تمتلك مصر مكانة كبيرة كقوة ناعمة مؤثرة فى محيطيها العربى والإسلامى، لما تتمتع به من إرث حضارى وثقافى ممتد عبر التاريخ، وقد تربعت مصر على عرش تلاوة القرآن الكريم، بقرائها وعلمها فى التجويد وعلم الوقف والابتداء والقراءات، وهى أول دولة تفتتح معهداً متخصصاً للقراءات، فأصبحت تلاوة القرآن أهم روافد القوى الناعمة المصرية، والقراء المصريون علموا العالم الإسلامى أصول التلاوة، وطاف قراؤها الأوائل دول العالم وكان يجرى استقبالهم استقبال الفاتحين ويتم تكريمهم من ملوك ورؤساء الدول، فقد كان كل صوت منهم شديد الخصوصية والتميز، وكأنه بصمة الصوت أو الإبهام، لا يمكن أن تخطئه الأذن، وذلك بسبب تفرد شخصية الصوت والقدرات والملكات الخاصة، حيث عاش قراء مصر سنوات طويلة يخدمون القرآن ويتنافسون على من يكون الأكثر جهداً فى بذل العطاء، فأقبل المسلمون على هذه الأصوات ينهلون من إبداعاتها، لما يتمتع به كل قارئ من قرائها بشخصية متفردة فى الصوت والأداء والقدرة على الوصول إلى قلوب الجماهير. فى كتابه «زعماء دولة التلاوة»، الصادر حديثاً عن دارسينورز للنشر تناول الكاتب والمؤرخ محمد الشافعى، تاريخ المدرسة المصرية فى التلاوة وزعمائها الذين جابوا مشارق الأرض ومغاربها، قراءة وتلاوة وترتيلاً وتجويداً، فاجتذبوا مئات الملايين من المسلمين فى كل أنحاء العالم الإسلامى، ومست قلوب الكثيرين من غير المسلمين وجعلتهم يدخلون الإسلام، واستعرض الكاتب والمؤرخ محمد الشافعى أسماء 15 من أبرز المشايخ، وقدّم سيرة حياتهم من الميلاد حتى الرحيل، وهم المشايخ: محمد رفعت، على محمود، طه الفشنى، عبد الفتاح الشعشاعى، أبو العينين شعيشع، مصطفى إسماعيل، كامل يوسف البهتيمى، عبد العظيم زاهر، عبد العزيز على فرج، محمد صديق المنشاوى، محمود خليل الحصرى، محمود على البنا، عبد الباسط عبد الصمد، محمد عمران، محمد محمود الطبلاوى. فى مقدمة الكتاب، يلقى الكاتب والمؤرخ محمد الشافعى، الضوء على تاريخ دولة التلاوة المصرية، ويسرد لنا بأسلوب ممتع وشيق، وكلمات رقيقة وشفافة تمس أعماق القلوب والمشاعر والأحاسيس، وتجذب القارئ للاستمرار فى قراءة الصفحات دون توقف، فى متعة حسية وعقلية كبيرة، فى البداية يؤكد أن مصر تفردت منذ الفتح الإسلامى بأنها دار القرآن ومؤئل قرائه ونشأ فيها أعظم هؤلاء القراء، وتوالت أجيالهم 14 قرناً بلا انقطاع، وقد اهتم الأزهر الشريف بعلم القراءات ومخارج الألفاظ، والوقف والابتداء، إضافة إلى علم المقامات الموسيقية، والتجويد على الطريقة المصرية، علم راسخ لم تمسه يد التبديل والتغيير ويعمل على التغنى بالقرآن وفقاً للمقامات اللحنية بلا إيقاع ولا آلات موسيقية، مع الحفاظ على النطق الصحيح طبقاً للأحكام التشريعية بلا أدنى تحريف. وقد لفتت مدرسة التلاوة المصرية أنظار علماء الغرب، فعكفوا على دراستها وتحليل إبداعاتها، وبدأ ذلك مع الحملة الفرنسية على مصر، وتوالت هذه الدراسات، وبعد ما يقرب من مائتى عام جاءت أهم وأكمل دراسة لتلك المدرسة على يد الباحثة الأمريكية كريستينا نيلسون، وهى مسيحية من كاليفورنيا، وخلصت كريستينا من دراستها بأن الظاهرة القرآنية فى مصر جزء من روح الممارسات الثقافية والاجتماعية، وحصلت على درجة الدكتوراه عن دراستها عن الفن القرآنى والتى أصدرتها فى كتاب بعنوان (فن تلاوة القرآن)، ويحتوى على سبعة فصول، تضمنت