اهتمت الصحف والمجلات المصرية بالحوادث منذ عقود باعتبارها مرآة المجتمع التى تشخص الأمراض الاجتماعية التى يعانى منها وطرق مواجهتها ورصدت بالكلمة والصورة ادق تفاصيل الجرائم التى كانت حديث الرأى العام فى تلك الفترة «اخبار الحوادث» تعيد نشر بعض الحوادث القديمة بكل تفاصيلها حتى نتعرف على نوعية حوادث زمان؛ واحدة منها نشرت تفاصيلها مجلة اخر ساعة أحد اصدارات اخبار اليوم بعددها رقم 2896 الصادر فى 25 أبريل عام 1990 وكانت عن واحدة من اكبر قضايا توظيف الأموال فى هذا الوقت والتى كانت محط اهتمام الرأى العام والتى عرفت بمحاكمة الريان ووهم»بوب ووكر» ووساطة الشيخ محمد متولى الشعراوى فى هذه القضية. ماهى تفاصيل الوساطة بين فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى وأحمد الريان فى السجن؟ ولماذا فشلت هذه الوساطة فى الوصول لأى حل لمشكلات 175 ألف مودع دفعوا تحويشة العمر عند الريان وقتها؟وكيف سقط وهم «بوب ووكر» مدير شركة الريان فى هيوستن والذى ظل احمد توفيق الريان يصوره على أنه صاحب العصا السحرية الذى سيجيئ ومعه مائة مليون دولار المودعين؟ وكيف أنه لم يستطع الحضور لمصر لانه لا يملك ثمن التذكرة من واشنطن للقاهرة ولماذا رفضت النيابة أى اقتراح بالإفراج المؤقت عن الريان الذى اضحك المحكمة عندما قال استطيع إن اشترى سوار مثل الذى يرتديه عدنان خاشقجى بأربعين ألف دولار لتضمنوا عدم هروبى من مصر؟! جميع هذه التساؤلات وجدت إجابات شافية لها فى محاكمة الريان التى تابعها بقلق بعض المودعين الذين ملأوا القاعة وازدحموا على باب ارض المعارض منذ الصباح الباكر ليصبحوا بمجرد ظهور سيارته»هات فلوسنا ياريان»! على مدى ثمانى ساعات كانت هناك مفاجآت مثيرة فى محاكمة الريان امام محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار الدكتور محمد حسنى عبداللطيف، وعضوية المستشارين رشدى عمار، وعبدالظاهر عبدالحق، والتى مثل النيابة فيها المستشارين حلمى خليفة النائب العام المساعد، وحسن الشربينى المحامى العام لنيابة الشئون المالية والإدارية .. كانت هاتان الجلستان مخصصتين لسماع شهادة شهود الإثبات الاثنين والعشرين الذين يأتى على رأسهم الدكتور محمد حسن فج النور رئيس هيئة سوق المال ولجنة العشرة التى شكلتها النيابة العامة لتقييم اصول الريان ومستندات الشركة وحساباتها.. لكن الدفاع استطاع أن يحول دفة القضية بزاوية 180 درجة عندما ركز دفاعه على الطعن فى دستورية القوانين التى يحاكم بها «الريان» لذلك استغرقت المناقشات حول قضية عدم الدستورية وتفاصيلها حوالى ست ساعات على مدى يومين بينما لم تقل تفاصيل القضية الأصلية بما فيها حديث مطول لأحمد الريان امام هيئة المحكمة عن مايقرب من ساعتين فقط. لماذا عدم الدستورية؟! فى بداية الجلسة كان واضحًا انضمام أسماء جديدة لامعة لهيئة الدفاع عن أحمد الريان.. وبدا الأمر أن خطة الدفاع منظمة بدقة لذلك لم يحدث خلاف بين المحامين الجدد والقدامى.. بل سار الجميع فى اتجاه واحد وهو الدفع بعدم دستورية القوانين التى يحاكم بها آل الريان نتيجة كما يقولون لعدم دستورية مجلسى الشعب سواء مجلس 1984 أو مجلس 1987 مستندين إلى تقرير هيئة مفوضى الدولة الذى رفع للمحكمة الدستورية العليا التى ستنطلق بالحكم النهائي فى هذا الشأن يوم 12 مايو والذى دفع بعدم دستورية قانون الانتخابات الذى تم اختيار المجلس على أساسه ..