غدًا.. المصريون في الخارج يُصوتون بالمرحلة الثانية بانتخابات النواب 2025    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    قطع المياه عن بعض المناطق فى القاهرة غدا لمدة 9 ساعات    نائب رئيس البورصة: نعمل على جذب تدفقات استثمارية جديدة لسوق المال    20 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة    كشف بترولي جديد بخليج السويس يضيف 3 آلاف برميل يوميًا    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات بمجال التأمين    رئيس كوريا الجنوبية يلقى خطابا فى جامعة القاهرة اليوم    رئيس وزراء السودان يرحب بجهود السعودية وواشنطن لإحلال سلام عادل ومستدام    مصر والبحرين تبحثان تفعيل مذكرة التفاهم لتبادل الخبرات وبناء القدرات بمجالات التنمية    مصر ترحب بقرار "الأمم المتحدة" بشأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير    نازحو غزة في مهب الريح.. أمطار وعواصف تزيد معاناة المدنيين بعد النزوح    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    الشباب والرياضة تُطلق أضخم مشروع لاكتشاف ورعاية المواهب الكروية بدمياط    مواعيد الخميس 20 نوفمبر 2025.. قرعة الملحق العالمي والأوروبي المؤهل لكأس العالم    «السماوي يتوهج في القارة السمراء».. رابطة الأندية تحتفل بجوائز بيراميدز    تذكرتي تطرح تذاكر مباريات الأهلي والزمالك في البطولات الأفريقية    بيراميدز: لا صفقات تبادلية مع الزمالك.. ورمضان صبحي يعود نهاية الشهر    بسبب الشبورة.. إصابة 18 شخصًا فى تصادم سيارة نقل مع أتوبيس بالشرقية    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء سيدة تعرضت للضرب والتحرش    سقوط أخطر بؤرة إجرامية بمطروح والإسكندرية وضبط مخدرات وأسلحة ب75 مليون جنيه    الأرصاد: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة في هذا الموعد    نشرة مرور "الفجر".. كثافات مرورية متحركة بطرق ومحاور القاهرة والجيزة    أسباب ارتفاع معدلات الطلاق؟.. استشاري الصحة النفسية يوضح    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا..... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    أخطر حاجة إن الطفل يعرق.. نصائح ذهبية لرفع مناعة الأطفال ومجابهة نزلات البرد    رئيس الرعاية الصحية يرافق محافظ الأقصر لمتابعة مركزى طب أسرة الدير وأصفون بإسنا.. صور    وزير الصحة يوجه بتشكيل لجنة للإعداد المبكر للنسخة الرابعة من المؤتمر العالمي للسكان    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    البنك المركزي يعقد اجتماعه اليوم لبحث سعر الفائدة على الإيداع والإقراض    حلقة نقاشية حول "سرد قصص الغارمات" على الشاشة في أيام القاهرة لصناعة السينما    هولندا: ندعم محاسبة مرتكبى الانتهاكات في السودان وإدراجهم بلائحة العقوبات    عيد ميلاد السيسي ال 71، لحظات فارقة في تاريخ مصر (فيديو)    النزاهة أولًا.. الرئيس يرسخ الثقة فى البرلمان الجديد    سعر الريال القطرى اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025 فى بداية التعاملات    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    الصحة بقنا تشدد الرقابة.. جولة ليلية تُفاجئ وحدة مدينة العمال    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    رائد الذكاء الاصطناعي يان لوكون يغادر ميتا ليؤسس شركة جديدة    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء محمد الغباري: استعادة سيناء «نموذج حي» على التكامل بين القوة والدبلوماسية| حوار
