عبدالمنعم السيد يبدو أن الاقتصاد العالمى فى عهد ترامب سيكون أكثر ارتباكًا وسيأخذ مسارًا مختلفًا، فرغم أن ترامب لم يمض على توليه منصب الرئيس سوى أيام معدودات، إلا أن تصريحاته وقراراته الاقتصادية والسياسية أحدثت خللًا فى العلاقات الاقتصادية الدولية، وأيضًا كان لها تأثير سلبى على كثير من دول العالم وعلى المواطن الأمريكى نفسه. فعلى الرغم من أن علاقة أمريكا مع كندا تتميز بالتعاون الاقتصادى والعسكرى وترتبط الدولتان باتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA) التى تم استبدالها لاحقًا باتفاقية USMCA (اتفاقية الولاياتالمتحدة - المكسيك - كندا) عام 2020، وأيضًا رغم متانة العلاقات التجارية والاقتصادية بين أمريكاوالمكسيك؛ إلا أن ترامب قرر فرض ضريبة بنسبة 25٪على الواردات الكندية والمكسيكية إلى الولاياتالمتحدة، مما جعل كنداوالمكسيك تفرضان رسومًا جمركية مماثلة مما أشعل حربًا تجارية سرعان ما انطفئت بعد تراجع وإلغاء ترامب قراراته وتأجيلها لمدة شهر، وذلك فى أقل من يومين من فرضها، مما يعكس مدى التخبط وعدم دراسة القرارات مع الوزراء والمستشارين المختصين. وفى نفس الوقت، بدأ ترامب حربًا تجارية مع الصين بفرض رسوم جمركية 10% على صادراتها لأمريكا، مما جعل الصين تعلن أنها ستفرض رسومًا جمركية انتقامية على مجموعة من المنتجات الأمريكية.. وتشمل التدابير المضادة فرض ضريبة بنسبة 15٪ على واردات الفحم والغاز الطبيعى المُسال من أمريكا، مما يعنى موجة جديدة من التضخم وارتباك بين قطبى الاقتصاد العالمى وأيضًا تهديد سلاسل الإمدادات العالمية وبداية لحرب تجارية عالمية. ولاشك أن المصانع الأمريكية فى الصين هى أول المتضررين فمن المتوقع أن تخسر آبل نحو 5% من أرباحها وانكماش نسبتها من سوق الموبايلات وخسارة نسبة من قيمتها السوقية البالغة 3٫5 مليار دولار. ولا شك أن السياسات الحمائية الأمريكية ستُساهم فى عدم استقرار الاقتصاد العالمى وزيادة حالة عدم اليقين فى الأسواق المالية، كما أن الشركات الأمريكية التى تعتمد على المنتجات الصينية ستشهد زيادة فى تكاليف الاستيراد مما سيؤدى لزيادة فى الأسعار للمستهلكين الأمريكيين. ومما لا شك فيه أيضًا أن هذه الحرب التجارية سيكون لها تأثير على الاقتصاد المصري، إلا أن مصر من الممكن أن تستفيد من هذه الحرب من خلال جذب الاستثمارات الصناعية وفتح مصانع للمنتجات الأوروبية والأمريكية وتوطين التكنولوجيا الحديثة التى قد تهرب من الصين مع اشتعال حربها التجارية مع أمريكا خاصة خلال الأربع سنوات القادمة، أيضًا يمكن لمصر التوسع فى الصادرات خاصة أن مصر جزء أساسى فى مبادره الحزام والطريق، وكذلك التوسع فى الصادرات لدول أمريكا الشمالية والجنوبية. إن السنوات الأربع القادمة ستشهد تغيرات اقتصادية عالمية خاصة فى ظل ما يحدث بمنطقة الشرق الأوسط والأحداث الجيوسياسية ومن ثم على الدولة المصرية البحث وإعادة التخطيط الاقتصادى لمحاولة الخروج من هذه الأزمة العالمية وتحويل المحنة إلى منحة.