وجدير بالذكر أن «آل الريان « يحاكمون بموجب أربعة قوانين هى : قانون البنوك ولائحته التنفيذية حيث تتهم شركة الريان بأنها قامت بأعمال من أعمال البنوك دون الموافقة القانونية على جمع الأموال وصرف الأرباح بسعر فائدة محدد سلفًا ..قانون دعوة الجمهور للاكتتاب ..قانون الشركات، هذه القوانين الثلاثة نوقشت فى مجلس الشعب الذى انتخب عام 84 واضيفت بعض المواد إليها وعدلت مواد أخرى واستحدثت فيها مواد جديدة .. القانون الرابع .. هو القانون رقم 164 لسنة 1988 وهو القانون الجديد لشركات تلقى الأموال والذى أقر بواسطة مجلس الشعب الحالى ..طالب ممثلو هيئة الدفاع عن الريان بعدم السير فى نظر الدعوى إلا بعد الفصل فى دستورية هذه القوانين التى يحاكمون على أساسها ..وركز الدفاع على هذه النقطة كثيرا.. أيضا من سلطات مثل هذه النوعية من المحاكم محكمة جنايات الجيزة أن تفعل أحد أمرين، إما أن تحول الموضوع للمحكمة الدستورية العليا للفصل فى موضوع الدستورية من عدمه أو أن تتولى ذلك بنفسها ..وقد رفضت النيابة بشدة هذا الدفع من المحامين واستندت إلى سببين أساسيين..أولهما عدم توافر الجدية فى الدفع ذاته لأن هناك بالفعل طعنا بشأن قانون الانتخابات وطعنا آخر للمحكمة الدستورية ولم يفصل فيهما بعد وثانيهما أنه صدر بالفعل قرار من وزير الداخلية بتنفيذ الحكم وكلا الحكمين ومجلس الشعب الذى صدر قرار ببطلان عضوية 39 عضوا من أعضائه هو صاحب الحق فى تقرير صحة أعضاء المجلس أو بطلانها كما جاء فى نص المادة 96 من الدستور .. واضاف المستشار أحمد إدريس؛ لو أخذنا باتجاه الدفع بعدم دستورية القوانين المدفوع بعدم دستوريتها فسيؤدى ذلك إلى عدم استقرار الأمور وطالب برفض الدعوى حتى لا تطول الإجراءات دون سبب قانونى ..وطالبت النيابة برفض الدفع بعدم دستورية القانون والسير فى إجراءات الدعوى وبعد ذلك دارت مناقشات حادة بين الدفاع ورئيس المحكمة عن حكم المحكمة الإدارية العليا وهل كان نهائيا ام لا ..وقد حسمت المحكمة هذا فى حكمها فى نهاية الجلسة بتحديد جلسة الاثنين 30 ابريل للنطق بالحكم فى الدفع بعدم الدستورية ..وقد عقبت مصادر الدفاع على هذا الحكم أن الحكم الذى ستصدره المحكمة يوم 30 ابريل بخصوص دستورية القوانين التى يحاكم بها آل الريان أو عدم دستوريتها سيعد بمثابة حكم مثل أى حكم يمكن أن تصدره المحكمة يمكن الطعن عليه أمام محكمة النقض. مفاوضات وعن تفاصيل المفاوضات التى أجراها فصيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى مع أحمد الريان قدم مكتب النائب العام للمحكمة بيانا عن تفاصيل الطلب وما انتهى إليه الأمر..قال البيان: إن الشيخ الشعراوى، والدكتور عبدالصبور شاهين كانا قد طلبا من المستشار جمال شومان النائب العام التصريح لهما بمقابلة أحمد الريان فى السجن لمحاولة أقناعه بإعادة الأموال.. وبالفعل تمت المقابلة يوم 22 مارس فى سجن طرة واستمرت لمدة ساعتين وناقشا معه كل شىء فى حضور أحمد إدريس رئيس نيابة الشئون المالية والتجارية ..وعندما انتهيا حررا محضرا بالمقابلة وطلبا عدة مطالب منها الإفراج المؤقت عن أحمد الريان ليتمكن من إدارة أمواله وأن تساعده الدولة فى إصدار التراخيص اللازمة لتشغيل شركاته.. وان أحمد الريان قد وعد بتسديد مائة مليون جنيه كل ستة شهور..ولكن أحمد إدريس رئيس النيابة قال صراحه بأنه خائف من هروبه ..