فى وجه الحكومة الأمريكية التى تواصل دعمها المطلق لإسرائيل لتنفيذ حرب إبادة لسكان غزة، ولا تتوقف عن القتل والهدم والترويع، تقف منظمة «كنائس من أجل السلام فى الشرق الأوسط» بواشنطن، لتفضح المزاعم الصهيونية، أمام المواطن الأمريكي، وتخبره أن أموال الضرائب التى يدفعها تذهب لإراقة دماء الأطفال فى غزة. فى هذا الحوار تكشف القس الدكتورة ماى إليس كانون، المديرة التنفيذية للمنظمة عن الجرائم الإسرائيلية التى ترتكب فى القطاع والضفة، تحصى بدقة عدد الشهداء فى غزة، وأيام الحصار والتجويع، وتثمن الدور المصرى لإنهاء الحرب ورفض التهجير، وتعلن عن موقف المنظمة الحازم تجاه تورط الحكومة الأمريكية فى الصراع، وتطالب بحياة آمنة للفلسطينيين، وتحذر إسرائيل من هدم المقدسات المسيحية. «الاحتلال» يحرم آلاف الحجاج المسيحيين من حقهم فى العبادة ■ ما هو الدور الذى تلعبه منظمة «كنائس من أجل السلام» لمواجهة ما يحدث من عنف وصراعات فى الشرق الأوسط؟ منظمة (CMEP) واحدة من الأصوات المسيحية الرائدة فى الولاياتالمتحدة التى يعلو صوتها ضد العنف والفظائع فى الشرق الأوسط، منذ أحداث السابع من أكتوبر والعنف المرتكب ضد المدنيين فى غزة، وبداية العدوان الإسرائيلى على القطاع، تدعو إلى المساواة وحقوق الإنسان، من أجل سلام عادل يسلط الضوء على الكرامة الإنسانية وينمى علاقات مزدهرة. وقد قامت المنظمة بتوثيق مقاطع فيديو يومية لأكثر من 570 يومًا، تتضمن الأخبار والتطورات فى منطقة الشرق الأوسط والدول الغربية، كشهادة على ما يحدث فى لبنان وسوريا وفلسطين وإسرائيل والأردن والعراق ومناطق أخرى فى المنطقة. ■ وماذا عن العمل الميداني؟ نقوم بزيارات للمنطقة تحت اسم «رحلة إلى السلام»، نتحدث خلالها مع مواطنين بالكنائس والجامعات وغيرها من المواقع فى المنطقة، وندعو من خلالها إلى وقف إطلاق النار الفورى والشامل بين إسرائيل وحماس؛ وإطلاق سراح المحتجزين فى غزة والأسرى الفلسطينيين المسجونين ظلماً فى إسرائيل؛ إضافة إلى تقديم المساعدة الإنسانية الفورية والكافية إلى غزة؛ والمطالبة بالعودة إلى طاولة المفاوضات؛ ومنع تصدير الأسلحة إلى إسرائيل لأنها تستخدمها ضد شعب غزة بما يخالف القانون الدولي. نسعى إلى حل عادل ودائم للصراع، يحقق فيه الفلسطينيون والإسرائيليون رؤية السلام العادل، الذى يُنير الكرامة الإنسانية ويُنمّى علاقات مزدهرة، كما تلتزم المنظمة بالسعى إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، لتحقيق الأمن والاستقرار. ■ كيف تراقب المنظمة حصار غزة وتوسيع جيش الاحتلال عملياته العسكرية؟ إن منظمة كنائس فى الشرق الأوسط من أجل السلام تنضم إلى جانب 26 منظمة إغاثية وإنسانية دولية، من أجل الدعوة إلى إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة. ولقد أتاحت هدنة وقف إطلاق النار الهشة إلى زيادة نسبة إدخال المساعدات الإنسانية لسكان القطاع بين 19 يناير و2 مارس 2025. إلا أن هذا التقدم توقف فجأة عندما استأنفت حكومة إسرائيل أعمالها العدائية من جانب واحد فى 18 مارس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص فى يوم واحد. فى غضون ذلك، كثفت القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية فى الضفة الغربيةالمحتلة، ما أدى إلى تعطيل إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كبير. وشمل ذلك هدم منازل الفلسطينيين، وتهجير ما يقرب من 40 ألف شخص قسرًا، وتدمير البنية التحتية الحيوية. منذ 2 مارس، أعادت السلطات الإسرائيلية فرض حصار كامل على غزة، ومنعت دخول جميع المساعدات والسلع التجارية لأكثر من ستة أسابيع وحتى الآن، ويمثل هذا أطول فترة تمنع فيها حكومة إسرائيل جميع المساعدات والسلع من دخول غزة فى التاريخ. إنها فظاعة تمثل عقابًا جماعيًا وجريمة ضد الإنسانية. كيف تنظرين إلى استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح ضد شعب غزة؟ منذ 18 مارس، أدت هجمات القوات الإسرائيلية فى غزة إلى مقتل أكثر من 1630 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 4200 ونزوح قسرى لأكثر من 419300، فيما يقترب عدد الشهداء حتى الآن من 53 ألف فلسطينى فى غزة، إضافة إلى ألف فلسطينى فى الضفة الغربية، بما فى ذلك القدسالشرقية- وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية. ووصف الأمين العام للأمم المتحدةغزة بأنها «ساحة قتل» وحذر من أن المدنيين فى غزة يعيشون فى «حلقة موت لا نهاية لها»، وقد أدى استخدام قوات الاحتلال المساعدات الانسانية كسلاح بما فى ذلك منع المواد الغذائية والماء والرعاية الصحية وأماكن الإيواء- إلى زيادة أعداد الشهداء الفلسطينين، وكان من الممكن الحفاظ على أرواح الفلسطينيين وحفظ كرامتهم. ■ بم تصفين الممارسات الإسرائيلية والقصف اليومى للمدنيين فى القطاع؟ فظائع ترتكبها حكومة إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى فى غزة، من خلال القصف شبه اليومى منذ السابع من أكتوبر 2023، ومنعها مؤخرًا ادخال الغذاء والماء والكهرباء والإمدادات الإنسانية، ما يشكل جرائم ضد الإنسانية، إن عشرات الآلاف من الشهداء المدنيين فى غزة ومناطق أخرى من الأراضى الفلسطينيةالمحتلة وصمة عار فى جبين إنسانيتنا، ولا تزال انتهاكات إسرائيل المستمرة للقانون الدولى وعدم احترامها لسيادة الدول المحيطة تُهدد استقرار الشرق الأوسط فى جنوبلبنان وسوريا وأجزاء أخرى من المنطقة. ■ دمرت آلة البطش الإسرائيلية الوحشية قطاع غزة، ومناطق أخرى داخل الأراضى الفلسطينية، تدميرًا كاملًا، دون أى رادع يُوقف دولة الاحتلال. برأيك، لماذا تتصرف إسرائيل كدولة فوق القانون؟ إن الدمار والقمع المستمر من قبل دولة الاحتلال فى قطاع غزة ومناطق أخرى من الأراضى الفلسطينية يُشكلان تطهيرًا عرقيًا وإبادة جماعية، كما أن استمرار دعم الولاياتالمتحدة لإسرائيل لا يجعلها متواطئة فحسب، بل ومشاركةً أيضًا فى الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية، وكان بإمكان الرئيس الأمريكى السابق بايدن إنهاء حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني، لكنه اختار بدلاً من ذلك الاستمرار فى تسليح إسرائيل حتى مع وجود أدلة واضحة على استخدام الأسلحة فى انتهاك للقانون الدولي. وأرى أنه لدى الولاياتالمتحدة فرصة للمطالبة بإنهاء الفظائع المرتكبة فى غزة، ودعم قرار يسمح بعودة المحتجزين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين، لإنهاء احتلالهم للفلسطينيين. فلن يتحقق السلام إلا بتمتع الفلسطينيين بالحرية وتقرير المصير، وبشعور الإسرائيليين واليهود حول العالم بالأمن والأمان. إن العنف المستمر ضد المدنيين يُشجع على دوامة العنف التى لن تُسفر إلا عن أجيال من التطرف العنيف، وهو أمرٌ يضرّ بجميع شعوب الشرق الأوسط. ■ وماذا عن حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية؟ نحن ندعم القدس المشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين، بالإضافة إلى الوصول الكامل إلى الأماكن المقدسة للطوائف الدينية الثلاث «اليهود والمسيحيين والمسلمين«لمن يعتبرونها مقدسة. كما نُدرك الأهمية الدينية للشرق الأوسط لليهود والمسيحيين والمسلمين وغيرهم؛ لحماية الحرية الدينية للجميع، ودعم التدابير الرامية إلى ضمان استمرارية المجتمع المسيحى التاريخى فى فلسطين وإسرائيل والمنطقة بأسرها. ونشجع على إيجاد حلول تفاوضية وعادلة وسلمية للصراعات فى المنطقة، ونزع السلاح من هذه الصراعات. ونطالب باحترام حقوق الإنسان للجميع فى المنطقة، بمن فيهم اللاجئون والنازحون، على أساس الاحترام الكامل لاتفاقيات جنيف وغيرها من اتفاقيات القانون الدولي. المنظمة ملتزمة بالعمل جنبًا إلى جنب مع إخواننا وأخواتنا المسلمين واليهود لإنهاء الفظائع فى غزة وجميع أشكال العنف فى الشرق الأوسط. ونعمل على حشد الدعم الدولى ونشارك فى المناصرة من خلال حملات دعائية نحشد خلالها مسيحيى العالم للدعوة إلى حجب الأسلحة عن إسرائيل، وإلزام جميع الأطراف المتقاتلة بإلقاء أسلحتها. ■ وما هو رد فعل المنظمة على ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات واعتداءات وحشية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى الأراضى الفلسطينية؟ نشعر بالقلق البالغ إزاء الاعتداءات الإٍسرائيلية على الأماكن والممتلكات الدينية المسيحية والإسلامية، والمستشفيات، وغيرها من الأماكن المحمية، فخلال زيارتى الأخيرة لمدينة القدس وقت أعياد يوم القيامة، كانت السلطات الإسرائيلية قد حرمت آلاف الحجاج المسيحيين من حقهم فى العبادة، وأعلنت المنظمة تضامنها مع المسيحيين فى الأرض المقدسة، وندين الانتهاكات الصارخة للحريات الدينية. كما أعلنت المنظمة تضامنها مع بطاركة ورؤساء الكنائس فى القدس ودفاعهم عن البطريركية الأرمنية، حيث تواجه البطريركية الأرمنية فى القدس قرار حجز على ممتلكاتها من قبل السلطات الإسرائيلية، مما يشكل تهديدًا كبيرًا لاستمراريتها. فإن هذا الإجراء يقوض حرية الدين، التى هى أساس جميع الحقوق الأخرى، إذ إنه من خلال مصادرة الأصول، يسعى إلى النيل من حق الكنيسة الأرثوذكسية الأرمنية فى الوجود، ويحرمها من الموارد الاقتصادية اللازمة للعيش والعمل، ويحرم الشعب الأرمنى المحلى من الرعاية الرعوية لكنيسته». وستظل منظمة كنائس من أجل السلام فى الشرق الأوسط ملتزمةً بالدفاع عن استمرار استدامة الكنائس فى القدس، التى يقدم وجودها وخدماتها خدمات حيوية للمجتمع ككل. كما أدانت المنظمة بأشد العبارات قصف المستشفى الأهلى العربى فى غزة، وطالبت المنظمة فى بيان أصدرته عقب هذه الجريمة، بضرورة حماية المجتمع المسيحى وجميع سكان غزة. فيما يعدّ المستشفى الأهلى مؤسسةً أنجليكانية، وأحد أقدم المستشفيات العاملة فى غزة، وهو المستشفى المسيحى الوحيد فى القطاع ومركز علاج السرطان الوحيد فيها. ■ ما تقييمكم لدور مصر وجهودها لوقف العدوان الإسرائيلى المستمر على غزة ودعمها لحقوق الشعب الفلسطيني، ورفضها تهجيره من أرضه، ودعمها للسلام والأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط؟ لمصر دور حاسم فى دعم ومناصرة وتشجيع السلامفى الشرق الأوسط، وكذا المفاوضات بين حماس وإسرائيل، وعلى جميع الدول العربية، وغيرها من الدول ذات النفوذ المباشر على إسرائيل، وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة، بذل كل ما فى وسعها لتشجيع وتعزيز وتسهيل اتفاق وقف إطلاق نار فورى ودائم، وإنهاء جميع أشكال العنف. إن قرب مصر واتفاقية السلام التى تربطها بإسرائيل منذ عقود، يمنحها موقعًا فريدًا يؤهلها للقيام بدورٍ بناء فى مرحلة ما بعد الحرب وإعادة الإعمار، وتشدد منظمة كنائس من اجل السلام فى الشرق الأوسط على حق الفلسطينيين بالبقاء فى غزة وعدم تهجيرهم وإجبارهم على النزوح، طوعًا أو كرهًا، لأن الظروف هناك أصبحت غير صالحة للعيش بشكل متزايد. كما أن هذا التهجير لا يقل عن تطهيرعرقى وتهجير قسرى للشعب الفلسطينى فى غزة. وندعو مصر وجميع الدول ذات النفوذ والتأثير، إلى استخدام جميع الوسائل السلمية لإنهاء جميع أشكال العنف وتعزيز الاستقرار فى المنطقة. ■ تستخدم دولة الاحتلال التجويع كسلاح ضد سكان قطاع غزة، فيما تواصل منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى القطاع منذ أكثر من 60 يومًا، مما أدى إلى تدهور حاد فى الوضع الإنسانى والصحى للفلسطينيين فى غزة. كيف تنظرين إلى هذا الأمر؟ إن قطع الغذاء والماء والغاز والكهرباء وحجب الإمدادات والمساعدات الإنسانية الأساسية التى تشتد الحاجة إليها لا يشكل انتهاكًا للقانون الدولى فحسب، بل جرائم ضد الإنسانية. الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليونى نسمة هم من المدنيين الأبرياء. ومن غير المعقول أن يكون هناك حصار كامل على غزة، وأن الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة لا يستطيعون الحصول على أدويتهم الضرورية للحياة؛ ولا يستطيع الأطفال الحصول على الحليب الصناعى والأغذية الأساسية؛ لم يعانى الأطفال والشباب من نقص التعليم خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية فحسب، بل حُرموا، هم وجميع سكان القطاع، من احتياجاتهم الأساسية للحياة والسكن والأمان. وهذا ليس انتهاكًا للقانون الدولى فحسب، بل هو أمرٌ لا أخلاقى بالمرة. ■ كيف يمكن للمنظمة أن تُسهم فى الضغط على الحكومة الأمريكية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأماكن المقدسة فى الأراضى المحتلة، وتوضيح الصورة الحقيقة للرأى العام الأمريكى؟ نعمل على تثقيف المسيحيين الأمريكيين وعموم المواطنين الأمريكيين عن واقع الاحتلال، بما فى ذلك الانتهاكات الإسرائيلية ضد الأماكن المقدسة والتوسع الاستيطاني، ليفهموا كيف تُساهم أموال الضرائب الأمريكية فى هذه المظالم. الناخبون المُطّلعون أكثر قدرة على محاسبة المسؤولين المنتخبين والدعوة إلى سياسات تُعزز حقوق الإنسان وكرامته. نعمل على نقل أصوات الفلسطينيين والمنظمات غير الحكومية العاملة فى الأراضى المحتلة من خلال إيصال وجهات نظرهم مباشرةً إلى صانعى القرار الأمريكيين. يشمل ذلك عقد اجتماعات مع السفارة الأمريكية فى القدس، ومكتب حقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية، والبيت الأبيض، لضمان الاستماع إلى التجارب المباشرة على أعلى المستويات. كما ندعو فى مبنى الكابيتول -سواءً بشكل مباشر أو بالتعاون مع شبكتنا من الداعمين إلى حثّ أعضاء الكونجرس على اتباع سياسات راسخة فى العدالة والمساواة وحماية جميع الأرواح. وتُعدّ قمتنا السنوية للمناصرة حدثًا هامًا كل عام، حيث يلتقى الناخبون والقادة الدينيون مباشرةً مع ممثليهم للضغط من أجل التغيير. فمن خلال هذا العمل، تلعب المنظمة دورًا حيويًا فى تحدى السياسات الأمريكية الضارة، وتعزيز السلام القائم على احترام القانون الدولى وحقوق جميع شعوب المنطقة. ■ ما رؤيتك حول الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة التى قدمتها مصر؟ وكيف يمكن للمنظمة المساهمة فى حشد الدعم الدولى لتنفيذ هذه الخطة؟ تؤكد منظمة كنائس من أجل السلام فى الشرق الأوسط أن أى خطة لإعادة إعمار غزة يجب أن تبدأ برفض قاطع للمقترحات التى تتضمن تهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو تقليص مساحة الأراضى الفلسطينية، أو أى شكل من أشكال إعادة احتلال غزة أو استيطانها من قبل إسرائيل أو أى قوة أجنبية أخرى. هذه الإجراءات تنتهك القانون الدولى وتقوض حقوق الشعب الفلسطينى وكرامته. ندرك أن خطة إعادة الإعمار العربية الإسلامية التى قدمتها مصر تقدم رؤية بديلة رؤية تتمسك بمبدأ أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، وترفض صراحةً التهجير