في عالم يتسارع فيه العلم والتقدم، لابد أن يكون للباحثين المبدعين دور بارز، يلهم الأجيال القادمة ويحفزهم على المضى قدمًا في ميادين البحث والابتكار. ومن بين هؤلاء العلماء الذين تركوا بصمة بارزة، تبرز الدكتورة عبير سلامة، الأستاذ الباحث بمعهد البحوث الطبية والدراسات الإكلينيكية بالمركز القومي للبحوث، التى ارتبط اسمها بالعديد من الإنجازات البحثية. ولم يكن فوزها بجائزة الدولة للمرأة التشجيعية، إلى جانب جائزة الدكتورة فينيس كامل جودة لشباب الباحثين، سوى نتيجة حتمية لما قدمته من إسهامات علمية جعلت منها نموذجاً يحتذى به في مجالها. ■ د.عبير سلامة وتقول د.عبير إن جوائز الدولة تشكل مصدراً حقيقياً للفخر، إذ تعكس التقدير الرسمى للمجهودات العلمية المتميزة، مشيرة إلى أن الفوز بهذه الجوائز يشعر الباحثين بأن أبحاثهم فاقت أقرانهم في نفس التخصص على مستوى الدولة، مما يُعزز شعورهم بالتميز. وأضافت أن التصنيفات الدولية مثل تصنيف «ستنافورد للعلماء» تعطى العلماء المصريين شعوراً بالقدرة على التنافس الدولي رغم محدودية الإمكانيات، مؤكدة أن مصر قادرة على إثبات قدرتها التنافسية على المستوى العالمى فى العديد من المجالات العلمية. ◄ فجوة ولغة مشتركة مفقودة وبشأن العلاقة بين البحث العلمى والاستثمار، أوضحت الدكتورة عبير أن هناك فجوة كبيرة بين الباحثين والمستثمرين، حيث لا يفهم كل طرف لغة الآخر، وأكدت أن الحل يكمن فى وجود جهة وسيطة تكون مهمتها الأساسية تقليل هذه الفجوة، مشيرة إلى ضرورة وجود متخصصين فى التسويق داخل هذه الجهة لتيسير عملية التواصل. وأوضحت أن أحد أكبر التحديات التي تواجهها الصناعة المصرية هو الاستسهال فى استيراد المنتجات بدلاً من الاستثمار في الإنتاج المحلي، مشيرة إلى أن حل هذه المشكلة يحتاج إلى تدخل الدولة من خلال قرارات تساهم في تشجيع المستثمرين على توجيه اهتمامهم نحو الإنتاج المحلى بدلاً من الاستيراد، بالإضافة إلى ضرورة تحفيز اللمسة الوطنية لدى المستثمرين. وأضافت د.عبير أنها تثق فى أن المنتجات البحثية التى يتم إنتاجها فى مصر سيكون لها سوق كبير، خاصة أن هذه المنتجات تحظى بتقدير عالٍ من الجمهور عند مشاركتها فى المعارض الخاصة بالابتكارات، ولكن نواجه صعوبة في إنتاجها تجارياً بسبب الفجوة الكبيرة بين الباحثين والمصانع. وفيما يخص البحوث التى تساهم فى تطوير المنتجات الطبيعية، قالت د.عبير: «لقد تمكنا من إنتاج كريمات طبيعية باستخدام طحالب توجد فى البيئة المصرية، وما زالت البيئة المصرية تزخر بالعديد من المصادر الطبيعية التى تصلح لتوفير مواد خام تُستخدم فى إنتاج الأدوية». ◄ نصيحة وتوجه إيجابي ورغم وجود فجوة بين الباحثين والمصانع، أشارت إلى وجود توجه إيجابى من الدولة لردم هذه الفجوة، من خلال دعم المنتجات المحلية البديلة للمستورد وتسهيل إجراءات تسجيل المنتجات الجديدة، وهى خطوة هامة تسبق عملية التسويق وتعد شهادة رسمية بجودة المنتجات الدوائية ومطابقتها للمواصفات. أما فيما يخص نصيحتها للباحثين الشباب، فقد شددت د.عبير على ضرورة ألا يقتصر اهتمامهم على الترقية العلمية فقط، وقالت: «الباحث يجب أن يكون ذهنه مشغولاً بمشاكل يسعى إلى إيجاد حلول لها، وألا يتوقف عن التفكير والإنتاج البحثى، لأن الترقية لن تكون هى الدافع الوحيد للإبداع»، وأكدت أن الباحث ليس موظفاً، بل هو صاحب رسالة علمية مستمرة، وتدعو دائماً للتركيز على إيجاد حلول للمشاكل. وفي حديثها عن تجربتها الشخصية، قالت د.عبير: «عندما التحقت بالمركز القومي للبحوث، كان ما يؤرقني هو أننا عندما نحتاج لمادة اللوكبين فى أبحاثنا كنا نستوردها من الخارج، رغم أن هذه المادة توجد في الطماطم، فقمت ببحث طويل لتصنيعها محليا، وأعلم أن هناك توجها من الدولة حاليا لتوفير المواد الخام الأولية محليا بدلا من استيرادها».