وقد قام الشيخ الشعراوى بمقابلة النائب العام فى اليوم التالى وفى هذه المقابلة شرح له النائب العام عدم إمكانية الإفراج عن أحمد الريان لانه بالفعل ينفذ حكمًا صادرًا ضده بالسجن عشرة أعوام فى جنايته المعروفة مع بعض موظفى بنك الاهرام (وهى القضية التى تمكن فيها بمساعدة بعض كبار موظفى البنك من سحب عدة ملايين من ارصدته بعد صدور قرار الحاكم العسكرى)، وقال أحمد إدريس رئيس النيابة أنه بعد أن اقتنع الجميع بعدم أحقية أحمد الريان فى الإفراج المؤقت تم الاتفاق على أن يوكل أحمد الريان الشيخ الشعراوى لإدارة شركاته لكن محامى الريان تقدم بطلبين أولهما يعتذر فيه الشيخ الشعراوى عن إدارة هذه الشركات.. والثانى المحامى والشيخ الشعراوى يطلبان فيه تشكيل مجلس إدارة مؤقت وإطلاق يد هذا المجلس حتى تتم التسوية مع المودعين. اقرأ أيضا: حوادث زمان l حكاية أغرب هروب من مستشفى «العباسية» سوار خاشقجى! الطريف أن أحمد الريان عندما أبدت النيابة تخوفها من هربه اقترح أن يرتدى فى معصمه سوارًا من النوع الذى يرتديه عدنان خاشقجى فى الولاياتالمتحدة حتى تضمن السلطات هناك عدم هروبه ..وقال إنه سأل عن ثمن هذا السوار فعلم أن ثمنه 40 ألف دولار فقط!! يمكن أن يحضر واحدًا مثله ويخرج ليدير أعماله وقال المستشار ساهر درويش مدير إدارة التحفظ بمكتب النائب العام؛ إن المقترحات التى قدمت من فضيلة الشيخ الشعراوى والدكتور عبدالصبور شاهين تضمنت أنه قد تكون هذه الأموال الموجودة فى الخارج قد تلاشت فى المضاربات وكل ما هو موجود بين الريان والخارج علاقات قد تسهم فى مشروعات قد تساعد فى تسديد أموال المودعين وقال إنه يستطيع تدبير 100 مليون جنيه خلال 6 أشهر فقط فمن أين ؟! وفى المرتين اللتين تحدث فيهما أحمد الريان ركز على نفس ماقاله فى الجلسات الاولى.. من أن تعسفا قد وقع عليه من الحكومة وأن القانون رقم 146 لسنة 88 يبدو أنه فصل عليه وقال إن الوحيد الذى يوجد الآن فى السجن منذ 18 شهرا بينما باقى أصحاب شركات توظيف الأموال الذين لم يوفقوا أوضاعهم والذين حتى لم يخطروا سوق المال بأى نية لهم مازالوا بعيدين عن أسوار السجن . وقال أحمد الريان؛ إن ماقيل عن أصول الشركة فى مصر يبلغ حسب تقدير إدارة التحفظ بمكتب النائب العام حوالى 300 مليون جنيه فقط وقال إن محلات الذهب وحدها تساوى مائة مليون جنيه ولدينا أراض تقدر قيمتها ب 400 مليون جنيه لذلك أطالب تشكيل لجنة محايدة لتقدير اصول شركات الريان كذلك تقدم دفاع أحمد الريان بطلب لهيئة المحكمة يكشف من هيئة سوق المال جميع شركات توظيف الأموال التى تقدمت بطلبات توفيق أوضاعها بعد صدور القانون رقم 146 لسنة 1988 وعدد الشركات التى لم تتقدم بطلبات توفيق أوضاعها فى نهاية المهلة التى حددها القانون وعدد الشركات التى تقدمت بطلبات لتصفية ورد أموال المودعين وعدد الشركات التى سكتت ولم تتقدم لا بطلبات توفيق الاوضاع ولا التصفية ولا حتى رد أموال المودعين. المفاجأة التى فجرها المستشار ساهر درويش مدير إدارة التخطيط بمكتب النائب العام فى الجلسة الثانية كانت كالصاعقة التى هبطت على رأس كل من في قاعة المحكمة..متهمين ودفاع وشهود..