شهدت سوق السيارات خلال الفترة الأخيرة تحولات ملحوظة، حيث سجلت الأسعار تراجعًا واضحًا نتيجة مجموعة من العوامل الاقتصادية والتجارية، من استقرار سعر الدولار إلى زيادة المعروض من السيارات المستوردة والمحلية، وهي عوامل ساهمت في تحفيز المنافسة بين الشركات والوكلاء، مما انعكس إيجابًا على الأسعار، وفى هذا الملف نستعرض أسباب هذا الانخفاض وتوقعات السوق خلال الأشهر المقبلة، وتأثير هذه التغيرات على المستهلكين وذلك وفقا لآراء الخبراء والمتخصصين في القطاع. ◄ اللواء حسين مصطفى: زيادة المعروض السبب في البداية أشار اللواء حسين مصطفى المدير التنفيذى السابق لرابطة مصنعى السيارات إلى أنه في الأونة الأخيرة شهدت أسعار السيارات في السوق المصري تراجعًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها استقرار سعر الدولار لفترة طويلة دون زيادات مفاجئة، مما ساهم في الحد من التقلبات السعرية. وقال: لعبت زيادة المعروض من السيارات دورًا حاسمًا في هذا الانخفاض، سواء من خلال استيراد سيارات جديدة أو طرح طرازات منتجة محليًا بأسعار تنافسية، وهو ما عزز المنافسة داخل السوق، كما تم طرح بعض الموديلات بالفعل، ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القليلة المقبلة وصول دفعات جديدة من السيارات المصنعة محليًا، والتي يجري إنتاجها حاليًا في عدد من المصانع، سواء عبر خطوط إنتاج جديدة أو في مصانع قائمة بالفعل. وأكد أن هذا التطور دفع العديد من وكلاء السيارات المستوردة إلى خفض أسعارهم بشكل كبير لمواكبة المنافسة، حيث وصلت التخفيضات في بعض الحالات إلى ما بين 100 و200 ألف جنيه. ومع استمرار تدفق السيارات إلى السوق المحلية، يُتوقع أن تواصل الأسعار انخفاضها خلال الفترة المقبلة، مما ينعكس إيجابيًا على المستهلكين ويعزز حركة البيع والشراء في القطاع. وأشار إلى أن السوق المحلية شهدت مؤخراً تطورات إيجابية تصب في مصلحة المستهلك، حيث أصبحت هناك خيارات جديدة للسيارات المنتجة محلياً بأسعار معقولة، إلى جانب العروض التخفيضية التي ساهمت في كسر مستويات الأسعار المرتفعة غير المسبوقة، ومن المتوقع أن تتضح آثار هذه التغيرات خلال الأشهر المقبلة، إذ يمكن قياس معدلات الشراء بنهاية النصف الأول من العام الحالي، وتحديداً مع انتهاء الربع الثاني، لمعرفة ما إذا كان السوق قد بدأ في التعافي بالفعل. وقال: خلال العامين الماضيين عانت السوق من حالة انكماش حادة، حيث تراجعت المبيعات نتيجة الأسعار المبالغ فيها، مما أدى إلى خروج شريحة كبيرة من مشتري السيارات الاقتصادية من دائرة الشراء، نظراً لعدم قدرتهم على تحمل التكاليف، إلا أن عودة المستهلكين مجدداً إلى اتخاذ قرارات الشراء تشير إلى أن الأسعار بدأت في الانخفاض أو أصبحت أكثر توافقاً مع قدراتهم الشرائية. ◄ انتعاش سوق المستعمل وأضاف أن سوق السيارات المستعملة خلال الفترة الحالية شهدت أيضًا تراجعًا ملحوظًا في الأسعار، متأثرةً بانخفاض أسعار السيارات الجديدة، إذ يرتبط السوقان ارتباطًا وثيقًا، حيث يؤدي انخفاض أسعار المركبات الجديدة إلى تراجع مماثل في أسعار المستعملة. ومع هذا التراجع، اضطر العديد من مالكي السيارات المستعملة إلى التخلي عن الأسعار المبالغ فيها، مما أدى إلى حركة تصحيحية في السوق وانخفاض واضح في القيم المعروضة. وأكد أن التوقعات تشير إلى استمرار انخفاض أسعار السيارات لفترة طويلة، في ظل تزايد