في سوق الأضاحي| «البلدي» يوكل.. و«البرقي» أفضل خروف

قبل حلول عيد الأضحى، ووسط زحام الأسواق والشوادر فى الأسواق وتنوع المعروض من الأضاحى واختلاف الأسعار يبرز سؤال هام: ما أفضل أنواع الأضاحى؟ وكيف نختار الأضحية المثلى؟.. وقد رصدت عدسة «آخرساعة» حركة البيع والشراء بشوادر سوق المذبح القديم بمنطقة السيدة زينب.
«الخروف البلدى أفضل نوع»، هكذا قال سعد الديب (جزار) موضحًا: «يبدأ سعر كيلو لحم الخروف قائمًا من 220 جنيهاً ويصل ل230 جنيهًا، والخروف البلدى لحمه أفضل مقارنة بالأنواع الأخرى ويأتى بعده المزارع والنعيمى وهناك أيضًا الرحمانى وهو مجنس من الكليبى والبلدى».
وفي السوق نفسه التقينا جزارا آخر يُدعى عيسى محمد، الذى قال: «أنواع الخرفان فى مصر أوسيمى ورحمانى وفلاحى وصعيدى وعبيدى وسوهاجى، وأشهرها الأوسيمى والرحمانى وأفضلها البرقى الذى يعيش على طول خط الساحل والضبعة ومرسى مطروح ويمتاز بفروته البسيطة ودهونه القليلة كما أنه ينضج سريعًا وينتج حوالى 55 كيلو من وزنه لحمًا صافيًا مقارنة بغيرة من السلالات، وعيبه الوحيد أنه لا يعطى النتائج المطلوبة فى الشى لعدم احتوائه على دهون».
وأضاف عيسى: «الخروف البرقى يبدأ سعره قائما ب200 جنيه للكيلو ويصل ل250 جنيهًا، ويجب عند شراء الخروف ملاحظة أن اللية لا تتعدى مستوى الركبة خصوصًا أنواع البلدى والفلاحى، والخروف البرقى ليته صغيرة، ويجب ملاحظة بطن الخروف، فلو أنها غير متناسقة مع جسمه وكبيره فهذا نوع من الغش التجارى، وغالبًا يكون (شارب ملح) ليعطى وزنًا كبيرًا عند البيع، وإذا كانت عظام الخروف بارزة فإنه ضعيف أو مريض ولحمه قليل».
◄ أفضل نوع
فيما يوضح معتز على (بائع بأحد شوادر الأغنام): «الخروف البلدي أفضل نوع للأضحية، ويُربى فى المزارع أو البيوت، ويتميز بلحمه الأحمر ومذاقه المميز، ويزيد سعره عن باقى أنواع الخرفان، حيث يصل ل250 جنيهاً قائماً، وهناك البرقى، ويتميز بقوام عضلى جيد وتنخفض فيه نسبة الدهون وسعره معقول، حيث يبدأ من 150 جنيهًا ويصل ل200 جنيه قائما، ويعتبر الخروف النعيمى الأعلى سعرًا وينتشر بدول الخليج ويمتاز بطراوة لحمه وسهولة طهيه وهو مفضل فى العزائم، وأخيراً الخروف السوداني أو الحبشي ولحمه أقل جوده وترتفع فيه نسبة الدهون.
من ناحية أخرى، ينصح الطبيب البيطرى الدكتور أحمد صالح المضحين بضرورة اتباع عدة ملاحظات عند شراء الأضحية: فى البداية لا تشترِ خروف العيد من الباعة الجائلين، بل من الأماكن المعدة لبيع الخراف كشوادر الجمعيات الاستهلاكية أو مراكز البيع التابعة لوزارة الزراعة أو الشوادر المخصصة فى المحليات أو جزار موثوق، ويجب فحص الخروف خارجيًا بحيث لا يكون هناك قطع فى الأذن أو الذيل ولا يكون أعرج أو يوجد جرح بالجسم أو طفيليات بالفروة، وأن يكون الصوف لامعًا ناعم الملمس ولا يمكن نزعه بسهولة وأن يغطى البدن بالكامل ولا توجد به بثور أو قروح جلدية، ويجب فحص الأسنان جيدًا، وأن يضغط المشترى على جانبى البطن لمعرفة امتلاء الكرش من عدمه، فالامتلاء غير الطبيعى علامة على الغش بالملح.
ويتابع الدكتور صالح: يجب أن يكون الخروف نشيط الحركة وتجنب الخامل «مطأطئ الرأس» أو الراقد، وألا تكون هناك إفرازات ظاهرة من الفم أو الأنف، مع فحص العينين جيدًا، بحيث تكون العين لامعة وملتحمتها وردية اللون، وكذلك رفع لية الخروف لمعرفة حجمها، ويفضل الحجم الصغير أو المتوسط وملاحظة فتحة الشرج والقوائم الخلفية وخلوهما من آثار الإسهال.