دراسات وافية عن آليات التلاوة، والقرآن المرتل والمجود وفن التجويد والقراءة المثالية، وفى نهاية الكتاب أفردت سبعين صفحة من الملاحق، قدمت خلالها القراءات السبع والكثير من المعلومات عن المشايخ الكبار المشهورين مثل: على محمود، محمد رفعت، مصطفى إسماعيل، كامل يوسف البهتيمى، عبد الباسط عبد الصمد، محمد صديق المنشاوى، محمد محمود الطبلاوى، محمود خليل الحصرى، محمد سلامة، كما قدمت معلومات عن مشايخ الجيل الثانى، إبراهيم الشعشاعى، أحمد الرزيقى، على حجاج السويسى، عبد المتعال منصور عرفة، عامر السعيد عثمان، فتحى قنديل، هاشم هيبة، محمود رمضان، وتؤكد كريستينا نيلسون، فى كل سطر من كتابها، على أن المصريين هم حفظة أسرار القرآن. ويمضى المؤلف قائلاً إن الملامح الأولية لمدرسة التلاوة المصرية قد تبلورت مع نهاية القرن التاسع عشر، من خلال أصوات مجموعة من المشايخ المجيدين، ثم اتضحت معالم تلك المدرسة أكثر بظهور الشيخ أحمد ندا مع بداية القرن العشرين، وأجمع المؤرخون على عبقرية صوته الذى يجمع كل عناصر القوة والرقة والعذوبة، حيث ابتكر هؤلاء المشايخ فن ترتيل القرآن، الذى لم يكن موجوداً قبلهم، وجاء الشيخ على محمود بعد الشيخ أحمد ندا ليؤسس للمدرسة الطربية فى تلاوة القرآن الكريم، بصوته القوى الجميل، وسار على دربه العشرات من الأصوات البديعة وفى مقدمتهم الشيخ طه الفشنى، وعندما ظهر الشيخ محمد رفعت صار نسيجاً وحده، وأميراً لدولة التلاوة، وافتتح بصوته البديع الإذاعة المصرية فى 31 مايو 1934. ويمضى "الشافعى" فى سرده: اكتملت معالم أركان دولة التلاوة المصرية بأصوات المشايخ الكبار محمد الصيفى، محمد سلامة، حسن المداخلى، عبد العظيم زاهر، مصطفى إسماعيل، أبو العينين شعيشع، وقد اجتذبت المدرسة المصرية فى التلاوة مئات الملايين من المسلمين فى كل العالم الإسلامى، وجعلتهم أكثر إيماناً وخشوعاً وتدبراً لمعانى القرآن الكريم، كما مست القلوب الكثيرين من غير المسلمين فجعلتهم يدخلون فى دين الله أفواجاً، ولم تقتصر دولة التلاوة فى مصر، على إبداعات تلاوة القرآن الكريم، ولكنها امتدت إلى دولتين إبداعيتين هما: دولة الإنشاد، ودولة الغناء، حيث عمل التجويد على إبراز الملكات الفنية لدى مجموعة من المشايخ فأسسوا دولة الابتهالات والإنشاد، وهم المشايخ على محمود، طه الفشنى، كامل يوسف البهتيمى، سيد النقشبندى، نصر الدين طوبار، محمد عمران، كما عملت دولة التلاوة على إحداث النهضة الغنائية المصرية فى العصر الحديث من خلال ألحان المشايخ ومن سار على دربهم مثل سيد درويش، زكريا أحمد، محمد القصبجى، محمد عبد الوهاب، أم كلثوم ..وغيرهم. ومع منتصف السبعينيات من القرن الماضى، بدأ التراجع التدريجى فى قمة المواهب التى يتم الدفع بها إلى دولة التلاوة، وذلك للعديد من الأسباب، يأتى فى مقدمتها أنه رغم وجود أصوات جميلة وقوية فى القرى والنجوع لكنهم كسالى بلا طموح، يرفضون تعلم الموسيقى، أو إجادة القراءات، أو حتى التمكن من الأحكام، ويكتفون بالمال الكثير الذى يأتيهم من القراءة فى العزاءات التى تقام فى محيطهم، بالإضافة إلى ضعف وقلة الجهد المبذول فى البحث والتنقيب عن المواهب الحقيقية. بعدما ينتهى المؤلف من تقديمه لمدرسة التلاوة المصرية، يبدأ فى استعراض رحلة مجموعة كبيرة من أبرز المشايخ المصريين الذين تزعموا مدرسة التلاوة، وكانت البداية