لم يحدث من قبل أن كانت إسرائيل دولة منبوذة من كل العالم كما هى اليوم. انكشفت كل أكاذيبها لتظهر بوجهها القبيح: دولة احتلال عنصرى تخوض حرب إبادة ضد شعب فلسطين، وتتباهى بحرق الأطفال وقتل المدنيين.. بالجوع أحيانا، وبأشد الأسلحة فتكا بالأبرياء. وتستعد بعد ذلك كله للجريمة الأكبر بالتهجير القسرى لشعب بأكمله.. أو هكذا تريد قيادتها الفاشية المجرمة!! تغير موقف العالم من دولة الإرهاب. استيقظت الضمائر وانكسرت حالة الصمت، ورأينا الغضب يجتاح شوارع عواصم العالم ويفرض على حكومات كانت تدعم دوما إسرائيل أن ترفض اليوم جرائمها ضد فلسطين وضد الإنسانية كلها كما حدث من الاتحاد الأوروبى وبريطانيا وكندا.. ومع ذلك لم ترتدع إسرائيل حتى الآن، بل أعلن مجرم الحرب نتنياهو الإصرار على استمرار حرب الإبادة وإعادة احتلال غزة وعزل سكانها فى جنوب القطاع وفتح الباب أمام مخطط التهجير الخطير. فى حقيقة الأمر.. تغير موقف دول العالم وتحولت إسرائيل إلى دولة منبوذة من الجميع. لكن هذا الموقف لم تتم ترجمته إلى عقوبات رادعة حتى الآن. نعم هناك مؤسسات مدنية وجامعات وتنظيمات شعبية قاطعت الدولة المنبوذة، لكن مازال تحرك الحكومات نحو المقاطعة الشاملة والعقوبات الرادعة يمضى بطيئا.. بينما الكيان الصهيونى يسرع الخطوات فى الإبادة الجماعية، ويرفض الامتثال للشرعية الدولية، ويتصرف باطمئنان من مجرم الحرب نتنياهو وحكومته إلى أن آلة قتل الأطفال الإسرائيلية ستظل تتلقى كل ما يلزمها من سلاح وأن الدولة المنبوذة ستظل محمية من العقاب رغم كل جرائمها لأن هناك «ڤيتو» يعطل مجلس الأمن، ولأن مواقف الدول الفاعلة التى أدانت بقوة حرب الإبادة لم تتم ترجمتها حتى الآن إلى قرارات توقف تصدير أسلحة القتل لإسرائيل، وتفرض المقاطعة الشاملة عليها وتجبرها على الرضوخ لأحكام القانون أو مواجهة العواقب. الضغوط الدولية لابد أن تتواصل وتتصاعد لإيقاف الجريمة الإسرائيلية، والمعايير المزدوجة ينبغى أن تختفى تماما، وأن يكون ذلك بالفعل الحقيقى والقرارات الحاسمة والعقوبات الرادعة. معظم دول أوروبا تتخذ الآن موقفا منصفا للقضية الفلسطينية. لا ينبغى أن ننتظر إجماعا لن يحدث من أجل التحرك لمنع تسليح إسرائيل، ولإيقاف العلاقات الاقتصادية «الأساسية جدا بالنسبة للكيان الصهيونى». وإلى جانب ذلك فإن العودة لمجلس الأمن حتمية إذا استمر الجنون الإسرائيلى. وساعتها سيكون «الڤيتو» إذا استخدم لحماية إسرائيل هو إعلان بالتواطؤ الكامل معها، وإعلان أيضا بالخصومة مع العالم ومع الشرعية الدولية، ولا أظن أن هناك دولة كبرى تقبل الآن أن تدفع هذا الثمن من أجل دولة منبوذة من العالم كله!! العقوبات الرادعة وحدها هى التى تمنع الكارثة، والتأخير ليس فى صالح أحد!!