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 03 - 05 - 2025

◄ القيادة السياسية وضعت خطة ثلاثية المراحل تبدأ بتحقيق انتصار عسكري يليه مرحلة التفاوض
◄ مصر دخلت مفاوضات استعادة سيناء من موقع قوة دون الدخول في صراع مفتوح مع القوى العظمى
◄ الرؤية الاستراتيجية أصبحت جزءًا من العقيدة المصرية في التعامل مع النزاعات
◄ الدولة أصرّت على تحويل سيناء إلى "أرض إقامة" ومنطقة جاذبة للاستثمار لا مجرد ممر استراتيجي
◄ تحويل سيناء إلى أرض إقامة يعزز الأمن القومي ويحول دون استخدامها كمسرح للصراع أو التدخلات الخارجية
◄ الموقف الرسمي لمصر قائم على مبدأ حماية الفلسطينيين ورفض تهجيرهم قسرًا
◄ مصر تدرك تمامًا خطورة التغيير الديموغرافي في غزة والضفة الغربية وتأثيره على الأمن القومي
◄ العقيدة الصهيونية ترى أن التهجير وتقليص أعداد الفلسطينيين وسيلة لضمان «يهودية الدولة»
◄ الأطماع الإسرائيلية في سيناء لم تتوقف وتتجلى في محاولات زعزعة الاستقرار وخلق بيئة أمنية مُلتهبة تبرر التدخل
◄ إسرائيل تشهد أزمة سياسية داخلية حادة تتفاقم مع استمرار الحرب على غزة
◄ الخلافات داخل إسرائيل تُضعف قدرتها على اتخاذ قرارات موحدة بشأن العمليات العسكرية في غزة والضفة
◄ زيارة السيسي وماكرون إلى سيناء جاءت في توقيت بالغ الحساسية وأظهرت دعمًا دوليًا لموقف مصر الرافض للتهجير
تُعد ملحمة استعادة سيناء، واحدة من أعظم فصول التاريخ المصري الحديث، حيث جسّد الجيش أسمى معاني البطولة والفداء في معركة الكرامة والتحرير، بعد احتلالها من قبل القوات الإسرائيلية في أعقاب نكسة عام 1967. وقد توّج هذا النضال بالانتصار العظيم في حرب أكتوبر 1973، التي أعادت الروح للأمة العربية ومهّدت الطريق لتحرير سيناء بالكامل عبر العمل العسكري والسياسي والدبلوماسي.
لم يتوقف دور الدولة المصرية عند حدود استعادة الأرض، بل امتد إلى معركة أخرى لا تقل أهمية، معركة التعمير والتنمية، فقد أولت الدولة اهتماماً بالغاً بسيناء، باعتبارها خط الدفاع الأول عن الأمن القومي المصري، من خلال تنفيذ مشاريع ضخمة للبنية التحتية، والاستثمار في قطاعات التعليم، والزراعة، والطرق، والطاقة، والإسكان.
هذه الجهود المتواصلة أسهمت في تغيير الخريطة السكانية والاقتصادية للمنطقة، وجعلت من سيناء حاجزاً استراتيجياً أمام أي تهديدات خارجية، وجسراً للتنمية يربط بين وادي النيل وشرق القناة، ومن هنا، فإن تعمير سيناء لا يُعد فقط قضية تنموية، بل هو ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي المصري، وصمام أمان لحماية حدود الدولة وتأمين عمقها الاستراتيجي.
جهود استعادة أرض سيناء الغالية، لم يكن أمرًا سهلًا، بل شهد فصولا من المفاوضات المعقدة، يكشف تفاصيلها اللواء دكتور أركان حرب محمد الغباري مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق، من خلال حوار خاص أجرته "بوابة أخبار اليوم"، عن حجم الصعوبات التي واجهت الجيش المصري، والإصرار والصمود النابع من العقيدة المترسخة بعدم التفريط في أي شبر من تراب الوطن، وإلى نص الحوار...