الإنتاج المحلي وخروج دفعات جديدة من السيارات المنتجة محليًا، سواء من المصانع الجديدة أو عبر خطوط الإنتاج الإضافية التي تم إدخالها إلى المصانع القائمة بالفعل. ومن المنتظر أيضًا طرح سيارات الركوب بعد عودة شركة "النصر" للسيارات إلى الإنتاج في النصف الثاني من العام الجاري، ما سيعزز من المعروض في السوق. وأوضح أن إعادة فتح الاعتمادات المستندية – ولو بحدود معينة وفقًا لحصص محددة للمستوردين والوكلاء – ساهم في توفير بعض السيارات المستوردة، مما زاد من تنوع الخيارات المتاحة للمستهلكين، وكلما ارتفع حجم المعروض من السيارات، سواء المنتجة محليًا أو المستوردة، زاد الضغط على الأسعار نحو الانخفاض. كما أنه من المتوقع أن يؤدي هذا الاتجاه إلى تعزيز المنافسة السعرية بين الوكلاء والتجار، وعودة العروض الترويجية كما كان الحال في السنوات الماضية، وهو ما قد ينعكس إيجابيًا على المستهلكين الذين يترقبون المزيد من التراجع في الأسعار خلال الفترة المقبلة. وأضاف أنه من المتوقع أن يشهد السوق المحلي طرح مزيد من الموديلات الجديدة، سواء من الإنتاج المحلي الذي يواصل خروجه من المصانع أو من خلال تقديم وكلاء السيارات لموديلات جديدة، خاصة في فئة السيارات الاقتصادية. ويأتي ذلك في إطار مساعي الوكلاء للحفاظ على تنافسية الأسعار داخل الفئة الواحدة، حيث لن تشهد الأسعار تفاوتًا كبيرًا لضمان جذب شريحة واسعة من المستهلكين الذين أحجموا عن الشراء خلال الفترة الماضية بسبب الزيادات غير المنطقية في الأسعار. ◄ خالد سعد يكتب: الإنتاج المحلي يعزز الموقف ◄ استقرار العملة بينما أكد خالد سعد، أمين عام رابطة مصنعي السيارات في مصر، أن أسعار السيارات لن تشهد ارتفاعًا جديدًا طالما ظل سعر العملة المحلية مستقرًا واستمر التوسع في الإنتاج المحلي. وأوضح أن أي زيادة مستقبلية ستعتمد على عوامل رئيسية، مثل تغيرات سعر الصرف أو ارتفاع معدلات الاستيراد. وأشار سعد إلى أن التوسع في إنشاء مصانع جديدة للسيارات، بالتوازي مع ثبات مستويات الاستيراد الحالية، قد يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار. وأضاف أن كل إعلان عن مصنع جديد يعزز التصنيع المحلي، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد وانعكاس ذلك إيجابيا على السوق. وقال: شهدت الأسواق مؤخرا انخفاضا ملحوظا في أسعار السيارات، وهو ما يرجع بالأساس إلى زيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي، بعد أن كان الطلب مرتفعًا على السلع المستوردة التي تتأثر بتغيرات سعر الدولار. ومع تراجع القدرة الشرائية، بدأ المستهلكون في تقليل الإنفاق على المنتجات المستوردة، ما دفع الأسواق إلى تعديل الأسعار. وأوضح سعد أن هذا التحول في سلوك المستهلك ساهم في تعزيز الإنتاج المحلي وخفض الطلب على الدولار، مما أدى إلى تخفيف الضغط على الأسعار. ونتيجة لذلك، انخفضت الأسعار المعلنة للشراء، مما انعكس على السوق بشكل عام، سواء بالنسبة للمنتجات المحلية أو المستوردة، الأمر الذي عزز القدرة الشرائية للمستهلكين وساعد في إعادة التوازن للأسواق. وأشار إلى أن السوق تشهد حاليا حالة من الترقب، حيث لم تصل معدلات الشراء إلى المستويات المتوقعة بعد، إذ ينتظر كثير من المستهلكين مزيدا من التراجع في الأسعار قبل اتخاذ قرار الشراء، لكنه توقع تحسنا في حركة المبيعات مع استمرار انخفاض الأسعار، خاصة مع اقتراب نهاية شهر رمضان