ويتساءل البعض عن نوع الأضحية، وهنا يقول الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن أفضل أنواع الأضحية هى الغنم ثم الإبل ثم البقر، والدليل على ذلك الآية الكريمة: «وفديناه بذبح عظيم»، لأن الذبح العظيم هو الكبش ولم يرد هذا الوصف لغيره، ويراد بمعنى الذبح العظيم أنه ضخم الجثة وسمين وذلك هو الكبش، وإذا كان المضحى يرغب فى التوسع فى الأضحية فلا مانع من التضحية بالإبل ثم البقر وذلك بغرض كثرة اللحم والتوسعة على الفقراء.
◄ اقرأ أيضًا | تجارة الملابس.. الجزارة.. خبز الرقاق| مهن تنتعش مع قدوم عيد الأضحى
◄ «لحمة الرأس».. مزاج الأكِّيلة.. رأس الخروف ب120 جنيها و«الجدي» ب100
تنتعش الأسواق الشعبية لبيع اللحوم، ويتهافت البعض على شراء اللحوم الحمراء «البتلو والضأن»، فى حين توجد سوق موازية يقبل عليها الكثيرون وهى «سوق لحمة الرأس»، حيث يعود «طاجن لحمة الرأس» و«الكوارع» إلى الواجهة متصدرًا موائد الطعام فى عيد الأضحى، كطقس أساسى لغالبية المصريين خصوصًا «الأكيلة».
في سوق المذبح القديم بمنطقة السيدة زينب، تجد الكثير من الباعة يصطفون على ضفتى الشارع، فهذا يقف فى محل كبير وآخر يجلس على الرصيف وأمام كل واحد منهم طاولة يضع عليها رؤوس الذبائح.
«فتة لحمة الرأس وطاجن الكوارع من الأكلات الشعبية التى لا يستطيع أى بيت مصرى الاستغناء عنها بشكل عام خصوصًا فى عيد الأضحى»، هكذا قالت نادية محمد صاحبة أحد المحلات بسوق المذبح القديم، وأضافت: «تشهد أسعار لحمة الرأس قبل العيد قفزات طفيفة نتيجة زيادة الطلب عليها، لكنها تظل أرخص مقارنة باللحوم، فيصل سعر كيلو لحمة الرأس ل180 جنيهًا، واللسان ب200 جنيه، ومنذ ساعات الفجر الأولى يتوافد الزبائن على الشارع لشراء لحمة الرأس».
فيما تقول سامية إبراهيم بائعة «لحمة رأس»: «معظم الزبائن يقبلون على رؤوس الخرفان والجديان، ويصل سعر رأس الخروف ل120 جنيهًا ورأس الجدى ب100 جنيه، ويعتبر عيد الأضحى الموسم الأساسى لنا كباعة فى المذبح القديم، فرغم نقل المدبح إلى البساتين إلا أن الزبون اعتاد المكان ويتبارك بالسيدة زينب ومقام على زين العابدين، ويعتبرون مجيئهم للمكان يوماً مباركاً فالزبون يشترى من السوق ويزور ويصلى.
«بركاتك يا أم العواجز» هكذا يردد فهمى محمد أحد الباعة بصوت عالٍ لجذب الزبائن، قبل أن يقول لنا: «شارع المدبح القديم مبارك بمقام السيدة، ويعتبر قبلة البسطاء والأغنياء، وتتوافر فيه لحمة الرأس بأقل الأسعار التى تبدأ من 150 وتصل ل180 للكيلو، واللسان ب200 جنيه، وهو أكلة أصحاب المزاج العالى، ويتم حجزه قبلها بيوم، حيث يأتى إلينا أصحاب السيارات الفارهة لحجز لحمة الرأس واللسان والمخ والكوارع، وقبل حلول الظهر ننتهى من بيع المعروض، وفى العيد المذبح بيكون شغال على طول ويورد لنا البضائع على مدار اليوم».
وعلى الجانب الآخر، تقول أسماء محمد ربة منزل: «أذهب كل عام لشراء لحمة الرأس والمخ من سوق المذبح القديم بالسيدة زينب، فبعد صلاة العيد نقوم بتحضير «طاجن لحمة الرأس» والمخ والكبدة مع طبق الفتة وتجتمع العائلة حوله.