- في البداية، ما هي محاور الخطط التي استعادت بها مصر أرض سيناء الغالية؟
لجوء مصر إلى المفاوضات لم يكن جنوحًا ساذجًا نحو السلام، بل قرارًا استراتيجيًا بامتياز تم بناءً على قراءة دقيقة للموقف الدولي والقدرات العسكرية المصرية بعد الحرب. أن القيادة السياسية والعسكرية وضعت خطة ثلاثية المراحل؛ تبدأ بتحقيق انتصار عسكري محدود، يليه تفاوض من موقع القوة، ثم انسحاب إسرائيلي كامل بناءً على شروط واضحة، وهذا السيناريو كان السبيل الوحيد لضمان استعادة الأراضي دون الدخول في صراع مفتوح مع القوى العظمى التي كانت تدعم تل أبيب.
خلال مرحلة ما بعد الحرب، أدركت القيادة المصرية أن التوازن العسكري وحده لا يكفي لتحقيق الأهداف الوطنية. فبينما أظهرت القوات المسلحة قوتها في معارك أكتوبر، لعبت الدبلوماسية دورًا مكملًا تمثل في مفاوضات فك الاشتباك ثم معاهدة السلام عام 1979، والتي وقعها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن، برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.
لم يكن التفاوض انسحابًا، بل إعادة تموضع سياسي محكم، حافظت خلاله مصر على مكاسبها الميدانية، واستعادت سيناء بالكامل، باستثناء طابا التي خضعت لتحكيم دولي حسم لصالح مصر لاحقًا.و
- هل كانت المفاوضات خطة بديلة للقوة العسكرية؟
المفاوضات لم تكن يومًا بديلاً عن القوة، بل أداة لاستثمارها. هذه الرؤية الاستراتيجية أصبحت جزءًا من العقيدة المصرية في التعامل مع النزاعات، وهو ما يفسر نجاح الدولة في استعادة كامل التراب السيناوي بطرق سلمية، دون أن تتنازل عن كرامتها أو سيادتها.
اليوم، تعتبر سيناء نموذجًا حيًا على أن التكامل بين القوة والدبلوماسية هو السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف الوطنية، خصوصًا في منطقة يختلط فيها النفوذ العسكري بالمصالح السياسية الدولية.
اقرأ ايضا| اللواء نصر سالم: جهاز الاستطلاع «أيقونة العبور» وتنمية سيناء أمن قومي | فيديو
ارتبطت سيناء في العقل المصري والعالمي بوصفها أرض عبور؛ منطقة صحراوية تمر عبرها الجيوش وتُخاض فيها المعارك، كما حدث في حروب 1956 و1967 و1973. غير أن هذا المفهوم بدأ يتغير تدريجيًا، خاصة في العقود الأخيرة، ليأخذ مسارًا تنمويًا جديدًا يعكس تحولًا جوهريًا في العقيدة الوطنية المصرية تجاه شبه الجزيرة ذات الموقع الجغرافي الحرج.
ومع بداية القرن الحادي والعشرين، أصبحت الدولة المصرية أكثر إصرارًا على أن تتحول سيناء إلى أرض إقامة، حيث تسعى إلى ترسيخ الوجود السكاني والبنية التحتية فيها، وتحويلها إلى منطقة جاذبة للاستثمار والسكن الدائم، لا مجرد ممر استراتيجي.
- ما تفسيرك لمصطلح سيناء أرض إقامة وليست أرض عبور؟
عبارة أرض إقامة وليست أرض عبور ليست مجرد شعار إعلامي، بل تعبير دقيق عن تحول جذري في التعامل مع سيناء. هذا المفهوم يمثل استراتيجية وطنية تقوم على تأمين سيناء من خلال توطين سكان دائمين، وتوفير بنية تحتية شاملة تتيح حياة كريمة للمواطنين. الفكرة بدأت في أعقاب نصر أكتوبر، لكنها لم تأخذ شكلًا تنفيذيًا فعالًا إلا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أطلق مجموعة من المشاريع القومية العملاقة بهدف إدماج سيناء إدماجًا كاملًا في الجغرافيا الاقتصادية والاجتماعية لمصر.
