لم نكن بحاجة ماسة لإعادة النظر فى منظومة الإعلام بكافة أذرعها التقليدية والتكنولوجية والقائمين عليها أكثر من هذه الأيام التى تمر بها البلاد من التعرض لتحديات وأزمات تتطلب منا التصويب والتصحيح بخلق رؤية إعلامية تكون سفينة النجاة، وهو ما يتطلب تكاتف كافة الجهود بشكل عاجل ودقيق. فى وقت يواجه الإعلام ضغوطًا كبيرة تتطلب استراتيجيات جديدة للتغلب عليها.. خاصة فى ظل التحديات المتزايدة، والتحولات التكنولوجية السريعة.. مما أثر بالسلب عليه.. فاتجه الكثيرون إلى منصات التواصل الاجتماعى، رغم ما يعتريها من فوضى وبيات مغلوطة، كمصدر بديل للأخبار والمعلومات والتحليلات.. ولأنها وسائل سهلة للمرسل والمتلقى، ساهمت فى خلق بيئة لازدهار ما يعرف بالتضليل الإعلامى، وتفشى الأخبار الكاذبة.. وترتب على ذلك تراجع الإعلام التقليدى أمام السوشيال ميديا. حيث شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا كبيرًا فى تأثير وسائل التواصل الاجتماعى، حتى أصبحت أشرس الأسلحة فى المنظومة الإعلامية.. وهو ما يتطلب وضع رؤية إعلامية مستقبلية لمواجهة التحديات التى يشهدها الإعلام، استنادًا إلى الإبداع والابتكار والمسئولية المجتمعية، والقيم الأخلاقية، مع ضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة والمعايير الإعلامية وأيضًا التصدى لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى نشر الأخبار المضللة والشائعات.. وذلك لتعزيز دور الإعلام فى مساندة الدولة ومواجهة التحديات والأزمات. وعلينا أن نتكاتف لدعم الإعلام باعتباره ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة اجتماعية وسياسية وثقافية، لضمان وجود مساحة حقيقية للتعبير عن الرأى، وتمثيل كافة فئات المجتمع.. باعتبار أن حرية الرأى إحدى ركائز الاستقرار وتطور الدولة، مع الأخذ فى الاعتبار إحداث توازن بين الحرية والمسئولية.. فالحرية حين تدار بمسئولية والإعلام حين يمارس بمهنية، يتحولان إلى قوة ناعمة قادرة على البناء لا الهدم.. وحرية الإعلام لا تتحقق بوجود منابر متعددة ومتنوعة فقط، بل بوجود جمهور واعٍ يميز بين الإعلام الجاد والمضلل. ولهذا يجب إدخال مفاهيم «محو الأمية الإعلامية» فى المناهج التعليمية، وتعليم الشباب كيفية تحليل الخبر والتفريق بين المعلومة والرأى، وبين الحقيقة والشائعة والإعلام الحقيقى والموجه.. مع ضرورة تمكين الإعلاميين وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة.