمياء، لانه يتم تحصيلها فى حالتى المكسب و الخسارة، مطالبا بأن تكون ضريبة الدمغة بسيطة ولها حد أقصى حتى لا تؤثر على حجم التداول. وأكد عبدالغنى أن إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية يمثل نقطة تحول فى السياسة المالية تجاه سوق المال، لاأن هذه الضريبة تم تأجيلها 5 مرات على مدار 11 عاما لصعوبة تطبيقها وتأثيرها على السيولة ودفعها الأفراد إلى التخارج والتوجه إلى الإدخار فى البنوك و المضاربة على الذهب و العملة،مضيفا أن استبدال ضريبة الأرباح الرأسمالية بالضريبة العمياء يحقق 4 فوائد رئيسية، أولها زيادة السيولة فى السوق لان ضريبة الدمغة أبسط وأقل عبئا من ضريبة الأرباح الرأسمالية، مما يؤدى إلى زيادة الطلب و ارتفاع حجم التداول، والفائدة الثانية دعم ثقة المستثمر المحلى والأجنبى مما يحفز المستثمرين الأفراد والمؤسسات على زيادة الاستثمارات فى الأسهم، خاصة فى ظل تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى و تراجع معدلات التضخم، أما الفائدة الثالثة فهى تهيئة السوق لبرنامج الطروحات الحكومية، حيث من المقرر طرح 10 شركات فى البورصة من بينها 4 شركات تابعة للقوات المسلحة، وتتمثل الفائدة الرابعة فى مضاعفة حصيلة خزانة الدولة عدة مرات، لأن ضريبة الدمغة عندما فرضت عام 2013 حققت لخزانة الدولة 350 مليون جنيه عندما كان حجم التعامل فى البورصة 500 مليون جنيه يوميا، ومن المتوقع أن تقفز الحصيلة إلى 4.5 مليار جنيه سنويا فى ظل إرتفاع حجم التعامل إلى 8 مليارات يوميًا. اقرأ أيضًا | فتوح رئيسًا للجنة ريادة الأعمال بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال لجنة المالية والضرائب ويرى د. أشرف حجر نائب رئيس لجنة المالية والضرائب ب الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال أن موافقة مجلس الوزراء على إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات فى الأوراق المقيدة فى البورصة المصرية واستبدالها بضريبة الدمغة خطوة استراتيجية تهدف إلى تنشيط سوق المال وجذب المزيد من الاستثمارات، كما تعتبر هذه الخطوة مؤشرًا واضحًا على حرص الحكومة على تقديم بيئة استثمارية تنافسية ومحفزة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة، متوقعا أن تشهد سوق الأوراق المالية المصرية زخمًا إيجابيًا فى الفترة المقبلة مع بدء تطبيق هذا النهج الضريبى الجديد. وقال حجر أنه لمعرفة لماذا تتجه مصر الى التحول الى ضريبة الدمغة يجب النظر الى الضرائب فى الدول الكبرى المجاورة وهى السعودية والامارات، ويتضح ان الضرائب على الاسهم المتداولة فى البورصة تخضع لعدة انواع من الضرائب، فمصر تتجه نحو تطبيق ضريبة دمغة (تقدر نسبتها 0.1% و 0.115%) بدلاً من ضريبة الأرباح الرأسمالية، بينما الأسهم معفاة بشكل عام فى السعودية، مع خضوع السعوديين للزكاة وهى معفاة للأفراد فى الامارات،وكذلك للشركات اذا كانت حصصا مؤهلة ضمن نظام ضريبة الشركات الجديد، أما ضريبة توزيعات الأرباح المدفوعة لغير المقيمين من أسهم مدرجة تبلغ 5% فى مصر والسعودية، بينما فى الامارات صفر%بشكل عام، أما الضرائب المستندة الى المعاملات فنجد أن الخدمات المالية فى مصر معفاة من ضريبة القيمة المضافة، بينما تفرض السعودية 15% ضريبة قيمة مضافة على عمولة الوساطة، بينما تنخفض ضريبة القيمة المضافة على الوساطة الى 5% فى الامارات. ضريبة الدمغة الجديدة وأضاف أنه من المتوقع أن تتراوح نسبة ضريبة الدمغة الجديدة بين 0.1% و 0.115% على عمليات البيع والشراء، وذلك يعطى أفضلية لمصر بين الدول فى حالة اعفاء توزيعات الارباح