«سفرة العيد لا تكتمل إلا بطاجن لحمة الرأس وطبق الفتة»، هكذا قال عبدالله نجيب طالب بكلية الهندسة، مضيفًا: «فى كل عام ومع اقتراب عيد الأضحى أذهب مع أمى لشراء حلويات الذبيحة من شارع المذبح القديم، ولا أستطيع أن أبدأ العيد بدون طاجن لحمة الرأس والفتة، وفى اليوم التالى نأكل الممبار والمخ والكبدة، وأسعارها مناسبة جدًا مقارنة بأسعار اللحوم الحمراء التى وصل سعر الكيلو منها ل500 جنيه».
فيما يقول طارق نور (موظف ولديه ثلاثة أبناء): «نعشق أكلة لحمة الرأس لكن السبب الرئيسى الذى جعلنى أجيء إلى هنا هو الأسعار، لأن سعر لحمة الرأس لا يُقارن باللحوم الأخرى التى تصل ل500 جنيه للكيلو».
◄ طبق «فواكه اللحوم» منقذ الغلابة
وسط زحام القاهرة القديمة وتحديدًا فى منطقة «المذبح القديم» بمنطقة السيدة زينب، تنبض الحياة فى مشهد شعبى أصيل يتكرر كل صباح لكنه يزداد زخمًا مع اقتراب عيد الأضحى.. هنا لا يُباع اللحم بل يباع «سقط الذبائح» أو ما يعرف ب«فواكه اللحوم»، ويقبل عليه البسطاء نظرا لانخفاض أسعاره مقارنة باللحوم الحمراء كما يعشقه الأغنياء أيضًا، حيث يرتبط بعادات غذائية مصرية متجذرة، ولا تخلو مائدة الإفطار فى صباح أول أيام العيد من طبق الحلويات وبجواره توضع الفتة.
يبدأ العمل فى المذبح القديم من الرابعة فجرًا حيث يتم إنزال الذبائح من سيارات النقل وتذبح وفقًا لأحكام الشريعة، ثم تُفصل الأحشاء ويُعرض «السقط» أمام الزبائن، وينتشر الباعة عبر طاولات خشبية طويلة.
في سوق سقط الذبائح بشارع المذبح القديم تحدثنا إلى عصام محمد أحد العاملين بمحلات السقط، حيث قال: مع ارتفاع أسعار اللحوم التى وصلت ل500 جنيه للكيلو فى بعض المناطق وجد كثير من المواطنين فى السقط خيارًا بديلًا فيصل سعر كيلو طبق فواكه اللحوم ل100 جنيه، وهو عبارة عن مكونات الذبيحة غير الأساسية مثل الكرشة والممبار والكبدة والطحال والقلوب والكلاوى والرئة وتستخدم فى إعداد أكلات تراثية مثل «الفتة بالسقط» «وممبار محشى» و«الكرشة بالطماطم».
فيما يقول مجد محمد صاحب ترابيزة سقط ولحمة رأس: «السوق يشهد إقبالًا كثيفًا هذا العام، فبمجرد أن ارتفعت سعر اللحوم صب هذا فى مصلحة سوق السقط بالمذبح، وتستطيع أن تشترى كيلو لحمة رأس ب180 جنيهًا، واللسان ب200 جنيه، والمخ ب250 جنيهًا، والكرشة ب50 جنيهًا، والطحال ب150 جنيهًا، والزور بالفشة الضأن ب100 جنيه».
ويوضح عبدالله فتحى بائع بالشارع: تعتبر العكاوى أغلى أنواع السقط ويصل سعر الكيلو ل450 جنيها، وتستخدم فى إعداد «طاجن العكاوى»، بالإضافة للكوارع التى يتراوح سعرها بين 250 و350 جنيها للفردة الواحدة.
فيما تقول أم حسن سيدة خمسينية من سكان الجمالية: «أشترى كيلو الممبار ب150 جنيهًا والكرشة ب50 جنيهًا، ورغم ارتفاع أسعار السقط فإنه يعتبر أوفر بكثير من اللحوم الحمراء التى يصل سعرها إلى 500 جنيه للكيلو».
أما لمياء مجدى (40 عامَا) من سكان الجيزة، فتقول: «أذهب خصيصًا لسوق المدبح القديم كل عام لشراء فواكه اللحوم، لأن تناولها مع طبق الفتة يعتبر من عادات العائلة فى الإفطار بعد صلاة عيد الأضحى، كما أشترى الممبار واللسان والطحال مع كيلو لحمة رأس».
تقاطعها منى عزت (55 عامًا) ربة منزل، قائلة: «سوق المذبح هذا العام مزدحم بطريقة غير عادية، هربًا من ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء التى وصل سعرها لأكثر من 500 جنيه للكيلو، وفى النهاية كلها لحوم والأولاد بيحبوا فواكه اللحوم مع أطباق الفتة والرقاق».