وبداية موسم ما بعد العيد، الذي يعد من الفترات النشطة لشراء السيارات. ◄ حسن الإسكندراني: المنافسة تزداد ◄ عوامل مهمة من جانبه أوضح حسن الاسكندراني مدير تسويق هوندا: أن سوق السيارات شهد انخفاضا ملحوظا في الأسعار خلال الفترة الأخيرة، مدفوعا بعدة عوامل رئيسية، أبرزها طرح شركات السيارات لموديلات جديدة بأسعار تنافسية، وهو ما عزز المنافسة في القطاع. كما لعبت الدولة دورا محوريا في هذا التراجع من خلال دعم التصنيع المحلي وزيادة نسبة المكونات المحلية، مما أسهم في خفض تكاليف الإنتاج وانعكس إيجابيًا على أسعار البيع للمستهلكين. وقال إن هذا الانخفاض في الأسعار أدى إلى زيادة ملحوظة في نسبة المبيعات، حيث استفاد المستهلكون من الفرص المتاحة لاقتناء سيارات جديدة بأسعار مناسبة، ومن الطبيعي أن يؤثر تراجع أسعار السيارات الجديدة على سوق السيارات المستعملة، إذ يؤدي انخفاض أسعار الموديلات الحديثة إلى تراجع قيمة السيارات المستعملة تلقائيًا. وأضاف أنه مع استمرار الشركات في تقديم طرازات جديدة بأسعار تنافسية، فإنه من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، وهو ما يصب في مصلحة المستهلكين ويعزز من حيوية سوق السيارات في مصر، كما أنه من المتوقع أيضا أن يؤثر خفض الفائدة بشكل مباشر على قرارات الشراء، حيث سيؤدي إلى زيادة الإقبال على الشراء، وذلك من قبل الأفراد غير القادرين على السداد النقدي. ومع انخفاض تكلفة التمويل، ستتزايد معدلات اللجوء إلى القروض البنكية، مما سينعكس إيجاباً على حركة البيع والشراء في الأسواق، إلى جانب تعزيز نشاط القطاع المصرفي، الذي سيشهد ارتفاعاً في حجم التمويلات المقدمة، ما يسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية بشكل عام. ◄ أحمد جميل: العروض السعرية جاذبة ◄ الإنتاج المحلي بدوره أوضح أحمد جميل رئيس قسم المعارض والتسويق بالشركة المصرية الأوروبية للسيارات إحدى شركات القصراوي جروب: أن سوق السيارات في الآونة الأخيرة شهد انخفاضات ملحوظة في أسعار العديد من الطرازات، في خطوة تعكس تحولات ديناميكية في القطاع. وأوضح أن الشركات لجأت إلى تخفيض الأسعار في ظل المنافسة القوية وزيادة المعروض، خاصة مع توسع الإنتاج المحلي الذي أصبح يلعب دورًا رئيسيا في تلبية احتياجات السوق بأسعار أكثر تنافسية. وأضاف أن الاعتماد على التصنيع المحلي أسهم في تقليل تكاليف الاستيراد، مما مكّن الشركات من تقديم عروض سعرية جذابة للمستهلكين. وأشار إلى أن هذه الانخفاضات قد تعزز من انتعاش المبيعات، لا سيما في ظل اهتمام المستهلكين بالحصول على سيارات بأسعار مناسبة تلبي تطلعاتهم. وقال: قد تواجه السوق تحديات مثل ارتفاع تكاليف الشحن أو تقلبات أسعار الصرف، مما قد يؤثر على الأسعار مستقبلًا. ◄ اقرأ أيضًا | قيادة آمنة للسيارات تبدأ بالوعي والانتباه ◄ منتصر الزيتون: فرصة كبيرة للشراء ◄ انتعاش ملحوظ أما منتصر زيتون عضو الشعبة العامة للسيارات فقال إن سوق السيارات المصري في الآونة الأخيرة شهد حالة من الانتعاش الملحوظ، مدفوعا بالعروض الترويجية التي أطلقتها الشركات خلال شهر رمضان الماضى، وهو تقليد اعتادت عليه السوق باستثناء العام الماضي، وجاءت هذه العروض في توقيت شهد تراجعا في المبيعات، وهو أمر معتاد خلال الأشهر الأولى من كل عام، بالإضافة إلى ظهور طرازات جديدة تنافس في الفئات نفسها التي شملتها التخفيضات، مما عزز حركة