الحمير تحب النظافة وتتعاون فى تنظيف بعضها البعض. كذلك لا تتناول الحمير طعامًا غير صحى بل ترفض شرب الماء المتسخ مسكين هذا المخلوق الذى بذل شقاء وتكلف عناء على مدار تاريخه للإنسانية وما وجد إلا كثيرًا من الجحود وقليلًا من الرفق والحمد لتفانيه فى خدمة بنى آدم، وأخيرًا ومنذ سنوات سبع وجد من البشر من يوفيه بعض حقه ويطالب بيوم عالمى له، وبالفعل صار العالم يحتفل باليوم العالمى للحمير فى 8 مايو من كل عام، وهو حدث مخصص للتعرف على هذا الحيوان الدءوب وإبراز صفاته المميزة وخدماته للبشرية. الاحتفال الأول بالحدث كان فى عام 2018 عندما دشن أرك رازق، عالم متخصص فى الحيوانات، اليوم العالمى للحمير بعدما أنشأ مجموعة مناقشة على موقع «فيسبوك» حول هذا الحيوان، اعترافًا بمساهماته فى تنمية البشرية، إذ قدم خدمة هائلة للإنسان لسنوات عديدة، وساعد فى ازدهار المناطق ذات المناخ القاسى والتضاريس الصعبة، وعزز دوره بشكل عام من جودة حياة الأفراد فى جميع أنحاء العالم. ومما قرأت عن هذا الحيوان ما قدمه موقع peta من الحقائق المثيرة والمبهجة عن الحمار فى اليوم العالمى لهذا الحيوان، ويعلم كثيرًا منها الفلاح فى الماضى حين كان الحمار سلاحه الأهم بين البيت والحقل، وأهم تلك الحقائق أن الحمار يمتلك ذاكرة حديدية، وبدون مبالغة إذا تحدى إنسان حمارًا فى إحدى ألعاب الذاكرة فسيخسر الإنسان، لأن هذه الحيوانات قادرة على تذكر الأماكن التى زارتها من قبل والتعرف على أصدقائها الحمير ولو لم تتلاق منذ 25 عامًا.! الحمار أيضًا يمتلك وعيًا بالسلام ويخشى المواقف الخطيرة ويبذل قصارى جهده للابتعاد عنها. أما عن النظافة وحبها، فالحمير تحب النظافة وتتعاون فى تنظيف بعضها البعض. كذلك لا تتناول الحمير طعامًا غير صحى بل ترفض شرب الماء المتسخ. وعلى مستوى المشاعر، فالحمار حيوان اجتماعى يشعر بالوحدة عندما يكون بمفرده وينزعج برحيل صاحبه. ورغم كل ذلك، فالبعض ممن بيدهم الأمر على مستوى العالم يتعاملون فى كثير من الأحيان مع من هم دونهم ويقعون تحت سيطرة قراراتهم وكأنهم من جنس ذلك الحيوان المهضوم الحق بين بنى البشر، فهو فى نظرهم لا يفهم ولا يعمل إلا بالقوة الغاشمة ولا يطالب بحقوقه وقد منع حق الكلام، وإذا تكلم فكلامه فى نظرهم من باب أنكر الأصوات لا يطيقون سماعه، وإذا أوصلوه إلى حافة مأزق يحتاجون أن يحملهم ويعبروا مأزقهم فوق ظهر ذلك الحمار، فالعصا هى الوسيلة كى يرغموه على حملهم إلى الشاطئ الآخر من تلك المآزق، وبعد كل ذلك يستطيبون أن يركبوا ويدلدلوا أقدامهم على جانبى بطن الحمار كى يعود بهم إلى أماكنهم اعتمادا على أنه يحفظ الطريق عن ظهر قلب. .. وعجبًا لهؤلاء وهم يتعاملون مع البسطاء الشغيلة هذه المعاملة وقد وقر فى ظنونهم أن لهم الأفضلية عليه وأنه يظل فى نظرهم حمارًا لايفهم ولايستطيع أن يحل محل أى منهم فيما يقوم به، وعلى ذلك فعليه أن يرضى بما يوضع أمامه وقت أن يريدوا، وأن يفهم مغزى منعه وقتما يريدون أيضًا فلا يرفض ولايرفس ولا يسمعهم صوته بالنهيق! كل هذا التسخير من الله لم يقنع كثيرين بوجوب شكر هذه النعمة والرحمة بهذا المسخر لهم، لكن الأنكى أن ينعكس على بنى البشر ممن يستسخرون غيرهم من بنى جلدتهم وجنسهم فيتعاملون معهم ومع احتياجاتهم ومعاناتهم بنفس منطق التعامل مع هذا الحمار، فهم يصنعون الأزمات بسوء سياسة الأمور ويعلون سدود المشاكل ويعمقون بحار المعاناة ثم ينظرون من علِ وينتظرون ظهر هذا الذى يرونه حمارًا كى يمتطوه ويعبر بهم ما صنعوه فيفلح فى العبور أو ينفجر أو ينتحر أو قد يهوى بمن فوق ظهره فى هوة عميقة لايخرج منها كلاهما، فعلًا يعملها الإنسان ويقع فيها الحمار!..