بالشيخ محمد رفعت. اعتراف لا بد منه وقبل البداية يجب أن تعرف عزيزى القارئ أن هناك تفاصيل كثيرة وقصصًا وحكايات مشوقة ومثيرة فى حياة المشايخ التى تضمنها كتاب "زعماء دولة التلاوة"، لن أستطيع أن أتناولها كلها هنا بالتفصيل، ولكن هذه محاولة لإلقاء الضوء قدر المستطاع على عدد منها، وإذا أردت أن تعرف وتقرأ وتطلع وتقترب أكثر من قصص وحكايات هؤلاء فعليك بقراءة الكتاب كاملاً لتحقق غايتك المنشودة فى الاقتراب منهم أكثر وأكثر. محمد رفعت.. قيثارة الفردوس ولد الشيخ محمد رفعت فى التاسع من مايو عام 1882، فى حى المغربلين بالدرب الأحمر، وأصيب وهو فى الثانية من العمر بضعف شديد فى قدرته على الإبصار وتحول مع الوقت إلى العمى الكامل، فقرر الأب أن يهب ابنه للقرآن، وحفظ القرآن كاملاً قبل أن يكمل العاشرة، وتوفى والده فى نفس العام، وأصبح الطفل محمد رفعت عائلاً لأسرته وتعلم فنون التجويد وتعلم القراءات السبع وتعلم الموسيقى والعزف على العود، وقام بتلاوة القرآن فى سرادقات العزاء وذاع صيته، وأصرت والدته على أن تزوجه وهو فى سن الخامسة عشرة من عمره، ولم يدم هذا الزواج أكثر من ستة أشهر وتم الطلاق، وبعدها بسنوات قليلة تزوج الشيخ رفعت زوجته الثانية، والتى أنجبت له أبناءه الأربعة (محمد، وأحمد، وحسين، وبهية)، وفى 31 مايو عام 1934، استمع المصريون إلى الصوت العبقرى، وهو يفتتح برامج الإذاعة المصرية بقراءة سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)، واتفقت معه الإذاعة أن يقرأ مرتين فى الأسبوع يومى الثلاثاء والجمعة، وقد أكد علماء الموسيقى على أن صوت الشيخ رفعت هو سيمفونية القرآن؛ وهو التفسير الموسيقى لآيات الذكر الحكيم، يضىء المفردات مفردة مفردة، ثم يجمعها فى جملة نغمية تتضمن جوهر المعنى الكلى للجملة القرآنية، فتلاوة الشيخ لم تكن قراءة تسميع وحفظ ولكن قراءة شرح وتفسير وتنوير وتشخيص، فالشيخ الجليل يقرأ ويرقى؛ ينسلخ عن كل ما حوله، فينفذ إلى المعانى التى تسكن الكلمات، وكل هذا الألق الربانى فى التلاوة اكتملت محاسنه بصفات إنسانية لا تقل ألقاً وبريقاً، فهو عفيف النفس، زاهد، خاشع كريم، لا يبقى شيئاً من كسبه الوفير، فكله لأهله وللناس، ومع بداية الأربعينيات أصيب الشيخ بآلام فى الحنجرة، نتج عنها نوبات من الزغطة، كانت تأتيه متباعدة فى البداية ثم ازدادت، ولم تكن هذه الآلام إلا سرطان الحنجرة، الذى غير ملامح الصوت وأدى إلى احتباسه فى بعض الأوقات، وفى أحد أيام الجُمع عام 1943، احتشد الناس فى مسجد فاضل باشا، للاستماع للشيخ وهو يقرأ سورة الكهف، وأثناء القراءة، احتبس الصوت، وانقبضت ملامح الوجه، واعتصر الألم خلجات الشيخ الجليل، وذهب إلى بيته ليدخل فى شرنقة العزلة والأسى، ذلك البيت الذى كان صالونا أدبيا وفنيا، يقصده الأدباء والفنانون، مثل: محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، نجيب الريحانى، فكرى أباظة، محمد التابعى، بديع خيرى، وغيرهم، وانقطع مصدر دخل الشيخ الجليل، حتى صرفت له وزارة الأوقاف معاشاً شهرياً قدره عشرة جنيهات، وبعد ثمانى سنوات من المعاناة والألم، وفى الثامن من مايو عام 1959، فاضت روحه إلى بارئها، وكانت الخسارة الأكبر لدى محبى القرآن وعاشقى صوت الشيخ رفعت هى غياب تسجيلاته التى لم يوجد منها إلا النزر اليسير الموجود فى الإذاعة، وبعض التسجيلات النادرة