منذ توليه الولاية الثانية، أحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحولًا جذريًا في السياسة الاقتصادية والتجارية ل الولاياتالمتحدة، مما ترك تأثيرات عميقة على الاقتصاد العالمي، حيث لم تقتصر تأثيرات سياساته على أسواق الأسهم فقط، بل امتدت لتطال السلع الأساسية مثل الذهب والنفط وسعر الدولار. فمنذ بداية ولايته الثانية، أصبح الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين وسط مخاوف من التضخم، بينما شهدت أسعار النفط تذبذبًا بسبب السياسات الخارجية، خاصة فيما يتعلق بالصراعات مع إيران وحروب التجارة، كما أن الصراعات الاقتصادية مع الدول الكبرى مثل الصين وروسيا مثلت تحديًا كبيرًا لهيمنة على الأسواق العالمية. في هذا التقرير، نسلط الضوء على تأثير سياسات ترامب التجارية على أسواق الذهب والنفط وسعر الدولار. اقرأ أيضا | صراع الرسوم الجمركية.. مفاوضات متزايدة وإعادة تشكيل التحالفات الجيوسياسية تأثير سياسات ترامب على سعر الذهب مع بدء فترة ولاية ترامب الثانية، كانت هناك توقعات بزيادة الضغط على الذهب بسبب السياسات الاقتصادية التوسعية التي قد تتبعها الإدارة الأمريكية، مثل زيادة الإنفاق العام وخفض الضرائب، بالإضافة إلى ذلك كانت هناك مخاوف بشأن التضخم وارتفاع الديون الحكومية، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن. في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد سعيد الخبير الاقتصادي إن الوضع الحالي في أسواق الذهب يشهد تأثيرات كبيرة نتيجة للسياسات التجارية العدائية التي يتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه الحكم. وأكد الدكتور سعيد أن هذه السياسات أدت إلى زيادة حالة عدم الاستقرار الاقتصادي على المستوى العالمي، وهو ما يساهم في ارتفاع أسعار الذهب بشكل ملحوظ، وأضاف أن الذهب ارتفع في مصر بما يزيد عن 1000 جنيه، نتيجة لتزايد المخاوف العالمية بسبب الحروب الاقتصادية المستمرة التي يشهدها العالم. وأوضح سعيد أن السياسات الاقتصادية الحالية ل ترامب تركز على تعزيز العدائية من خلال فرض قيود جمركية على الأعداء، مع تحاشي فرض هذه القيود على الدول التي تلتزم بالسياسات الأمريكية، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى إلى تفكيك التكتلات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي، من خلال التعامل مع كل دولة بشكل فردي، مما يسهل عليه ممارسة ضغط أكبر لتحقيق المصالح الأمريكية. اقرأ أيضا | التضخم يصعد مجددًا والادخار يرتفع.. هل يواجه الاقتصاد الأمريكي أسوأ تحدياته؟ زيادة الطلب على الذهب وأشار الدكتور سيد خضر الخبير الاقتصادي إلى أن سياسة ترامب الاقتصادية اعتمدت بشكل أساسي على فرض الرسوم الجمركية والضرائب على الدول الأخرى، وهذه السياسات أوجدت حالة من القلق على الصعيدين المحلي والدولي، حيث بدأ المستثمرون في جميع أنحاء العالم يتجهون إلى الذهب كملاذ آمن لحفظ القيمة، ونتيجة لذلك، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا بسبب زيادة الطلب عليه في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية. وأوضح الدكتور خضر أن تزايد المخاوف العالمية بشأن تبعات السياسات الاقتصادية وارتفاع الاضطرابات السياسية، خاصة تلك التي أثارتها الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، كانت سببًا رئيسيًا في ارتفاع الطلب على الذهب، وأكد أن هذه المخاوف خلقت حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية، مما دفع الذهب ليكون الخيار المفضل للمستثمرين. اقرأ أيضا | الاقتصاد الأمريكي يواجه العواصف.. تضخم متصاعد ومخاوف من الركود التضخمي تأثير سياسات ترامب على سعر النفط أثرت السياسات الخارجية للترامب مثل التوترات مع إيران وحروب التجارة مع الصين، على أسعار النفط، فالعقوبات المفروضة على إيران أدت إلى تراجع المعروض من النفط في