الشراء. وأكد أن انخفاض الأسعار الناتج عن هذه العروض أدى إلى زيادة الإقبال على الشراء، حيث يُنظر إليه كفرصة للمستهلكين قبل عودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة، إلا في حال قررت بعض الشركات تمديد العروض. ومع ذلك، فإن الاتجاه العام يشير إلى عودة الأسعار إلى طبيعتها خاصة مع الارتفاع الطفيف في سعر العملة. كما أدى نقص المعروض من بعض الموديلات الجديدة إلى ظهور "أوفر برايس" على بعض الطرازات، مثل نيسان قشقاي التي تباع بزيادة تصل إلى 100 ألف جنيه، إضافة إلى بروتون ساجا التي شهدت "أوفر" بقيمة 50 ألف جنيه، مما يعكس ارتفاع الطلب عليها في ظل محدودية الكميات المطروحة بالسوق. ◄ اقرأ أيضًا | تعرف على أبرز أعطال السيارة.. وكيفية إصلاحها ◄ محمد مسلم: الترقب يسيطر على التجار ◄ ركود السوق من جانبه قال محمد مسلم خبير السيارات إن الأسواق شهدت خلال الفترة الأخيرة انخفاضا ملحوظا في الأسعار، مدفوعًا بعدة عوامل رئيسية، يأتي في مقدمتها حالة الركود التي يمر بها السوق منذ عدة أشهر، والتي انعكست على معدلات الشراء. كما لعبت المنافسة المتزايدة بين الشركات والتوكيلات دورًا بارزًا في هذا التراجع، حيث أدى طرح موديلات جديدة إلى تحفيز الشركات على تقديم تخفيضات لاستعادة الزخم والمنافسة مجددًا. وقال: رغم أن المستهلك هو المستفيد الأكبر من هذه التخفيضات، إلا أن حالة الترقب لا تزال تسيطر على قرارات الشراء، إذ يفضل العديد من العملاء الانتظار على أمل الحصول على عروض أكثر انخفاضًا، مما أسهم في استمرار تراجع معدلات الشراء. وعلى الجانب الآخر، انعكست هذه التخفيضات أيضًا على سوق السيارات المستعملة، الذي شهد بدوره انخفاضًا في الأسعار، لكنه لم يحفز حركة البيع والشراء التي لا تزال شبه متوقفة. ويرى مسلم أنه مع تسليم الدفعات الأولى من الموديلات الجديدة، يُتوقع أن يشهد السوق ارتفاعًا في الأسعار مرة أخرى، وهو ما قد يدفع العملاء إلى اتخاذ قرارات شراء أسرع قبل موجة الارتفاع المقبلة. ◄ كريم السلكاوي: السيارات شهدت انخفاضا ملحوظا ◄ موديلات جديدة بينما يرى كريم السلكاوي مدير التسويق بمجموعة بودى جروب، أن أسعار السيارات شهدت انخفاضا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة، مدفوعًا بعدة عوامل، أبرزها طرح الشركات لموديلات جديدة بأسعار تنافسية، مما عزز المنافسة داخل السوق. كما أسهمت سياسات الدولة الداعمة للتصنيع المحلي وزيادة نسبة المكونات المحلية في تقليل تكاليف الإنتاج، وهو ما انعكس بشكل مباشر على الأسعار النهائية للمستهلكين. وأشار إلى أن هذا الانخفاض لم يمر دون تأثير، إذ ساهم في زيادة الإقبال على شراء السيارات الجديدة، مستفيدين من الفرص المتاحة بأسعار مناسبة. كما أثر ذلك على سوق السيارات المستعملة، حيث أدى تراجع أسعار الموديلات الحديثة إلى انخفاض قيمتها تلقائيا. وأكد أنه من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في ظل استمرار الشركات في تقديم عروض وأسعار تنافسية، مما يعزز من نشاط السوق ويجذب مزيدا من المشترين، إلى جانب ذلك، فإن خفض أسعار الفائدة يلعب دورًا كبيرًا في تحفيز قرارات الشراء، خاصة بالنسبة للراغبين في الشراء بنظام التقسيط، حيث سيؤدي انخفاض تكلفة التمويل إلى زيادة الإقبال على القروض البنكية، مما ينعكس إيجابيا على حركة البيع وينشط القطاع المصرفي، ليعزز بذلك عجلة الاقتصاد بشكل عام.