- هل التركيز على التنمية في سيناء يهدف إلى مواجهة التحديات الأمنية؟
تحويل سيناء إلى أرض إقامة يعني بالضرورة مواجهة التحديات الأمنية، وعلى رأسها الإرهاب، من خلال التنمية الشاملة. وقد أطلقت الدولة المصرية حزمة مشاريع ضخمة تضمنت إنشاء 22 قرية بدوية جديدة، ومدن سكنية حديثة، واستصلاح آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية، إلى جانب تطوير الطرق والموانئ والأنفاق التي تربط سيناء بالدلتا والوادي.
كما شهدت سيناء طفرة تعليمية وخدمية، بإنشاء جامعات مثل جامعة العريش، ومدارس ومستشفيات ومراكز تنمية بشرية. هذه المشاريع تعكس رؤية القيادة السياسية لجعل سيناء جزءًا لا يتجزأ من نسيج الدولة المصرية، ما يخلق بيئة مستقرة تقطع الطريق أمام أي أطماع خارجية أو توترات داخلية.
- ترددت أنباء خلال فترة من الفترات برغبة الدولة في تفريغ سيناء من السكان، هل هي حقيقة الأمر؟ وماذا عن مخطط تهجير الفلسطينيين لسيناء؟
التوطين في سيناء ليس تكرارًا لنماذج التهجير أو الاستيطان القسري، بل هو مشروع تنموي قائم على اختيار المواطن ومصلحته، الدولة المصرية لم تفرض انتقال السكان، بل وفرت الحوافز الاقتصادية والبنية التحتية لضمان استقرار الراغبين في الإقامة، وهو ما يظهر بوضوح في ازدياد أعداد السكان ومعدلات الاستثمار المحلي.
تحويل سيناء إلى أرض إقامة يعزز الأمن القومي ويحول دون استخدامها كمسرح للصراع أو التدخلات الخارجية، ويجعل منها نموذجًا للتنمية المتكاملة في المناطق الحدودية. الموقف الرسمي لمصر قائم على مبدأ حماية الفلسطينيين ورفض تهجيرهم قسرًا، مؤكدًا أن القاهرة تدرك تمامًا خطورة التغيير الديموغرافي في قطاع غزة أو الضفة الغربية، وتأثيره على الأمن القومي المصري.
التهجير ليس مفهوماً جديداً في الفكر الصهيوني، بل يمثل امتداداً طبيعياً للعقيدة التوسعية الإسرائيلية، حيث تمارس إسرائيل التهجير على الفلسطينيين منذ عقود، سواء في الضفة أو غزة، بهدف إفراغ الأرض وإعادة توطين اليهود المتطرفين فيها. منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر، تميز الموقف المصري بثبات استراتيجي يتوازن بين دعم الشعب الفلسطيني ورفض التصعيد العسكري، مع التأكيد على رفض تهجير السكان من القطاع باعتباره خطًا أحمر يتجاوز كافة المعايير الإنسانية والسياسية.
الدولة المصرية تعاملت مع الملف الفلسطيني من منطلق دورها التاريخي والإقليمي كوسيط فاعل يحافظ على الاستقرار، ويرعى المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، ويدعم جهود وقف إطلاق النار. التهجير يُعد أحد أبرز أدوات العقيدة الصهيونية، التي ترى في تقليص عدد الفلسطينيين وسيلة لضمان "يهودية الدولة". ويرى محللون أن ما يحدث الآن في غزة يندرج تحت هذا الإطار، حيث تسعى إسرائيل إلى خلق واقع جديد عبر القصف المكثف والتدمير الشامل للبيئة الحاضنة للسكان.
مصر حذرت عبر كل قنواتها الدبلوماسية من تداعيات أي محاولة لترحيل السكان، سواء إلى سيناء أو دول مجاورة، مشددة على أن ذلك سيقود إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وتدويل الصراع.