فقد كانت القنبلة بخصوص الاسم الذى تردد كثيرا منذ بداية الجلسات وهو «بوب ووكر» مدير شركة الريان فى هيوستن بالولاياتالمتحدةالأمريكية.. والذى أصر أحمد الريان أن بيده الحل والربط وأنه يمكن أن يحضر بمجرد حضوره للقاهرة مائة مليون دولار، وهو أيضا الذى ادعى احمد الريان أنه حاول مقابلة الدكتور عاطف صدقى رئيس الوزراء أثناء علاجه فى الولاياتالمتحدة لكن رئيس الوزراء كما قال الريان رفضوهو أيضا كما ادعى احمد الريان الذى يريد أن يحضر إلى مصر لولا خوفه من قوانين الطوارئ وان يعتقل بمجرد وصوله إلى مصر.. لذلك طلب احمد الريان فى الجلسات الاولى إعلانه أو تدبير دعوة له عن طريق السفارة الأمريكيةبالقاهرة ورغم تفنيد المستشار ساهر درويش لهذه الادعاءات فى الجلسات الاولى وقوله بأن شركة الريان فى هيوستن «وهم اخر» حيث أنها حجرة فى فندق كل رأسمالها 450 ألف دولار فقط لم يتبق منه حسبما قالت له سكرتيرته هناك فى إحدى المكالمات التليفونية تم رصدها بينها وبينه سوى 50 ألف دولار هى رواتب الموظفين لشهور قليلة ..الا أن أحمد الريان أصر بعناده أن استدعاء «بوب ووكر» هو الامل مما دعا المحكمة فى نهاية الجلسة الثانية إلى إصدار أمرها للنيابة العامة بإعلان بوب ووكر فى هيوستن بضرورة الحضور للقاهرة . فى البداية قال المستشار ساهر درويش تعالوا لنرى هذا «البوب ووكر» صانع المعجزات وصاحب العصا السحرية والذى لن يأتي إلى الحضور إلا بدعوة رسمية من الحكومة المصرية أن بوب ووكر هذا ما هو إلا موظف فى شركة الريان وميزانية الفرع الذى يديره فى هيوستن 400 ألف دولار وفى النهاية تطالبون مصر بدعوة افاق امريكى يعمل لدى افاق مصري، وقال المستشار ساهر درويش أنه تم إعلان بوب ووكر بعد الجلسة الماضية للمحكمة بثلاث طرق مختلفة فى المرة الثالثة التقى به الوزير المفوض بسفارة مصر فى واشنطن وتحدث معه وقال له بوب ووكر: أننى لم أقرر إذا كنت سأحضر إلى مصر ام لا !! وقال: لكننا اليوم تلقينا إشارة من سفارتنا فى واشنطن قال فيها وزيرنا المفوض هناك؛ أن بوب ووكر حضر إليه وأخبره أنه لن يستطيع القدوم إلى مصر لانه لا يستطيع تدبير ثمن التذكرة من واشنطن إلى القاهرة وأنه حاول الاتصال بأحمد الريان ليقوم بتدبير التذكرة له لكنه فشل فى ذلك، وقال المستشار ساهر درويش : هذا هو بوب! حول الجلسات استغرقت جلستى هذا الأسبوع حوالى ثمانى ساعات..لم تنظر القضية الأصلية فيها إلا على مدى ساعتين تقريبا وباقى الوقت راح فى مناقشة دستورية القوانين التى يحاكم بها الريان من عدم دستوريتها .. كالعادة ازدحم الناس حول الباب المخصص للدخول على يسار البوابة الرئيسية لأرض المعارض بمدينة نصر بعضهم كان من المودعين الذين صاحوا بمجرد ظهور السيارة التى تقل احمد الريان «هات فلوسنا يا ريان» فى القاعة تطاول عليه أحدهم قائلا: انت حرامى فرد عليه احمد شيحا بيده أنت جاهل ولا تعرف اى شىء عما يحدث، لم يحضر الجلستان المتهمان الكويتى جعفر طاهر محمد، واللبناني احمد شرف الدين رغم اعلانهما من المحكمة كذلك تخلف بعض الشهود، وقال أحمد إدريس رئيس نيابة الشئون المالية والتجارية أن النائب العام قد وعد احمد الريان فى اللقاء الذى تم بينهما فى عام 1988 وقبل صدور قرار الإحالة فى القضية بعدم تحريك الدعوى وحفظ التحقيق إذا أعاد احمد الريان الأموال للمودعين.. وقال أنه صاحب الحق فى تحريك الدعوى وأنه يمكن أن يفعل ذلك كأمين على مصالح الجمهور ويهمه مصلحة المودعين أولا، العرض الذى عرضوه على أحمد الريان بإصدار توكيل لفضيلة الشيخ الشعراوى لإدارة أملاك الريان تم بدون علم الشيخ الشعراوى الذى رفضه بمجرد سماعه له .