في ظل الأزمات التي تمر بها مؤسساتنا الثقافية، يطلق النائب رامي جلال عامر تصريحات حاسمة حول واقع قصور الثقافة في مصر قرار إغلاق بيوت الثقافة ، معبّرًا عن قلقه العميق إزاء السياسات التي وصفها بالتجميلية، والتي تغيب فيها الرؤية الوطنية للمشروع الثقافي. يؤكد النائب أن "كل جهد صادق يُبذل في ظروف صعبة له قيمته، ونحن نتفهم أعباء المؤسسة العامة من الناحية الإدارية والمالية والقانونية، لكن ما يحدث هو استمرار لسياسة التجميل الإعلامي دون مراجعة حقيقية للفكر المؤسسي." يشير عامر إلى أن "غياب المشروع الثقافي الوطني يحول أي خطوة إصلاح، حتى لو كانت بنية جيدة، إلى فعل معزول لا أثر له ولا مستقبل، " ويضيف: "لا نعيد البناء بفكر جديد، بل نُعيد إنتاج العجز نفسه، لا توجد خطة حقيقية لتفعيل دور قصور الثقافة، ولا وضوح في من يحدد أولويات النشاط الثقافي أو يقيمه." وينوه إلى أن الثقافة "لا تُدار بالموظفين فقط، بل بالمبدعين أصحاب الرؤية والخبرة، والمشكلة الحقيقية بنيوية؛ فنحن نفتقر إلى مشروع ثقافي متكامل، فيما يفرض على الأرض مشروع ثقافي غير معلن يتبناه التيار اليميني المتشدد، الذي يُفرغ الثقافة من بُعدها النقدي، ويضيّق حرية الإبداع، ويصادر الخيال باسم الثوابت." ويضيف عامر: "هذا التيار لم يُواجه فكريًا أو مؤسسيًا، بل ازداد ترسخًا بفعل الخوف من الاصطدام أو وهم التوازن أو انكفاء بعض النخب الثقافية." ويصف الواقع الحالي بأنه "ليس مشروعًا ثقافيًا مضادًا ومستَنيرًا، بل عمل من منظور خدماتي إنشائي لا يختلف عن إدارة خدمات محطات الكهرباء أو الأبنية التعليمية، والنتيجة ثقافة بلا خيال، مؤسسات بلا روح، وقرارات بلا عمق." يرصد النائب أيضًا أن "السياسات الثقافية المصرية حالياً تقليدية وفوقية، مركزية متجمدة، تركز على الكم لا النوع، وتقصي المبدعين، وتفصل الثقافة عن الاقتصاد والهوية والحريات، هي تمدد الأنشطة لكنها لا تولد المعنى، تحتفي بالمباني وتهمل الإنسان، تنظم المهرجانات وتغلق النوافذ." ويؤكد: "قصور الثقافة ليست مجرد أبنية تُغلق أو تُفتح بإشارة إدارية، بل هي آخر مساحة لصوت الفقير في وطن تتسع فيه فجوة المركز والهامش، والرسمي والعفوي، وبين ما يُكتب في التقارير وما يُعاش في الواقع." ويحذر من أن "إغلاق بيوت الثقافة دون بديل فكري وخطة وطنية يعني إغلاق أفواه وقمع أسئلة، وإطفاء ما تبقى من نور، وخسارة بنية تحتية لا يمكن تعويضها بسهولة." ويختتم حديثه بقوله: "أرفض هذا المنهج لأنه يُهمش الثقافة ويُفرغ الدولة من مشروعها الحضاري، الثقافة ليست ترفًا على هامش التنمية، بل هي جوهر المعركة الكبرى: معركة الهوية، العقل، والحرية، ومن لا يرى الثقافة أولوية اليوم، سيدفع ثمن الفراغ غدًا، ليس في الكتب فقط، بل في الضمير الجمعي وقدرة المجتمع على البقاء. وجدير بالذكر أن قرارات إغلاق بيوت الثقافة لم تكن مجرد إجراء إداري عابر، بل فجرت عاصفة من التساؤلات والقلق حول مصير الثقافة الجماهيرية، ودور الهيئة العامة لقصور الثقافة في الحفاظ على حق المواطن في المعرفة والفن. ففي الوقت الذي أوضح اللواء خالد اللبان، رئيس الهيئة، في حواره مع جريدة "الأخبار"، أسباب إغلاق بيوت الثقافة، ومعربًا عن التزامه بخطة استراتيجية جديدة، لم تهدأ ساحة الجدل، بل زادت اشتعالًا. فقد اعتبر مثقفون أن الأزمة أعمق من ذلك، وأنها تمس جوهر دورهم في حماية الوعي ومواجهة التهميش الثقافي، خاصة في المناطق الطرفية والقرى، وتعددت الأصوات ما بين من يرى تصريحات اللبان بداية لإصلاح منتظر، ومن يحذر من كونها غطاءً لتقليص الدور التنويري لتلك البيوت.