على اسطوانات، والتى قام بتسجيلها زكريا مهران عضو مجلس النواب ومن أكبر عشاق صوت الشيخ رفعت، وبلغت مدتها حوالى 21 ساعة، لتشكل هذه الاسطوانات جزءاً بسيطاً من تراث الشيخ رفعت. على محمود .. إمام المنشدين صوته وكأنه أوركسترا كامل؛ يشدو وكأنه الكروان، جمع كل أسباب الريادة والسبق، حتى صار سيد المقرئين وإمام المنشدين، إنه الرائد العبقرى الشيخ على محمود، ولد عام 1878 فى درب الحجازى، بكفر الزغارى بجانب مسجد الإمام الحسين بحى الجمالية، فقد بصره وهو فى طفولته، فألحقه والده بكتّاب مسجد الغلام قريباً من مسجد الإمام الحسين ليحفظ القرآن، وبعدها ذهب إلى الأزهر الشريف ليتعلم أحكام التجويد والتلاوة، ثم تعلم علم النغمات، والموسيقى، ثم تفرغ لحفظ الموشحات، كما درس الفقه، ورغم ثراء أسرته فإنه اختار طريق القرآن والإنشاد وعمل على تكوين بطانة (الكورس الذى يردد خلفه)، وظهر صوته كمنشد لأول مرة فى الإذاعة المصرية عام 1934، ومع الإنشاد بدأ يقرأ القرآن فى بعض المساجد القريبة من مسجد الحسين، ويرفع الأذان أيضاً، فالتفت الناس بقوة إلى هذا الصوت العبقرى، ويؤكد خبراء الموسيقى أن الشيخ على محمود من أعظم من رفع الأذان من شيوخنا المعاصرين حيث انفرد بالأذان وما يتبعه من التسابيح والاستغاثات، ثم قررت وزارة الأوقاف أن يكون مؤذنا وقارئاً للصورة فى مسجد الحسين، وأصبح من أبرز الجسور التى عملت على الوصل بين الغناء الصوفى والغناء الدنيوى، وسار على دربه الكثيرون، ورحل عن دنيانا فى ديسمبر 1943. رائد المقرئين وسلطان المنشدين تحت عنوان " رائد المقرئين وسلطان المنشدين"، جاءت حكاية الشيخ طه الفشنى، فقد ولد "الفشنى" فى مايو 1900 فى منطقة الفشن ببنى سويف، وبعد حصوله على شهادة الكفاءة، قرر السفر إلى القاهرة، ليلتحق بمدرسة العلوم العليا وليدرس علوم القراءات وأحكام التلاوة والتجويد فى الأزهر الشريف، كما درس علوم الموسيقى والمقامات، ونجح الشيخ الفشنى فى أن يتربع على عرش التلاوة والتواشيح، بعد رحيل شيخه وأستاذه على محمود، ومع بداية الستينيات من القرن الماضى تولى الشاعر محمود حسن منصب مراقب الشئون الدينية بالإذاعة، وأخذ موقفاً عدائياً مع الفشنى، وقرر تخفيض تواجده فى الإذاعة، ورغم هذا واصل الشيخ الفشنى مشواره حتى عام 1948 حين احتبس صوته بشكل مفاجئ ليتقوقع على نفسه ويدخل فى شرنقة الحزن والألم، حتى الرحيل فى عام 1971. الشعشاعى .. وشعيشع يمضى بنا "الشافعى" فى استعراض رحلة زعماء التلاوة المصرية، وتحت عنوان "أبو القراء وعمدة الأداء" يقدم رحلة الشيخ عبد الفتاح الشعشاعى، بداية من مولده فى قرية شعشاع فى المنوفية وسفره إلى مدينة طنطا ليتلقى علوم القراءات وأحكام الترتيل والتجويد، ثم ذهابه إلى القاهرة ليتعلم المزيد من هذه العلوم فى الأزهر الشريف، حتى انضم إلى زمرة الكبار، ليصبح واحداً من أهم رواد دولة التلاوة، وبعدها ينتقل المؤلف لإلقاء الضوء على الشيخ أبو العينين شعيشع؛ أول السفراء وريحانة القراء، وعنه يقول: "نجح الشيخ شعيشع فى أن يعلم نفسه العزف على العود والبيانو انطلاقاً من أن الموسيقى تخاطب الوجدان والروح كما أن القرآن تعبير وفهم وإحساس"، وقد امتلك الشيخ شعيشع الكثير من الميول الفنية وكان من عشاق صوت أم كلثوم وعبد الوهاب والقصبجى، ويستمع إلى موسيقى بيتهوفن وفيردى وشوبان ويعشق الموسيقى