لطالما كانت جماعة الإخوان المسلمين الساعية إلى السلطة فاشلة بامتياز فى أن تكون فصيلاً سياسيًا أو جماعة دعوية أو معارضة وطنية، فشلت فى كل هذه الأدوار ربما الأمر الوحيد الذى نجحت فيه هو كونها تنظيمًا منغلقًا قادرًا على الحياة تحت الأرض وفقط وما إن صعد للنور حتى احترقت أوراقه وثبت فساد أفكاره التى لا تقوى على الصمود إذا ما تم اختبارها. فى واقعنا المصرى لا تغيب الحقائق كثيرًا هذا الوطن قادر على كشف المتلاعبين بأحلامه وطموحاته الملموسة والواقع الذى عايشناه فى مصر والمنطقة كشف الحقيقة المرة لهذه الجماعة: الفشل التام فى تحقيق أى من وعودها. فى مصر، شهدنا صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة بعد 25 يناير 2011، ليحققوا فوزًا انتخابيًا كبيرًا فى انتخابات الرئاسة والبرلمان ولكن ما إن استلموا زمام الحكم حتى انهارت كل آمال الشعب المصرى فى تحقيق الاستقرار والتقدم، حكم مكتب الإرشاد أو بالأحرى الإفساد-سمه ما شئت-الذى امتد لمدة عام واحد فقط، أصبح أسوأ تجربة مر بها المصريون فى تاريخهم الحديث فما كان يُفترض أن يكون حكمًا ديمقراطيًا شرعيًا، تحول إلى حكم استبدادى. الإخوان المسلمون فى الحكم أظهروا فسادًا فادحًا، حيث ممارساتهم فى التعامل مع الاقتصاد والإدارة لم تُنتج سوى الخراب. ما تعرضت له مصر فى فترة حكم مرسى كان بمثابة كارثة سياسية واقتصادية، إخوان الخراب لم يكونوا مهتمين بحل مشكلات الشعب، بل كانوا أكثر اهتمامًا بتوسيع دائرة نفوذهم عبر استغلال الدين لتحقيق مكاسب سياسية. العديد من التقارير كشفت عن تورط قادة الإخوان فى صفقات مشبوهة واختلاس الأموال العامة ولم يقتصر فسادهم على الاقتصاد فقط، بل شمل أيضًا الهيئات الحكومية، حيث كانت تعيينات الأفراد فى المناصب الحيوية تتم بناءً على الولاء للجماعة وليس الكفاءة. أما على الصعيد الإقليمي، فإن الإخوان المسلمين فى الدول العربية بدأوا يشهدون سقوطًا تدريجيًا فى المنطقة، تونس حيث كان لهم وجود قوي، نشهد تراجعًا فى دورهم بعد أن فشلوا فى تقديم أى حلول حقيقية للأزمات السياسية والاقتصادية. فى الأردن، التى كانت فى السابق ملاذًا آمنًا للإخوان، تم اتخاذ قرار حظر الجماعة رسميًا، فى خطوة مفاجئة لكنها متوقعة فى ظل التقلبات الإقليمية، الأردن التى لطالما اعتبرت الجماعة جزءًا من المشهد السياسي، قررت مصادرة مقار الجماعة وإغلاق فروعها، قرارات تؤكد أن الإخوان لم يعودوا مجرد حركة دينية، بل تهديدًا سياسيًا وأمنيًا فى المنطقة. الآن، لا يكاد الإخوان المسلمون فى مصر أو الدول العربية يحتفظون بأى مصداقية أمام الرأى العام بعد أن ظهرت ممارساتهم الفاسدة وتوجهاتهم السياسية الضيقة، فلم يعد الإعلام يتعامل مع الإخوان على أنهم أبناء الثورة أو الدعاة للإصلاح، بل أصبحوا يُنظر إليهم على أنهم خونة لا يحترمون الثوابت الوطنية ولا يسعون إلا لتحقيق مكاسب شخصية وعليه، فإن التكتيك الإعلامى الذى كان يُستخدم لرفعهم فى الأعوام السابقة قد تحول ضدهم. ما يعانيه الإخوان المسلمون اليوم فى مصر والمنطقة العربية هو نتيجة حتمية لسنوات من الفساد السياسى والافتقار إلى المبادئ وتضليل الشعوب وامتطاء الدين واستغلاله كأداة للهيمنة، الآن تواجه العزلة والانزواء بعد أن لفظتها الشعوب وانكشفت خيانتها للأوطان، المشهد الآن تغير بعد أن دفعت الدول العربية ثمنًا فادحًا من دماء أبنائها وثرواتها وتأخرها السياسى فلا مستقبل حقيقياً لهذه الجماعة فى الإقليم بعد فضح ممارساتهم الفاسدة وأهدافهم السياسية الضيقة. ومع تزايد الوعى الشعبى والتحولات السياسية فى المنطقة، يبدو أن الإخوان تُكتب الآن نهايتهم ولن يكون لديهم مكان فى جغرافيا هذا الإقليم ولن يكونوا جزءًا من المستقبل السياسى العربى فى منطقة كانت ملعبهم وميدانًا لصراعاتهم، الآن تُدير ظهرها لهم، وتبدأ فى بناء استقرار حقيقى بعيدًا عن الفكر المتطرف الذى حاولوا فرضه.. ويبقى التساؤل الأهم وماذا بعد، وكيف ستكون تداعيات إعلان الجماعة منحلة فى الأردن على البلد الشقيق الذى نتمنى له السلامة وعلى الإقليم ؟