السوق العالمية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار. وأشار سعيد إلى أن هناك علاقة وثيقة بين ارتفاع الأسعار وتناقص الإنتاج من قبل أوبك، بالإضافة إلى زيادة الطلب نتيجة التوترات العالمية مثل إغلاق البحر الأحمر، وقال إن هذا يشكل بيئة غير مستقرة على صعيد الاقتصاد العالمي، مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب. اقرأ أيضا | الفضة تُشعل الأسواق العالمية.. ارتفاع الأسعار في ظل حرب تجارية تهدد الاستقرار الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية وأوضح الدكتور خضر أن السياسات الخارجية لترامب، خصوصًا الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، أثرت بشكل مباشر على أسعار النفط، وأضاف أن التدخلات الأمريكية في مناطق النزاع مثل إيران والصراعات الاقتصادية مع الصين ساهمت في تقلبات أسعار النفط عالميًا، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في بعض الأحيان بسبب المخاوف من انقطاع الإمدادات. وعن تأثير هذه السياسات على الدول المستوردة للنفط، خاصة الأوروبية، قال الدكتور خضر إن الدول الأوروبية تأثرت بشكل كبير من ارتفاع أسعار النفط، خاصة في ظل الصراعات مثل الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة كورونا، التي زادت من تكلفة الطاقة في هذه الدول. اقرأ أيضا | بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية.. تجاوز سعر الذهب حاجز ال 3100 دولار تأثير سياسات ترامب على سعر الدولار سياسة ترامب المالية التي شملت زيادة في الإنفاق الحكومي وفرض تخفيضات ضريبية ساعدت على زيادة الديون الأمريكية، كما أن سياسة الاحتياطي الفيدرالي في خفض الفائدة لدعم الاقتصاد الأمريكي كان لها تأثير مباشر على سعر الدولار. تحول في النظام المالي العالمي ولفت سعيد إلى أن الحرب الاقتصادية التي يشنها ترامب مع دول مثل الصين وروسيا قد تستمر وتزداد حدتها، ما قد يؤدي إلى تحول في النظام المالي العالمي، مشيرًا إلى أن هناك دول كالصين وروسيا والهند بدأت في تقليص استخدامها ل الدولار الأمريكي في معاملاتها الدولية، وهو ما يهدد هيمنة الدولار ويزيد من أهمية استخدام العملات المحلية في التجارة العالمية. أشار الدكتور خضر إلى العلاقة بين سعر الدولار الأمريكي وسعر الذهب، قائلًا إن ارتفاع الدولار غالبًا ما يؤدي إلى تقليص الطلب على الذهب كملاذ آمن، في حين أن انخفاض قيمة الدولار يعيد للذهب بريقه كاستثمار آمن. ارتفاع الأسعار عالميًا أكد الدكتور أحمد سعيد الخبير الاقتصادي أن هذه التطورات، إلى جانب السياسات الاقتصادية غير المستقرة، ستظل تساهم في رفع أسعار السلع والمواد الخام على المستوى العالمي، بما في ذلك الذهب والبترول، مما يشكل تحديات اقتصادية للمستثمرين والاقتصادات الكبرى على حد سواء. السياسات التجارية والحروب الاقتصادية أما فيما يخص السياسة التجارية العدوانية التي اتبعها ترامب، قال الدكتور سيد خضر، إن الفترة الأخيرة، ومنذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئاسة الولاياتالمتحدة، شهدت تحولًا جذريًا في السياسة الخارجية الأمريكية، مما كان له تأثير كبير على الاقتصاد الأمريكي والعالمي، موضحًا أن ترامب لم يكن رجل سياسة، بل كان تاجرًا، مما دفعه إلى اتباع سياسات اقتصادية غير تقليدية، خصوصًا في ما يتعلق ب الرسوم الجمركية والعقوبات المفروضة على الدول الأخرى. وأضاف أن هذه السياسات، وخاصة في التعامل مع الصين، أدت إلى توترات اقتصادية محلية ودولية، وأوضح أن فرض الرسوم الجمركية على السلع الصينية أثر بشكل كبير على الشركات الأمريكية التي تعتمد على الاستيراد من الصين، كما أثر على الشركات الأمريكية العاملة في السوق الصينية نفسها، ورغم هذه التوترات، استمرت الشركات الأمريكية في رغبتها في البقاء في السوق الصينية بسبب الحوافز الكبيرة التي تقدمها الحكومة الصينية.