من الضريبة، ومن المنتظر الإعلان عن الحزمة الكاملة للتعديلات المقترحة، سواء على قانون الضرائب أو قانون سوق رأس المال، بتفصيلاتها خلال شهر يوليو القادم، مضيفا ان هناك عدة مميزات للتحول إلى ضريبة الدمغة مثل تعزيز جاذبية الاستثمار، حيث تُعتبر ضريبة الدمغة أقل تعقيدًا وأكثر وضوحًا مقارنة بضريبة الأرباح الرأسمالية التى كانت تثير بعض المخاوف والتحفظات لدى المستثمرين، وهذا التبسيط الضريبى من شأنه أن يزيل حاجزًا نفسيًا أمام دخول المستثمرين الجدد سواء المحليين أو الأجانب، ويعزز الثقة فى السوق المصرية، بالاضافة الى زيادة سيولة السوق وحجم التداولات، لأنه من المتوقع أن يؤدى هذا التحول إلى زيادة ملحوظة فى حجم التداولات اليومية بالبورصة، فبما أن ضريبة الدمغة تُفرض على حجم التعاملات وليس على الأرباح المحققة فإنها قد تشجع المستثمرين على زيادة وتيرة عمليات البيع والشراء دون القلق من احتساب الأرباح والخسائر المعقد، وهذا الارتفاع فى السيولة يعود بالنفع على جميع الأطراف المشاركة فى السوق، وكذلك ميزة تخفيف العبء الإدارى على الشركات، فبالنسبة للشركات المدرجة فى البورصة سيسهم هذا القرار فى تبسيط الإجراءات الضريبية المرتبطة بتعاملات أسهمها، فالشركات لن تكون بحاجة إلى تتبع الأرباح الرأسمالية للمستثمرين لأغراض ضريبية، مما يقلل من الأعباء الإدارية والامتثال الضريبى عليها، ويمكنها التركيز بشكل أكبر على أنشطتها الأساسية، وكذلك جذب الشركات الجديدة للإدراج، حيث قد يشجع هذا التعديل الضريبى الشركات غير المدرجة على التفكير فى الإدراج بالبورصة المصرية، نظرًا لبيئة الاستثمار الأكثر جاذبية وتبسيط المعاملات الضريبية، وهذا من شأنه أن يزيد من عمق السوق ويقدم خيارات استثمارية أوسع للمستثمرين، وأخيرا عم نمو الاقتصاد الكلى بشكل عام، حيث يهدف هذا التعديل إلى تعزيز دور سوق المال كقاطرة للنمو الاقتصادي، فكلما كانت السوق أكثر نشاطًا وسيولة وجاذبية زادت قدرتها على تمويل المشروعات الجديدة والتوسع فى المشروعات القائمة، مما ينعكس إيجابًا على الناتج المحلى الإجمالى وخلق فرص العمل. ويؤكد د. عرفان فوزى الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبى أن الضريبة على الأرباح الرأسمالية على الأوراق المالية المقيدة فى البورصة ضريبة تُفرض على الأرباح الناتجة عن بيع الأوراق المالية مثل الأسهم والسندات فى البورصة، وذلك إذا تجاوز سعر البيع سعر الشراء، موضحًا أن هذه الضريبة تُحسب على صافى الربح الناتج من الفرق بين سعرى البيع والشراء، مشيرًا إلى أن نسبتها تختلف حسب نوع المستثمر، حيث يخضع الأشخاص الطبيعيون المقيمون لنسبة 10%، بينما تُعامل الشركات ضمن أرباح النشاط التجاري، أما غير المقيمين فإنهم يخضعون لنسب خاصة أو لإعفاءات وفقًا للاتفاقيات الدولية. وأضاف فوزى أن هذه الضريبة تم فرضها فى عام 2014، إلا أنه نتيجة لمطالبات رجال الأعمال والمستثمرين بإلغائها نظرًا لتأثيرها السلبى على تعاملات البورصة صدر قرار من مجلس الوزراء بوقف العمل بها، كما صدرت عدة قوانين تؤجل العمل بها حتى الآن، مشيرًا إلى أنه تم فى ذلك الوقت إعادة طرح العمل بضريبة الدمغة النسبية، وهى الضريبة التى كان معمولًا بها قبل فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية بموجب القانون رقم 53 لسنة 2014، وقبل انتهاء المد الأخير لتأجيل فرض الضريبة، تعالت الأصوات مجددًا للمطالبة بإلغاء العمل نهائيًا بضريبة الأرباح الرأسمالية، والعودة إلى ضريبة الدمغة النسبية التصاعدية وفقًا لحجم رقم أعمال التداول، موضحًا أن كثيرًا من المتعاملين بالبورصة يرون أن ضريبة الأرباح الرأسمالية لها تأثير سلبى على المستثمرين خاصةً الأفراد، وأنها ستحد من حجم التعاملات فى البورصة المصرية، ولهذا تم مناقشة الأمر فى مجلس الوزراء لإعادة النظر فى هذه الضريبة والعودة إلى ضريبة الدمغة النسبية. وشدد فوزى على أن ضريبة الدمغة أسهل وأيسر فى التطبيق وأكثر عدالة، فهى تُحصل مرة واحدة فقط دون الدخول فى منازعات ضريبية مع مصلحة الضرائب، مما يساهم فى تعزيز الحصيلة الضريبية دون أى أعباء أو تكاليف على المستثمر، لافتًا إلى أن هذه الآلية تحقق لمصلحة الضرائب حصيلة ضريبية سهلة ومضمونة، حيث تُخصم من المنبع مباشرة، وهو ما سيكون له مردود إيجابى كبير على المستثمرين فى هذا القطاع المهم، مما يساهم فى ازدهار ونماء التعاملات داخل البورصة المصرية. وأوضحت د. حنان رمسيس الخبيرة بأسواق المال أن ضريبة الأرباح الرأسمالية كانت ضريبة تُفرض على المتعامل فى البورصة على فرق البيع عن الشراء، موضحة أنه فى حال البيع بمكسب يتم احتساب 10% ضريبة على المتعامل، وأن السبب وراء كراهية المتعاملين لهذه الضريبة واستيائهم منها أنها كانت تمثل عبئًا ماليًا كبيرًا يُقتطع من أرباحهم، لافتة إلى أن المتعامل كان يسعى لتعويض خسائره أو تحقيق أرباح محدودة وفوجئ بأن هناك ضريبة تستقطع نسبة كبيرة منها، كما أن المخاوف من فتح ملفات ضريبية لدى مصلحة الضرائب زادت من تخوف المستثمرين، مما دفع الكثيرين إلى رفض هذه الضريبة تمامًا، لذلك فى فترة لاحقة تم تطبيق ما يُعرف بضريبة رسم الدمغة، وهى تُفرض على كل المعاملات وتُحتسب بنسبة بلغت 1.75%»، مشيرة إلى أن المستثمرين وجدوا فيها أيضًا تكاليف إضافية خاصة فى ظل أوضاع السوق غير المستقرة ووجود جائحة عالمية أثرت على حركة التداول وأدت إلى انخفاض المؤشرات، وهو ما تسبب فى تعليق العمل بضريبة الدمغة، كما تم تعليق تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية أيضًا. ضريبة الأرباح الرأسمالية وأكدت رمسيس أنه كلما كانت هناك أحاديث أو مقترحات حول إعادة فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على السوق كانت المؤشرات تنهار والسوق يشهد تراجعًا حادًا، مما دفع الدولة إلى إعادة النظر والتراجع عن تطبيقها، لتقرر فى النهاية التعامل مجددًا بضريبة رسم الدمغة خاصةً وأن المتعاملين كانوا قد قبلوا بها سابقًا، ولكن بشرط أن تكون بالحد الأدنى، وهو ما حقق رضا نسبيًا فى السوق وأتاح لمصلحة الضرائب تحصيل متحصلات ضريبية دون نزاعات، مشيرة إلى أن هذه الضريبة كانت تدر على الدولة فى بعض فترات التداول خلال عام نحو 4 إلى 6 مليارات جنيه. وأضافت أنه مع الإصلاحات الاقتصادية التى يتحدث عنها وزير المالية وضمن خطة تطوير المعاملات الضريبية، قررت الدولة إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية والمضى قدمًا نحو اعتماد ضريبة الدمغة بشكل نهائي، ويُنتظر أن يقر مجلس النواب هذه الضريبة، التى يتمنى المتعاملون أن تُطبق على الحد الأدنى وليس الأقصى، لافتة إلى أن السبب وراء رغبة المتعاملين وشركات التداول فى اعتماد الحد الأدنى من الضريبة أن الضريبة تمثل تكلفة إضافية على المتعامل، وبالتالى أول ما سيفعله المستثمر هو التفاوض مع شركات التداول لخفض العمولات، فى الوقت الذى تُعد فيه العمولة هى كل ما تعتمد عليه شركات التداول من أرباح، مشددة على أن إقرار ضريبة الدمغة بالحد الأدنى سيسهم بشكل كبير فى تنشيط حركة التداول فى البورصة المصرية، خاصةً وأن أسواق المال تُعد من الأسواق عالية المخاطر نظرًا لتأثرها المستمر بالأحداث الجيوسياسية العالمية