الهندية، وقد طاف الشيخ شعيشع بكل الدول العربية والإسلامية والأوربية، وقرأ فى أكبر المساجد بداية من الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى والمسجد الأموى ومسجد المركز الإسلامى فى لندن، ورحل فى يونيو 2011. قيثارة القرآن وفاكهة المقرئين وتحت عنوان "قيثارة القرآن وإمام المقرئين"، يقدم المؤلف رحلة الشيخ مصطفى إسماعيل، الذى أتم حفظ القرآن قبل أن يتم الثانية عشرة من عمره وأرسله جده إلى طنطا ليتعلم أصول التلاوة وفنون التجويد، ثم درس القراءات السبع، وقد أجمع علماء الموسيقى والملحنين والمقرئين على أنه مدرسة شديدة التفرد والإعجاز، والأكثر إحساساً بمقامات الألحان العربية، كما زار الشيخ مصطفى أكثر من ثلاثين دولة، وحصل على العديد من الأوسمة والنياشين، وهو أول قارئ للقرآن يقوم بتسجيل القرآن الكريم كاملاً على أسطوانات، كما قام بتسجيل القرآن مرتلاً للإذاعة، وتحت عنوان "فاكهة المقرئين وعطر المنشدين" يصف "الشافعى" فى تقديمه الشيخ كامل يوسف البهتيمى للقارئ قائلاً: "صوت عبقرى يحلق فى سماوات الإبداع بجناحى الخشوع والقدرة، خشوع يسكب السكينة فى آذان سامعيه ليتساموا على همومهم، امتلك قدرة فنية عملاقة، استطاعت أن تتحول إلى اختصار شديد البلاغة لكل السجايا التى انفرد بها كبار زعماء دولة التلاوة، وبعد سرد رحلة الشيخ "البهتيمى" وأبرازمحطات حياته مع القرآن، ينتقل المؤلف إلى قصة حياة الشيخ عبد العظيم زاهر. الصوت الذهبى وشهاب نورانى "الصوت الذهبى والسهل الممتنع"، تحت هذا العنوان يقول المؤلف فى بداية رحلته مع الشيخ عبد العظيم زاهر: "صوت ذهبى تنطلق نبراته عبر مسارات من الوجل والخشوع والضراعة، فيروى الإيمان القلوب العطشى، وتبدد أقمار الطاعة ظلمات الأفئدة، وتندفع أنوار المحبة فى شرايين البصائر وتمتلىء النفوس يقيناً"، ثم ينتقل "الشافعى" ليصف الشيخ عبد العزيز على فرج: "شموخ خاشع وخشوع شامخ، قوة رقيقة ورقة قوية، حفظ القرآن وكأنه مكتوب على خلاياه"، ويستمر فى تقديمه لرحلته مع القرآن تحت عنوان "صوت عبقرى وشهاب نورانى"، ويختتم بقوله: " وقد انضم الشيخ إلى مجموعة الشهب المنيرة التى مرت سريعاً فى سماء دولة التلاوة، مثل الشيخ محمد صديق المنشاوى، والشيخ محمد عمران، حيث رحل الثلاثة فى عمر الخمسين سنة. سفير السماء "سفير السماء"، تحت هذا العنوان جاءت رحلة الشيخ "المنشاوى" مع القرآن، الذى وصفه المؤلف فى تقديمها بأنه: "بساط أخضر يحلق بجناحى الخشوع والشجن، يحنو على الأرواح، محتضناً إياها، يطير بها، يخترق الأجرام السماوية، يهبط قاب قوسين أو أدنى من عرش الرحمن، فتخشع الأرواح ما شاء لها أن تخشع، ويرتوى ظمأ النفوس والخلايا، وتفيض القلوب رحمة ونشوة، هكذا صوت القارئ الخاشع محمد صديق المنشاوى". يستمر المؤلف فى سرد رحلته فى حياة زعماء دولة التلاوة، وفيها نتعرف عن قرب على قصة الشيخ محمود خليل الحصرى تحت عنوان «صوت القرآن..الجلال قبل الجمال»، ثم رحلة الشيخ محمود على البنا، تحت عنوان «صوت ملائكى.. تخشع له القلوب»، وحياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، بعنوان: «سفير القرآن..وكروان المقرئين»، والشيخ محمد عمران، «صوت خاشع..وأداء متميز»، ويختتم الكاتب والمؤلف محمد الشافعى كتابه بقصة حياة الشيخ محمد محمود الطبلاوى، والتى جاءت بعنوان"موسيقى غائبة ونغمة مستحيلة».