سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المسجد العمرى هديتى للبنان.. و«السادات» أنقذ حياتى فى «صيدا» د. صالح لمعى.. راهب المعمار المصرى:وهبت حياتى لخدمة التراث.. و«الأغاخان» فتحت لى أبواب العالمية
«الغمامة وأبو بكر وعمر» وراء منحى شرف ترميم المسجد النبوى أحد أعلام تاريخنا المعاصر، إبداعاته تعادل التسعين عاما، شهرته العالمية كتبت بأحرف من ذهب، صاحب سجل حافل من الإنجازات والتكريم والجوائز التى جعلته يحظى بمكانة خاصة فى المجتمع الدولى.. إنه د. صالح لمعى، العالم عظيم الشأن، شديد التواضع، الذى تتحدث عنه بصماته وهى تعيد إحياء مبان تراثية إلى حالتها الأولى، وأحيانا هو صاحب الفضل ألا تهدم مبان أخرى تراثية بسبب حالتها المتهالكة، والمدمر معظمها سواء أكان فى مصر أو فى الخارج. روحه تهوى التحدى، معروف فى اليونسكو أنه رجل المهمات الصعبة، فهو المصرى المسلم الإفريقى الوحيد الذى كان عضوا فى العديد من اللجان الدولية لخبراء منظمة اليونسكو فى أكثر الأماكن التى شهدت دمارًا وخرابًا وصراعات مسلحة وحروبًا؛ عشقه للتراث لم يثنه عن القيام بعمله وهو على خط التماس مع النيران وفى مواجهة الموت؛ وفى حديثه معنا يبين لنا د. لمعى كيف شيد مسيرته نحو العالمية. ■ الجميع يتحدث عن عطائك ومدرستك المعمارية المتفردة.. فما بداية خطواتك فى إنماء تلك الموهبة التى تعلمت منها أجيال متعاقبة؟ - البداية كانت بعد تخرجى فى كلية الهندسة جامعة عين شمس عام 1956، التحقت بالعمل فى الهيئة المصرية لإصلاح الريف والتى كان مقرها قصر عابدين، حتى تم تكليفى من وزارة العدل بالعمل فى مكتب الخبراء، ومكثت به عامين إلى أن أعلنت الإدارة العامة للبعثات فى 1958 عن 5 بعثات فى مجال العمارة، تقدمت بطلب للخمس بعثات كلها رغم أن إحداها كانت خاصة بالتصميم الداخلى والذى لم يكن فى تخصصى، لكنى كنت أسعى للسفر بأى شكل؛ ثم جاءنى خطاب كمرشح أول لبعثة إلى الاتحاد السوفيتى، وكانت بعثة صعبة لأنها كانت تشترط حضور محاضرات مدتها 4 ساعات أسبوعيا عن النظام الشيوعى، غير أنه كان غير مسموح باصطحاب الزوجات. درست اللغة الروسية وتحملت حتى فترة الصيف وعدت إلى مصر وتوجهت إلى القنصلية الروسية بالزمالك وطلبت اصطحاب زوجتى وابنى معى فتمت الموافقة بشرط أن تدرس هناك وأن تقيم فى مدينة بعيدة عن مكان إقامتى، فتوجهت إلى مدير عام البعثات معترضاً ولم يكن هناك حل سوى أن أظل فى مصر حتى يتغير الوضع. بعد فترة طويلة وقعت الحكومة المصرية اتفاقية مع ألمانياالغربية ومنحت مصر 20 بعثة وكان هذا معناه أنه لابد وأن أتعلم اللغة الألمانية ونظراً لأن الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية فى مصر خلال الستينيات كانت شديدة الصعوبة كان من الصعب أن أعترض وحصلت بشكل خاص على إذن باصطحاب زوجتى وابنى معى، وذلك حتى أتمكن من تعلم اللغة الألمانية وإجادتها. التحول إلى التراث ■ شهدت «ألمانيا» مرحلة التحول من كونك مهندسا معماريا إلى مرمم آثار إسلامية.. ماذا وراء هذا التحول؟ - فى ألمانيا تم الحجز لأفراد البعثة فى جامعة شتوتغارت، وهناك فكرت فى دراسة الدكتوراة؛ لذلك توجهت إلى المسئول عن الطلاب الأجانب فى الجامعة وكان معماريا شهيرا جداً فى روما، وسألنى: «لماذا لا تهتمون بتراث بلدكم؟ ولماذا تركتم تراثكم للغير ليكتبوا عنه بينما أنت مسلم وعربى، ومن ثم تستطيع أن تقرأ كل ما يتعلق بتراثك بسهولة وتستطيع أن تفيده أكثر من أى أجنبى..»؛ ولأن شتوتغارت لا تدرّس إلا الحضارة الأوروبية، انتقلت إلى جامعة «آخن» لمقابلة أشهر مرممى التراث فى ألمانيا وكان أستاذا للقسم الوحيد فى ألمانيا الذى يدرّس فيه مبادئ تاريخية وحفظ وصون تراث. بناء عليه بدأت معه من البداية من الدبلوم ثم رسالة الدكتوراة. كما أنه له الفضل فى التواصل مع (كلاوس بريش) مدير المتحف الإسلامى ببرلين الذى اتصل بالمعلم الكبير أو كما يقولون «بابا» الإسلامى (كريزول)، مؤسس قسم الآثار الإسلامية فى جامعة (فؤاد الأول) القاهرة، والذى بدوره وضعنى فى موقف شديد الصعوبة حيث طلب منى دراسة على منطقة «قرافة» المماليك الموجودة على طريق صلاح سالم على أن تكون الدراسة على المبنى الأساسى فى المنطقة وهو «خانقاه» فرج بن برقوق أو دار تصوف السلطان فرج ابن السلطان برقوق. ■ ما التحديات التى واجهتك خلال أولى دراستك التاريخية الأثرية؟ - لم أكن أعرف عن مبنى الخانقاه أى شيء لأننى لم أدرسه فى الجامعة، لكن سمحت لى الجامعة فى 1963 بالنزول إلى مصر لمدة 10 شهور. ذهبت لرفع المبنى فوجدت المنطقة عبارة عن صحراء لا يوجد بها كهرباء ولا ماء ولا أى شيء، كان سائق والدى يوصلنى إلى المكان كل صباح، ثم تقدم إلىّ طالب فى المعهد العالى للهندسة ليعمل معى، لم يكن معى سوى كاميرا تصوير مساحى اشتريتها من الاتحاد السوفيتى وشريط متر. نجحنا فى رفع المبنى وعمل رسومات كاملة. أما الخطوة التالية فكان لابد أن أذهب إلى دار الكتب لأبحث فى المخطوطات القديمة التى كانت عبارة عن كتب بدون فهرس فكان البحث عن معلومة يتطلب قراءة كتاب ضخم بالكامل. وفقنى الله بوجود شابين من قسم المكتبات بجامعة القاهرة ساعدانى كثيراً، كذلك تصادقت مع الأمين العام لدار الكتب الذى سمح لى بالجلوس فى مكتبه فترة إغلاق الدار للراحة ظهراً لقراءة المخطوطات. كنت أعمل ما بين 18 ساعة إلى 20 ساعة يومياً. هذه الدراسة كانت بالنسبة لى عملية تحد لأنه لم يسبق لى أن قمت بعمل مثل ذلك من قبل، ولا يوجد مصادر سوى صور لبعض المصورين الذين جاءوا لاستكشاف تلك المنطقة وتحت الصورة كلمتين فقط. لجنة حفظ الآثار العربية القديمة كانت بها خطة لهذا المكان وتسجيل لقطاعين أعدت رسمهما من جديد وأضفت عليهما تفاصيل أخرى كثيرة لم يلجأ إليها أحد من قبل. وثائق نادرة ■ فى بداية لقائى بك اختزلت تاريخك الحافل فى كلمتين «عاشق التراث».. هل دراستك التاريخية لخانقاه فرج بن برقوق تعد ميلاداً لهذا العشق؟ - فعلاً، والدليل أنه بعد أن أنهيت عملى كان لا بد وأن أحضر موافقة «كلاوس بريش» الذى كان متواجداً فى مصر فى ذلك الوقت فذهبت إليه باللوحات، وكانت إحداها لمئذنة مرسومة على قماش طوله 2 متر ونصف المتر. من شدة وقع المفاجأة على بريش جلس على الأرض فى صالة المعهد الألمانى للدراسات وسألنى عن تفاصيل العمل وخاصة أنه سبق وطلب منى وثائق عن مدفن السلطان فرج وضريح السلطان برقوق. تلك الوثائق كانت موجودة فى بدروم محكمة زنانيرى بشبرا وكان الحصول عليها يتطلب إذنا من رئيس المحكمة الذى طلب إذن من وزير العدل. بالفعل حصلت على موافقة من وزير العدل وعليها تأشيرة من النائب العام لأتفاجأ أن الوثائق عبارة عن قطعة من الجلد طولها 30 مترا وعرضها 30 سم، حاولت قراءتها فلم أنجح لأن الحروف كانت غير منقطة كما أن المصطلحات كانت غريبة. عرض علىّ موظفو المكان أن يكتبوها لى ويوثقوها بختم المحكمة وختم النسر فى نظير مبلغ مالى وافقت بدون تردد. عندما رأى بريش الوثائق طلب منى صورا لكى يتأكد أنها حقيقية، فاصطحبت معى مصورا محترفا إلى المحكمة ثم عدت من جديد إلى كلاوس ومنه إلى السكرتير العام للجنة الاستشراق الدولية فى جامعة فرانكفورت ليعلمنى كيف أقرأ تلك الوثائق. لم يصدق السكرتير العام عينيه لأن هذه كانت المرة الأولى التى يرى فيها هذه الوثائق حتى أن دائرة المعارف الفلسفية خصصت صفحة عن هذه الوثائق التى تشرح التفاصيل الدقيقة للتصوف، وهذا ما دفع المركز الألمانى للعلماء الآثار الألمان فى برلين أن ينشر رسالتى للدكتوراة لما فيها من معلومات تعتبر جديدة فى هذا المجال. صورة فلسفية ■ حصلت على الدكتوراة فى العمارة الإسلامية والترميم من جامعة آخن الألمانية.. فهل شكلت الحضارة الغربية موهبتك، أم احتفظت بهويتك المصرية العربية؟ - تأثرت بالتفوق العلمى فى ألمانيا ولكن هويتى لم تتأثر، بدليل أنه كان هناك فى الجامعة أستاذ كاثوليكى وكان مسئولا عن الكنائس فى الشرق الأوسط، كنت عندما أنتهى من كتابة فصل برسالتى أعرضه عليه وبعد أن ينتهى منه يعيده إلى مع كتابة ملاحظاته. فى يوم سألنى إذا كنت أقرأ القرآن فأجبته بنعم، قال لى إنه من المفروض أن أقرأ القرآن بمفهوم العمران، بمعنى فى قول الحق: «الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها ..» بمعنى أن السماء سقف مرفوع بدون عمدان، ومن ثم ما الصورة التى يمكن أن تطرأ على عقل بشرى لسقف مرفوع بدون غير عمدان غير القبة. كذلك فى الجوامع العثمانية بشكل خاص مثل جامع محمد على، توجد كمية إنارة كبيرة تنزل من السقف لمسافة قريبة من الأرض لكى تنير الأرض، من هذا المنطلق بدأت أحلل المساقط من ناحية النور وهى صورة فلسفية. ■ لك بصمات معمارية بارزة فى جميع الدول العربية تقريباً.. فهل كنت تشعر أن هذا واجب عليك لوطنك الكبير؟ - بدون شك، لقد قضيت حياتى كلها فى خدمة التراث، وخدمت التراث فى ال 23 دولة للوطن العربى من عمان إلى سوريا ومن مصر إلى المغرب، وذلك من خلال عملى مع اليونسكو مع المجلس الدولى للآثار والمناطق الأثرية (الإيكوموس) منذ عام 1977 حتى يومنا هذا وكنت المسلم والعربى والأفريقى الذى حصل على جائزة الإيكوموس الذى تمنح كل 3 سنوات لشخص واحد على مستوى العالم. ■ من بين الدول العربية تشهد لبنان على أحد إبداعاتك المهمة فى حياتك وهى مشروع ترميم الجامع العمرى الكبير.. فماذا عنه؟ - لبنان هى البلد الوحيد الذى عشت فيه لمدة 32 عاماً. فى 1982 كنت عميداً لكلية الهندسة المعمارية بجامعة بيروت وفى ذلك التوقيت إسرائيل دخلت لبنان. الجامع العمرى فى صيدا كان من بين الأماكن التي عانت، فقد ترتب على الغزو الإسرائيلى حدوث اشتباك على البحر؛ ومن ثم تم استهداف المسجد العمرى ومخازن الذخيرة الموجودة بحمام الأمير بصاروخين. قبل الغزو كنت قد طلبت من الطلاب رفع مبانى صيدا كلها من قصور وبيوت ومساجد وكل الأبنية المهمة ومن ثم أصبحت لدى خلفية عن التراث الموجود فى صيدا وكذلك طرابلس، لأنهما مهمتان فى تاريخ لبنان الإسلامى. الرئيس الحريرى كان من صيدا وقد طلب والده آنذاك إعادة بناء المسجد فعرض عليه تصميما جديدا ولكنه رفضه، ويشاء الله أن أحدهم يكلمهم عنى فطلبوا منى الذهاب إلى الأمير شهاب مدير الآثار وحددوا لى موعدا حضره وزير الإسكان وأخبرتهم أن لدى رفعا طلابيا سابقا وهو سيساعدنا إلى حد كبير، ثم تسلمت مهام ترميمه فى أواخر 1982 حتى فبراير 1986 موعد افتتاحه، وفى هذه الفترة واجهت الموت عدة مرات لأن الوضع الأمنى كان غير مستقر بسبب النزاعات الطائفية وفى إحدى المرات كنت فى المنطقة التابعة لسعد حداد والكل يعرف أننى مسلم، وسبب إنقاذي أن الرئيس السادات رحمة الله عليه كانت علاقته ممتازة بالفرنجية وعندما علموا أنى مصرى سمحوا لى بالتواجد بينهم فى سلام. جائزة الأغاخان ■ توج مشروع ترميم الجامع العمرى الكبير بمنحك جائزة الأغاخان للعمارة فى 1989.. كيف تنظر لهذه الجائزة ؟ - لقد نقلتنى إلى العالمية. فى ذلك الوقت كانت جائزة الأغاخان هى أكبر جائزة فى العالم من حيث القيمة المادية لكن الأهم من ذلك أن هذه الجائزة تنشر فى جميع النشرات العلمية، وقد تسلمتها فى حفل كبير أقيمت بمصر فى القلعة تحت رعاية السيدة سوزان مبارك التى سلمتنى الجائزة. استمر الحفل لمدة 3 أيام، وقامت كل وسائل الإعلام العربية والغربية بتغطية الحفلات وفى يوم وليلة تحولت إلى العالمية وأصبح لى صدى كبير جداً. ■ اختيارك كعضو اللجنة الأولية لخبراء منظمة اليونسكو وضعك على خط التماس لأراض تشهد صراعات مسلحة.. ما هى ذكرياتك عن تلك الفترة؟ - أصبحت معروفا فى اليونسكو بأننى رجل المهمات الصعبة وبالتالى أى دولة بها حروب أو دمار وخراب يتم تكليفى بالذهاب إليها. أذكر عندما سافرت إلى أربيل، وبمجرد نزولى من الطائرة نركب سيارة تابعة للأمم المتحدة ويرافقنا سيارة شرطة مسلحة. كذلك كنت عضو اللجنة التى سافرت لحضور مؤتمر دولى فى «ديار بكر» بتركيا وكلفنا بزيارة أحد المواقع وطلبت الذهاب إلى الحمام، فرافقنى اثنان من الأتراك المسلحين. وفى كوسوفو أثناء الحرب كنت العربى الوحيد الذى يحمل معه حقيبة بها أدواتى وعدتى لأقوم بالقياسات وأحياناً أحصل على عينات من الحوائط وكذلك الأملاح لتحليلها فى الفندق عند عودتى، وعلى الرغم من أن الخطر كان يداهمنا من كل جانب أحياناً كنت أقوم برفع سريع حتى تكون تقاريرى متكاملة. مدرسة حسن فتحى ■ قمت بتوثيق المساجد الأثرية بالسعودية وهى مرحلة مهمة فى حياتك فما هى ذكرياتك عنها؟ - لقد بدأت فى السعودية مع الأمير سلطان بن سلمان فى منزله واحة النخيل بالعزيبات فى عام 1994. كان الأمير يريد ترميم منزله وهو منزل من لبن. سبق أننى رممت البيت الألمانى فى الأقصر وفى أسوان وكانا من اللبن وقد استعنت فى ذلك بالرجل الصعيدى من أسوان صاحب الخبرة فى هذا المجال وعرفت منه خطوات استخدامه للطين اللبن كما كان يفعل حسن فتحى. هذه التجربة كانت فى 1970 استحضرتها وأنا مع الأمير سلطان وكنت قد ازددت خبرة، أخذت عينة من الطين لتحليلها وقمت ببعض الدراسات عليها وبعد أن انتهيت من العمل وتسلمه منى الأمير سلطان كان سعيداً جداً بالنتيجة حتى إنه تم تكليفى بعد ذلك بترميم وإعادة إحياء المبانى التاريخية لحى الطريف الذى قد بدأت العمل به من 2005 حتى 2017 ولقد سعدت جداً عندما رأيت سمو الأمير محمد بن سلمان ولى العهد يصطحب الرئيس السيسى لزيارة المكان. ترميم المسجد النبوى ■ وماذا عن دورك التاريخى فى الحرم النبوى الشريف بمشروع ترميم وتوثيق تكسيات جدار القبلة بالمسجد؟ - لقد سبق مشروع ترميم الحرم النبوى الشريف أن قمت بترميم ثلاثة مساجد فى المدينة: جامع الغمامة «المصلى» الذى أقيم فى المنطقة التى كان يصلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة العيد، وكذلك مسجد أبو بكر، ومسجد عمر بن الخطاب، وذلك فى 2003. ومن خلال سمو الأمير سلطان تعرفت على المكتب الفنى للمغفور له الملك عبد الله وكانت هذه من أجمل وأسعد أيامى للثقة التى أعطوها لى حيث كلفت بترميم المسجد «العتيق» مسجد الشافعى بجدة، ثم كلفنى الأمير فيصل بن سلمان لترميم منبر قايتباى الذى كان موجوداً فى الحرم النبوى ثم نقل فى فترة الحكم العثمانى إلى قباء، وأثناء تجديد قباء تم تفكيك المنبر وأصبح عبارة عن أجزاء مفككة وقد ضاعت منها أجزاء كثيرة فقمت بعمل مشروع كامل لاستكمال منبر قايتباى. بعد ذلك طلبنى الأمير للكشف عن المشكلة الموجودة فى جدار القبلة بالمسجد النبوى وكانت مشكلة خطيرة بسبب الرطوبة التى نتجت عن أجهزة التكييف التى تم تركيبها فى الشبابيك الأثرية لأن مواسير المياه الخاصة بها الموجودة فى الحائط كانت بها تسريبات وبدأت العمل وكنت سعيداً جدا لأننى كانت لى حرية تامة فى اختيار شركة متخصصة فى مواد خاصة ومضادة للرطوبة بالمخالفة للقوانين على مستوى العالم وهذا كان ممنوعا فى المقياسات. ■ عملت كمستشار هيئة الآثار المصرية فى ترميم الآثار الإسلامية فماذا تم خلال هذه الفترة؟ - لقد كان ذلك فى الفترة من 1984 حتى 1990. أذكر أن منزل زينب خاتون قد تهدم نصفه والنصف الآخر كان به شروخ غير معقولة مما ترتب عليه صدور قرار من الهيئة بهدمه. وعندما رأيته وجدته مصلوبا بطريقة همايونية اعترضت وأوضحت الطريقة الصحيحة لعلمية صلب المنزل مما أغضب منى المهندس الذى أشرف على عملية الصلب. وتم إسناد المنزل إلىّ لترميمه فى 1984 وقيل لى آنذاك لو نجحت بترميم 50 % فقط من المنزل سنضمن لك التكريم وانتهيت من ترميمه وتم افتتاحه فى التسعينيات وللأسف لم يقدر لى حضور الافتتاح ؛ مثله مثل وكالة بازرعة بالجمالية وهى من الوكالات الأثرية التى بنيت فى مصر فى فترة الحكم العثمانى وهى عبارة عن مبنى سكنى مكون من ثلاثة أدوار وكان متهدماً حتى أن أجزاء منه كانت تسقط علينا أثناء الترميم ونجحت فى ترميمه.