أهنئكم جميعًا بعيد القيامة المجيد الذى هو فرحنا الأول، حيث إيماننا وعقيدتنا فى القيامة هى أساس المسيحية، عندما ننظر إلى أحداث القيامة ننظر إلى هذه الأيام الثلاثة الجمعة والسبت والأحد: جمعة الصليب أو الجمعة الكبيرة، ثم سبت الفرح وهو سبت الانتظار، ثم أحد القيامة وهو أحد الانتصار . دعونا نراجع ما كتبه القديس بولس الرسول عندما كتب عن المسيحية، لقد كان فيلسوفًا ولاهوتيًا عظيمًا، كتب فى رسائله الأربعة عشر كثيرًا عن المسيح والكنيسة وعن القيامة والحياة الأبدية، ولكنه فى رسالة كورنثوس الأولى إصحاح 13 كتب أنشودة خالدة عن المحبة، كتبها فى 13 آية، وفى الآية الأخيرة ذكر «الإيمان والرجاء والمحبة، ولكن أعظمهن المحبة» (1كورنثوس 13:13)، هذه الثلاثة هى الثلاثة أيام التى غيرت تاريخ العالم وغيرت حياة الإنسان، اليوم الأول هو يوم الصليب "يوم الجمعة" وهو الذى يُكنى عنه فى رسائل بولس الرسول بالإيمان، يوم الصليب، وفى يوم الإيمان ربنا يسوع المسيح قد صُلب على الصليب، ونحن نصلى فى صلاة الساعة السادسة من الأجيبية ونقول: "يا من فى اليوم السادس وفى وقت الساعة السادسة سُمرت على الصليب من أجلنا جميعًا"، هذا الصليب الذى سُمر عليه السيد المسيح كان إعلانًا، وكما يقول فى سفر نشيد الأناشيد: «حبيبى أبيض وأحمر، معلم بين ربوة» (نشيد 10: 5)، أبيض وأحمر رمز للنقاء ولدم الفداء، وحبيبى معلم بين ربوة وهو علم مرتفع، "ربوة" تعنى عشرة آلاف، وهكذا كان الصليب علمًا مرتفعًا حيث صُلِب السيد المسيح على الصليب فى مكان الجلجثة يوم الصليب وهو يوم الإيمان، وقاعدة الصليب هو إيماننا، وكما يعبر القديس بولس الرسول ويقول «مع المسيح صُلِبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ» (غل2: 20). يوم الجمعة هو الذى فيه قد تم وضع أساسنا فى المسيح فاديًا ومخلصًا لكل إنسان، وعندما تقف معى أمام الصليب نتذكر قائد المئة عندما طعن جنب المسيح بالحربة فخرج منه دم وماء، فقال هذه المقولة الشهيرة «حقًا كان هذا ابن الله» (متى27: 54)، وكان اعتراف قائد المئة والذى كان رومانيًا اعترافًا من العالم الوثنى بما صنعه السيد المسيح، من أجل كل إنسان، إيمانك أساسه هو الصليب الذى صُلِب عليه السيد المسيح، وحوّل السيد المسيح الصليب من العار والذل حيث كان رمزًا للموت وأيضًا أداة للموت، حوّله إلى أداة مجد وفخار نفتخر به كلنا، هذا هو يوم جمعة الصلبوت يوم الإيمان، ثم يأتى يوم السبت وهو سبت الفرح ونطلق عليه أيضًا سبت الانتظار وسبت الرجاء، وهو التعبير الذى استخدمه القديس بولس الرسول أنه «يوم للرجاء»، المسيح كان قد صُلِب ومات على الصليب، ودُفِن فى القبر، وكان التلاميذ وكل المحبين ينتظرون على رجاء هذه القيامة، كان يوم رجاء كما عبّر عنه السيد المسيح فى أحاديثه الأخيرة، كان يومًا مشحونًا بالأمل ولكن فى نفس الوقت كان مشحونًا بالخوف وبالقلق وبالصبر، وكان هناك نوع من الرعب حلّ على نفوس التلاميذ ونفوس المحبين، لقد دُفِن فى القبر ولكن أين هو؟ فكان سبت الرجاء هو اليوم الذى نسهر فيه ونقرأ سفر الرؤيا فى "ليلة أبو غلمسيس"، ونقرأ عن الانتظار للخروج من الظلمة إلى النور، ومن العالم إلى الأبدية، كان هذا هو يوم الرجاء، ثم جاء فجر الأحد، وفجر الأحد هو يوم القيامة، ويوم القيامة هو يوم المحبة، أطالع معك ما قاله بولس الرسول «الإيمان والرجاء والمحبة ولكن أعظمهن المحبة» (1كورنثوس 13 :13)، فكانت قيامة السيد المسيح حبًا فى كل أحد، القديس بولس الرسول وقف بكل قوة يقول:«لأعرفه، وقوة قيامته، وشركة آلامه، متشبّهًا بموته» (فيلبى 3: 10)، هذا الاختيار الشخصى للقيامة أنها كانت حبًا فى كل إنسان، فالله لم يترك النفوس تعيش فى القلق أو الحزن أو الألم، لم يترك النفوس فى هذه الصورة، الله اختار أن يكون فجر الأحد هو اليوم الذى صنعه لكى يملأ الإنسان حبًا وفرحًا، الإنسان الذى يمتلئ قلبه بالمحبة الإلهية هو الإنسان الذى يستطيع أن يعيش فرحًا، من أين يأتى هذا الفرح؟يأتى عندما يمتلئ قلب الإنسان بالحب، حيث يشعر أن يد السيد المسيح التى كانت على الصليب قد امتدت إليه وإلى قلبه مصحوبة مع قطرات الدم الذى سال على الصليب، وكانت قطرات حب من أجل كل أحد ومن أجل خطيئة الإنسان ومن أجل أتعاب الإنسان، وجاء الله لكى ما يقوم من بين الأموات فى فجر يوم الأحد، وصار أكبر تعبير يقدمه لنا المسيح فى القيامة هو أنه يحب الجنس البشري، نحن يوميًا وفى بداية كل يوم نصلى صلاة باكر، وهى تذكار للقيامة المجيدة. وفى كل أسبوع نصلى فى يوم الأحد، وهو تذكار أيضًا لقيامة السيد المسيح فجر يوم الأحد، وصار يوم الأحد هو العيد الأسبوعي، ويمكننا أن نُسميه عيد المحبة الإلهية التى سكبها الله فى قلوبنا، يقول لنا بولس الرسول فى رسالته إلى رومية: «محبة الله انسكبت فى قلوبنا بالروح القدس المُعطى لنا» (روميه 5:5). وعمل الله فى القيامة يصل أيضًا إلى كل شهر قبطي، فى يوم 29 من الشهر القبطى تكون تذكارات القيامة والميلاد والبشارة، ثم فى كل عام نحتفل بعيد القيامة ويمتد احتفالنا بها لمدة خمسين يومًا أو سبعة أسابيع، ثم يبدأ الأسبوع الثامن الذى يعبر عن الأبدية والمحبة السماوية، أنا أهنئكم أيها الأحباء بهذا العيد، وأرجو أن يكون هذا العيد عيدًا مباركًا وعيدًا مفرحًا، عيدًا نشعر فيه بالإيمان والرجاء والمحبة ولكن أعظمهن "المحبة"، وهى محبة المسيح التى سكبها من أجل كل إنسان فينا، أرجو أن تكونوا جميعًا بخير، وأرجو أن تحيوا فى كل كنيسة وفى كل إيبارشية بكل خير وبكل سلام.