- بخبرتك العسكرية.. كيف ترى دور الولايات المتحدة في تسليح الجيش الإسرائيلي؟
العقود العسكرية التي تدعم بها الولايات المتحدة الترسانة الإسرائيلية، تعزز التفوق التكنولوجي للقوات الإسرائيلية، خاصة في مجال الطائرات المقاتلة والصواريخ الدقيقة. التسليح المتقدم الذي تتلقاه إسرائيل من الحلفاء يأتى كعامل حاسم. كسر هذا التوازن يتطلب من الدول العربية، وعلى رأسها مصر، تطوير قدراتها الدفاعية، وهو ما تحقق جزئياً عبر تحديث سلاح الجو المصري والحفاظ على قوة الجيش بالتوازي مع مواجهة الإرهاب داخليًا.
- كيف ترى المعادلة المصرية في تحقيق التوازن بين السياسة والردع؟
الموقف المصري الحالي، يعكس نضجًا استراتيجيًا يعتمد على مزيج من الردع السياسي، والتحرك الدبلوماسي، والدعم الإنساني، فمصر تدير أزمة غزة بوعي يهدف إلى تفكيك ألغام التهجير، والحفاظ على الأمن القومي، وضمان استمرار الدعم للشعب الفلسطيني دون الانجرار إلى فخ التصعيد المباشر.
- هل ترى أن سيناء ما زالت "مطمع" لإسرائيل؟
الأطماع الإسرائيلية في سيناء لم تتوقف، ولكنها لم تعد تأخذ الشكل العسكري التقليدي. هذه الأطماع تتجلى اليوم في محاولات زعزعة الاستقرار، وخلق بيئة أمنية غير مستقرة تبرر التدخل أو على الأقل تعرقل التنمية. العقيدة الدينية الصهيونية، التي تؤمن بما يسمى الوعد الإلهي من العريش إلى الفرات، ما زالت تشكل خلفية فكرية للمطامع الإسرائيلية، حتى وإن لم تكن معلنة رسميًا. وأضاف أن إسرائيل تدرك أن السيطرة على سيناء تعني القدرة على التأثير في القرار المصري نفسه.
- كيف ترى الرؤية المصرية أمام هذه الأطماع؟.. وماذا فعلت الدولة لمواجهة ذلك؟
مقابل هذه الأطماع، تسير الدولة المصرية في اتجاه معاكس تمامًا، يقوم على ترسيخ الوجود الفعلي على أرض سيناء من خلال مشاريع تنموية كبرى تهدف إلى توطين السكان وتعزيز البنية التحتية. ومن خلال إنشاء الأنفاق، وتطوير الطرق، واستصلاح الأراضي، تؤكد مصر أن سيناء لن تكون يومًا فراغًا أمنياً أو أرضًا متنازعًا عليها.
الرد المصري على الأطماع الإسرائيلية ليس عسكريًا فحسب، بل تنموي واستراتيجي، يقوم على تغيير الواقع الديموغرافي والاقتصادي في سيناء، وتحويلها إلى قلب نابض داخل الجسد المصري، وليس مجرد طرف معزول جغرافيًا.
- ما تحليلك لحالة الانقسام التي تعيشها إسرائيل؟
الانقسام داخل إسرائيل ليس جديدًا، بل هو نتاج لصراعات فكرية ممتدة منذ تأسيس الدولة العبرية، بين من يلتزمون بالفكر الديني المتطرف ومن يسعون لعلمنة الدولة. الحرب على غزة عمّقت هذه الخلافات، خاصة بعد فشل بعض الأهداف العسكرية، ما تسبب في موجات من الغضب الشعبي ضد الحكومة ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المدعوم من التيار الديني.
