هناك فى تل أبيب من يرى أن هذا التوحش ما هو إلا نذير فشل خطير يفضى حتمًا إلى انهيار استراتيجى سريع فى دولة الكيان بعكس ما يدور فى الأوساط العربية من سخط واحتقان بسبب الغطرسة والإجرام الإسرائيلى فى غزة، هناك فى تل أبيب من يرى أن هذا التوحش ما هو إلا نذير فشل خطير يفضى حتمًا إلى انهيار استراتيجى سريع فى دولة الكيان. يرجع ذلك إلى الرؤية المسيحانية المتطرفة التى تقود الحكومة الإسرائيلية هذه الأيام تفرض بالفعل ثمناً باهظاً فى مجموعة متنوعة من المجالات. هذا مقال عبرى يقدم رؤية مختلفة لأحداث المنطقة رأيت نقل ما فيه إليكم، الكاتب هو «آفى كالو» رئيس سابق لقسم الأسرى والمفقودين بجهاز «أمان»، يستهل مقاله بفقرة عن تغير وضع إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة ويجزم بأن أوقات أن كانت تل أبيب هى الأكثر حميمية وموثوقية لدى واشنطن قد ولت. وأن الأخيرة بدأت تولى اهتمامها لمسارات سياسية قد لا ترضى إسرائيل بل إنها تثير القلق لديها. ويرى أن الضعف العميق، إلى حد الشلل، الذى تعانى منه الحكومة الإسرائيلية فى مجال العلاقات الخارجية يتحول حالياً إلى انهيار استراتيجى حقيقى. ويستدل على ذلك باختفاء وزير الخارجية جدعون ساعر عن الساحة الدبلوماسية مؤخراً إلى الحد الذى قد يؤدى بالأمور إلى أضرار طويلة الأمد للأمن القومى والعلاقات الخارجية لدولة إسرائيل. الكاتب يستخدم وصف «الانفجار الإقليمى» القادم بقوة على يد الرئيس الأمريكى ترامب فى المنطقة، ويضع يده على سلوكيات محددة كانت حتى الماضى القريب من المحرمات فى السياسة الخارجية. وحسب تعبيره فإن الشرق الأوسط الجديد يطرق أبواب إسرائيل بما يحمله من تغيرات جذرية ويضرب أمثلة لذلك: بحصول السعودية على أنظمة أسلحة متطورة تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات (بما فى ذلك طائرات إف-35)، الأمر الذى يشكل تحدياً كبيراً للتفوق العسكرى الإسرائيلى، واتساع مجال الخطاب النووى المدنى، والحديث عن أكبر مشروع للذكاء الاصطناعى فى العالم بالتعاون مع سام ألتمان، والتفاهمات الإقليمية الرائدة. فى الخلفية، تتواصل المفاوضات النووية مع آيات الله، إلى حد كبير فوق رأس إسرائيل، والحوار المباشر مع حماس واليمنيين، وأردوغان يثبت نفسه فى الساحة الشمالية، حتى لبنان يتغير. من أعجب العجائب فى رأى الكاتب، ذلك اليأس العميق الذى انتاب ترامب إزاء الجمود المستمر لدى نتنياهو ودفع الولاياتالمتحدة إلى حوار مباشر مع حماس، وهو حوار، وإن كان غرضه تعسفياً، إلا أن تفاخر حماس بالحوار المستمر الذى تجريه مع «الجانب الأمريكى»، كما تصفه يغيظ تل أبيب. كما أن حقيقة أن حماس تجرى حواراً مباشراً مع الولاياتالمتحدة، تشكل ضرراً يصعب قياس عمقه، خاصة وأن «شروط الرباعية» (2006)، وهى أحد الإنجازات الإسرائيلية القليلة فى الحملة السياسية ضد الفلسطينيين، تنص على أن الدول الغربية، بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة، وبالطبع إسرائيل، لن يكون لها اتصال مباشر مع منظمة حماس «الإرهابية». ويحذر الكاتب، رجل المخابرات السابق من احتمال انغلاق نافذة الفرصة التاريخية لتشكيل الشرق الأوسط فى السنوات المقبلة، بسبب فشل السياسات الحكومية كالتورط فى قطاع غزة، دون هدف استراتيجى، مع وجود خطر حقيقى على مقاتلى جيش الاحتلال الإسرائيلى، فى حين يتدهور الوضع الإنسانى فى قطاع غزة بشكل خطير؛ فضلاً عن التعرض الخطير للعقوبات الدولية والتردد الأمريكى فى القيام بحملة فى قطاع غزة.. مع بقاء أقل من عام ونصف العام على انتخابات الكنيست السادسة والعشرين، ينصح الكاتب الناخب الإسرائيلى بالمفاضلة بين قيادة متجمدة فى حذرها، محصورة داخل جدران التطرف، أو العودة إلى رؤية الآباء المؤسسين فى شكل صهيونية مبادرة وقوية وواثقة من نفسها واختيار حكومة تعرف كيف تستخدم العامين الأخيرين للرئيس ترامب فى البيت الأبيض لجنى الفوائد لدولة إسرائيل.