القسرى لشعبها. يمثل هذا الإطار ردًا حاسمًا على المقترحات التى تسعى إلى ترسيخ الاحتلال والتشريد. ومن المهم أن تؤمن منظمة كنائس من أجل السلام فى الشرق الأوسط بأن مستقبل الحكم فى غزة والأراضى الفلسطينية الأوسع يجب أن يقرره الفلسطينيون أنفسهم. إن فرض هيكل سياسى أو قيادة من الخارج سواء من قِبل حكومات أجنبية أو جهات دولية فاعلة لم يُفضِ تاريخيًا إلا إلى مزيد من الانقسام وعدم الاستقرار. فللشعب الفلسطينى الحق فى تقرير مصيره، بما فى ذلك من خلال انتخابات ديمقراطية، لتشكيل مستقبله وقيادته. ■ ما الدور المؤثر الذى يمكن أن تلعبه «كنائس من أجل السلام فى الشرق الأوسط» فى تشكيل الرأى العام الأمريكي، كونه يُمثل وسيلةً للضغط على الحكومة الأمريكية لإجبار إسرائيل على إنهاء حربها على غزة، والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، واستئناف المفاوضات؟ تلعب «كنائس من أجل السلام فى الشرق الأوسط» دورًا حيويًا فى تشكيل الرأى العام الأمريكى من خلال تثقيف وإسماع الأصوات التى غالبًا ما تُهمش فى الخطاب السائد. من خلال مبادراتنا التعليمية، نُطلع المسيحيين الأمريكيين على حقائق الحرب على غزة، والأزمة الإنسانية، والحاجة المُلحة إلى وقف دائم لإطلاق النار، والعودة إلى مفاوضات قائمة على العدالة والقانون الدولي. يُمكّن هذا التثقيف الأفراد والجماعات من التشكيك فى السياسات الأمريكية والمطالبة بالتغيير. كما نُعلى أصوات الفلسطينيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمنظمات الإنسانية العاملة على الأرض. من خلال عرض هذه الشهادات المباشرة على المجتمعات الدينية وصانعى السياسات، ونُساعد على تحويل الخطاب بعيدًا عن التصويرات التبسيطية أو أحادية الجانب، مُعززين التعاطف والوعى والإلحاح. وقد أشارت استطلاعات الرأى الأخيرة، إن تأييد إجراءات الحكومة الإسرائيلية فى أدنى مستوياته على الإطلاق بين الجمهور الأمريكي. وتعد المنظمة جزءًا من هذه الحركة المتنامية، إذ تُساعد على حشد المسيحيين فى جميع أنحاء الولاياتالمتحدة للضغط على مسؤوليهم المنتخبين للدعوة إلى إنهاء الحرب، والالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار، ودعم مفاوضات جادة تُعالج الأسباب الجذرية للصراع، وعلى رأسها الاحتلال المستمر وإنكار حقوق الفلسطينيين. فمن خلال الدعوة والتثقيف المُستمر القائم على القيم، توفر المنظمة مسارًا أخلاقيًا ومدنيًا للمسيحيين الأمريكيين للدفاع عن السلام والعدالة فى غزة وخارجها. ■ هل تعتقدين أن «صوت السلام والحكمة والعدالة» لا يزال مسموعًا؟ وبرأيك ما السبيل لتحقيق ذلك؟ فى خضم الاضطرابات والصراعات المنتشرة، وخاصةً فى الشرق المتوسط، يصعب بلا شك الإجابة ب «نعم» عند سؤالنا عما إذا كان صوت السلام والحكمة والعدالة لا يزال مسموعًا. ومع ذلك، فإن منظمة كنائس من أجل السلام فى الشرق الأوسط تسترشد بإيمان عميق وراسخ يُصرّ على أن هذا العالم ليس ممكنًا فحسب، بل فى متناول اليد. لا ينبع إيماننا من تفاؤل ساذج أو أمل أعمى، بل هو راسخ فى الإمكانات الحقيقية والمثبتة للبشرية لاختيار الرحمة بدلًا من الكراهية، والتعاون بدلًا من الانقسام، والمصالحة بدلًا من الانتقام. لقد أثبت لنا التاريخ أنه حتى أكثر الصراعات تدميرًا يمكن أن تؤدى إلى سلام دائم عندما ينهض أصحاب الشجاعة والضمير للقيادة. إن الطريق إلى سماع صوت السلام من جديد يبدأ بكل واحد منا برفض الصمت فى وجه الظلم، والعمل على تثقيف مجتمعاتنا وتعبئتها، والإيمان بأهمية أفعالنا. هذا يعنى رفض السخرية واليأس، والالتزام بالعمل البطيء والمخلص لبناء العدالة، وقول الحقيقة، وصنع السلام.