تشهد إسرائيل منذ أشهر أزمة سياسية داخلية حادة، تتفاقم مع استمرار الحرب على غزة. هذه الانقسامات تعود إلى خلافات عميقة بين التيارات العلمانية والمتدينة، خاصة فيما يتعلق بالتجنيد الإجباري للمتدينين، وهي قضية فجّرت احتجاجات ضخمة داخل المجتمع الإسرائيلي. هذه الخلافات تُضعف قدرة إسرائيل على اتخاذ قرارات موحدة بشأن العمليات العسكرية، وتزيد من حالة الانقسام المجتمعي في وقت يتطلب أعلى درجات الوحدة، خصوصًا مع تفاقم التوترات على جبهات متعددة.
- ما هي دلالات زيارة الرئيس السيسي وماكرون إلى سيناء؟
زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى سيناء حملت مؤشرات سياسية وأمنية واضحة، وجاءت في توقيت بالغ الحساسية مع استمرار العدوان على غزة. الزيارة أظهرت دعمًا دوليًا واضحًا لموقف مصر الرافض للتهجير من القطاع، وعززت من الدور المصري كقوة إقليمية لا تقف موقف المتفرج، بل تبادر بالتحرك دبلوماسيًا وإنسانيًا، كما أرسلت رسالة للعالم بأن سيناء منطقة آمنة ومستقرة، رغم قربها من بؤر التوتر.
- ما هي الرسالة التي يجب ترغب في توجيهها للشعب المصري في ذكرى تحرير سيناء؟
أطالب الشعب المصري بالتحلي الدائم بالثقة في مؤسسات الدولة والقيادة السياسية. ويجب أن يفخر الشعب بما تحقق على أرض سيناء، من استقرار أمني وتنمية شاملة «طالما أنتم تعيشون في أمان، وتستمتعون بحياة طبيعية وسط مشاريع قومية جبارة، فاعلموا أن مصر تسير في الطريق الصحيح، وأن خلفها جيش وطني وقيادة واعية تعرف متى تتحرك ومتى تصمت».
- كيف ترى عملية التوجه الاستراتيجي للدولة المصرية في سيناء؟
سيناء لم تعد مجرد أرض عبور للجيوش أو مسرحًا للصراعات، بل أصبحت "أرض إقامة"، تُبنى فيها حياة مستقرة ويُعاد تشكيل واقعها السكاني والأمني. هذا التحول لم يأتِ بشكل مفاجئ، بل بدأ بالتبلور منذ نصر أكتوبر 1973، إلا أن وتيرته تسارعت خلال السنوات الأخيرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر إطلاق حزمة من المشروعات التنموية والقرى السكنية والبنية التحتية التي تعزز التوطين والاستقرار.
الدولة المصرية تدرك تمامًا أن حماية سيناء لا تتحقق فقط عبر السلاح، بل من خلال التمكين الاقتصادي والاجتماعي، وخلق مجتمعات سكانية مستقرة ترفض أي محاولات لاختراق النسيج الوطني أو زعزعة الأمن. لذلك أى أن تحويل سيناء إلى منطقة مأهولة وسياحية وزراعية هو الرد العملي على الأطماع الإسرائيلية، التي وإن لم تعد تأخذ شكل الاحتلال العسكري، إلا أنها تظهر من حين لآخر في شكل تهديدات أمنية أو دعوات للتهجير.
الدولة المصرية لا تكتفي باسترداد الأرض، بل تسعى لإعمارها وتأمينها ودمجها بالكامل في جسد الوطن. فالمعركة لم تعد عسكرية فقط، بل هي معركة بناء ووجود، تحصّن مصر من الداخل وتمنع تكرار سيناريوهات الماضي.
- في الختام.. ما هي الرسالة التي ترغب في توجيهها للشعب المصري؟
وفي ختام حواري أوجه رسالة طمأنه للمصريين: «ما دام لديك قيادة واعية وجيش وطني وشعب مدرك، فإن سيناء ستبقى آمنة، وستظل درعًا وسندًا لمصر مهما تعاظمت التحديات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.