شدّ انتباهى خبر صغير يقول إن أمريكا تراقب عن كثب تجارب تقوم بها الصين لتطوير «جنود معززين جينيًا» باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى والهندسة الوراثية، كجزء من استراتيجيتها العسكرية فى السنوات القادمة، بما يعيد تشكيل موازين القوى عالميًا. الخبر الغريب دفعنى الى اللجوء لتقنيات الذكاء الاصطناعى، بحثا عن المعلومات المتاحة حول الحرب الجينية، خصوصا ان ذروة الصراع الآن فى ساحات الاقتصاد والرسوم الجمركية.. والملخص هو : الحرب القادمة ستنتقل من الاقتصاد والتكنولوجيا، والرقائق الإلكترونية، إلى علم الجينات والسيطرة على الكود الجينى للإنسان «كود الحياة»، والهيمنة من خلاله على مفاتيح كبرى فى الاقتصاد والصحة وحتى الأمن القومى. الصين فى الطليعة، وتوصلت مؤخرا الى تقنية «انتاج الجينات» وهى من أعظم الاكتشافات البشرية فى علم الوراثة، وتدير عشرات المشاريع البحثية فى مجالات تعديل الجينات لعلاج الأمراض الوراثية مثل السرطان وتحسين الصفات الوراثية، والولايات المتحدة تتبع مسارًا أكثر تحفظًا، وتستخدم سلاح الضوابط الاخلاقية الصارمة، وتحذر من خطورة ما وصفته ب«الانفلات البيولوجى الصينى». الصين بخطى سريعة وتحاول أمريكا اشهار الضوابط الأخلاقية كسلاح سياسى ضد التجارب الصينية، خاصة بعد حادثة تعديل جينات توءم صينى عام 2018، وتشجع المؤسسات الأمريكية إنشاء «ميثاق أخلاقى دولى» يمنع تعديل الأجنة البشرية لأغراض غير طبية، وهو ما يُفسره البعض بأنه محاولة أمريكية ل«كبح التفوق الصينى». والسؤال المهم: هل يمكن إنتاج كائنات بشرية حسب الطلب؟ ويقول العلماء إن الاحتمال الذى كان يُصنّف فى خانة الخيال العلمى، بات قريبًا من الواقع باستخدام تقنيات تعديل الجينات التى تتيح إنتاج كائنات بشرية بالمواصفات المطلوبة، والتحكم فى لون العيون ودرجة الذكاء والبنية العضلية ومقاومة الأمراض وغيرها حتى طول العمر المحتمل، لكن يبقى هذا المجال محفوفًا بالمخاطر الأخلاقية والعلمية. الفارق كبير بين الاستنساخ كما حدث مع النعجة «دولى» وهو نسخ جينى كامل، وبين التعديل الجينى الذى يغيّر صفات معينة فقط داخل الجينوم، باستخدام «جين» صحيح بدلاً من «جين» معطوب، أو تعديل جين ليعمل بكفاءة أو تعطيل جين ضار، ويتم تجربته على السرطان وبعض الأمراض المزمنة. حتى الآن ليس للدول العربية والإسلامية دور فى هذا السباق، وإن كانت بعض دول الخليج تقوم بتمويل أبحاث جينية محدودة، ولكن غياب البنية التشريعية والبحثية وضعف التمويل وقلة الكفاءات، يجعل مساهمتها نادرة مقارنة بالصينوأمريكا، وأصبح ضروريا الدخول من باب البحث الأخلاقى والتعليم والتقنين الفقهى. الخلاصة: ما يحدث اليوم فى مختبرات بكين وواشنطن، قد يُعيد رسم ملامح الإنسان، ليس فقط فى مقاومته للأمراض، بل فى تركيبته الوراثية وسلوكياته وصفاته الجسدية والعقلية، وفى ظل السباق الجينى، يمضى العالم بسرعة نحو مستقبل مذهل، لكنه مفزع إن لم يُحكم بقيود الأخلاق.