إشراف: منصورة عز الدين يمكن للجدل الذى أُثير مؤخرًا حول قرار إغلاق عدد من بيوت وقصور الثقافة ذات المقار المؤجرة أن يتحول إلى جدل خلّاق إن حولناه إلى فرصة لإعادة النظر فى الطريقة التى تُدار بها الهيئات التابعة لوزارة الثقافة المصرية والبحث فى سبل إحياء دورها بحيث تصل إلى الجمهور الُمستهدف، وأقصد به شرائح متنوعة فى أمس الحاجة إلى إيصال الثقافة لها وتوفير الكتب بأسعار رمزية. فهذا هو الدور الأساسى لمثل هذه المؤسسات وليس الاكتفاء باختزال دورها فى علاقتها بالمثقفين والكتاب. لو تفحصنا أداء هذه الهيئات مؤخرًا سنلاحظ أنها شبه غائبة، فأنشطة الهيئة العامة للكتاب تكاد تكون سرية ومنافذ توزيعها أُغلِق عدد منها خلال السنوات الأخيرة أو ترهلت وفقدت حضورها السابق، والمجلس الأعلى للثقافة لا يختلف حاله كثيرًا، وخسر المركز القومى للترجمة الكثير من زخمه السابق، وارتبكت خطط النشر فيه بسبب البطء والبيروقراطية. أما الهيئة العامة لقصور الثقافة، فتكفى الأزمة الأخيرة لتدلنا على طبيعة الوضع فيها، ولا أشير هنا إلى مجرد التفكير فى إغلاق بعض البيوت والقصور، فالأخطر من هذا أنها فقدت تأثيرها على محيطها فى الأقاليم، وكفت عن أداء المأمول منها من نشر للمعرفة والوعى. ويحتاج العمل الثقافى إلى الابتكار والجرأة، ويتطلب التفكير خارج الصندوق. ما نلاحظه حالياً أن الثقافة صارت نشاطاً جاذبًا وجذابًا إن قُدمت بشكل عصرى مُبتكر، والدليل على هذا أن الجهات الثقافية المستقلة ناجحة فى اجتذاب الأنظار واستقطاب شرائح جديدة من كل الأعمار، يشهد على هذا حجم الإقبال على أنشطتها ونجاح المهرجانات المستقلة التى أُقيمت خلال الأعوام الأخيرة لجهة الضيوف والجمهور والأفكار. يحدث هذا عبر معرفة المشهد الثقافى والجمهور المُستهدف جيدًا وعبر تطبيق أسس الإدارة الثقافية الحديثة والبعد عن البيروقراطية والأفكار المكرورة. فى المقابل تبدو الهيئات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة شائخة ومثقلة وغير راغبة أصلاً فى التأثير على محيطها، والسؤال الآن: لماذا لا يتم تفعيل هذه المؤسسات وتحديثها بحيث تواكب العصر؟ توفر النية لفعل هذا سيؤدى إلى نتائج حقيقية، فالمسألة ليست مستحيلة، بل فى المستطاع إن اُختيرت الكوادر المناسبة.