أخطر ما تكشف عنه معركة الرسوم الجمركية التى أطلقها الرئيس ترامب - بالنسبة للأمريكيين- هو أن «صناعة القرار» من جانب الإدارة الأمريكية فى أعلى مستوياتها تحتاج لمراجعة فورية حتى لا تتسبب فى المزيد من الخسائر الاقتصادية والسياسية»!!».. «حرب التحرير» التى أطلقها ترامب كانت بداية حرب تجارية عالمية يفترض أن واشنطون قد استعدت لها جيداً ووضعت كل السيناريوهات للتعامل مع جميع الاحتمالات. ما حدث كان عكس ذلك على طول الخط.. اضطربت الأسواق، وشهدت البورصة أسوأ لحظاتها، ولاحت بوادر فوضى اقتصادية وركود كارثى، ليضطر «ترامب» إلى تجميد قراراته لثلاثة شهور فى نفس اليوم الذى بدأ فيه تطبيق هذه القرارات!!. على الجانب الآخر.. ظهر أن الخصم الأساسى والمستهدف الأول من هذه الحرب التجارية وهو «الصين» كانت مستعدة بصورة أكبر من كل التوقعات.. وأنها طوال السنوات القليلة الماضية «وخاصة منذ ولاية ترامب الأولى» كانت تفتح أسواقا جديدة أمام صادراتها، وكانت تؤمن مصادر متعددة للواردات الأساسية اللازمة لصناعاتها بعيداً - قدر المستطاع - عن النفوذ الأمريكى، ولهذا ردت بعنف على قرارات ترامب وهى تدرك أن خسائرها المحتملة فى هذه الحرب لن تقارن بخسائر أمريكا التى اضطرت للمزيد من التراجع لضمان احتياجاتها من سلع أساسية، ولكى يجد المستهلك الأمريكى احتياجاته من الكومبيوتر والأجهزة الإلكتر ونية، ولكى تجد المصانع الأمريكية احتياجاتها من قطع أساسية تنتجها فى الصين حيث تكلفة الإنتاج التى لا تقارن!!. المعركة مازالت فى بدايتها، لكن أصبح واضحاً أن التخطيط - من الجانب الأمريكى - لم يكن بمستوى حرب تجارية عالمية، والخلافات بين كبار المسئولين فى الإدارة الأمريكية أصبحت علنية، وخروج «ماسك» المرتقب من الإدارة بعد معارضته الشديدة لقرارات ترامب الجمركية ستزيد من الشكوك والمخاوف بين كبار المستثمرين، ولا شك أن تجميد قرارات الرسوم الجمركية وفتح أبواب التفاوض وقد هدأت الأسواق كثيرا لكن حالة عدم اليقين مستمرة، والارتباك فى التعامل مع قرارات متضاربة لا يؤدى إلا للمزيد من التراجع!!. حالة «عدم اليقين» شديدة الضرر، خاصة إذا امتدت إلى مجمل السياسات الأمريكية»!!» لا يمكن أن تسير الأوضاع فى الدولة الأقوى فى ظل قرارات متضاربة، وغياب متعمد لمؤسسات الفكر والتخطيط بين الأرقى فى العالم، عبء حرب الجمارك على الأمريكيين «وعلى العالم كله» سيكون كبيراً، لكن الأخطر- بالنسبة للأمريكيين- هو أن تنتقل حالة «عدم اليقين» من التجارة الى السياسة، وأن تخوض معركة قيادة النظام العالمى الجديد كما خاضت حرب الجمارك!!